أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - خوفاً من ألاّ يفوز الرئيس المرشح للرئاسة















المزيد.....

خوفاً من ألاّ يفوز الرئيس المرشح للرئاسة


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 1916 - 2007 / 5 / 15 - 13:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من هو الفائز في موسم إعادة إنتاج " مجلس الشعب " للدور التشريعي التاسع ، هل هو النظام الذي أراد من هذا الموسم أن يكون ا ستعراضاً معبرأ عن خضوع وولاء الشعب له ؟ أم هو الشعب الذي جعل منه فرصة للتعبير عن رفضه التلاعب بإرادته وحريته وكرامته بمقاطعته الواسعة لهذا الموسم ؟
الفوز هو للشعب ، وهو فوز أكبر من مقاييس الأرقام الرسمية وغير الرسمية ، لأنه فوز قد تم تحت الحصار .. تحت ظلال الاستبداد وآلياته القهرية . ولو أنه أتيحت له مناخات حرية للتعبير عن آرائه في مرشحي النظام ، لكانت النتائج فوزاً كاسحاً دون أدنى ريب .. ولعاد الشعب إلى المجلس .. وعاد المجلس إلى الشعب
وهذا ما يعكس بؤس الأزمة البنيوية لصناع القرار في النظام السوري . وذلك أنهم في عملية التشبث بنظام الاستبداد لابد لهم من ا ستخدام آلياته القهرية في إعادة إنتاج مؤسساته " التمثيلية " ، في وقت فقدت هذه الآليات ، نتيجة متغيرات العصر .. وثورة المعلومات .. وحاجة النظام للتواؤم مع شروط العلاقات الدولية الجديدة .. ونتيجة الانطلاقة الشجاعة لنشطاء الرأي وحقوق الإنسان في الداخل .. فقدت الكثير من هيبتها ومسوغاتها وباتت هي بالذات محكومة بالمطلق بإعادة إنتاجها وتجديدها وتبديل أساليبها وتقليم أظافرها ، وأنهم يريدون إعادة إنتاج الاستبداد عبر المؤسسات التي من المفروض ، حسب المناخات الجديدة ، أن تكون وسائل تجديدها وحركتها ديمقراطية

وما هو فوق الأزمة .. أو الأزمة الأكثر بؤساً ، هو ما يتعلق بالاستفتاء على مرشح رئاسة الجمهورية ، الذي سيحدث في 27 من الشهر الجاري . هنا تتجلى الأزمة في رزمة من التناقضات والمفارقات السياسية والدستورية والأخلاقية . ولعل ما ينبغي تناوله أولاً ، هو تجاهل النظام ما طرأ من تغيرات على مستوى السياسة .. أو الثقافة السياسية ، منذ بداية عهد النظام 1970 إلى الوقت الراهن 2007 . وفي هذا الصدد تؤكد المقاربة الموضوعية ، أن الثقافة السياسية التي كانت سائدة في أوائل السبعينات ، التي عززتها حرب تشرين 1973 المبهرة ، هي التي ساهمت إلى حد كبير في أن تتمكن الحركة التصحيحية من أن تحجز باسم حزب البعث الحاكم دور " الحزب القائد " للدولة والمجتمع ، وكرسته في المادة 8 من الستور لتحقيق " الوحدة والحرية والاشتراكية " . كما مكنتها من أن تجذب قوى قومية وماركسية وشعبية ، كانت تحمل شعارات وأهداف مطابقة ، للإنضواء تحت قيادة الحزب القائد ، أو أن تفرض عليها مهادنته على الأقل
أما اليوم ، فإن الثقافة السياسية ، بعد معاناة نحو أربعين عاماً من التطبيق الكاذب لتلك الشعارات ومن الاستبداد الدموي المرهق على كل الصعد ، باتت ثقافة مختلفة ، من حيث الارتقاء بالمفاهيم إلى مستويات أكثر معاصرة ، أو من حيث الاغتناء بالتجربة القاسية المريرة . ومما سهل إلى حد كبير حدوث هذا الاختلاف ، هو تخلي " الحزب القائد " عملياً عن تلك المفاهيم والشعارات المعبرة عنها ، وأصبح تقييم حراك النظام غير مرتبط بها وإنما بما ينتهجه من سياسات وممارسات . بكلام آخر ، كان القمع يمارس سابقاً على الشعب بذريعة حماية مسيرة بناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحد ، أما الآن فإن القمع يمارس فقط وعلى المكشوف لإنقاذ النظام ، وا سكات الاحتجاجات على القمع والنهب المنظم للثروات ولثمار عرق الكادحين والمنتجين في البلاد . وهذا ما شكل فشلاً ذريعاً للنظام على المستوى السياسي والأخلاقي . فمن أجل ماذا يقود " الحزب القائد " الدولة والمجتمع ؟ ومن أجل ماذا يصوت الشعب للذين يسميهم " الحزب القائد " نواباً عنه في " مجلس الشعب " ؟

وقد نتج عما طرأ من ارتقاء في الثقافة السياسية وفي التجربة ، أن أفتضحت الثقوب والتناقضات في الدستور ، الذي يشكل أ سس وأعمدة عمارة النظام ، والذي شكل تعسفياً مصدر الشلل السياسي المجتمعي ، ومعيار التمييز السياسي العنصري ، ومسوغ ا ستلاب حقوق الإنسان ، لحساب الحزب الحاكم .. القائد !! ؟
وفي مناسبة التجديد للرئيس لولاية رئاسية ثانية ، ’تبرزالمواد الدستورية بهذا الصدد بشكل فاقع تلك التناقضات والمفارقات . ففي الفقرة 2 من المادة 2 من الدستور " السيادة للشعب ويمارسها على الوجه المبين في الستور " . الفقرة 3 من المادة 25 تنص " المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات " والفقرة 4 من المادة المذكورة تنص " تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين " لكن المادة 8 من الدستور تأتي لتضع السيادة بأيدي حزب البعث الحاكم ، وتضع بعثيي النظام فوق القانون وتمنحهم حق امتياز الإدارة والرئاسة على كل المستويات في الدولة وخاصة رئاسة الدولة ، ليحقق الحزب الحاكم دوره القائد في الدولة والمجتمع . والمادة 84 تتحدث عن تولي رئاسة الجمهورية بصيغتين . في الفقرة 1 يعرض من ترشحه القيادة القطرية على المواطنين لاستفتائهم حوله . والفقرة 3 من المادة المذكورة تقول يتم انتخاب الرئيس .. ألخ ..
لاشك أن صيغة الاستفتاء في الفقرة 1 هي المقصودة شكلاً ومضموناً لتولي رئاسة الجمهورية . أما صيغة الانتخاب الواردة في الفقرة 3 فقد وردت لتمنح عملية الاستفتاء مسحة " ديمقراطية " ولتجعل من مرجعية قرار الترشيح المحدد حصراً بالقيادة القطرية الحلقة الأهم في الفعل الانتقائي لشخص الرئيس . وسواء تطابق النص مع المدلول أم لا ، فإن صيغة أن تكون القيادة القطرية مرجعية من يقرر الترشيح للرئاسة وكذلك صيغة الاستفتاء هي لضمان وجود رئيس جمهورية من " الحزب القائد " ، وخوفاً من ألاّ يفوز مرشح الحزب عن طريق الانتخاب بالرئاسة ، فالاستفتاء يجري على شخص واحد بنعم أولا ، أما الانتخاب فيجري لاختيار مرشح من بين مرشحين أو أكثر ، كما حصل في تجربة موريتانيا المضيئة ، وكما يجري في بلدان العالم الديمقراطية

وحسب منطق الأمور ، فإن الاستئثار بالسلطة بآليات الاستبداد لايولد سوى المزيد من الاستبداد ، فعندما يكون الخوف من أن يفوز الآخر ، بالانتخابات الديمقراطية بقيادة الدولة ، فإن الاستفتاء هو البديل الأمثل لاستدامة النظام

غير أن الاستفتاء يوقع المستفتي أي طالب الاستفتاء النظام بورطة من نوع آخر هي مضحكة مبكية في آن . فطالب الاستفتاء يعترف ويقر أنه أقل معرفة وفهماً وحكمة من الشعب الذي هو مرجعية الإفتاء . والمفتي في قاموس اللغة العربية ا سم فاعل والفقيه هو الذي يعطي الفتوى . وقيل في الفقه هو الوقوف على المعنى الخفي الذي يتعلق بالحكم . بمعنى أن النظام إذ يتوجه إلى الشعب طالباً الإفتاء في صحة اختياره لمرشح الرئاسة ، فإنه يقر أن الشعب هو صاحب السيادة وهو الأكثر حكمة في إبداء الرأي .. الفتوى .. أي القرار بأهلية المرشح للرئاسة . وعليه كيف يستقيم اعتبار الشعب قاصراً سياسياً يحتاج لوصاية " الحزب القائد " وحكيماً يلجأ إليه ليعطي فتوى سياسية مقررة في الوقت عينه . وكيف يستقيم تنصيب الحزب الحاكم نفسه قائداً للدولة والمجتمع .. أي للشعب ، وهو يمثل الجهة التي تحتاج لفتوى الشعب " الناقص الأهلية السياسية " على صحة قراراتها وخياراتها

وعلى ذلك ، يصح القول ، أنه حتى الاستفتاء لن يكون استفتاء بمعنى الاختيار الشعبي الحر ، وإنما إخراجاً لإعادة إنتاج رئاسة مستدامة بفعل القوة . وخلفية الاستفتاء بديلاً عن الانتخاب لها هنا دلالة الخوف من أن يسقط الرئيس المرشح للرئاسة في انتخابات حقيقية . وهذا الخوف يمكن ا سقاطه ببساطة على عملية الاستفتاء الجاد أيضاً . ففي الاستفتاء الجاد المراقب هناك خوف من أن يسقط الرئيس إذا لم تمارس أغلبية الشعب حق الافتاء أو أفتت غالبية الشعب بلا

وتتسع دائرة التناقضات والمفارقات في التجديد لدورة رئاسية ثانية للرئيس الحالي ذاته . فقد ذكر البيان الذي أعلن نتائج الاستفتاء على توليه الرئاسة في المرة الأولى عام 2001 أنه نال 99 , 99 % من أصوات المستفتين ، فما هي النسبة التي ستسجل له في عام 2007 وذلك تمشياً مع الخرائط البيانية " لإنجازاته " التي تعكسها القدرة الشرائية المأساوية لثلثي أبناء الشعب ؟

وهل يمكن ضمن إطار التناقضات توصيف دعوة الشعب للإستفتاء على مرشح لدورة رئاسية ثانية وبرنامجه الاستفتائي هو امتداد لما كابده الشعب من إفقار وإذلال في عهده الرئاسي الأول ؟

وضمن أي توصيف مهذب يمكن أن ينظر إلى الأحكام التعسفية القاسية ، التي صدرت بحق عدد من نشطاء الرأي وحقوق الإنسان ، وذلك بعد أيام من " انتخابات " مجلس الشعب وقبل أيام من موعد الاستفتاء على دورة رئاسية ثانية للرئيس المرشح ؟

وهل عندما يوضع احترام الذات الإنسانية في مركز الأولوية في الاعتبار ، يمكن دعوة المواطن السوري ، للانتخابات أو الاستفتاءات ، التي تطرح على خلفية ا ستدامة الاستبداد وخلفية تناقضات دستورية تمتهن حرية وكرامة الإنسان ؟

وفي العودة على بدء يقفز السؤال ، من سيفوز في موسم الاستفتاء على الرئاسة .. الرئيس المرشح المسلح بقرار " الحزب القائد " وبآليات سلطة الاستبداد .. أم الشعب المحاصر الأعزل المتمسك بحقه بالحرية والكرامة والعدالة ؟




#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا إلى أين في المنعطفات الإقليمية الجديدة .. ؟
- في الأول من أيار .. عيد العمال العالمي
- أبطال الحرية .. سلاماً مع الاعتذار
- قمة ملتبسة لأنظمة مهزومة
- العودة إلى الشعب
- شعب جدير بالحرية والنصر
- حس المسؤولية الضائع .. الانتخابات مجدداً
- معك ياأم الكون في يومك العالمي
- في التعذيب .. وضحايا التعذيب
- دروب الضياع والتدمير الذاتي
- التهريب في التهريب .. المازوت مثلاً
- الميز السياسي والاستحقاقات الانتخابية
- حتى يكون مجلس الشعب برلماناً .. سلطة تشريعية
- سلطان أبا زيد .. شهيدا
- العبثية الاقتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 2
- العبثية الافتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 1
- حول أثرياء حرب اقتصاد الفساد
- خلفيات السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
- لاديمقراطية في الشكل ولاهم شعبي في المضمون
- أية هيبة .. أية دولة .. ؟


المزيد.....




- -صدق-.. تداول فيديو تنبؤات ميشال حايك عن إيران وإسرائيل
- تحذيرات في الأردن من موجة غبار قادمة من مصر
- الدنمارك تكرم كاتبتها الشهيرة بنصب برونزي في يوم ميلادها
- عام على الحرب في السودان.. -20 ألف سوداني ينزحون من بيوتهم ك ...
- خشية حدوث تسونامي.. السلطات الإندونيسية تجلي آلاف السكان وتغ ...
- متحدث باسم الخارجية الأمريكية يتهرب من الرد على سؤال حول -أك ...
- تركيا توجه تحذيرا إلى رعاياها في لبنان
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (3).. القواعد الأمريكية
- إيلون ماسك يعلق على الهجوم على مؤسس -تليغرام- في سان فرانسيس ...
- بوتين يوبخ مسؤولا وصف الرافضين للإجلاء من مناطق الفيضانات بـ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - خوفاً من ألاّ يفوز الرئيس المرشح للرئاسة