التأييد القوي للتعذيب في العراق بين الجنود الأمريكان.. نتيجة لازمة للاحتلال

عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 1913 - 2007 / 5 / 12 - 13:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كشف استطلاع ميداني جديد لعناصر الجيش الأمريكي في العراق عن معدلات تأييد عالية لممارسة التعذيب: 41% من الجنود (و) 44% من المارينز يرون "السماح بممارسة التعذيب إذا كان ينقذ حياة الجندي/ المارينز" مقابل 36% من الجنود (و) 39% من المارينز يوافقون على السماح بممارسة التعذيب للحصول على معلومات عن (المتمردين)." بينما وافق 17% من المجموعتين على "معاملة كافة الناس غير المقاتلين باعتبارهم (متمردين)."
توضح هذه الحصيلة مواقف الجيش الأمريكي المتناقضة بشأن تحريم التعذيب والممارسات ألا إنسانية ذات العلاقة. من جهة، للجيش الأمريكي تاريخ طويل لتعليم وتعزيز التعذيب في العالم. ويظهر ذلك جلياً في كافة دول أمريكا اللاتينية وغيرها العميلة للولايات المتحدة. على سبيل المثال، تشتهر المدارس الأمريكية بسمعتها السيئة الواسعة في مجال تعليم التعذيب وتقنياته وتوفير الأدلة manuals التفصيلية لصالح جيوش أمريكا اللاتينية المعنية بشأن كيفية تنفيذ التعذيب على نحو فعال. ويجب أن لا ننسى أن أماكن وأدوات تعذيب كثيرة في العالم يقوم على إدارتها الجيش الأمريكي، بما فيها غوانتانامو، معسكر كروبر، باغرام، وفي كل من هذه المعتقلات، وغيرها كثيرة، يُطبق التعذيب من قبل عناصر الجيش الأمريكي وآخرون (مثل عناصر CIA و "محققين" يعملون بعقود خاصة)، وهذه الأماكن والممارسات مستمرة ومحل تشجيع وحماية.
من جهة أخرى، هناك تاريخ لمعارضة الجيش للتعذيب ومقاومة الموقف المتطرف للإدارة الأمريكية دعم التعذيب وتفسير مواد قانونية لصالح ممارسته. على سبيل المثال، ففي حين تحركت إدارة بوش لجعل التعذيب عنصراً مركزياً في توجهها العالمي لما تُسميه "الحرب على الإرهاب" (حرب الإرهاب)، وقف رجال القانون في الجيش الأمريكي Judge Advocate General Corps- JAG ضد هذا التحرك مستندين في معارضتهم إلى أسباب فنية ولأنها ستدفع إلى المزيد من العداء الإسلامي في العالم بالعلاقة مع محاربة الإرهاب.
وفي وقت أقرب، طبّق الجيش الأمريكي أسلوباً جديداً للتحقيق interrogation، وأصدر دليلاً ميدانياً لعناصره مع سياسيات ظاهرها تحريم بعض وسائل التعذيب، ولكن دون تحريم التعذيب بشكل كامل.
على أي حال، يسمح الدليل بعزل المعتقلين انفرادياً ولفترة طويلة، كما يسمح باستغلال مخاوف المعتقل، وهذا أمر يمكن أن يمتد بسهولة إلى إساءة معاملة المعتقلين.
عامل آخر- جوهري- باتجاه السماح بالتعذيب، يرتبط بالاحتلال ذاته. إن الجيش الأمريكي متورط باحتلال شعب له ثقافة وموقف مضاد تجاههم. عندما يُمارس الناس المقاومة عندئذ يُصنّفون "متمردين" من وجهة نظر المحتلين في ظروف عدم فهم القوات المحتلة لطبيعة هؤلاء (العصاة). وحتى يفهموا الأمر، عليهم أن يفهموا أنهم محتلين. وهذا ما يجعل وجودهم صعباً وغير قادرين على ترشيد ممارساتهم, البلدان التي تحاول السيطرة واحتلال بلدان أخرى، تستخدم عادة "الجزرة والعصا". لكن تعذيب الناس ليقبلوا بالاحتلال مسألة مركبة متناقضة في ستراتيجية الاحتلال. من هنا يصبح التعذيب عنصراً مركزياً ملازماً لإرهاب الاحتلال.
يفهم الجيش الأمريكي الحقيقة، ومع صدمته ورد فعله لحصيلة هذا الاستطلاع، يبقى يتظاهر بعدم إدراك جذور هذه المعضلة، وهي: أن التعذيب يقترن بالسيطرة والاحتلال. ربما ليس هذا الحكم ضرورة منطقية، ولكن من النادر لاحتلال مكروه أن لا يتورط في التعذيب ليبين للناس مَنْ المستعبد ومَنْ السيد!
إن إلغاء التعذيب- ثقافة وممارسة- لدى الجيش الأمريكي، يتطلب، في الغالب الأعم، وضع نهاية لواقعه كقوة محتلة.. ويتطلب أيضاً إدراك أن الشعوب الأخرى متساوية مع هؤلاء ممن يتحملون "مسئولية الرجل الأبيض."
إن حقوق الإنسان والاحتلال لا يجتمعان.. (والإمبريالية الرأسمالية والسلام العالمي لا يتطابقان!!)
ممممممممممممممممممممممممـ
Strong support for torture amng US military in Iraq: A Corollary of occupation, ( Stephen Soldz), uruknet.info- May 9,2007.

#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل