|
طواطم وديناصورات الكيانات الحزبية
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1895 - 2007 / 4 / 24 - 12:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن ادعاء الأحزاب العراقية بتمثليها المجتمع، إدعاء باطل. إنها كيانات حزبية (مافيات!) تمثل العائلة والعشيرة والطائفة، أنها انعكاس لواقع اجتماعي مازال متمسكاً بالأقونات الثلاث (العائلة، العشيرة، والطائفة). وأن ما يتم الترويج له على مدى 80 عاماً من عمر الدولة العراقية، بمسميات الشعب الواحد لايمت بصلة للواقع الحالي. هذا التناحر الذي يستند للأقونات الثلاث، يبرز بوضوح على تشكيل الكيانات الحزبية العراقية. إنها عبارة عن كيانات عائلية وقومية وطائفية بالرغم من منطلقاتها الأساس لاتوحِ بذلك، لكنها مع الزمن تأثرت بالواقع الاجتماعي بدلاً من أن تؤثر فيه لسبب بسيط أن معظم قياداتها، هم من الجهلة والأميين المتعاضدين بعضهم مع بعض برابط مافوي يفرض هيمنته على الكيان الحزبي ذاته ولأمد غير محدد. وبنظرة فاحصة، ومحايدة، لخارطة الكيانات الحزبية العراقية يتبين بوضوح أنها تمثل الأقونات الثلاث المتلحفة بالأثنيات القومية. ليس هناك كيان حزبي واحد يمثل المجموع، فالشعارات والأنظمة الداخلية لهذه التشكيات الحزبية لاصلة لها بالواقع إن تم تفحص أزمتها الحقيقية من الداخل. الكيانات الحزبية الكردية مقتصرة على الأكراد وعشائرهم وعوائلهم، والكيانات الحزبية الدينية تمثل الطوائف والعوائل والعشائر، وحتى بعض الكيانات الحزبية العلمانية أصبحت دالة على طائفة بعينها. وقيادات هذه الكيانات الحزبية من الطواطم والديناصورات غير القابلة للتطور والتحديث، تؤشر حالة العبادة للفرد وتكرس مفهوم الوحدانية وصناعة الديكتاتوريات. وكل ديناصور في قيادة الكيان الحزبي يمثل خط مافوي داخل الكيان الحزبي (عائلة، عشيرة، وطائفة). الكيانات الحزبية العراقية، تنظيمات هشة، تشكيلها هرمي، يسقط بسقوط الطوطم وينهار الكيان الحزبي عند الخلاف بين الديناصورات والطواطم داخل الكيان الحزبي، فيؤدي لشطر الكيان إلى كيانات حزبية- مافوية. إنها كيانات حزبية غير مؤسسية، هشة البناء الفكري والتنظيمي، قياداتها جاهلة وأمية، عائلية، عشائرية وطائفية، ادعاءتها بتمثيل المجتمع لايستند للواقع. الحجج، الشعارات، الادعاءات، البيانات، والتزيف...لايمكنها حجب مؤشرات الواقع داخل للكيان الحزبي ومنتسبي هذه الكيانات الحزبية، هم امتداد للواقع الطوطمي، والديناصوري لقيادة الكيان الحزبي، وبغض النظر عن توجهاتهم (الذاتية) الوطنية التي قسرتهم في اللاوعي على الإنتماء أو (الاقتناع!) بفكر الحزب وتوجهاته الشعاراتية. معياراً أخر للتفحص في استلام المراكز الحساسة في الدولة العراقية (السابقة والحالية) تجدها لأسماء عوائل وأصهارها، وعشائر وأفخاذها...ليغيب معيار الكفاءة والمواطنة لصالح العائلة والعشيرة والطائفة. فبمجرد انتماءك لتلك الأقونات الثلاث تعفى من متطلبات الشهادة العلمية والخبرة، وبغض النظر إن كنت جاهلاً وأمياً وبدرجة أقل تنتفع عندما تكون أحد منتسبي هذه الكيانات الحزبية!. يقول ((الياس مرقص))"كانت أكبر انطولوجيا (في الكيونة) في عصر الاستعمار والحركة الوطنية، وأكبر بكثير في عصر القومية العربية التحررية، تراجعت وانحسرت لصالح الطائفة والعشيرة والقطر والقبيلة وشتى الجماعات والمقولات بما فيها (الأحزاب؟) أحزاب الدولة وأحزاب المعارضات. والطبقة (الطبقات) لم تتقدم، الأمة والطبقة تقدما معاً وتراجعا معاً. والطبقة اي النضال القومي والنضال الطبقي بلا مزدوجات. من جديد تتكون (عامة-سديمية) لاشعب طبقات، مع مهراجات، باشوات جدد، لابرجوازية واقطاعية". هذه الطواطم والديناصورات القابضة على الكيان الحزبي، قيمتها، شأنها ، وجودها، يستمد من الكيان الحزبي إن خرجت منه أصبحت حثالات في المجتمع، لاقيمة لها، لاشأن يذكر، لادلالة علمية أو ثقافية...لذلك تستميت من أجل البقاء في مراكزها الحزبية مستخدمةً كل الوسائل غير المشروعة لاقصاء الكفاءات العلمية والثقافية من الجيل الجديد. كل تلك الطواطم والديناصورات العراقية السابقة التي أزيحت عن مراكزها الحزبية بـ (المؤامرة، والتصفيات الشخصية) عاشت طوال حياتها عالة هي وعوائلها على مالية الكيان الحزبي دون أن يكون لها عمل شريف تغطي به نفقاتها ونفقات أسرها!. هل انتجت هذه الديناصورات للثقافة السياسية، العلمية، الفكرية، والتنظيمية...شيء يذكر!. وبالضد من ذلك إن تم مقارنتها مع بعض الكيانات الحزبية في الوطن العربي تجد هناك العديد من قياداتها لها مساهمات فكرية، ثقافية (مثل: مروه، الجابري، مرقص، البيطار، خشيم، العالم، حنفي، الملوحي، رزيق....) وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع مساهاماتهم، فإنها اسهمت في رفد الحضارة الانسانية بسبب عدم خضوعها للأقونات الثلاثة (العائلة، العشيرة، الطائفة). الكيانات الحزبية العراقية وطواطمها وديناصوراتها، نموذج خاص، نموذج شاذ، يجب دراسته بتمعن وتفحص مسببات الأزمة ليصار للارتقاء بالكيانات الحزبية لمستوى مؤسسات سياسية غير خاضعة للأقونات الثلاثة. ولتكون البداية بإسقاط هذه الطواطم والديناصورات، عزلها، اهانتها، نبذها، (تصفيتها إن أمكن!) لفسح المجال أمام الدماء الجديدة من الكفاءات العلمية والثقافية لإعادة تشكيل الواقع السياسي العراقي بنموذج عصري وحديث قادر على التعاطي الايجابي مع موجبات العالم المعاصر، وإلا فإن هذا الواقع المرير سيستمر إلى ما لانهاية ويعطل كافة سُبل التقدم والتطور الاجتماعي. يعتقد ((الياس مرقص))" أن في الوعي، وعي الأمة، الفرق كبير بين أن يستوعب المأساوي المعترف به، أن يُعقل وإن يُبرهن في الجدوى مع الإنسان والتقدم. وأن لايعترف به، أن يُكتب وأن يهيمن هو بدلاً من أن نهيمين نحن عليه. أفلا نلاحظ أننا وصلنا إلى حالة ذهنية وسياسية جعلنا فيها الأبطال الأوائل الذين دخلوا الدراما، بوعي ومسؤولية. وأقاموا روحاً سياسية ودولة، جعلناهم طواطم الأحزاب للقرن الواحد والعشرين". الإشكالية الأساس أن هذه الطواطم والديناصورات لاتعي زمانها المنقضي وجهلها بمتطلبات الواقع المعاصر وتحتمي بعصابة قابضة على الكيان الحزبي، تقتص مرة من المنافسين الشباب لها، ومرة أخرى تتسلق جدار الديمقراطية لتوحي بأنها مستجيبة للواقع المعاصر وليست طواطم وديناصورات فات عليها الزمن وعلى الآخرين قبولها (طوعاً أو قسراً) وإلا فإن سقوطها سيؤدي لسقوط الأوطان وهلاك الشعوب!. إن موجبات الاحترام والتقدير لمساهمات بعض الطواطم والديناصورات في الحياة السياسية، يتطلب منها أن تعي ذاتها، وتعي زمانها، وتعي أعمارها الخرفه، وتعي أنها لاتصلح لكل الأزمنة. حين إذاً تنال الاحترام والتقدير وإلا فإن الإهانة، والاحتقار، والنبذ، وحتى (محاولتها تصفيتها!) تبقى حجة قائمة، مشروعة، للنهوض بواقع الكيانات الحزبية العراقية لواقع مؤسساتي، عصري، مستجيب لمتطلبات التطور والتحديث لمؤسسات الدولة والمجتمع.
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأشرار في حكومة المحاصصة القومية والطائفية
-
المسؤول والمستشار
-
الرئاسات الثلاث من الفشل إلى الفضيحة
-
المثقف ووعلاظ السلاطين
-
المثقف والدين
-
فن الرسم
-
مواصفات المترجم
-
فن الترجمة
-
الصداقة والعداء في الوسط الثقافي
-
علاقة المثقف بالكتاب والمكتبة
-
الكاتب وعالم العزلة
-
الصفوات والمجتمع
-
علاقة المثقف بالمجتمع
-
دور المثقف في الحراك الاجتماعي
-
دور المثقف في التربية والتعليم
-
فن النقد في الثقافة
-
العلاقة المأزومة بين الكاتب والناقد
-
مهام النقد
-
النقد وسعة العلم
-
ماهية النقد
المزيد.....
-
روسيا تقدّم إعانات مالية للأمهات الصغيرات لزيادة معدلات المو
...
-
رضيعة فلسطينية تموت جوعا بين ذراعي أمها في غزة المحاصرة
-
تعيين سالم صالح بن بريك رئيسًا للحكومة في اليمن
-
واشنطن تفرض رسوماً جديدة على قطع غيار السيارات المستوردة
-
رئيسة المكسيك ترفض خطة ترامب لإرسال قوات أمريكية لمحاربة كار
...
-
الزعيم الكوري يؤكد ضرورة استبدال دبابات حديثة بالمدرعات القد
...
-
نائب مصري: 32% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر (فيديو)
-
إعلام: الجيش السوداني يستهدف طائرة أجنبية بمطار نيالا محملة
...
-
صحيفة -الوطن-: تعيين حسين السلامة رئيسا لجهاز الاستخبارات في
...
-
من هو حسين السلامة رئيس جهاز الاستخبارات الجديد في سوريا؟
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|