أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالرضا المادح - الحجّار














المزيد.....

الحجّار


عبدالرضا المادح

الحوار المتمدن-العدد: 1898 - 2007 / 4 / 27 - 11:12
المحور: الادب والفن
    


عند بزوغ الفجر يتنكّب مطرقته الثقيلة ويتسلق سفح جبل متين أمام قريته بليزان المحشورة بين ثنايا الجبل العملاق. يزحف الضوء القادم من خلف القمّة ليتسلل بين الشجيرات المتشابكة على السطح المائل الموزع بين تربة مخضرة واحجار كلسيّة واخرى بازلتيّة قاتمة.
يضع قدمه اليسرى على قطعة حجر كبيرة. يمعن النظر اليها ليحدد شكلها الهندسي القادم. تهوي المطرقة على تلك النقطة التي ارتسمت في نظرته الثاقبة. رنين مطرقته على سندان الحجر يتغلغل بين خلايا جسده. ينفلق الحجر فيستوي. يقلبه ليشقه من جديد فيصنع مكعباً متناسق الابعاد. حجر بعد حجر تتراصف في المكان كقطع الثلج المنثور.
يلقي بجسده على الارض لتسترخي عضلاته المشدودة. يسرح بأحلامه في الفضاء المنغلق على صمته، فتصطدم بنتؤات الجبل القاسية لترتد اليه فتزداد غموضاً.
إستعرض في ذاكرته أحاديث البيشمرگة ( المقاتلين الانصار ) الشيوعيين، فجاءت سلسة على قلبه. لم يسمع بأغلبها من قبل." أضطهاد الفلاحين..ظلم الاغوات ( الاقطاعيين ).. الدكتاتورية.. حقوق الفلاحين والعمال.. حقوق الاكراد.. التحرر.. الكهرباء.. المدارس.. و.. الحلم لايتحقق الا بالنضال."
أخذ نفساً عميقاً وكرر العبارة الاخيرة مع نفسه:
ـ الحلم لايتحقق الا بالنضال.
في المساء مابين الظلمة ورجفة ضوء الفانوس أسرّ لزوجته:
ـ سألتحق بمفارز الشيوعيين.
ـ ........
إنحبست الكلمات في متاهات الحيرة والصدمة.
ـ نعم.
قالها وبتأكيد لايقبل النقاش.
ـ كيف لا... أنظري أنهم جاؤوا من مختلف المحافظات، ومعهم نساء تقاتل، لم تطأ أرجلهم الجبل في حياتهم ونحن الرجال الكرد أبناء المنطقة نتقاعس عن ذلك..!!
ـ لا والله.. فأن ذلك اكبر عيب.
كان مزهواً بمظهره الجديد. يتسابق مع رفاقه عند دخول المفرزة الى قرى برواري بالا، ليعلن لأهاليها عن قراره الجريء. ينصت لكلمات الرفيقات والرفاق، يستفهم عن معانيها. لايتقاعس عن المهمات التي يكلف بها. يوظف علاقته الطيبة مع القرويين لحثهم على تقديم العون والانضمام لصفوف المقاتلين.
بعد فترة اشهر، لم يفهم بالضبط سبب انتظار كل هذه المدة. جاء الخبر كنيزك رسم أثراً كبيراً في سماء حياته.
ـ رفيق.. اهنأك .. لقد حصلت على شرف العضوية.
صرخ من اعماق قلبه ليتردد صدى الكلمات بين أفواه وقلوب رفاقه:
ـ أللهم صلي على محمد.
جاءته التهاني صادقة ليتقبلها بأبتسامة اختلطت ببراءة القروي على محياه.
أزفّ بالخبر الى زوجته، حيث كان في اجازة يتمتع بها بين فترة واخرى، مما أثار حسد رفاقه أبناء المحافظات المحرومين من تلك النعمة، ليعبـّروا عن ذلك بتعليقاتهم الماجنة وكركراتهم الخبيثة.
بعد ان تناول الافطار مع عائلته، تناهى الى سمعه حركة غير طبيعية في الخارج.
ـ سيد نهاد... *
ادرك أن الصوت غريب فتناول سلاحة وخرج بهمة وحذر.
ـ السلام عليكم.
ـ وعليكم السلام.
قال احدهم دافعا بسلاحة الى خلف ظهره، حيث ادرك ان المقابل غير مرتاح لوجودهم.
ـ مللا رمضان يريدك.
ـ وماذا يريد..!؟
ـ لانعرف ولكن يجب أن تذهب معنا.
ـ وأين هو الان..؟
ـ في گلي ( وادي ) قرية بازي.
علّق سلاح العفروف ** على كتفه في وضع يدل على الاستعداد لكل طاريء مطمئنا ً زوجته بأنه سيعود اليهم.
بعد مسير نصف ساعة تقريبا ً صعودا ًوهبوطا ً، دلفوا في وادي حجري ضيق حيث انتشرت هناك مفرزة للحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مللا رمضان. أقتربوا من حلقة كبيرة توسطها رجل بدين قصير القامة، إتكأ على وسادة مادا ًرجليه بأسترخاء على سجادة صوفية.
ـ السلام عليكم.
ـ وعليكم السلام.
أجاب الجميع.
ـ لماذا بعثت بطلبي ؟.
ـ سمعنا أنك إلتحقت بمفارز الشيوعيين..!
أجاب الرجل البدين وعيناه تنم عن عدم ارتياح ووعيد.
ـ اذا كان لديكم سؤال، فيمكنكم طرحة على الحزب الشيوعي من خلال لجنة الجبهة..!
تسمر الغضب في اعماق الرجل البدين ولم ينبس بكلمة.
عاد سيد نهاد الى قريته يحتضن سلاحه كطفل مدلل، ليلتحق في اليوم التالي بمفرزته السرية الاولى .
..........................................
09 04 2007

* ( سيد نهاد) الاسم الحركي للشهيد سيد جعفر سيد جلال. استشهد عام 1983 أثناء الهجوم الغادر لقوات الاتحاد الوطني الكردستاني على مقر الحزب الشيوعي العراقي في بشتآشان في كردستان العراق.
** العفروف: سلاح رشاش متوسط سوفيتي الصنع، ثقيل الوزن يتميز بصوت مزمجر وكثافة نيران عالية، امتلكته قوات الحزب الشيوعي العراقي فقط .



#عبدالرضا_المادح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخبّز وعبدُالله *
- مَشهدْ
- جرافّة الموتى
- هل فقد الجواز العراقي مصداقيته وشرعيته...!؟
- حقائق إضافية حول - قصة الشيعة في العراق-
- هل سيُسقط صدام حكومة المالكي...؟
- الوهم
- درب التبانه
- مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي والتطبيق
- مشروع النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي ملك الشعب
- بجرّة قلم ألغى العلم
- !... ألقطط ألسمان وألشحمة ألنفطية


المزيد.....




- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالرضا المادح - الحجّار