أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد هجرس - قتل الإبداع.. القاسم المشترك الوحيد بين العرب!















المزيد.....

قتل الإبداع.. القاسم المشترك الوحيد بين العرب!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1887 - 2007 / 4 / 16 - 12:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هذا الذي يحدث في عالمنا العربي يندرج تحت عنوان »اللامعقول« فكل العالم مشغول بالمستقبل والثورة العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية، ونحن متشبثون بالماضي وبمعارك سخيفة وبالية ألقت بها البشرية في سلة مهملات التاريخ منذ سنوات وعقود!
فهانحن نترك كل التحديات والأخطار المروعة المحدقة بنا ونتفرغ للجدل العقيم حول حرية الإبداع، وحدود المبدع التي لا يجب أن يتخطاها عندما يؤلف قصيدة شعر أو يكتب رواية أو مسرحية أو يرسم لوحة.
هذا إذا تجاوزنا الفخ الأول وهو إمكانية الإبداع أصلا، حيث لا يخفي علي أحد ان هناك في عالمنا العربي غير السعيد من لا يزال يصدر الفتاوي التي تقول ان الشعر حرام من الأساس، وأن الصورة تطرد الملائكة، وأن النحت من الكبائر وأن التماثيل هي أصنام القرن الحادي والعشرين!
وآخر هذه الفخاخ المنصوبة دائما، هو ما جري لمجلة »إبداع« التي يرأس تحريرها الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي، حيث قررت الهيئة المصرية العامة للكتاب وهي الناشر لهذه المجلة وقف توزيعها بحجة أنها تتضمن قصيدة للشاعر حلمي سالم تسيئ إلي الذات الإلهية.
ونقلت مصادر صحفية عن الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي قوله ان رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، الدكتور ناصر الأنصاري قد أبلغه فور صدور العدد بإعجابه الشديد به، وهنأه عليه، وأبلغه أنه قام بإهدائه إلي وزير الثقافة فاروق حسني.
لكن »الأنصاري« عاد بعد بضع ساعات وأبلغ »حجازي« بأنه أصدر قراره بوقف توزيع العدد نتيجة لـ»اعتراض عمال المطابع« بالهيئة.
والواضح ان هذه ذريعة متهافتة، بدليل أن العمال طبعوا العدد بالفعل، وأصبح جاهزا للتوزيع، بل إن دفعة أولي منه تم توزيعها.
إنهم ليسوا عمال المطابع إذاً.. ولا يجب التمحك فيهم، بل الأمر أولا وأخيرا هو قرار الدكتور ناصر الأنصاري الذي أجري حساباته بعد صدور العدد واستنتج أن بعض خصومه يمكن أن يستخدموا قصيدة حلمي سالم لتأليب الرأي العام وقطاعات من الحكومة ضده فقرر أن يسد الباب الذي يمكن أن تهب منه الريح كي يستريح، حتي ولو كان هذا علي حساب مجلة ثقافية تقع في 400 صفحة وتحتوي علي أعمال إبداعية، قصائد وقصص ودراسات أدبية وفنية.
والخطير فيما فعله الدكتور ناصر الأنصاري أنه شبيه بالاستراتيجية الأمريكية التي استحدثتها إدارة بوش، ألا وهي الضربات الاستباقية بحجة اجهاض عمليات في علم الغيب ربما تقع ضد المصالح الأمريكية هنا أو هناك علي ظهر الكره الأرضية.
وبالمثل قرر الدكتور الأنصاري القيام بضربته الاستباقية حتي قبل أن يصل عدد مجلة »ابداع« الي أيدي القراء تحسبا لأية منغصات قد تأتي من نواب الإخوان المسلمين في البرلمان أو حتي من بعض رؤسائه في وزارة الثقافة والحكومة ويحدث له ما حدث من قبل للناقد المعروف علي أبو شادي حينما قررت الحكومة التضحية برأسه في أزمة مماثلة.
ورغم أن »الإخوان المسلمين« لهم سجل حافل في استغلال مثل هذه الحوادث لشن حملات علي الإبداع والمبدعين، فإني اندهش من أن تتركز شكاوي كثير من المثقفين بصدد واقعة مجلة »ابداع« الراهنة علي الجماعة »المحظورة«، رغم انها ليست هي الجهة التي قامت بالاعتداء علي »ابداع«، بل ان »المعتدي« واضح وظاهر للعيان ومعترف بفعلته، ألا وهو رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، أي رجل الحكومة وليس ممثل الجماعة »المحظورة«.
وربما يضحك قادة »الإخوان المسلمين« في عبهم الآن، ويفركون أيديهم من فرط السعادة وهم يرون بعض رجال حكومة الدكتور أحمد نظيف يقومون بعملهم نيابة عنهم بل وبالمزايدة عليهم والإفراط في النفاق لهم ومحاولة مغازلتهم واسترضائهم وجنبوهم بذلك »شر القتال« بأنفسهم.
وهذا فقدان للاتجاه سواء من بعض رجال الحكومة الذين يزايدون علي جماعة »الإخوان« أو من المثقفين الذين يرون هذه الخيبة بأعينهم ومع ذلك فإنهم يتركون »الحمار« ويتشطرون علي »البردعة« كما يقول المثل الريفي البليغ.
أما عن السبب المباشر الذي تذرع به المسئول الذي قرر مصادرة »ابداع« وهو قصيدة حلمي سالم »شرفة ليلي مراد« فإنها ليست قصيدة جديدة بل تم نشرها من قبل وداخل مصر وليس خارجها في الديوان الأخير للشاعر وقد نفي حلمي سالم ان يكون في هذه القصيدة ما يسيء إلي قداسة الدين أو إلي الذات الإلهية بل لعل العكس هو الصحيح لأن السطور المقصودة هي تنزيه لله عن القهر والتعسف والترصد وأضاف حلمي سالم ان كلمة »الرب« كلمة أكبر من تحصر في المنظور الديني الإسلامي وحده فهي التعبير المستخدم في شتي الديانات السماوية وغير السماوية وهي التعبير المستخدم في الأساطير اليونانية بل هي التعبير المستخدم في الإشارة إلي كل كبير أو مسئول أو مالك مثل رب الأسرة، ورب العمل، وربة البيت وربة الصون والعفاف.. فضلا عن ان القراءة التي اتهمت النص هي القراءة الضيقة المتعسفة، التي لا تصلح لتفسير الأدب.. فالأدب فن مجازي ينبغي أن يقرأ قراءة مجازية وهذه القراءة المجازية لها متخصصون هم نقاد الأدب وعارفوه.
ولم يكن ينقص حلمي سالم بعد هذا الجهد في الدفاع عن قصيدته سوي أن يقسم علي المصحف الشريف بأنه لا يقصد أية اساءة للذات الالهية.
إلي هذا الحد وصل الحال بالمبدعين المصريين، والعرب، حيث هم مضطرون لإضاعة تسعين في المائة من وقتهم في الدفاع عن أنفسهم.. وأمام من؟؟
أمام من ليس له حق توجيه الاتهام أصلا أو حق التفتيش في الصدور.
ولعلها كانت مصادفة بالغة الدلالة أن يحدث ذلك لمجلة »إبداع« في مصر بينما كانت خيبة مماثلة تجري في البحرين حيث تعرض الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد لهجوم شرس من جانب نواب الكتلة الإسلامية في البرلمان البحريني اعتراضا علي العرض الموسيقي الشعري الراقص »مجنون ليلي« في افتتاح مهرجان ربيع الثقافة بالبحرين وهو عرض من تأليف قاسم حداد وموسيقي الفنان اللبناني مارسيل خليفة.
وبعدها بساعات قام القائمون علي الرقابة في وزارة الاعلام البحرينية بتحويل رواية الكاتب والروائي البحريني عبدالله خليفة »عمر بن الخطاب شهيدا« إلي وزارة الشئون الاسلامية لاستفتائها حول موضوع الرواية وجواز ادخالها الاسواق.
وقد وصف »المنبر الديموقراطي التقدمي« البحريني هذه الخطوة بأنها »سابقة خطيرة ستكرس نهجا جديدا في التعامل مع المطبوعات«.
وتساءل بيان المنبر الديمقوقراطي التقدمي الذي أرسل إلينا نسخة منه »لا نعلم من سوغ للقائمين علي جهاز الرقابة للاتيان بمثل هذ التصرف فالرواية عمل أدبي بالاساس وفيها من الصور التعبيرية والجمالية والاسقاطات التاريخية التي لا شأن لوزارة الشئون الاسلامية بها.
إن كان القانون علي جهاز الرقابة غير أكفاء أو لا يتمتعون بالقدرة النقدية وتقييم العمل فهذه مسألة يجب علاجها ضمن وزارة الاعلام التي من المفترض أن تكون حاضنة للثقافة والابداع والحصن الذي يحتمي به الكتاب والمبدعون أما أن ينصرف المسئولون بتحويل الرواية إلي وزارة الشئون الاسلامية لاستفتائها حول صلاحية النشر ففيه الكثير من الغبن بحق الكاتب ويحمل نزعة الاتهام في طياته«.
وينتهي بيان المنبر الديموقراطي التقدمي بإدانة مثل هذه الخطوات »التي تعد تفتيشا في ضمائر الكتاب والمبدعين وتحجر علي أفكارهم وتكرس منهجا جديدا للتعامل مع الثقافة والمثقفين«.
ويا له من تزامن عجيب.. حيث الخيبة واحدة رغم تباعد المسافات وجبن صغار كبار وكبار صغار المسئولين واحد، ونفاقهم لتيارات الإسلام السياسي واحد والحائط المائل الذي يفرغون عليه كل احباطاتهم وأزماتهم واحد.. وهو المثقفون والمبدعون!!
والخطير أن الرقابة لم تعد كالسابق محصورة في أجهزة بعينها بل أصبحت شبكة عنكبوتية متعددة الأذرع والرءوس تمارس أشكالا شتي من الحظر والمنع والمصادرة والتشهير والتكفير وتنتشر في كل المؤسسات الاعلامية والثقافية والتعليمية والأكاديمية والدينية وأدت إلي تعميق »الرقابة الذاتية«.
ونتيجة للتزاوج الوظيفي عميق الجذور بين الاستبداد السياسي والاصولية الدينية أصبحت هناك ثقافة سائدة في معظم المجتمعات العربية وتفرض هيمنتها علي الشارع العربي قوامها التخلف ومعاداة الحداثة والتقدم.
وقد أدي هذا العامل الأخير ـ اضافة إلي عوامل أخري ـ في محاصرة العمل الثقافي التنويري علي عكس البيئة التي احتضنت المحافل والمجلات الثقافية في العالم العربي ابتداء من القرن التاسع عشر حيث كانت هذه المجلات الثقافية ـ كما يقول الدكتور جابر عصفور »آلة هدم للعالم القديم والتمهيد لبناء عالم جديد يخلو من كل سلبيات الماضي المتخلف وعوامل جموده ولذلك خاضت المجلات الثقافية معركة النهضة التي اعتمدت علي جهود صناع النهضة الذين جعلوا من مجلاتهم الثقافية وصحفهم سلاحهم في معارك الحريات السياسية والاقتصادية وترسيخ حضور الدولة المدنية وتأكيد حتميتها في مسار التقدم وأشاعوا مبدأ التسامح في الفكر والاعتقاد وحاربوا الطائفية والنزعات العرقية فضلا عن أشكال التميز الراسخة ضد المرأة ودافعوا عن حق المرأة في التعليم والمشاركة الاجتماعية وانفتحوا علي العالم بكل تياراته واستبدلوا العلم بالخرافة كما استبدلوا الأفندي المطربش بالشيخ المعمم والتعليم المدني بالتعليم الديني منطلقين من الموجة الصاعدة للطبقة الوسطي التي اكتسبت من »المدنية« الحديثة ملامحها الاساسية: قبول التعدد العرقي والتنوع الجنسي والتباين الثقافي والاعتراف بحق الآخر في الوجود ولم ينسوا الوقوف في صف أنواع الابداع الادبي والفني والانطلاق منها إلي ما يعدها خصوصا في هذه الأعوام التي تتنكر لأعظم ما أنجزته النهضة من منجزات ثقافية«.
هذا التحليل العميق الذي قدمه جابر عصفور في سياق دراسة المهمة من »المجلات الثقافية بين ميراث الماضي وآمال المستقبل« يصيبنا بحالة من الكرب الشديد ونحن نري مجلاتنا وأعمالنا الثقافية ـ ونحن في الألفية الثالثة وفي القرن الحادي والعشرين ـ يتم محاكمتها سواء في مصر أو البحرين وما بينهما من البلاد الناطقة بلغة الضاد بهذه الصورة الحافلة بالنفاق والجبن وضيق الأفق.
باختصار.. نحن يا سادة نسير إلي الوراء بينما لا نكف عن الثرثرة عن إصلاح يجب أن يدفعنا إلي الأمام.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كعب داير .. للبروفيسور الذى داس على ذيل الحمار
- هل الإعلامي .. صديق الإرهابي؟
- مداهمة -الدبلوماسية-المصرية فى العراق
- عيش .. وملح !
- الأحزاب والنشاط السياسى داخل الجامعة.. العقدة والحل
- ملاحظات شاهد عيان للاستفتاء الحزين
- رغم كل شئ :مصر مازالت بخير
- هل نستعيد أمجاد النقل البحري لعصر محمد علي؟!
- ميلودراما مصطفى البليدى
- فلتكن نهاية حياتنا بكرامة!
- عرب من أجل إسرائيل!
- كل استفتاء وأنتم بخير!
- ملف استحقاقات الدولة المدنية سيظل مفتوحاً
- دبرنا يا وزير التضامن الاجتماعى
- بروتوكولات حكماء الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات .. وأزمة الث ...
- المادة الثانية .. وإرهاب فهمى هويدى
- فتحى عبدالفتاح .. عاشق الحياة والوطن
- جوزف سماحه
- -حبيبة- .. و-إيمان-: تعددت الأسباب والكرب واحد
- المادة الثانية.. ليست مقدسة


المزيد.....




- هل تفكر بشراء ساعتك الفاخرة الأولى؟ إليك ما قد تحتاج لمعرفته ...
- إجلاء آلاف الأشخاص من خاركيف وهجوم على بيلغورود الروسية
- الجيش الروسي يحرر 4 بلدات جديدة في خاركوف ويقضي على 1500 عسك ...
- الخارجية الروسية: منفذو اعتداء بيلغورود سيعاقبون على جريمتهم ...
- وزيرة أوروبية تعرب عن صدمتها بعد رؤية معبر رفح مغلقا وتطالب ...
- تمديد حبس سائق حافلة بطرسبورغ الغارقة حتى الـ9 من يوليو على ...
- سلسلة من حوادث الغرق في 6 ولايات جزائرية راح ضحيتها 10 قتلى ...
- مسؤولون إسرائيليون يوجهون اتهامات إلى مصر بانتهاك -التفاهمات ...
- العراق يطلب إنهاء مهمة بعثة أممية لانتفاء الظروف التي تأسست ...
- كتالونيا تنتخب -إقليميا- بتطلعات طي الانفصال عن إسبانيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد هجرس - قتل الإبداع.. القاسم المشترك الوحيد بين العرب!