أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - فتحى عبدالفتاح .. عاشق الحياة والوطن














المزيد.....

فتحى عبدالفتاح .. عاشق الحياة والوطن


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1855 - 2007 / 3 / 15 - 11:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لكل جريدة معالم رئيسية، وليست جريدة "الجمهورية" استثناء من ذلك. فرغم تغير العصور، وتعاقب الحكومات (وليس تداولها)، واختلاف السياسات، وتحول لغة الخطاب الرسمى، ظل هناك عطر متميز تستطيع أن تستنشقه وأنت تفتح صفحات "الجمهورية" مع فنجان قهوة الصباح حتى رغم كثرة الأصوات النشاز التى ترتفع بين وقت وآخر وتحتل مساحة لا تستحقها ولا يستحق القارئ المسكين عقوبة تحمل الاستماع إليها.
هذا العطر الذى يفتح مسامك للحياة والمتعة الفكرية ويشحذ عقلك على التفكير ويشجعك على الاختلاف قبل الاتفاق ويزودك بآفاق جديدة لرؤية الذات والوطن والعالم، هو المداد الذى كتب، ويكتب ، به أساتذة كبار فى الصحف المختلفة، وهو الذى يصنع المعالم الرئيسية، أو "خريطة الطريق"، لكل واحدة من هذه الجرائد.
و"العدد الأسبوعى" لجريدة الجمهورية أستطاع أن يخلق لنفسه شخصية مستقلة، ومعالم محددة، بفضل عدد كبير من الكتاب الذين تناوبوا على الكتابة فيه منذ سنوات وعقود، وعلى أيديهم تعلمنا حب القراءة، ثم المخاطرة بالسباحة فى بحار الكتابة أحياناً.
والمقال الأسبوعى للزميل والصديق العزيز الدكتور فتحى عبد الفتاح هو أحد "ثوابت" عدد الخميس لجريدة الجمهورية، وأحد معالمه الرئيسية منذ سنوات وعقود، الذى يمكن أن تتفق معه حينا ونختلف معه أحياناً، ولكنك تبحث عنه دائماً.
ولذلك شعرت بشئ ناقص عندما فتحت الجريدة ولم أجد المقال الذى يحرص فتحى عبدالفتاح على كتابته مهما كانت الظروف.
وسرعان ما علمت أن سبب اختفاء هذه الزاوية الأسبوعية المتميزة هو ان فتحى عبدالفتاح أصيب بوعكة صحية أجبرته على دخول المستشفى. ثم تبين أن المسألة أكبر من وعكة "عادية" وأن الداء اللعي،ن الذى أصبح منتشراً فى مصر كالوباء، قد دق بابه ووصل إلى معدته. ولم يعد هناك مفر من استئصال هذا السرطان الملعون بعملية جراحية دقيقة يجب إجراؤها على وجه السرعة.
ولم يكن غريباً أن تقوم إدارة تحرير الجمهورية بواجب رعاية أحد كبار كتابها، حيث سارع الزميل محمد أبو الحديد رئيس مجلس الإدارة باتخاذ الإجراءات العاجلة اللازمة لتوفير العلاج اللازم، كما كان الزميل محمد على إبراهيم رئيس التحرير أول المهتمين بالسؤال عن الدكتور فتحى ومتابعة إجراءات علاجه وإرسال باقة ورد وكلمات تشجيع رقيقة إليه فى المستشفى وكتابة تنويه عن استئناف مقاله الاسبوعى بعد الشفاء.
ولاشك أن فتحى عبدالفتاح يستحق كل اهتمام، ليس من "الجمهورية" فقط وإنما من الوطن بأسره.
لأنه ليس مجرد كاتب صحفى متميز، وليس مجرد باحث علمى جاد له دراسات أكاديمية مهمة عن الفلاحين والقرية المصرية والمسألة الزراعية، وإنما هو إلى جانب ذلك مناضل ثورى، كافح الاستعمار الانجليزى قبل ثورة 1952، وواصل النضال من أجل الديموقراطية والعدالة الاجتماعية بعد الثورة. ولم يكن هذا النضال مجانيا بل أنه دفع ثمنه سنوات طويلة من شبابه وعمره قضاها فى المعتقلات والسجون، وتعرض خلالها لأبشع صور التعذيب والتنكيل.
يكفى أن نشير من بينها إلى تراجيديا مساومته فى المعتقل على عينه، حيث تم وضعه على قرنى الاحراج: إما أن تستنكر مبادئك الوطنية والثورية وإما نمنع علاج عينك المهددة بالعمى.
وخرج فتحى عبد الفتاح من هذه المساومة الحقيرة بعين واحدة ورأس مرفوعة.
وهذه القصة المحزنة موثقة فى السجلات الرسمية وملفات المحاكم وصدر بها حكم قضائى يدين هذه الجريمة البربرية، وتضمنها كتاب "شيوعيون وناصريون" الذى يعد أحد اهم كتابات فتحى عبدالفتاح، ويعتبر وثيقة تاريخية بالغة الأهمية، حتى أنى سمعت الأديب الكبير نجيب محفوظ وهو يقول أن هذا الكتاب أكثر أهمية من كتابات الكاتب الروسى الذى طبقت شهرته الآفاق، سولجنستين.
ولعلنى لا أبالغ إذا قلت أن معظم المحررين الشبان فى جريدة "الجمهورية" الذين يرون فتحى عبدالفتاح يوميا لا يعرفون شيئاً عن هذه المأساة، ولا عن الموقف البطولى الذى اتخذه زميلهم الذى يسير بتواضع إلى جانبهم فى طرقات الجريدة، ولم يتاجر يوما بهذه التضحية النبيلة التى بذلها فى صمت وبساطة.
هذه القصة المرعبة قفزت إلى ذهنى عندما لم أجد المقال الاسبوعى للزميل فتحى عبدالفتاح، ها آنذا أذكره بها وهو يرقد الآن فى مستشفى وادى النيل، لأقول له من خلالها أنه قادر على قهر سرطان اليوم مثلما كان قادراً بالأمس على قهر الجلادين الذى ساوموه على عينه.
ويا أيها الصديق العزيز المدافع عن عشق الحياة .. لا تتأخر كثيراً .. فقراؤك فى انتظارك.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوزف سماحه
- -حبيبة- .. و-إيمان-: تعددت الأسباب والكرب واحد
- المادة الثانية.. ليست مقدسة
- حرية العقيدة.. يا ناس!
- ماجدة شاهين.. الدبلوماسية الأكاديمية
- صدق أولا تصدق: نقد رئيس مصر مباح .. وعتاب أمير عربى ممنوع!
- »الوفاق« الوطني و»النفاق الحزبي«
- ما رأيك يا وزير التنمية الإدارية
- هل يتمتع كلاب الأمراء العرب ب -الحصانة- فى مصر؟
- تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية يفسر تراجع ترتيب مصر
- اقتصاد يغدق فقراً
- بدلاً من تضييع الوقت والجهد في الرد علي الفتاوي الهزلية: تعا ...
- كأن العمر .. ما كانا!
- حتى فى السودان
- التعليم..غارق فى بحر من الفساد
- الذكرى السنوية الأولى للكارثة
- ثقافة الإضراب
- التعذيب.. يا حفيظ 1-2
- جلال الغزالى
- ذيول جريمة بنى مزار


المزيد.....




- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - فتحى عبدالفتاح .. عاشق الحياة والوطن