أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - مؤتمر القمة العربي: من يحيي العظام وهي رميم؟














المزيد.....

مؤتمر القمة العربي: من يحيي العظام وهي رميم؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1861 - 2007 / 3 / 21 - 12:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أكبر إنجاز للدبلوماسية العربية اليوم، ومدعاة للفخر والخيلاء، ومن السنة للسنة هو "التئام" مؤتمر القمة العربية الذي أصبح مناسبة للذكرى، بأنه موجود في مكان ما، رغم أنه لم يفلح، والحمد لله، يوماً ما، في أي شيء يخدم فيه قضايا الشعوب العربية على الإطلاق. وتتزامن مع كل مناسبة لـ"بعثه" إلى الوجود ومن غرفة الإنعاش تحركات دبلوماسية نشطة تجري على قدم وساق لـ"إنجاحه". ومع كل تلك الرمزية الجوفاء، والتطبيل الإعلامي الصاخب، فقد أعلنت أكثر من دولة عن رفضها لحضوره، فيما يشوب، أيضاً، علاقات السعودية، الدولة المضيفة، توتراً مع أكثر من طرف عربي فاعل على الساحة العربية. ويسود اعتقاد راسخ لدى الكثير من الأنظمة العربية بأنها تستمد شرعيتها وقوتها من عروبتها، وانتمائها القومي فقط. واقع مؤلم، وغير سار ذاك التي تعيشه الفكرة القومية التي انتهت إلى شكل مأساوي وكارثي، والذي أثبت الواقع أنها غير كافية للم شمل العرب وتوحيدهم، وأن هناك أشياء كثيرة تنقصهم، غير الفكرة القومية، لتوحيدهم ونشلهم من الحضيض الذي يعيشونه، وليصبحوا أمماً محترمة، وقابلة للحياة، والاستمرار مثل باقي أمم وشعوب الأرض.

لم تستطع الجامعة العربية، الأب الروحي لمؤتمر القمة العربية، أن تقدم أية خدمات تذكر لشعوبها البائسة التي تعيش البؤس والفقر والتخلف خلال قرابة ستين عاماً من وجودها، وتحولت إلى رمز للتندر والسخرية، وللترهل، والبيروقراطية، والمحسوبية، و"الكوتا" السياسية والاستزلام والاستتباع، وتوزيع المناصب والمغانم والوظائف والأرباح، وتحت رحمة هذا النظام الدموي، والعشائري، والعائلي، أو ذاك. على عكس منظمة الاتحاد الأوروبي، التي رأت النور بعد الجامعة العربية، فقد أصبحت قوة سياسية واقتصادية كبرى، وجلبت معها الرفاهية والخير والعز والازدهار لشعوبها وألغت كل الحدود فيما بينها رغم أنها تتكون من عشرات القوميات والأعراق والإثنيات.

ولا يُعرف، في الحقيقة، لماذا يحاول النظام الرسمي العربي النفخ في مؤسسة القمة العربية وإعادتها للحياة وإعطائها كافة المنشطات والمقويات والصادات الحيوية، بعد الإعلان الرسمي عن وفاتها في أكثر من مناسبة، وبرغم أن جلسات مؤتمرات القمة قد تحولت، وفي أكثر من مرة، إلى مهاترات، وإلى سيرك سياسي ضاحك تتبادل فيه الشتائم والاتهامات. وبرغم أنها لم تطور في واقع العرب وحياتهم، وبرغم أن عصر القوميات قد أفل وغاب مع اندثار الفاشيات القومية التي روعت أوروبا في منتصف القرن الماضي، ورغم أن الحقائق الديموغرافية الفاقعة تظهر أن هناك قوميات عدة في الشرق، كما في المغرب العربي، غير القومية العربية "المصونة" من العين والحسد، تستوطن هذه الأرض الجدباء التي يطلق عليها بالعالم العربي، ناهيك عن تلك الحقائق السياسية المرّة التي تؤكد يوماً بعد آخر، وتجربة إثر أخرى على تشرذم العرب، وتشتتهم وتآمرهم على بعضهم البعض أكثر من توحدهم، واستحالة ائتلافهم على رأي جامع، ولا حاجة للتذكير، هنا، بحالات الاستعداء العلنية، والتنافر القائم بين المحاور والأقطاب العربية الرئيسية، والذي لن تستطيع الاجتماعات البروتوكولية أن تدمله بتلك السرعة المرجوة.

إن من أولى بدهيات هذا الواقع السياسي الراهن، أن النظام القومي العربي الرسمي القديم، وبصورته التقليدية، والذي قام بشكل رئيسي، وانتعش على الكاريزما الخاصة لعرّاب الديكتاتورية العربية جمال عبد الناصر، قد انتهى الآن، ومات، وصار في حكم الماضي والتاريخ، ولم يعد له من وجود على الإطلاق. ولقد تغيّرت الكثير من المعطيات اللوجستية، والإقليمية، والدولية التي كانت تكفل بقاءه، وتعطيه، في الآن، المبرر والشرعية، وأصبح هناك واقع جديد، ومختلف كلياً عما ساد، ويتطلب للتعامل معه أدوات وأفكار، ورؤى مختلفة تماماً عما كان. فالمصالح، والازدهار الاقتصادي، والرفاه الاجتماعي فوق القوميات، والأعراق، وتتقدم اليوم على سواها من الاعتبارات. وأن هناك تجمعات وتروستات دولية اقتصادية لا يجمع بينها لا دين، ولا عرق، وقومية على الإطلاق، ولا تتفاخر بانتمائها القومي العظيم، بل تجمعها المصالح التجارية والأعمال، والربحية، ورأس المال، وهي تتحكم اليوم بمصائر المليارات من بني البشر. وعلى العكس من ذلك نرى العداوات المستفحلة والمستحكمة والحروب المستعرة بين بني الأعراب ممن يتفاخرون بالانتماء الواحد المقدس إلى عبد شمس ومناف، وكلهم يتفاخر بحسبه ونسبه إلى آل بيت النبي.

عشرات القرارات والمواقف التي أصدرتها مؤسسة القمة لم تساوِ، في الحقيقة، الحبر الذي كتبت به، ولم يتم تنفيذ عـُشر بالمائة مما اتفق عليه في مؤتمرات القمة العربية. بل على الضد من ذلك، كان يتم الأخذ بعكس ما يتفق عليه. وكأن القمة كانت مناسبة فقط لكشف النوايا والتوجهات، وليتم بعد ذلك العمل بنقيضها، وتسفيهها، ووأدها في مهدها.

تبدو محاولة البعض إحياء فكرة القومية العربية، والنظام الرسمي العربي، في ظل هذه المستجدات الضاغطة ضرباً من العبث، وتجديفاً بعكس التيار، ومحاولة يائسة للعودة إلى الوراء، وإلى زمن لم تكن فيه كل هذه التناقضات والتباينات ظاهرة على السطح كما هي الآن. لقد آن الأوان للاعتراف بعجز وشلل مؤتمر القمة، وبهزيمة القومية العربية على يد التيارات الفكرية العصرية والعولمية، وفشلها واندحارها على يد العرب بالذات، وليس غيرهم، وبالتالي تبني خيارات أكثر عصرية وواقعية وموضوعية تتمكن من النهوض بواقع هذه الشعوب المنكوبة والمهزومة في كل ميدان. فلقد انتهى، وولى، وإلى الأبد، عصر القوميات الذي استورده لنا غلاة قوميون بعد أن جرب وأثبت فشله في غير مكان من العالم، وحل محله عصر الشعوب، والتعولم، والمصالح المشتركة التي تجمع الناس. وأن القرابة، والنسب، ورابطة الدم، ودغدغة العواطف القومية البالية ليس كافياً، البتة، لبناء أوطان قوية وعزيزة، والدليل على ذلك ما يعيشه العرب، جميعاً، وبشكل مزمن، من ضعف، وذل، وقهقرى، وخذلان، وهوان.




#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانهيار الطبقي
- إمارة غزة-ستان: مغول العصر يحرقون التراث !!!
- بأيّ ذنب حجبت؟
- حوريات الحوار المتمدن !!!
- العرب وخطر الديمقراطية الداهم !!!
- وعّاظ الماركسية بين التشييع والتوهيب !!!
- الخليفة المنتظر
- بئس الصحوة الإسلامية
- شكراً ... وليد بَيْك !!!
- تلفزيون المستقبل: برنامج الاستخفاف
- نعم للإجراءات السورية، ولا للعنصرية العربية !!!
- حروب القبائل العربية
- إعدام المهدي المنتظر
- لماذا لا ينصرهم الله؟
- أين العرب؟
- سِجْنُ الحِجَابْ
- المواطن السوري أولاً
- إسرائيل البريئة!!!
- شهداء الطغيان
- إخوان مصر: تباشير النهايات السعيدة


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - مؤتمر القمة العربي: من يحيي العظام وهي رميم؟