صدور حكم الإعدام بحق كتاب -قول يا طير-

حبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 1846 - 2007 / 3 / 6 - 09:52
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

اتخذت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية قرارها بإعدام "قول يا طير بعد أن عممت على مدراء المدارس وجوب جمعة من المكتبات في بداية شهر شباط وإتلافه في كل المدرسة أمام لجنة شكلت لهذا الغرض ، علماً بأن الكتاب ترجم إلى خمسة لغات ويعتبر مرجعاً أساسياً من مراجع التراث الشعبي الفلسطيني الذي تناقلته الأجيال من عصر لآخر، الأمر الذي أذهل مؤلفا الكتاب د. شريف كناعنة ود. إبراهيم مهوي اللذين رفضا بإصرار خيانة الأمانة بعد أن جمعاها من مختلف المدن والقرى الفلسطينية في مناطق السلطة بالإضافة إلى منطقة الجليل في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 48، وتغيير كلمة واحدة من سرد الرواة حتى لو أدى الأمر إلى جمعه من مختلف أنحاء العالم وإحراقه أمامهما، لاسيما وان الأمانة العلمية تقضي أن يصار إلى المحافظة على حق الرواة في نشر حكاياتهم كما وردت وتناقلتها الأجيال على مر العصور.
ولأن هذا التصرف يعيد للأذهان محاكم التفتيش في العصور الوسطى، عمدت الوزارة إلى طرح مبرراتها غير المقنعة أملاً في الهروب من هذه المعضلة إلى الأمام كما فعلت أفغانستان إبان عهد طالبان عندما نصبوا أنفسهم أسياداً للشعب الأفغاني فدمروا حضارته تحت شعار حرمة وجود الأصنام، فصار عالي المعابد التاريخية أسفلها وقامت الدنيا على رؤوسهم ولم تقعد.
نقول، عمدت الوزارة إلى طرح المبررات غير المقنعة، لأن هذا الوصف اقل ما يمكن أن يقال في هذا التصرف: وجود بعض الألفاظ التي تخدش الحياء. وكأن الإمام الشافعي لم يسمع عنها وهي التي ترددت قبل ما يزيد عن أربعة آلاف عام، أو كأن فلسطين لم تنجب علماء الدين والفقه على مر العصور، في وقت يعرف فيه القاضي والداني كم أنجبت من العلماء.
كتاب "قول يا طير" جمع بين دفتيه 45 حكاية شعبية سمعناها أطفالاً في ليالي البرد القارص ونحن في أحضان أمهاتنا بالقرب من كانون النار الذي لا نملك سواه في مقاومة شدة البرد، وقراناها كباراً عندما قام د. شريف كناعنة ود. إبراهيم مهوي بجمعها وطباعتها، فأعادوا لنا طفولتنا في أعقاب تلاشيها مع مشاغل الحياة وإنهماكنا في التفاصيل اليومية، ليس فقط لأنهم يرغبان في الترويح عنا بقدر رغبتهما في المحافظة على تراثنا والدفاع عنه؛ إنه إرث الأجداد تورثناه مع الأرض والعمل الصالح، فكيف لنا التنازل عنه وكأنه لم يكن.
ألفاظ تخدش الحياة، تبرر لوزارة التربية والتعليم تنصيب نفسها قاضياً يصادر الماضي ويتحكم بالمستقبل ليجعل من هذه السابقة الأولى من نوعها تقليداً يحول دون حرية النشر ما لم يكن منسجماً مع هذا التوجه، بل وربما يزداد القمع ويزج بالعشرات نحو مصيرهم المجهول إذا ما فكروا في قول كلمة لا تنسجم مع الحاكم.

#حبيب_هنا (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل