|
|
بنيامين نتنياهو، الصادق البار بالكيان -الإسرائيلي-!!
سماك العبوشي
الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 00:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ نعومة أظفارنا ونحن نُلَقّن تاريخ الحركة الصهيونية، متى تأسست، ومن أسسها، وكيف استحوذت على جزء من أرض فلسطين في غفلة من زمن، كنا خلالها في أوهن حالاتنا، إلى آخر القصة الحزينة والمؤلمة بما حوته من أحداث ونكبات ونكسات ومؤامرات امتدت منذ عام 1948، مرورا بحرب حزيران 1967، وما تلاها من حرب تشرين 1973، وصولا لاتفاقيات كامب ديفيد التي أخرجت مصر من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي، وقزّمت دورها عربيا، وهمّشته أفريقيا ودوليا، وما تلاه بعد ذلك من اتفاقيات أوسلو التي تنازلت فيها منظمة التحرير الفلسطينية عن سلاح المقاومة، وانخرطت بالعمل السياسي، معترفة بالكيان "الإسرائيلي" دون أي منجزات تذكر لشعب فلسطين!!
أقول بأن كل ذلك لعمري وغيره من الاحداث نعلمه جيدا، لكننا والله وتالله وبالله نجهل تماما، أو نتجاهل ونتغافل عن التفكر والتدبر في كيف تطورت الاحداث بعدها الى ما نراه اليوم من تطبيع بعض أنظمة عربية مع الكيان الغاصب، لتمتد بعدها أصابع الكيان "الإسرائيلي" لتعبث في مقدرات ومصير دول الطوق العربي، متسببة في عدم استقرارها، وذلك بمعاونة ومساندة بعض سقط متاع من أبناء جلدتنا من أصحاب المصالح الفئوية الضيقة الذين باعوا ضمائرهم لقاء وعود دنيوية حقيرة، وفرّطوا بأوطانهم ومصير شعوبهم وراحوا ينفذون للكيان "الإسرائيلي" ما يحقق مشاريعه وأجنداته المتمثلة بعدم استقرار بلدانهم، تماما كما نراه اليوم في سوريا، اليمن، السودان، ليبيا، وأخيرا وليس آخرا ذاك الذي جرى مؤخرا في الصومال!!
وإزاء ما نراه اليوم من أحداث مريبة مؤسفة وعدم استقرار وتغول "إسرائيلي" في عالمنا العربي عموما، وما يسمى (دول الطوق العربي) تحديدا، فإن تساؤلا منطقيا يطرح نفسه بقوة: ما السر الكبير الذي يخفيه النتن ياهو الذي يفسر سبب إصراره وتشبثه بتفجير الأوضاع في دول الطوق العربي، وعدم انصياعه لقرارات مجلس الأمن، وعدم اكتراثه بقرارات محكمة العدل الدولية، والتي راح المحللون السياسيون العرب يبررون له سياساته تلك ويصفونها بأنها هروب منه للأمام بذريعة قضايا فساد تطاله داخل الكيان "الإسرائيلي"!!؟
وللإجابة عن هذا التساؤل الخطير والهام وغيرها من تساؤلات قد تطرأ في أذهانكم بهذا الشأن، نقول بأن ما يجري اليوم في منطقتنا العربية عموما، وفي دول الطوق العربي تحديدا، إنما تمت صياغة مجرياته قبل ثلاثة عقود - في وقت كانت أنظمتنا العربية في غفلة تامة وسبات عميق عما يجري من حولها!!- ، في كتاب كان قد أصدره النتن ياهو عام 1993 بعنوان "مكان بين الأمم – (إسرائيل) والعالم" والذي كان يخفي بين سطوره ما يشبه (الخطة الزرقاء) لشكل ومستقبل منطقتنا العربية، ومن يقرأ ما طرحه من أفكار وطروحات قبل ثلاثة عقود فإنه يكاد يسمع نشرات الاخبار وتحليلات الصحف اليومية الصادرة هذه الأيام!!
لم تكن صفحات (الكتاب الأزرق) للنتن ياهو مجرد أفكار سياسية عابرة، أو عبثا ولهوا فكريا، بل كانت أشبه ببيان استراتيجي لخريطة طريق لمشاريع (إسرائيل الكبرى) في المنطقة العربية، حيث شملت أفكارا سياسية لكيفية تحقيق ذلك المشروع وذلك من خلال التوسع خارج أرض فلسطين، بعد إنهاء سيطرة الكيان "الإسرائيلي" على مجمل الأراضي الفلسطينية التي تديرها السلطة الوطنية الفلسطينية بعد تهميش دورها وجعلها أداة طيعة لتحقيق أمنها واستقرارها، كما ضمّت تهديدات أمنية، ورسمت مستقبل الصراعات وصولا لشكل التحالفات التي بتنا نراها اليوم عام 2025، وأن السلام الحقيقي "لإسرائيل" من وجهة نظر النتن ياهو يأتي عبر القوة العسكرية والسيادة المطلقة، رافضًا التنازلات التي جرت في مفاوضات أوسلو، وداعيًا لـ " قلب حقيقة السبب والمسبب" في الصراع، وتأسيس جيش قوي لمواجهة المحيط العربي، معتبراً بأن "إسرائيل" قوة لا يمكن تجاهلها أو استسلامها، وهو ما يُعدّ مرجعاً لفهم سياساته اللاحقة التي نفذها منذ تبوأ منصب رئاسة الوزراء لأول مرة عام 1996 حتى عام 1999، ثم عاد ثانية ليشغل منصب رئاسة الوزراء للمرة الثانية 2009 وحتى 2021، وأخيرا عاد لرئاسة الوزراء عام 2022 حتى يومنا هذا، خاصة فيما يتعلق بالضم والاستيطان وتحدي "حل الدولتين"، وبذلك فلقد أصبح الكتاب مرجعاً لفهم دوافع النتن ياهو ومواقفه العدائية وتصميمه على مواصلة الحرب طيلة 17 عاما هي مجموع مدة ترأسه للحكومة "الإسرائيلية"، كونه يعكس رؤيته الأيديولوجية التي لا تتغير، ويقدم رؤية واضحة لشخصية نتنياهو وأفكاره اليمينية المتطرفة، وهو ما يفسر سياساته الحالية حسبما يرى المحللون.!!
لقد أجاد النتن ياهو اللعب بالورقة الطائفية (المذهبية والاثنية) في معظم دول الطوق العربي، فمدّ يده لقادة تلك الطوائف واشترى ولاءاتهم مقابل وعود تافهة بنصرتهم وتمكينهم، فكانوا أذرعا للكيان "الإسرائيلي" راحت تعبث باستقرار بلدانهم، وليس هذا فحسب، بل واستطاع الكيان "الإسرائيلي" من الهيمنة على قادة أنظمة عربية بعينها والتنسيق معها لتكون عونا له في بسط نفوذه في منطقتنا العربية ومده بأسباب المنعة والقوة على حساب رغبات وتطلعات أبناء شعوبهم كالإمارات العربية على سبيل المثال لا الحصر، وهكذا يتضح لنا بأن النتن ياهو لم يكن يتنبأ بما يجري اليوم من أحداث، بل كان يخطط له منذ ذلك الوقت قبل ثلاثة عقود مضت، وهذا لعمري هو الفرق بين النتن ياهو الذي سعى منذ 1993 لكتابة رؤاه ومخططات وأحلام كيانه الغاصب، ومن ثم سعيه الدؤوب ودون كلل لتنفيذها على الواقع طيلة 17 عاما من مجمل سنوات رئاسته للحكومة، وبين أصحاب الحق والأرض من قادة أنظمة عربية وإسلامية تغافلوا عما يُخَطَطُ لهم ولبلدانهم وانشغلوا بالاقتتال والاختلاف والصراع من أجل كراس وعروش، متجاهلين مستقبل شعوبهم وأوطانهم!!
ولمن لم يسمع بهذا الكتاب الخطير الذي صار مرجعا للكيان "الإسرائيلي" لتنفيذ طروحاته، فأدناه أبرز المحاور والأفكار: • رفض "الاستسلام" الصهيوني: يرى نتنياهو أن "إسرائيل" لا ينبغي أن تخضع لضغوط السلام أو الحلول الوسط، ويهاجم "التخلي عن الصهيونية" التي تدعو للتنازل عن الأرض!!. • القوة هي الضمان: يؤكد نتنياهو بكتابه هذا بأن القوة اليهودية المطلقة هي السبيل الوحيد لضمان وجود "إسرائيل" وتغلبها على أعدائها، وأنها يجب أن تكون قوة عسكرية وسياسية لا تقهر!!. • قلب العلاقة بين "السبب والمسبب": أي أنه سعى لقلب السردية التقليدية للصراع، فيصور "إسرائيل" كضحية مسكينة تحتاج للقوة، وليس كقوة احتلال، ويطالب العالم بالتعامل مع "إسرائيل" كقوة رئيسية!!. • الجدار الواقي وحصان طروادة: يقدم استراتيجية عسكرية وسياسية (مثل بناء الجدار، وتوظيف القوة اليهودية) لضمان التفوق والسيطرة، ورفض فكرة "حل الدولتين" التي يراها خطراً على وجود "إسرائيل"!!. • تحذير من "سلام الزيف": يعتبر نتنياهو أن اتفاقيات السلام (مثل أوسلو) هي وهم يهدف لاستنزاف "إسرائيل"، وأن "السلام الدائم" لن يتحقق إلا بانتصار "إسرائيل" وحسم الصراع لصالحها، ويبرر سياسات الضم والاستيطان، ورفض إقامة دولة فلسطينية، وهو ما يفسر أيضا رفضه لأي تنازلات تتعلق بالقدس واللاجئين.!!
إن ما يؤكد حقيقة تنفيذ الكيان "الإسرائيلي" لما ورد من أفكار طرحت بكتاب النتن ياهو المنوه عنه آنفا ما نراه اليوم: أولا – في فلسطين: لقد أضعفت اتفاقية أوسلو وهمّشت دور منظمة التحرير الفلسطينية، مقابل تضخيم دور السلطة الوطنية الفلسطينية لتكون أداة لتكريس وتعميق الاحتلال والتوسع في الاستيطان وقضم الأراضي، وبذلك تحولت السلطة الفلسطينية الى وكيل ثانوي لمصالح الكيان "الإسرائيلي" السياسية والاقتصادية والأمنية، وبالتالي منع تحولها الى محطة انتقالية نحو الاستقلال وبناء دولة فلسطينية مستقلة كما تم ذكره ببنود اتفاقيات أوسلو ذاتها!!. كما واستخدمت هذه الاتفاقية وما تلاها من اتفاقيات بما فيها اتفاق باريس الاقتصادي، كوسيلة من وسائل التخلص من أعباء الاحتلال، ونجحت في ذلك بحيث تحول الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 الى أرخص احتلال عرفه التاريخ الكولونيالي على الاطلاق!! لقد تحققت مطامح ورؤى صاحب كتاب "مكان بين الأمم.. إسرائيل والعالم" إلى حد كبير بشأن تهميش قضية فلسطين، فهي تجاوزت ما سُمّي اتفاق أوسلو، وما وصف بقضايا الحل النهائي أي (الحدود والقدس واللاجئين)، كما ولم يتخل نتنياهو عن الثوابت التي وضعها في كتابه "مكان بين الأمم"، إذ أن بدء المفاوضات غير المشروطة يحمل شرطين أساسيين: الأول... إصرار نتنياهو على عدم عودة أي لاجئ إلى "الأراضي الإسرائيلية"، ورفضه القاطع مطالبة الفلسطينيين بعودة اللاجئين!!. الثاني ... الترتيبات الأمنية التي يعتبرها نتنياهو أساس وجود "إسرائيل" على المدى الطويل، وبالتالي فقد طالب بنزع السلاح من الضفة الغربية، وهذا ما نفذه الكيان "الإسرائيلي" بمعاونة السلطة الوطنية الفلسطينية!! وليس هذا فحسب، بل وعارض نتنياهو كليا قيام دولة فلسطينية، فهو يرى "أنّ المطالبة بقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية تتعارض كلياً مع السعي لتحقيق سلام حقيقي، إذ أن وجودها يضمن حالة عدم استقرار ونزاع مستمر، تؤدي في النهاية الى حرب حتمية"؛ وبالتالي يرى أن الحل "يتمثل بإقامة دولتين: دولة يهودية للشعب اليهودي المقيم غرب نهر الأردن، ودولة عربية للشعب العربي الذي يقيم معظمه شرقي النهر"، بل ويمانع نتنياهو ويرفض أن يطالب الفلسطيني بدولة، وحدد له مطالبه بمطالب مدنية تحت حكم يهودي، إذ أن "الفلسطيني الذي اختار العيش في الضفة الغربية، يجب عليه الاعتراف بحقيقة أنه اختار أن يكون أقلية في منطقة خاضعة لسلطة الدولة اليهودية، ولا يحق له المطالبة بدولة فلسطينية ثانية في الضفة الغربية، مثلما لا يحق لعرب "إسرائيل" المطالبة بدولة فلسطينية ثالثة في الجليل ورابعة في النقب"، على حد تعبيره، مضيفا: "إن الموضوع الذي يجب مناقشته والتفاوض بشأنه مع عرب الضفة الغربية هو مسألة صفتهم المدنية، وليس مطالبتهم بالسيادة العربية على هذه المناطق الحيوية لمستقبل (إسرائيل)"!!
ثانيا – في سوريا : بعد أن احتلت "إسرائيل" هضبة الجولان السورية خلال حرب الأيام الستة 1967، واتفاق الهدنة السورية "الإسرائيلية" الأساسي (اتفاق فك الاشتباك عام 1974 الذي جاء بعد حرب أكتوبر 1973)، فقد استمر احتلال "إسرائيل" للجولان برغم اتفاق فك الاشتباك ذاك، ثم أعلنت "إسرائيل" انهيار الاتفاق بسبب التطورات الأخيرة في سوريا، بل وراحت - بعد سقوط بشار الأسد - الى دعم ومساندة الحركات الانفصالية السورية من دروز وأكراد قسد، والعلويين، فقد نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تحقيقا مطولا عن الكيفية التي تعمل بها دولة الاحتلال "الإسرائيلي" لتقويض جهود الحكومة السورية الجديدة الوصول إلى الأسلحة، لإضعاف قدرتها على توحيد البلاد عبر دعم الدروز في سوريا وأورد التحقيق الذي أعده أربعة من مراسلي الصحيفة الأمريكية من مدينة القدس، أن استراتيجية "إسرائيل" لتنفيذ أعمالها السرية ضد الحكومة السورية تشمل دعم المليشيات الدرزية لتعزيز دورها في المنطقة ومواجهة نفوذ دمشق، إضافة إلى احتلال مناطق استراتيجية وتنفيذ ضربات جوية لمنع وصول الأسلحة إلى دمشق كي تبسط الإدارة السورية الجديدة هيمنتها. وعلى الجانب الآخر من هذه الإستراتيجية، فقد دعمت "إسرائيل" الشخصيات الدرزية مثل حكمت الهجري الذي دعا إلى الانفصال وتأكيد الحكم الذاتي للدروز، حيث حصل على دعم "إسرائيل" في هذا المسعى. وذكر التحقيق أن الهجري أعد خرائط لدولة درزية مقترحة تمتد إلى العراق وعرضها على حكومة غربية كبيرة واحدة على الأقل في أوائل 2025. !! وعلى المستوى الحكومي، أفاد حسون حسون، العميد "الإسرائيلي" السابق والسكرتير العسكري في مكتب الرئاسة، والذي شارك مباشرة في جهود الدعم، إن وحدة "تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" (كوغات) التابعة لوزارة الحرب، أنشأت مكتبًا إداريًا جديدًا لتنسيق إيصال المساعدات الإنسانية وغيرها إلى الدروز السوريين، بما في ذلك الأسلحة الخفيفة، وقاد حسون، وهو درزي إسرائيلي مقرّب من الشيخ حكمت الهجري، تيارًا داخل المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" دعا إلى توسيع نطاق الدعم للدروز السوريين وتحويلهم إلى قوة وكيلة مسلحة تخدم المصالح "الإسرائيلية" في سوريا، وقال في مقابلة صحفية: "يتعيّن على (إسرائيل) الانتقال إلى مستوى أعلى، والتصرف كقوة استراتيجية تبني تحالفات مع أطراف ووكلاء محليين، وتحولهم إلى جهات موالية لها، وتكون في المقابل وفية لهم"!!! وما يجري من تنسيق بين الكيان "الإسرائيلي" والانفصاليين الدروز بقيادة حكمت الهجري، فهناك أيضا تنسيق آخر في شمال شرق سوريا، بين "قسد" وبين الكيان "الإسرائيلي"، ولعل أبرز أسباب ذلك الدعم والتنسيق بينهما يكمن في رغبة الكيان "الإسرائيلي" وسعيه لإضعاف وحدة الأراضي السورية من خلال دعم إنشاء كانتونات في سوريا سواء كانت كردية أو درزية أو غيرها، مما سيؤدي إلى تعميق الانقسام داخل سوريا وبالتالي إضعافها، وهو هدف تسعى له “قسد” لتكرار شيء من تجربة إقليم كردستان العراق، وهذا في النتيجة يُؤدّي إلى سوريا ضعيفة ومجزَّأة عرقياً وإثنياً فضلاً عن أن مواردها الاقتصادية الهامة -مثل النفط والغاز- ستظلّ بيد "قسد"!!
ثالثا - ما يجري في السودان من اقتتال واحتراب وعدم استقرار سياسي بقيادة الانفصالي حميدتي المدعوم إماراتيا و"إسرائيليا"، والكل يعلم أن عدم استقرار السودان يعني تهديدا للأمن القومي المصري، وهو أمر ليس بالجديد ولا يخفى عليكم ولا داعي للإسهاب به!!
رابعا - ما يجري في ليبيا من زعزعة أمن وعدم استقرار واقتتال يقوده الانفصالي اللواء حفتر وبدعم مباشر مفضوح من قبل الامارات، مما يؤثر سلبا على أوضاع مصر ويهددها!!
خامسا – وأخيرا وليس آخرا ... الصومال: كشف قرار الكيان الصهيوني الاعتراف بـ"أرض الصومال" (صوماليلاند) عن سعي تل أبيب إلى إيجاد موطئ قدم عسكري واستخباري جديد في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، في ظل تداعيات حرب الإبادة في غزة والضغوط المتزايدة التي تفرضها عمليات جماعة أنصار الله في البحر الأحمر. ويُنظر إلى خطوة الاعتراف على أنها ثمرة خطة طويلة الأمد تشكّلت داخل المؤسسات الأمنية ومراكز التفكير الاستراتيجي في تل أبيب، قبل أن تكون مخرجًا سياسيًا آنيًا، ففي مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول 2024، وصف تقرير صادر عن "معهد دراسات الأمن القومي (الإسرائيلي)"، الذي يترأسه رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، تمير هايمان، صوماليلاند صراحة بأنها "شريك استراتيجي محتمل".
وأشار التقرير إلى أن المنطقة تحتل موقعًا بالغ الأهمية من حيث أمن الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، وجمع المعلومات الاستخبارية، والدعم اللوجستي العسكري، وإعلان قرار الاعتراف بعد أسابيع قليلة فقط من هذا التقييم أكد أن الخطوة لم تكن وليدة الصدفة، كما أن البحر الأحمر - من منظور تل أبيب - لا يُعد مجرد ممر تجاري، بل يشكل شريانًا حيويًا يمر عبره نحو 12 % من التجارة البحرية العالمية، وقرابة ربع شحنات النفط، وبالتالي فإن السيطرة على ممرين ضيقين مثل باب المندب وقناة السويس تعني امتلاك أفضلية استراتيجية قادرة على التأثير في كامل هذا الخط، كما يعتبر ميناء بربرة ومحيطه قادران على خدمة أهداف "إسرائيلية" متعددة، من جمع المعلومات الاستخبارية، ودعم العمليات البحرية والجوية، ومراقبة شحنات السلاح، وصولًا إلى توفير قدرة هجومية عند الحاجة!!.
ولا تقتصر أهمية صوماليلاند على بعدها الجغرافي فحسب. فهذه البنية غير المعترف بها دوليًا، وبسبب سعيها للاستقلال، توفر أرضية سياسية منفتحة على الدعم الخارجي، وتسعى تل أبيب إلى استغلال هذه الهشاشة من أجل ترسيخ وجود عسكري واستخباري، وكذلك ضم المنطقة إلى سلسلة ما يُعرف بـ"اتفاقيات إبراهيم"، بل إن نقاشات أُثيرت حول احتمال فتح المجال أمام سيناريوهات ترحيل سكان غزة، في إطار هذا التوجّه!!.
هذا هو باختصار شديد بنيامين نتنياهو، الصادق البار بكيانه الإسرائيلي الغاصب، حيث كتب كتابه "مكان بين الأمم – إسرائيل والعالم" ونشره عام 1993، ثم نفذ ما رسمه وطرحه من رؤى بمنتهى الحرص والأمانة والمصداقية طيلة ثلاث فترات رئاسته للحكومة "الإسرائيلية"، فما الذي قدمه قادة أنظمتنا العربية والإسلامية لمجابهة وإجهاض تلك المخططات يا ترى!!؟ وبشكل أدق: هل قرأ أحدهم أو أحد مستشاريهم أو معاونيهم كتاب النتن ياهو المشار إليه آنفا!!!؟ مجرد تساؤل برئ.
وعن قادة الأنظمة العربية والإسلامية، فقد قال تعالى في سورة التوبة، الآية 46: " وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ". وقال تعالى في سورة الحجر: " فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)". 30/12/2025
#سماك_العبوشي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أما آن لنا استثمار عزلة الكيان الإسرائيلي!!
-
ما عجز عنه النتن ياهو حققه له ترامب وبمباركة عربية إسلامية!!
-
قد فرطتم بفلسطين فاحرصوا على أوطانكم!!
-
دونالد ترامب: تاريخ حافل في خدمة إسرائيل!!
-
توني بلير ... الوسيط غير المحايد!!
-
هل يصدق ترامب هذه المرة!!
-
هل استؤصلت جينات الكرامة من قادة العرب!!
-
المتغطي بالأمريكان عريان!!
-
رسالة مفتوحة الى الغيارى من أبناء فلسطين!!!
-
لا أستبعد أبدا هذا السيناريو الخبيث بحق غزة!!
-
لست واهما، فهكذا فقط سنعود لسابق مجدنا وعزنا!!
-
السلطة الفلسطينية بين (النوم في العسل) و(جزاء سِنمار)!!
-
رسالة محبة مفتوحة لبعض الأصدقاء من أبناء غزة الكرام: ما لكم
...
-
هل فقدنا نخوة العروبة وتلاشى الإسلام من قلوبنا!!
-
ردا على دعوات إخراج حماس من غزة!!
-
ليست إسرائيل الملامة بل أنظمة العار العربية!!
-
حذار ثم حذار ... فبلاد العُرْبِ على خطى فلسطين إنْ لَمْ!!
-
متى ستعي سلطة عباس حقيقة الكيان اللقيط!!
-
إنصافٌ لشعب فلسطين أم إذعانٌ لإسرائيل!!
-
الى قادة أنظمتنا العربية: هكذا ألجموا أطماع ترامب!!
المزيد.....
-
الإمارات تعلن إنهاء وجودها العسكري في اليمن
-
هل تعزّز الساونا صحتك فعلاً؟
-
كأس أمم أفريقيا: الجزائر تواجه غينيا الاستوائية في مباراة شك
...
-
كيف جاءت بيانات 4 دول خليجية عن تطورات الأوضاع في اليمن؟
-
من هي الأطراف الفاعلة عسكريا وسياسيا في اليمن؟
-
زيلينسكي يريد -ضمان- قوات أميركية وقصف روسي أوكراني متبادل ب
...
-
وكيل وزارة الإعلام اليمنية: نتمنى أن يكون انسحاب الإمارات حق
...
-
في مشهد غريب.. تشكّل 3 أعاصير مائية سويًا قبالة ميناء إسباني
...
-
غينيا: قائد المجلس العسكري مامادي دومبويا يفوز برئاسة البلا
...
-
واشنطن تراجع ملفات مواطنين أمريكيين من أصول صومالية تمهيدا ل
...
المزيد.....
-
صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة
/ محمد حسين النجفي
-
الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح
...
/ علي طبله
-
الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد
...
/ علي طبله
-
الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل
...
/ علي طبله
-
قراءة في تاريخ الاسلام المبكر
/ محمد جعفر ال عيسى
-
اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات،
...
/ رياض الشرايطي
-
رواية
/ رانية مرجية
-
ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان
...
/ غيفارا معو
المزيد.....
|