أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏الفقر والقهر… بوابتان لتسلل التطرف واستغلاله















المزيد.....

‏الفقر والقهر… بوابتان لتسلل التطرف واستغلاله


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8570 - 2025 / 12 / 28 - 03:10
المحور: قضايا ثقافية
    



‏مقدمة

‏تُعد ظاهرة التطرف من أكثر القضايا المؤثرة في الاستقرار الاجتماعي والسياسي في العالم المعاصر. على الرغم من اختلاف تعريفات التطرف بين كونه فكرًا سلبيًا أو ممارسة عنيفة، فإن الباحثين يتفقون على أن الظاهرة ليست نتاجًا لفكرة واحدة أو سبب وحيد، بل هي نتاج تفاعل مركّب لعوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية وفكرية.

‏يتناول هذا المقال العلاقة بين الفقر والقهر من جهة، وبين التطرف والإرهاب من جهة أخرى، كما يتطرق إلى بعض الطرق التي يمكن أن تستغل بها أجهزة المخابرات والدولة هذا التوتر الاجتماعي لأغراض سياسية أو استخباراتية.


‏---

‏1. العلاقة بين الفقر والتطرف: تحليل الأسباب والآليات

‏1.1 الفقر كبيئة مؤهّلة للتطرف

‏يربط كثير من الباحثين بين الفقر المتفشّي في المجتمع وبين قابلية أفراده للانخراط في الجماعات المتطرفة، إن لم يكن كسبب مباشر، فعلى الأقل كعامل يُسهِّل عملية التجنيد والاستقطاب.

‏تُمكّن الظروف الاقتصادية الصعبة الجماعات المتطرفة من استقطاب الأفراد عبر تقديم امتيازات ودعم مادي أو اجتماعي، وهو ما تجلى في عدة مناطق مثل ريف أفغانستان وجنوب الصومال، حيث استغلت الجماعات المسلحة ضعف الخدمات وفرص العمل في جذب المجندين.

‏الفقر لا يعتبر سببًا وحيدًا أو كافيًا للتطرف، لكنه قد يُعزّز الشعور بالظلم واليأس والحرمان، ما يجعل بعض الفئات أكثر عرضة للروايات المتطرفة التي تعد بتغيير جذري للأوضاع.


‏1.2 نتائج البحوث الأكاديمية حول الفقر والتطرف

‏الدراسات العلمية أظهرت نتائج مختلطة حول هذه العلاقة:

‏بحث أكاديمي يشير إلى أن خفض الفقر أو تحسين التعليم وحدهما قد لا يقلّل من الإرهاب الدولي بشكل مباشر، وأن الشعور بالإهانة أو الإقصاء السياسي قد يكون أكثر ارتباطًا بعنف التطرف من الأوضاع الاقتصادية فقط.

‏ورقة بحثية بريطانية أكدت أن التميّز الاجتماعي والاقصاء السياسي يساعدان في تفسير لماذا تستطيع الجماعات المتطرفة جذب دعم كبير، خاصة في المجتمعات التي تشهد ضعفًا في خدمات الحكومة ووصولًا محدودًا للعدالة والفرص.



‏---

‏2. القهر السياسي والاجتماعي كعامل محفّز للتطرف

‏2.1 مفهوم القهر وتأثيره النفسي والسياسي

‏القهر هنا يُفهم على أنه إحساس بالعجز والظلم الناتج عن سياسات قمعية، أو تهميش أو إقصاء فئات معينة عن المشاركة السياسية والاجتماعية. هذا الإحساس يمكن أن يولّد شعورًا بالعداء، والذي تلجأ بعض الجماعات المتطرفة إلى استغلاله.

‏في سياقات الاضطهاد والعنف، يميل الأفراد إلى البحث عن تفسير أو مخرج لخيبة أملهم، وقد يقنعهم خطاب التطرف بأنه السبيل لإنهاء الظلم أو استعادة الكرامة.

‏عدم توافر العدالة، والحريات، ومشاركة فئات واسعة في صناعة القرار السياسي يؤدي في كثير من الأحيان إلى شعور بالعزلة والانفصال عن المجتمع، ما يمكن أن يُغذّي النزعات المتطرفة.



‏---

‏3. استغلال التطرف من قبل أجهزة المخابرات والمصالح السياسية

‏التطرف ليس فقط نتيجة أسباب اجتماعية أو اقتصادية، بل يُمكن استخدامه أداة سياسية أو استخباراتية في بعض السياقات:

‏3.1 لماذا تستغل بعض الجهات التطرف؟

‏الجماعات السياسية أو أجهزة المخابرات قد تُستخدم خطابات التطرف أو الخوف منه لتعزيز شرعيتها، أو تبرير سياسات قمعية، أو تقييد الحريات باسم مكافحة الإرهاب، ما يخلق حلقة مفرغة من القهر المؤسسي.

‏في بعض الصراعات، تُستغل حالة التطرف لتبرير التدخلات الأمنية، أو لإضعاف خصوم سياسيين عبر تصويرهم كتهديدات أمنية، حتى لو كانت دوافعهم اجتماعية أو احتجاجية سلمية.


‏3.2 أمثلة تاريخية وسياسية

‏على الرغم من ندرة الدراسات المفتوحة التي تكشف عن المعلومات الداخلية لأجهزة المخابرات، إلا أن الباحثين يشيرون إلى أن:

‏الدول الضعيفة أو ذات الأجهزة الأمنية القوية غالبًا ما تلقّن الروايات حول التهديد الأمني الداخلي، ما يمكن أن يقوّي من سلطات الأمن على حساب المجتمع المدني والحقوق المدنية.

‏هذا الاستغلال قد يؤدي إلى تدهور الثقة بين المجتمع والدولة، ما يزيد من الإحباط الاجتماعي ويُؤجّج المشاعر القهرية.


‏(ملاحظات من الأدبيات الأمنية والسياسية تفيد أن هذا النوع من الاستغلال يحدث في العديد من النزاعات المعاصرة، وخاصة في سياقات الصراع الداخلي، رغم صعوبة الحصول على بيانات مباشرة في هذا المجال.)


‏---

‏4. تحليل نقدي: حدود الربط بين الفقر والتطرف

‏من الضروري التأكيد على أن:

‏العلاقة بين الفقر والتطرف ليست حتمية أو خطية؛ فهناك متطرفون في طبقات وسطى أو عالية اقتصاديًا واجتماعيًا لا يمكن تفسير انخراطهم في التطرف عبر ظروف الفقر فقط.

‏المتغيرات النفسية، الهوية، التعليم، الشبكات الاجتماعية، والخطابات الأيديولوجية قد تكون بنفس القدر أو أكثر تأثيرًا من الظروف الاقتصادية وحدها.



‏---

‏5. توصيات سياسية ومنهجية لمعالجة الجذور

‏معالجة ظاهرة التطرف تتطلب:

‏1. تعزيز العدالة الاجتماعية عبر سياسات تضمن فرص العمل، التعليم، والخدمات الأساسية للفئات المهمشة.


‏2. خطاب سياسي واجتماعي منفتح يدمج المجتمعات المختلفة ويعالج الإقصاء والتمييز.


‏3. إصلاح أنظمة الأمن والاستخبارات بحيث تكون خاضعة للرقابة والمساءلة، وتعمل وفق حقوق الإنسان، لا استغلال المخاوف الأمنية لأغراض سياسية.


‏4. برامج مجتمعية للوقاية من التطرف تشمل التعليم النقدي، الدعم النفسي، وتمكين المجتمعات المحلية.




‏---

‏خاتمة

‏يمكن القول إن الفقر والقهر يكشفان عن بيئة خصبة قد تُسهّل تنامي التطرف إذا لم تُعالَج سياسياً واجتماعياً. لكن التطرف في جوهره أكثر تعقيداً من أن يُحصر في عامل اقتصادي واحد، فهو تفاعل بين عدة مؤثرات تشمل البنى السياسية، الهوية، التعليم، وشبكات الدعم الجماعي.

‏النظرة العلمية تُظهر أن الفقر يمكن أن يكون عامل دفع وليس سببًا مباشرًا وحيدًا للتطرف، وأن السياسات الأمنية وحدها لا تكفي إذا لم تُرافقها سياسات تنموية واجتماعية شاملة.


‏---

‏المراجع

‏1. تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية على معدلات التطرف والإرهاب – دراسة علمية.


‏2. Poverty, Development, and Violent Extremism in Weak States – تحليلات بروكينغز حول عدم وجود علاقة مباشرة بسيطة بين الفقر والإرهاب.


‏3. تحليل الصلة بين الفقر والتطرف والإرهاب – شهادات حالات من طالبان وحركات أخرى.


‏4. مراجعة الأدبيات البريطانية عن دوافع التطرف وعوامل الاقصاء الاجتماعي.


‏5. تحليل نقدي لعلاقة الفقر بانتشار التطرف في مجتمعات إفريقيا وغيرها.


‏6. Poverty and Terrorism: How Economic Inequality Fuels Extremism – دراسة توضح كيف يمكن للظروف الاقتصادية أن تُستخدم في تجنيد المتطرفين.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏الرغبة الهيدونية ودورها في تعزيز القيادة ‏
- ‏التحديات التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2026
- ‏السياسة الأمنية للتاريخ الرسمي: قراءة أكاديمية في استعمال ا ...
- العنف المقدّس: قراءة تاريخية نقديّة
- ‏تنمية الذاكرة المجتمعية: مقاربة أكاديمية في المفهوم والآليا ...
- مخاطر الخطاب الطائفي على السلم المجتمعي والوطن
- ‏مدونة سلوك متقدمة للشركات النفطية
- ‏في دولة الفساد: التجاوزات بحجم الصمت
- أشكال الفساد العصرية المواكبة للتكنولوجيا وعصر المعلومات
- التداخل بين الكوميديا والمأساة في مسرحية «البخيل» لموليير
- ‏هل مهد الفكر الإغريقي لظهور الأديان؟ دراسة تحليلية ‏
- ‏المذاهب الفلسفية لإخوان الصفاء وخلان الوفاء
- التعامل مع الشخصية النرجسية
- ‏دراسة معمقة لمسرحية -الضفادع- لأريستوفانيس: الأفكار والرسائ ...
- ‏التسول الإلكتروني وأشكاله: دراسة تحليلية أكاديمية ‏
- إيّاك ومعاشرة الأحمق… فإنّه حين يريد أن ينفعك يضرّك
- ‏التعامل مع الشخصيات الصعبة ‏
- ‏هل يتميز التعامل مع النساء بعدم اليقين؟
- ‏الدعارة الإلكترونية وأشكالها: دراسة أكاديمية تحليلية
- ‏الاستراتيجيات والأدوات والأطر المفاهيمية اللازمة لإدارة الم ...


المزيد.....




- فيديو بالذكاء الاصطناعي لرهينة غزة الأخير يوجّه رسالة إلى تر ...
- -لا يوجد أي تاريخ لتنظيم داعش بالمنطقة-.. سكان قرية نيجيرية ...
- هدوء حذر شرقي الكونغو مع استمرار سيطرة -إم 23- على أوفيرا
- نتنياهو يتوجه لأميركا بزيارة ستبحث اتفاق غزة وضرب إيران
- سوريا.. جريمة مروعة في -حي البياض- والأمن يكشف نتائج التحقيق ...
- بعد رسالة وزير دفاع السعودية.. تحذير مباشر من تحالف -الشرعية ...
- جامعة جورج تاون تقطع علاقتها مع ألبانيزي وتزيل اسمها من قائم ...
- بدء انتخابات عامة في ميانمار الأحد، هي الأولى منذ الانقلاب ا ...
- مصرع شخصين جراء عواصف شديدة تضرب دول شمال أوروبا
- قبل انتهاء المهلة.. بورتسودان تواصل رفض خطة -الرباعية-


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏الفقر والقهر… بوابتان لتسلل التطرف واستغلاله