أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد السلام انويكًة - تازة .. ذلك الوعاء الأثري المتفرد ..















المزيد.....

تازة .. ذلك الوعاء الأثري المتفرد ..


عبد السلام انويكًة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 16:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تراث تازة المادي التاريخي وما هناك من شواهد تخص ماضيها عبر العصور، فضلا عما هناك من أثر يهم موضع المدينة عن فترة ما قبل التاريخ، كان موضوع حفريات مؤسِّسة أعدها عسكريون فرنسيون عن مصلحة الشؤون الأهلية الفرنسية بالمغرب زمن الحماية، تلك التي لا تزال معطياتها الأركيولوجية مع الأسف هي المتداولة دون أي تحيين منذ أكثر من مائة سنة. شأن تراث المدينة هذا بقدر ما هو عليه من زخم وتفرد ومستويات، بقدر ما يُطرح حول استدامته وما ينبغي من إجراء أثري وقائي حماية لهذا الإرث، وتجاوزا لِما يهدده من عوامل اتلاف وصور لامبالاة وتدهور محيط وردم وتشويه. فضلا عن سؤال درجة الوعي والمعرفة به من قبل الجهات الوصية وكذا مدبري الشأن المحلي، من أجل ما ينبغي من تدخل استباقي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، علما أن هذا التراث كنوز بشرية بقيمة لا تقدر بثمن، يمكن أن تكون بأدوار رافعة، إن هي حظيت بما يجب من عناية وإعداد جيد وتهيئة وحماية وحسن إدماج فيما هو منشود من تطلعات.
ولعل الحديث عما ينبغي من وقاية وإنقاذ، يخص تراث تازة المادي التاريخي وما يمكن أن يكون مغمورا مطمورا منه في عدد من الأمكنة على مستوى محيط المدينة واجرافها وكهوفها، فضلا عن باقي الأثر الذي لا يعرف عنه شيئا والذي قد يكون تعرض لطمر وتشويه حديث، متأثرا بما شهدته المدينة من زحف عمراني وتهيئات وشق طرق وبناء فضاءات وإعادة بناء، وغيرها من الأوراش الحضرية التي بعيون مهتمين من شأنها تعريض الأثر البشري التاريخي للهشاشة. وغير خاف ما أحيط به مجال التراث الثقافي والأثري بالمغرب خلال العقدين الأخيرين، من تأطير قانوني وتثمين ودعوة للحماية رفعا لكل ضرر وتشويه وخطر زوال. ولعله ما حضر في انشغالات مكونات المجتمع المدني التازي على الأقل منذ تسعينات القرن الماضي، عبر ما عقد من ندوات ونظم من ملتقيات من قبيل الملتقى الوطني الأول للمدينة العتيقة قبل حوالي ربع قرن، والذي بقدر ما أطره باحثون أثريون من طراز رفيع بشهادة الأرشيف، بقدر ما انتهى بجملة توصيات ومقترات بقدر عال من الأهمية صوب حفظ تراث المدينة. دون نسيان ما اشتغل عليه الفعل الصحفي المحلي آنذاك ولا يزال من خلال عشرات المقالات عبر صفحات عدد من اليوميات المغربية.

إن ما هناك من وضع يخص الأثر التاريخي المادي بتازة العتيقة، وما هناك من إتلاف بعدد من نقاطه، والتي منها على سبيل الذكر شبكة ما سمي زمن الحماية ب"كيفان بلغماري" التي برمزية واحالة متفردة عن زمن المدينة القديم، وكذا ما هناك من تخريب ومظاهر اهمال ولامبالاة أمام أعين الجميع، من شأنه أن يسهم في اختفاء ما هناك من مواقع أثرية والتي هي بمثابة رأسمال ثقافي وانساني محلي. ولعل واقع الحال هذا يدعو قبل فوات الأوان لوقفة والتفات من قبل الجميع كل من موقعه، بما في ذلك الورش البحثي الأركيولوجي الوطني، ولِما لا إعلان حملة مع زيارات ميدانية لجرد وتحديد ما هناك من أثر تاريخي حضاري معرض للطمس، من قبيل مثلا الخندق (المريني) الذي لم يتبق منه سوى ما يشهد عليه وقد يصبح في خبر كان اذا استمر الردم والإهمال على ما هو عليه، بعدما كان يمتد من مشارف واد تازة (الهدار) غربا حتى محيط الحصن السعدي (البستيون) شرقا ذات يوم. ناهيك عما هناك من إتلاف وتشويه وطمر بالأتربة المستعملة ومخلفات أوراش البناء من هنا وهناك، والتي يتعرض لها جانبا مهما من اسوار تازة المرينية غير بعيد عن البرج الملولب الذي بمشهد مثير للشفقة، من شدة ما بلغه ومعه جواره الأثري من إهمال وعبث. دون نسيان أيضا ما حصل من زحف اسمنتي عمراني حديث، على حساب مقومات تراث المدينة ممثلا في أسوارها التاريخية في تحد واضح للقوانين المنظمة لهذا الشأن.
فأي حفظ لهوية تازة الأثرية والحالة هذه، في غياب ما ينبغي من فعل وقائي أثري، والذي ليس من مهمة الدولة لوحدها ممثلة في مصالحها القطاعية الوصية، بل أيضا ما يجب أن يسهم به الشركاء المعنيين على المستوى المحلي، من قبيل الهيئات المنتخبة والمجتمع المدني والإعلام والمدرسة والأسرة ..الخ. ثم أي أثر لتصنيف تازة تراثا وطنيا قبل عدة سنوات إن لم يفرز هذا القرار عمليا ما من شأنه المواكبة والتتبع وحماية ووقاية تراث المدينة الذي يذوب أمام أعين الجميع، ولِما لا فتح ورش حفريات بتعاون مع المعهد الوطني لعلوم التراث والآثار، والاستفادة من خبرة وتجارب وتراكم الباحثين الأركيولوجيين المغاربة النظرية والميدانية، والتي من شأنها تأطير المواقع الأثرية المحلية تأطيرا علميا وبخاصة منها التي هي مثار جدل، وفق ما ينبغي من معطيات دقيقة بعيدا عن الإنشاء المتداول، مع رفع سقف العناية والوعي بما تحتويه المدينة من كنوز أثرية وتحف، رافعة لتطلعات تصنيفها تراثا إنسانيا من قبل منظمة اليونيسكو. بل من شأن الفعل الأركيولوجي بها أن يسهم بدور كبير في أرشفة تراثها المادي، خاصة منه الذي يهم زمن ما قبل التاريخ ممثلا في تحف"كيفان بلغماري"، مستفيدا من واقع ثورة رقمية وتقنيات بحث ورصد حديث، ومن سبل استقبال البيانات وتحويلها الى منتج معلوماتي مرن من اجل كل تفاعل وتوظيف واستثمار، فضلا عن تخزين المعطيات ومعالجتها آليا وتحليلها بيانيا خدمة لِما هو منشود من تنمية ترابية محلية.
ويسجل أن ما هناك من تطلعات ورؤية مندمجة جهويا ووطنيا تروم إنماء القطاع السياحي محليا، عبر ما هناك من موارد من شأنها توسيع وعاء الإنعاش الاقتصادي بالمدينة والاقليم. يقتضي وجوبا حماية ووقاية ما هناك من تراث حضاري ضمن ما ينبغي من استدامة عوض ما هناك من واقع مهدد لوجود هذا التراث، الذي يعد من الموارد المحدودة غير المتجددة وبالتالي حتمية الاشتغال على وقايته. ولعله ما كان محور ندوة "الورش الاركيولوجي بتازة والأفق الترابي الإنمائي المحلي" التي نظمت بالمدينة خلال شهر ماي الأخير، وكان من جملة من أطرها الباحث الأثري أبو القاسم الشبري الاطار بوزارة الثقافة. مناسبة بقدر ما استهدفت لفت الانتباه لأحوال تراث تازة التاريخي، وما يطبعه من زخم قديم متفرد بحاجة لتشخيص وحفريات، بقدر ما كانت هذه الندوة غير المسبوقة في تيمتها وشجاعتها الأدبية، دعوة من أجل توسيع النقاش حول ما ينبغي من وقاية لتراث يئن تحت رحمة ربه. الى حين ما يمكن أن يسهم به المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، الذي يعلق عليه أمل تحريك الملف ضمن ما ينبغي من شركاء على المستوى المحلي وتعاون.
رئيس مركز ابن بري للدراسات وحماية التراث



#عبد_السلام_انويكًة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القفطان المغربي ذلك التراث ..
- حول الذاكرة والتاريخ وكائن السينما المغربية ..؟
- تازة : حول فن الهيت والكنوز البشرية الحية بالمغرب ..
- حول شجرة اللوز والاحتفاء بأكنول شمال المغرب ..
- في الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء بالمغرب ..
- المغرب الجامعي وأساسيات الجغرافيا البشرية ..
- أكنول : الاحتفاء بشجرة اللوز تثمين لتراث المنطقة اللامادي ..
- حول عناصر القانون الدستوري المغربي ..
- جماعة بوحلو وورش الذكاء الترابي الطبيعي ..
- الدين بين دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين ..
- بين المغرب وايران ذاكرة ومشترك تاريخي..
- حول المنتدى التربوي السنوي بصفرو في دورته 12 ..
- موسم الزهر في ربيع تازة البهي ..
- أرشيف المغرب بالمعرض الدولي للكتاب بالرباط ..
- تازة : حول موسم الزهر والربيع وشجرة النارنج ..
- حول التمثيل الدبلوماسي الأمريكي بالمغرب ..
- حول ماضي تازة المستمر ومقدسها الشعبي ..
- في حضرة سماع تازة ومديحها ..
- حول أبواب تازة .. بعض من القول عنها ..
- حول المسجد الكبير بتازة أو الجامع السلطاني ..


المزيد.....




- الحرس الثوري يعلن اعتراض سفينة نفط محمّلة بأربعة ملايين ليتر ...
- خلال العقد المقبل.. إسرائيل تخطط لاستثمار بقيمة 110 مليارات ...
- تهديدات أوروبية بالرد على فرض واشنطن عقوبات على شخصيات أوروب ...
- كأس أمم أفريقيا: ديالو يقود منتخب ساحل العاج حامل اللقب إلى ...
- الشيباني في روسيا وتأكيد على أهمية العلاقات بين دمشق وموسكو ...
- الاستعمار وأزمة القضاء في تونس
- شهيد ومصابون بجباليا والاحتلال ينسف مباني في خان يونس
- فايزر تعلن وفاة مريض بعد تلقيه دواء لعلاج سيولة الدم في تجرب ...
- دراسة: دواء فالاسيكلوفير قد يزيد تفاقم التدهور المعرفي لدى م ...
- خبراء أمميون: الحصار البحري الأميركي على فنزويلا ينتهك القان ...


المزيد.....

- معجم الأحاديث والآثار في الكتب والنقدية – ثلاثة أجزاء - .( د ... / صباح علي السليمان
- ترجمة كتاب Interpretation and social criticism/ Michael W ... / صباح علي السليمان
- السياق الافرادي في القران الكريم ( دار نور للنشر 2020) / صباح علي السليمان
- أريج القداح من أدب أبي وضاح ،تقديم وتنقيح ديوان أبي وضاح / ... / صباح علي السليمان
- الادباء واللغويون النقاد ( مطبوع في دار النور للنشر 2017) / صباح علي السليمان
- الإعراب التفصيلي في سورتي الإسراء والكهف (مطبوع في دار الغ ... / صباح علي السليمان
- جهود الامام ابن رجب الحنبلي اللغوية في شرح صحيح البخاري ( مط ... / صباح علي السليمان
- اللهجات العربية في كتب غريب الحديث حتى نهاية القرن الرابع ال ... / صباح علي السليمان
- محاضرات في علم الصرف ( كتاب مخطوط ) . رقم التصنيف 485/252 ف ... / صباح علي السليمان
- محاضرات في منهجية البحث والمكتبة وتحقيق المخطوطات ( كتاب مخط ... / صباح علي السليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد السلام انويكًة - تازة .. ذلك الوعاء الأثري المتفرد ..