أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد السلام انويكًة - حول الذاكرة والتاريخ وكائن السينما المغربية ..؟















المزيد.....

حول الذاكرة والتاريخ وكائن السينما المغربية ..؟


عبد السلام انويكًة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 18:50
المحور: الادب والفن
    


جزء هي من الهويات المحلية ومن ثمة من الهوية الوطنية، تلكم هي ذاكرة الشعوب الجماعية التي تعد من أسس كل تطور وورش اجتماعي وثقافي وكذا ترابي، لِما توفره من حمولة رافعة لكل تطلع صوب هذا وذاك من الرهان، ولِما يمكن ايضا أن تسهم به هذه الذاكرة على عدة مستويات لعل منها ما يخص الفنون ومنها السينما، وهنا يحق السؤال حول درجة تناغم الفعل السينمائي المغربي مع ما يطبع البلد من ذخائر غير خافية، والتي يمكن ان تكون موضوع اعمال درامية كبرى، من شأنها حفظ هذه الذاكرة وتوثيقها وجعلها اكثر حضورا واستمرارية وامتدادا في التنشئة الاجتماعية والثقافية، من اجل ما ينبغي من تلاقح بين سلف وخلف فضلا عن معرفة جامعة بين ماض وحاضر. مع أهمية الإشارة هنا الى أن سينما التاريخ والذاكرة وحصيلة مغرب الاستقلال لا تزال مساحة نظر وجدل، علما أن المركز السينمائي المغربي كآلية ذات صلة هو بحوالي ثمانية عقود من الزمن.
ولطالما كانت ذاكرة المغرب الوطنية في علاقتها بالدراما موضوع نقاش بين مبدعين ومثقفين واعلاميين ومهتمين، لاسيما وأن البلاد بمخزون تاريخي بقدر كبير من التفرد والخصوصية إقليميا ومتوسطيا، وأن ما هناك من ذاكرة جماعية لا تزال تؤطر وجدان وشعور المغاربة وهويتهم. ومن ثمة ما هناك من حاجة للكتابة والتأليف لإغناء ما هناك من تجارب، من اجل نصوص رافعة لسينما الذاكرة الوطنية بالمغرب، فضلا عما ينبغي من نقاش بين سينمائيين وباحثين أكاديميين مغاربة، في أفق الممكن من الاشتغال ضمن رؤية استشرافية من شأنها حسن استثمار كنوز ذاكرة البلاد التاريخية كتراث رمزي، لتجاوز ما هناك من خجل يخص موقع الذاكرة والتاريخ في الدراما المغربية، وجعل هذه الأخيرة بأثر داعم رافع لفهم ما حدث بعيدا عن السرد، من خلال ما ينبغي من زمن تاريخي ومن تأطير عبر زمن سينمائي. ومن ثمة ما يمكن ان يسهم به الفعل الدرامي الوطني، على مستوى ليس فقط احياء وحفظ هذه الذاكرة انما أيضا الوعي بها لفائدة راهن البلاد وتطلعاتها. ولعل بقدر ما هناك من تحديات تخص بلوغ المنشود من الاعمال السينمائية في هذا الشأن، بقدر ما هناك من شروط محفزة من قبيل ما تزخر به الخزانة التاريخية الوطنية من دراسات وابحاث، توجهت بعنايتها خلال العقدين الأخيرين لعدد من الجهات والقضايا والوقائع الكبرى. وهو الزخم الذي من شأنه جعل خزانة المغرب السينمائية بأعمال فنية ذات تميز وصدى كبير شكلا واثاثا ومضمونا، مستلهمة جوهرها ووقعها وتنوع تعبيرها مما هناك من ملاحم وطنية ومحطات فاصلة.
ويسجل أن ما طبع المغرب من زمن استعماري خلال القرن الماضي يبقى أكثر اثارة، وأنه رغم ما هناك من وعي في الوسط السينمائي الوطني بهذه الفترة الحرجة التي لا نزال نحياها على وقع مخلفاتها، لا تزال الدراما المغربية دون ما هو شاف من انفتاح وعطاء وتراكم وشجاعة أدبية، مقارنة بما في بلدان الجوار على صعيد دول المغارب، وأن السينما المغربية لا تزال بتجارب وإنتاج خجول جدا فضلا عن غياب قراءات وتمحيص وتدقيق ومعاينة عبر العمل الدرامي لِما حصل وما هناك من أثر. مع أهمية الإشارة أيضا الى أن ما تناولته السينما المغربية حول الفترة الاستعمارية، لا يزال لا يعكس قوة ذاكرة المغاربة وما تعرضوا له وما كانوا عليه من مقاومة وكفاح مسلح. وعليه ما ينبغي أن تتأسس عليه سينما ذاكرة وتاريخ المغرب وبخاصة منه المعاصر والراهن، من سؤال يخص الهدف من قراءة الماضي وجروحه، ومن مساحة عِبَر من أجل غد أفضل عبر تفعيل ماض في حاضر وجعْلِ هذا الماضي لا يمضي بل جزء من راهنِ البلاد، حمولة الزمن فيه عنصرا محفزا وطاقة ملهمة وليس عبئا ثقيلا عائقا. وغير خاف أن حوالي نصف قرن من سلطة ونفوذ الاستعمارين الفرنسي والاسباني كان بقدر كبير من الأثر على المجتمع، من قبيل ما حصل من تغيير في نمط حياة المغاربة وفيما حصل على مستوى مظاهر حضارة البلاد عبر ادخال اشكال عيش وتعبير وثقافة ذات مرجعية أروبية. فضلا عما طبع هذه الفترة من صور عنف وتعذيب وسجن واختطاف وإبعاد وخوف .. ومن صور حركة وطنية ومقاومة مسلحة وفداء من اجل الاستقلال. والتي لا شك أنها حضرت في بعض اعمال الدراما المغربية انما بشكل خجول، ضمن ما تناوله مثلا مومن السحيمي في شريط موسوم ب"144 أو اسطورة الليل" مطلع ثمانينات القرن الماضي. وهنا أهمية السؤال حول أثر الأرشيف لنقل وتقديم ما جرى عبر مناطق البلاد وجهاتها، من مقاومة وزعماء وشهداء ومؤامرات وطغيان.
ونسجل من ريبرتوار الدراما المغربية التاريخية في هذا الاطار ايضا، فيلم "بامو" مطلع ثمانينات القرن الماضي أيضا لإدريس المريني الذي عالج موضوع المقاومة المغربية للاستعمار من زاوية رسمية. ولعله بقصة مستلهمة من رواية أحمد زياد وكان الراحل محمد حسن الجندي هو من وضع له السيناريو، وكان ممن اثث هذا العمل الدرامي ثلة من الممثلين المغاربة حيث العربي الدغمي وحبيبة المدكوري ومحمد الحبشي وغيرهم. مع أهمية الإشارة الى أن فيلم "بامو" استحضر ما افرزه الاستعمار من نماذج بشرية جمعت بين مقاوم وثائر حامل للسلاح، ومنها أيضا من كان في خدمة الاستعمار وخاضع لسيطرته وتوجيهه. ورغم أهمية هذا العمل السينمائي المؤسس ، لم يتم رصد ما هناك من قضايا وأحداث طبعت هذه الفترة من تاريخ المغرب، وهي الخاصية والملاحظة التي ميزت باقي الأعمال الأخرى التي انفتحت على تيمة التاريخ والذاكرة المغربية الوطنية، من قبيل فيلم"كابوس" لأحمد باشفين ثم فيلم "نهيق الروح" لنبيل لحلو وقد ارتبطت جميعها بفترة ثمانينات القرن الماضي. ويسجل في هذا السياق الذي يهم سينما المغرب التاريخية، أن أول انخراط للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من اجل عمل درامي في هذا المجال، كان أواسط تسعينات القرن الماضي من خلال عمل موسوم ب" المقاوم المجهول"، والذي لم ير النور بالقاعات السينمائية. والشيء بالشيء يذكر كما يقال، يسجل العربي بناني أنه كان أكثر انشغالا ورغبة في اعمال مغربية درامية ذات طبيعة تاريخية وطنية والتي منها خاصة مقاومة المغاربة للاستعمار، وعليه، تقدم بطلب دعم من الجهة الوصية أنداك من اجل اخراج عدد من الاعمال، منها واحد توجه فيه بالعناية للشهيد علال بن عبد الله الجرسيفي وقد تم رفضه لتكلفته العالية. ويسجل أن فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي رغم كل الملاحظات، تبقي الأهم والأغزر من حيث تجارب واسهامات وانشغالات المخرجين المغاربة بقضايا التاريخ والذاكرة الجماعية الوطنية، وبخاصة ما ارتبط بالاستعمار وملاحم المقاومة من اجل الاستقلال، في محاولة لإستدراك ما تم تجاهله على مدى عقود من الزمن نظرا لما لهذه المشاريع السينمائية من حساسية في اثارتها، وفيما يمكن أن تطرحه من حرج يخص علاقات البلدين المغرب وفرنسا وما يجمعهما من ذاكرة مشتركة وصداقة.
وعن السينما المغربية وقضايا التاريخ والذاكرة الوطنية من المهم الإشارة بمختصر مفيد ختاما لأن الموضوع ذو شجون، الى أن الظاهر هو أن الدولة من خلال المركز السينمائي المغربي هي بدور كبير على مستوى دعم أفق هذا الشأن، دون نسيان الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة التي بدور محفز أيضا للسينمائيين المغاربة مخرجين وممثلين ومؤلفين وكتاب سيناريو وغيرهم. فأين الخلل إذن بعيون كل متتبع ومهتم وكذا فاعل، هل في استراتيجية الاشتغال وشتات الرؤية لدى المهنيين أم هي أزمة نصوص وباحثين ومواكبة، وبماذا نفسر ما هناك من شبه بياض يخص سينما التاريخ والذاكرة المغربية الوطنية، ذلك الذي كان ولا يزال مساحة ندوات وتوصيات لقاءات ومقاربات هنا وهناك. فضلا عن جدل ملتقيات ومهرجانات لمكونات مجتمع مدني سينمائي هنا وهناك، من اجل ما ينبغي من سينما الذاكرة، فضلا عن أثرها من خلال اعمالها على درجة انفتاح المتلقي على ماضيه وحماية ما يحتويه هذا الماضي من بعد رمزي وذاتٍ وشعور ووجدان وانتماء ومن ثمة هوية.
رئيس مركز ابن بري للدراسات وحماية التراث



#عبد_السلام_انويكًة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تازة : حول فن الهيت والكنوز البشرية الحية بالمغرب ..
- حول شجرة اللوز والاحتفاء بأكنول شمال المغرب ..
- في الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء بالمغرب ..
- المغرب الجامعي وأساسيات الجغرافيا البشرية ..
- أكنول : الاحتفاء بشجرة اللوز تثمين لتراث المنطقة اللامادي ..
- حول عناصر القانون الدستوري المغربي ..
- جماعة بوحلو وورش الذكاء الترابي الطبيعي ..
- الدين بين دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين ..
- بين المغرب وايران ذاكرة ومشترك تاريخي..
- حول المنتدى التربوي السنوي بصفرو في دورته 12 ..
- موسم الزهر في ربيع تازة البهي ..
- أرشيف المغرب بالمعرض الدولي للكتاب بالرباط ..
- تازة : حول موسم الزهر والربيع وشجرة النارنج ..
- حول التمثيل الدبلوماسي الأمريكي بالمغرب ..
- حول ماضي تازة المستمر ومقدسها الشعبي ..
- في حضرة سماع تازة ومديحها ..
- حول أبواب تازة .. بعض من القول عنها ..
- حول المسجد الكبير بتازة أو الجامع السلطاني ..
- فن الهيت البرنوسي البدوي بشمال المغرب ..
- تازة .. حول عمارة وتعمير مدينة امتناع وكشف قناع ..


المزيد.....




- الموسيقى تقلل توتر حديثي الولادة وذويهم في غرف الرعاية المرك ...
- من الجبر إلى التعرفة الجمركية.. تعرف على كلمات عربية استوطنت ...
- بوتين: أوكرانيا غير مستعدة للسلام.. وزيلينسكي فنان موهوب
- قراءة في كتاب المؤرخ إيلان بابيه.. إسرائيل على حافة الهاوية ...
- نادين قانصوه...مجوهرات تتحدث اللغة العربية بروح معاصرة
- الشرطة تفتش منزل ومكتب وزيرة الثقافة الفرنسية في تحقيق فساد ...
- من فلسطين الى العراق..أفلام لعربية تطرق أبواب الأوسكار بقوة ...
- فيلم -صوت هند رجب- يستعد للعرض في 167 دار سينما بالوطن العرب ...
- شوقي عبد الأمير: اللغة العربية هي الحصن الأخير لحماية الوجود ...
- ماذا يعني انتقال بث حفل الأوسكار إلى يوتيوب؟


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد السلام انويكًة - حول الذاكرة والتاريخ وكائن السينما المغربية ..؟