أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد السلام انويكًة - حول أبواب تازة .. بعض من القول عنها ..















المزيد.....

حول أبواب تازة .. بعض من القول عنها ..


عبد السلام انويكًة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 8296 - 2025 / 3 / 29 - 12:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من شواهد العصر، رصيد الشعوب والجماعات والبوادي والمدن الثقافي المادي واللامادي. والذي هو أيضا جسر وصل بين ماض وحاضر، لدرجة يعد في بعض تجلياته سياجا يبقي هذه المكونات حية حاضرة في المسار الانساني بعيدا عن كل نسيان وذوبان. ولعل تراث مدن المغرب الثقافي الذي بجوانب عدة، بحاجة لمزيد عناية ودراسة من أجل استكشاف جواهره وكنوزه الدفينة، تنويرا وإبرازا أهم لذاكرة لا تزال قائمة هنا وهناك من المكان. ويسجل أنه رغم ما تراكم من احاطة وتأطير بطبيعة تراثية يخص مدن المغرب العتيقة، تبقى مجالا خصبا لبلورة مساهمات رافعة ضمن عمل فردي وجماعي ومؤسساتي، علما أن ما هناك من شواهد تراث بهذه المدن يقتضي أثر الجميع كل من موقعه كتخصصات واهتمامات، لبلوغ ما هو شاف من مسح وأمكنة وأزمنة وتنوع وتحولات وتركيب تاريخي فضلا عن توثيق. مع أهمية الإشارة الى أن توجيه العناية لتراث مدن المغرب التاريخي عموما، ليس أمرا سهلا لِما ينبغي من اطلاع وقراءة ومقارنة وتدقيق وتأسيس، اعتمادا على نصوص مصدرية وأرشيف من اجل معلومة علمية تخص ما هناك من بصمات تعمير إنساني وعمارة.
وتازة التي من مدن المغرب التاريخي والتي تسكن جبلا وممرا منذ العصر الوسيط، لا تزال شرفتها ومجالها ومعالمها الترابية التراثية المادية تحديدا، تشهد على ماض وأدوار وخاصية مستقر. مدينة بقدر ما هي عليه عمارتها التاريخية من دهشة لأول وهلة وسؤال وشغف تعرف عن اصالة ضاربة في القدم، بقدر ما تتوزع على ما هو دفاعي وديني روحي وعلمي وآخر سياسي..، حيث أسوار محيطة وابراج ودور عبادة وأضرحة علماء، فضلا عن أبواب بمثابة مداخل هوية وأزمنة وحضارة. أبواب بمواقع وتسميات لا يزال بعضها بحاجة لفك دلالاتها، عبر تعقب المصادر وما شهدته المدينة تاريخيا من وقائع على مستوى مركزها وجوارها، من اجل استنطاق علمي وسياق وتركيب وحقيقة نسبية. ويسجل حول أبواب تازة كونها جزء من ذاكرتها المعلنة، ذات الصلة بما أحيط بها من أسوار استهدفت تعميق مناعتها وتحصينها وتأمين ربوة مستقرها منذ القرن السادس الهجري. أبواب بقدر ما هي عليه من ذاكرة بقدر ما يطالها من سؤال حول مواقعها الأصلية، وما قد يكون اندثر منها ويخص شكلها على مر الحقب وتجارب من حكم المغرب من الدول. بل أيضا ما قد يكون طال هذه الأبواب من تغيير واتلاف وإعادة بناء، في علاقة بتوسع مجال المدينة الحضري وحاجتها لجوارها من جبل وممر. ومن ثمة ما قد يكون حصل من تغير مواقع ودلالات أمكنة متأثرة بأحداث تاريخية وضغط تعمير ومرافق جديدة وغيرها.
إن أبواب تازة على أهمية ما احيطت به من عناية بحث ودراسة بعد استقلال البلاد، هي من جملة معالم المدينة التراثية الثقافية المادية التي يلاحقها سؤال المعلومة التاريخية التعميرية والطوبونيمية. التي بندرة مصدرية اللهم ما يخص إشارة يتيمة تهم "باب الشريعة" زمن العصر الوسيط وفترة حكم بني مرين، ما يظهر أن كل حديث عن هذه الأبواب وما كانت عليه من بداية تشييد وأول شكل معلمة وموقع، فضلا عن سبل تدبير علاقة بين داخل ومحيط وطبيعة وظائف، محفوف بعدم دقة ومغامرة حديث وأن سواد هذه الذاكرة المادية الأعظم لا يزال في حكم المجهول. مع أهمية الإشارة الى أن أبواب تازة التاريخية بصورتها ومشهدها الحالي لا شك أنها كانت بأدوار أمنية تحصينية، علما اننا لا نجد في المصادر الوسيطية ما يشفي حول شكلها وهندستها، من حيث ما كانت عليه مثلا من افريز وسمك جدار وأقواس ومدخل وانعطاف في مداخلها، فضلا عن علو واتساع وطبيعة زخرفة من عدمها وكذا مواد بناء ودفاف واتجاهات. وأنه اذا كانت بعض أبواب المدينة بنوع من الإحالة البيئية التي تخص اصل تسميتها من قبيل باب الريح وباب القبور وباب الزيتونة..، فبعظها الآخر يلفه غموض حول اصل تسميته ودلالته التاريخية من قبيل باب الجمعة وباب طيطي (باب الخميس)، علما أن باب الجمعة وما هناك من حديث حول وجود باب فوقي وآخر تحتي، يصعب الاطمئنان اليه ضمن وضعه الحالي وفق ما ورد من معلومة وخريطة اركيولوجية عن زمن الحماية. ذلك أن البابان الفوقي والتحتي ربما كانا في مكان واحد متقارب جدا كان يفصل بين سور أول وآخر ثان ضمن سور مريني مزدوج على مستوى الجزء الشرقي للمدينة، ذلك الذي كان يمتد من الحصن السعدي مرورا بالقصبة حتى باب الجمعة الحالي، وهو ما يتبين من خلال صورة بقدر كبير من الأهمية عن الأرشيف الفرنسي، تظهر وجود بابان متقاربان بمعالم واضحة ربما كانت مداخل للمدينة من جهة الشرق، وهو ما يزيد من جدل سؤال حول حقيقة وجود باب حالي يحمل اسم "باب الجمعة التحتي" على مسافة اسفل المكان السابق الذكر. والذي نعتقد أنه حتى لو كان هناك باب بهذا الاسم في هذه الاسافل من تازة العليا، كان سيحمل اسما آخر في علاقة بمحيطه البيئي غير باب الجمعة التحتي، من قبيل باب أنملي مثلا بحكم قربه من واد انملي الذي كان يؤثث المجال بتدفق مياهه ومنظره وقنطرته، أو مثلا باب الجنان بحكم ما كان يملأ هذه الاسافل من بساتين وسواقي واشجار مثمرة عدة من قبيل شجر الزفزوف غير بعيد عن ضريح "سيدي عيسى"، أو مثلا باب الشرق أو الشرقي كما حال باب الغربي بمدينة وجدة المنفتح من جهة الغرب على طريق تازة، أو مثلا باب وجدة بحكم الاتجاه من تازة مثلما نجد في مدينة سلا (باب فاس، باب سبتة).
هكذا هي أبواب تازة على وقع أسئلة معلقة، جزءا لا يتجزء من تاريخ المدينة وذاكرتها التي قد تكون تمتد حتى زمن نواتها مرورا بما طبعها من تعمير خلال العصر الوسيط والفترات اللاحقة، وقد جمع بين ما هو ديني ودفاعي وعلمي وسياسي بحسب طبيعة أحوال زمن المغرب وأحداثه وتجارب كياناته السياسية. علما أن اهم ما يسجل حول أبواب تازة، كونها ساهمت في حفظ هوية المدينة وما كانت عليه من عمارة بلغت أوجها زمن دولة بني مرين، التي كانت فيها تازة بدور عاصمة البلاد مؤقتا في بداية أمر هذه الدولة السياسي. وأن العمارة المرينية بتازة تبقى الأهم والأبرز بدليل ما هناك من تحف تؤرخ لزمنها الذهبي، مشكلة أهم مفاخرها حتى الآن من قبيل الجامع الأعظم السلطاني وثرياه، التي زاد تفردها من عظمة المكان التراثية. ثم القصر السلطاني/ دار الامارة بجوار هذا الجامع، ثم المدرسة المرينية، ثم المارستان، ثم زاوية أنملي، فضلا عن خزانة علمية وغيرها من أثر المرينيين.
يبقى أن ما طبع تازة من تعمير وعمارة وأبواب، لا شك أنه جاء ضمن سياق ترابي منتظم بدأ من جهة الشمال باتجاه الجنوب، وأن ما حصل من استقرار وهندسة منشآت كانت وفق طبيعة موجهة، جامعة بين خاصية موقع وجبل وريح وأجراف وغيرها. وأن الحديث عن ذاكرة المدينة وتاريخها ذو شجون، ذلك أنه لا يمكن فهم بعض جوانب زمنها سوى عبر أمكنتها وعمارتها التي منها أبوابها وأسوارها، التي لا شك أنها كانت في أدوراها بنفس هيبة مآذنها ومناراتها، منسجمة مع مقولة شهيرة من تراث المغرب الوسيط الموحدي "سيوفنا أسوارنا". وكان ابن خلدون قد أشار حول أبواب واسوار مدن المغرب عموما، لِما وفرته من شعور بأمن وأمان لسكانها ووقف لكل خطر كان يهددها، من خلال ما كانت عليه من نظام مراقبة عبر أبوابها التي كانت تغلق ليلا وتفتح نهارا تحت عيون بوابين مسلحين.
مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث



#عبد_السلام_انويكًة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول المسجد الكبير بتازة أو الجامع السلطاني ..
- فن الهيت البرنوسي البدوي بشمال المغرب ..
- تازة .. حول عمارة وتعمير مدينة امتناع وكشف قناع ..
- الحرف والحرفيين بفاس زمن الحماية بالمغرب ..
- حول مقولة - صابون تازة - بالمغرب ..
- المسجد الكبير / جامع تازة .. المغرب
- حول المغرب الأركيولوجي أعلام وتجارب ..
- حول أفق مهرجان تازة الدولي للسينما ..
- حول اتفاق مدريد وصحراء المغرب قبل نصف قرن ..
- رقصة التبوريدة بقبيلة غياتة / تازة / المغرب
- حول تاريخ تازة بعيون النقيب - فوانو -..
- حول جمعية تازة الكبرى للتنمية ..
- ذاكرة فاس والكفاح الوطني من اجل الاستقلال ..
- تازة : حول سؤال البحر والأثر البحري محليا ..
- معركة بين الصفوف في ذاكرة تايناست / تازة ..
- الآخر والتاريخ في زمن المغرب ..
- من جدل المغرب السينمائي الى حين ..
- حول مغارة فريواطو التي بتازة المغرب ..
- في الحاجة لثقافة أرشيف وأرشفة بالمغرب ..
- ثقافة تازة بحاجة لأسماء المدينة وتجاربها ..


المزيد.....




- احتفالا بعيد النصر..السفارة الروسية تغرس أشجار الزيتون في ال ...
- عون استقبل رئيس لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية الذي قدم خل ...
- مسؤول أميركي أمام -العدل الدولية-: حياد -أونروا- يثير مخاوف ...
- الإمارات تعلن إحباط محاولة تمرير أسلحة للجيش السوداني والأخي ...
- إيران تعدم جاسوسا يعمل لمصلحة -الموساد- الإسرائيلي
- مقتل 14 خنقا في حريق فندق بمدينة كولكاتا الهندية
- توقيف قاصر للاشتباه في قتله 3 أشخاص بالسويد
- إجلاء سكان وإغلاق طرق إثر اندلاع حرائق قرب القدس
- الكويت تلغي المادة 182…نحو تشريع لا يغسل الجريمة بالزواج
- ترمب يستثني الأردن من خفض المنح الأميركية الخارجية


المزيد.....

- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد السلام انويكًة - حول أبواب تازة .. بعض من القول عنها ..