|
ثقافة تازة بحاجة لأسماء المدينة وتجاربها ..
عبد السلام انويكًة
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 8190 - 2024 / 12 / 13 - 02:46
المحور:
الادب والفن
هل باتت المدينة أكثر من أي وقت مضى بحاجة لاسترجاع ما كانت عليه من دينامية سينمائية، في أفق ما ينبغي بتازة من جدل ثقافي ابداعي فني تعبيري رافع فضلا عن جسور فن سابع بناء، عبر أندية الجامعة السينمائية وفعالياتها التي كانت تنظم ولا تزال هنا وهناك ببعض مدن المغرب. نظرا لِما يسجل بها من هشاشة ذات صلة حتى لا نقول من بياض فضلا عن فراغ وهدر لا غير، اللهم ما طبعها من موعد لسينما الهواء الطلق الوطني الذي بلغ دورته الخامسة ذات يوم. وقد شكل منصة حوار وتبادل ثقافي وتلاقح بين مبدعين سينمائيين مغاربة على تنوع مشارب اهتماماتهم وأدوارهم وتجاربهم وأعمالهم وتباين قناعاتهم وخطوط تحريرهم، فضلا عما كان عليه هذا الموعد أيضا من أنشطة وورشات تأهيل وتكوين استهدفت تطوير مهارات المشاركين على عدة مستويات، من قبيل السيناريو والتحليل الفيلمي والنقد السينمائي والإنتاج .. الخ وعليه، امام ما هناك من خواء غير خاف، وبعد محطات وتجارب ومن ثمة ذاكرة طبعت المدينة، أليس من المفيد بالنسبة لجميع من يهمه شأن تازة الثقافي، إعادة الاعتبار لتازة السينمائية عبر تجديد نادي الفن السابع بها. كإطار جمعوي بقدر ما يعد أحد أقدم الأندية السينمائية وطنيا، بقدر ما كان باسهامات عززت ونشرت الثقافة السينمائية بالمدينة لسنوات. ولعل من شأن احياء فعل الجامعة الصيفية للأندية السينمائية بتازة الذي توقف منذ حوالي ثلاثة عقود من الزمن، أن يكون بأثر رافع للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب (جواسم)، إثر ما يلاحظ بالمدينة من تراجع ثقافي عموما، خاصة ما هناك من سنوات عجاف سينمائية بعد عطاء وفعل وتفاعل وحضور معبر منذ ثمانينات القرن الماضي. ومن شأنه ايضا تحقيق ما ينبغي من تلاقح بين تجارب المغرب السينمائية وبين خلف وسلف، فضلا عن تحقيق ما ينبغي من خبرة وسبل تدبير واحتضان لمواعيد ومواهب سينمائية، أنجزت وتنجز أفلاما بإمكانيات محدودة هنا وهناك من الأمكنة النائية، عبر ما ينبغي من تكوين نظري وعملي مع خلق فضاءات لعرض أفلامهم ومناقشتها تعميما للفائدة في أفق سينما مبدعة ومتجددة. يذكر أن مسار وعُمر الأندية السينمائية بالمغرب هو بحوالي قرن من الزمن، وفضلا عما كانت عليه من أدوار وخلفيات استعمارية خلال فترة الحماية، فقد ارتبطت أنشطتها بمدن المغرب ذات الجالية الأجنبية المهمة المقيمة بها، وكذا التي كانت بطبقة عمالية وحركة اقتصادية ومعدنية وتجارية وكذا ثقافية. ولا شك أن اثاث مغرب الحماية السينمائي هو بأرشيف صحفي وتقارير بقدر كبير من الأهمية التوثيقية، تخص ذاكرته وما كان عليه من مواعيد وبرامج وأنشطة. وباستقلال البلاد وبخاصة تطلعات مغرب ستينات القرن الماضي الثقافية، باتت الأندية السينمائية بحضور مغربي تبلور في تنظيمات انفتحت وتوجهت بعنايتها لما هو محلي ووطني، وهنا يصعب القفز على فقيد السينما المغربية الأستاذ نور الدين الصايل رحمه الله، الذي يعد جزء من ذاكرة وحركة الأندية السينمائية مطلع سبعينات القرن الماضي، بحيث اليه يرجع فضل تأسيس "جواسم" رفقة ممثلي بعض الأندية السينمائية على مستوى بعض المدن المغربية التي كانت حينئد نشيطة في هذا المجال، فكان رئيسا لأول مكتب وطني للجامعة حتى مطلع الثمانينات. هكذا كانت الأندية السينمائية بالمغرب محطة انتقالية في تاريخ السينما المغربية على عدة مستويات، فضلا عما طبعها من تطلعات ورؤية استشرافية تخص ما هو هيكلة وتنظيم ودمقرطة ثقافية وفنية وطنية. وهو ما ينبغي تثمينه من قبل الخلف السينمائي المغربي والجيل الجديد من الفاعلين في المجال، في أفق السير قدما بحاجيات السينما المغربية الحقيقة في زمن عولمة وسرعة تحول وتطور وتدفق قيم، لتجاوز ما لا يزال من صعاب تحول دون هوية سينمائية وطنية متجددة رافعة لتنمية البلاد والعباد، عبر ما يمكن أن تسهم به مواعيد ودورات الأندية السينمائية من عروض وبرمجة وطروحات وثقافة واخلاقيات نقد، فضلا عن انخراط ورأي وإعادة توجيه وتقويم وبناء وتأهيل وخبرات ودراسات وتقاليد سينمائية محلية وجهوية ووطنية رافعة، اكثر تفاعلا وانسجاما مع زمن رقمي وزخم تحول اعلامي واسع وفضاء سمعي بصري بات مفتوحا. جدير بالإشارة الى أن تازة استضافت ذات يوم مطلع تسعينات القرن الماضي، “الجامعة السينمائية الصيفية” في دورتها الأولى 1993، وقد كانت بما كانت عليه من من زخم برنامج تقاسمته انشطة وورشات تكوين وعروض سينما ولقاءات ثقافة وفكر ومسارات وخبرة وتجارب، بحضور معبر رفيع المستوى لأعلام سينمائية مغربية وازنة. لعلها الدورة التي تم فيها تكريم ابن تازة الفنان محمد مزيان رحمه الله، الذي ارتبط بعالم السينما تحديدا المونطاج والتوضيب والسيناريو. ذلك الذي دخل المغرب أواسط سبعينات القرن الماضي بعد سنوات من الدرس بالديار الباريسية لفن التصوير والمونتاج. دون نسيان أنه في إطار فعاليات مهرجان تازة الوطني لسينما الهواء الطلق دورة 2015، كانت المدينة موعدا لحفل تقديم وتوقيع كتاب موسوم “محمد مزيان: سينمائي وحيد ومتمرد”، محمد مزيان هذا الذي يعد بتقدير مبدعين ومهتمين ومتتبعين وفاعلين ”ضمير السينما المغربية “، لِما أسهم به في تأثيث لبنات الفيلم المغربي الأساسية، على مستوى توضيب عدد من الأفلام المغربية ومساعدة عدد من المخرجين لإنجاز تجارب أفلامهم السينمائية الأولى. هكذا كانت الدورة الأولى للجامعة الصيفية السينمائية بتازة قبل حوالي الثلاثة عقود من الزمن، بدور وأثر معبر على مستوى رفع ما طبع تازة من منسوب فكر وفعل سينمائي ذات يوم، لما توفر حينئد من طاقات باهتمامات عدة منها أساسا اب الفنون المسرح، حيث كانت المدينة واحدة من قلاع المغرب في هذا المجال منذ ستينات القرن الماضي والى عهد قريب تمثيلا واخراجا وانتاجا، فضلا عن خطوات ومبادرات سينمائية بمدينة ومنطقة هي مؤهلات متفردة حضارية وتراثية وطبيعية رافعة عدة. جامعة تازة الصيفية السينمائية والتي تحيل ذاكرتها وارشيفها على سؤال القيمة المضافة لمواعيد ثقافة وابداع وفنون محليا، من حيث سقف هذه المواعيد وصداها وأثرها في التنشيط الثقافي، وسبل ولوج فضاءات هذا التنشيط من اجل ما ينبغي من تعرف لدى الناشئة من جهة، وتعميق لطروحات ورؤى وأفق الفاعلين من جهة ثانية، ومن اجل ما ينبغي من تجويد وتميز وتطلع منشود. ويسجل للجامعة الصيفية السينمائية في دورتها الأولى بتازة، أنها نجحت في كونها قامت مقام القاعات السينمائية التي تم إغلاقها بالمدينة، من خلال ما تم عرضه هنا وهناك من اعمال سينمائية كانت بما كانت عليه من تأطير واقبال وصدى، مع ما تم رسمه من أفق انفتاح لأعمال تلفزيونية وسينمائية بتازة وجوارها على مستوى التصوير، لِما خلفه هذا الموعد من زيارات لعدد من الأمكنة ذات الحمولات الثقافية والحضارية والتراثية، فضلا عن فكرة وانطباع وقناعة بأهمية انفتاح الفن السابع الوطني، على ما تزخر به المنطقة من مؤهلات طبيعية وفضاءات مغمورة رفيعة المستوى، من شأن التعريف بها مع خطوات أولى أن يكون جاذبا لمخرجين ومنتجين مغاربة وأجانب. دون نسيان كون تجربة النادي السينمائي والجامعة الصيفية السينمائية بتازة ومعها تجربة سينما الهواء الطلق لسنوات وسنوات، كانت بأثر محلي في زرع ثقافة سينمائية، من خلال ما احيطت به برامجها وما تضمنته من حفز على المشاركة، فيما ينظم على الهامش من مسابقات كالتي خصت الأفلام القصيرة مثلا. يبقى الى حين ما ينبغي من اعادة اعتبار لفعل تازة السينمائي، ولوقع ما كانت عليه من وهج قبل حوالي الثلاثة عقود، والى حين ايضا ما ينبغي من تجاوز لواقع بؤس ووهم وصورة، عبر كفاءات واطر سينما مناضلة ذات رؤى وتبصر واستشراف عن الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، من خلال اشتغال يليق بعظمة ذاكرة تازة السينمائية ومبدعيها ومثقفيها، فضلا عن أوراش تأهيل وتشارك وانفتاح وتفكير نقدي، وتجاوب مع روح تطلع وتحول وجديد، دون تجاهل ما ينبغي من فعل ثقافة ومنها فعل السينما صوب ما هو منشود من تنمية ورهان محلي وجهوي. يبقى ما نتمناه هو أهمية التقاط الاشارة من قبل أهل الثقافة والابداع بالدرجة الأولى على صعيد المدينة والاقليم دون استثناء، من أجل ليس فقط وقفة تأمل بل ما ينبغي من خطوة عملية كل من موقعه لإعادة الاعتبار والدفئ لتازة المبدعة، باستثمار ما هم عليه من ذاكرة وتاريخ ثقافي وابداعي وزخم ذخيرة وعلاقات، فضلا عن خبرات وتجارب وحضور رفيع المستوى لعقود من الزمن. مع تثمين شأن المدينة الثقافي في كل مناحيه وتجلياته وألوانه وعناوينه وتقاطعاته، بما يليق وعظمة تازة ومجد أعلامها من الأسماء والتجارب، التي بمكانة واسهامات يصعب القفز عليها وعلى هيبة بصمتها في عدد من المجالات وطنيا وعربيا.
#عبد_السلام_انويكًة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من تجارب راهن مغرب الصحافة ..
-
في رحاب درس وروح المؤرخ محمد زنيبر ..
-
حول تازة في زمن المغرب الأركيولوجي ..
-
ضاية شيكر التي بحوض تازة المغاراتي الاستغواري ..
-
حول جدل الماء وتراث تازة المائي ..
-
الأغنية المغربية التي في ركن المتغيب .. ؟
-
الجبل بتازة .. أية قراءة لأي أفق ترابي ..
-
بمناسبة ذكرى مسيرة المغرب الخضراء ..
-
منتدى زرياب للموسيقى في احتفاء خاص بذاكرة تازة لطرب الملحون
...
-
حول -المهرجان الوطني البريجة للمونودراما- في دورته الثانية ب
...
-
ماذا بعد تصنيف تازة تراثا ثقافيا وطنيا..؟
-
حول العلاقات المغربية الصينية ..
-
حول الشهيد عباس المساعدي ..
-
أبواب تازة وسؤال التراب ..؟
-
من ذاكرة قبيلة كًزناية ..
-
قبيلة كزناية زمن استقلال المغرب ..
-
في رحاب مركز الأمل للأشخاص في وضعية إعاقة بتازة ..
-
حول الأصول العرفية للقانون المغربي ..
-
اسطرلاب تازة بمعرض الرباط الدولي للكتاب ..
-
تازة : ذات ربيع كروي تكريمي ..
المزيد.....
-
جلسة استذكارية مهيبة في برلين للمخرج السينمائي الراحل قيس ال
...
-
طعم النّغم وملمس الإيقاع.. رحلة فلسفية في عالم الموسيقى
-
جمال سليمان في طريقه لسوريا لأول مرة منذ 13 عاما (فيديو)
-
طليق فنانة مصرية شهيرة يستغيث بالسيسي
-
مشاركة روسية واسعة في المهرجان السينمائي الدولي الـ23 في دكا
...
-
لم تتحدث عن غزة.. ترجمة مُضللة لفيديو تايلور سويفت حول حرائق
...
-
7 أسباب وراء هيمنة الفنانات على المشهد الغنائي العالمي
-
جيمي لي كورتس -ملكة الصراخ- ونجمة سلسلة أفلام هالوين
-
ارتدادات سقوط الأسد تعصف بنقابة الفنانين في سوريا.. ما علاقة
...
-
اللسان الأروي.. قصة لغة تجمع بين العربية والتاميلية
المزيد.....
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
المزيد.....
|