أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزكار عمر - الرسالة قد وصلت!














المزيد.....

الرسالة قد وصلت!


رزكار عمر

الحوار المتمدن-العدد: 8562 - 2025 / 12 / 20 - 12:06
المحور: الادب والفن
    


كل صباح، حين تقف أمام مرآة المغسلة في بيتك لتغسل وجهك، بماذا تشعر؟ نادراً ما تبتسم لنفسك، أليس كذلك؟ فنحن نرى في المرآة وجهاً يحمل بصمات مرارة الحاضر والماضي. نادراً ما تمنحنا الحياة فرصة لنتوقف عن الحركات المكررة أمام المرآة، لنبصر شيئاً جديداً.. ليس في ذلك الوجه المتعب، بل في الروح القابعة خلفه.
أتذكر تفاصيل المرة الأولى التي اصطحبني فيها والدي إلى الحلاق وكأنها مشهد سينمائي. كانت المرة الأولى التي أرى فيها مرآة بهذا الحجم؛ كان خوفي الأول نابعاً من ضخامتها، فقد كانت تجعلني أبدو صغيراً جداً، بينما كان الحلاق يبدو عملاقاً.. عملاقاً حقاً.
كان الدكان شاحب اللون، والحلاق نفسه بدا لي شاحباً. كنت أبكي والرعب يتملكني. في ذلك الزمان، لم تكن هناك ماكينات حلاقة كهربائية، بل كانت يدوية، وكلما "عضت" الماكينة شعري كنت أجهش بالبكاء، بينما يهمس والدي: "انتهينا.. انتهينا"، لكن الأمر لم يكن ينتهي. وحين تسللت خصلات الشعر القصيرة إلى خلف عنقي، تضاعف ذعري؛ خلتُ أن مليون نملة تزحف فوق جسدي. كنت ميتًا من الرعب، وظننت أنني لن أتمالك نفسي لشدة الخوف.
خمسة عشر عاماً فصلت بين زيارتي الأولى للحلاق وعملي في الجزارة، وعشرون عاماً مضت منذ ذلك الحين حتى كتابة هذه السطور. أربعون عاماً أو أكثر، ولا يمر يوم دون أن يغمرني عرق الخوف؛ الخوف من الوجود، والخوف من الغد. أخاف لغياب "اليقين".
عندما كنت تحت مقص الحلاق، كان والدي يمنحني اليقين بقوله: "انتهينا، انتهينا". أما الآن، فلا صوت يطمئن، ولو كذباً، ليخبرنا أن الأمر قد انتهى. ربما يعود السبب لغرقنا في كآبة جماعية، أو ربما هو تجسيد لقول ذلك الكاتب النرويجي: "نحن في شيخوختنا نشبه تلك الرسائل التي أرسلها شخص ما؛ لم نعد نعيش في الماضي، بل وصلنا الآن كرسائل إلى هنا".
هذه الجملة تسحقني منذ الصباح؛ إذا كنا نحن تلك الرسائل التي وصلت، فمن سيقرأنا؟ وهل أتينا جميعاً إلى العنوان نفسه؟ أشعر أن الحل الوحيد يكمن في أن نعتبر أنفسنا كُتّاب تلك الرسائل! هذا الأمر لا يحتاج إلى فلسفة أو كتب. ربما لتبديد هذه الكآبة، نحتاج كل صباح أن نمسح وجه المرآة بقطعة قماش، وندرك أن بمقدورنا قراءة أنفسنا "كرسالة وصلت للتو". ليس بالضرورة أن نظل أميين في فهم ذواتنا.



#رزكار_عمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطق النهب: لماذا غزو الولايات المتحدة لفنزويلا سيتجاوز مجرد ...
- فوکو في مستشفی الرشاد
- تعقیب جومسکي علی اعتقال جولیان أسانج
- العالم بلا فیسبوك
- حمایة الغرب
- الأغنية البيضاء
- عودة الشبح
- حلم ألمسافات البعيدة
- ألبحث عن صدام


المزيد.....




- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...
- 7 تشرين الثاني عيداً للمقام العراقي.. حسين الأعظمي: تراث بغد ...
- غزة التي لا تعرفونها.. مدينة الحضارة والثقافة وقصور المماليك ...
- رغم الحرب والدمار.. رسائل أمل في ختام مهرجان غزة السينمائي ل ...
- سمية الألفي: من -رحلة المليون- إلى ذاكرة الشاشة، وفاة الفنان ...
- جنازة الفنانة المصرية سمية الألفي.. حضور فني وإعلامي ورسائل ...
- من بينها السعودية ومصر.. فيلم -صوت هند رجب- يُعرض في عدة دول ...
- وفاة الفنان وليد العلايلي.. لبنان يفقد أحد أبرز وجوهه الدرام ...
- وفاق الممثلة سمية الألفي عن عمر ناهز 72 عاما


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزكار عمر - الرسالة قد وصلت!