أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج الحطاب - أصوات الحصار: مختارات من قصيدة النثر التسعينية في العراق (1) محمد نعيم الحمراني – قراءة في قصيدة من أرشيف التسعينات














المزيد.....

أصوات الحصار: مختارات من قصيدة النثر التسعينية في العراق (1) محمد نعيم الحمراني – قراءة في قصيدة من أرشيف التسعينات


فرج الحطاب

الحوار المتمدن-العدد: 8562 - 2025 / 12 / 20 - 09:49
المحور: الادب والفن
    


سأشارك معكم هنا بعض القصائد التي اخترتها من أرشيفي، لأبرز شعراء قصيدة النثر في التسعينات بالعراق (جيل التسعينات)، مع لمحات نقدية قصيرة للقراءة السريعة.

أبدأ اليوم بالشاعر والكاتب الموهوب الراحل محمد نعيم الحمراني (١٩٧٢٢٠٠٧)، الذي غادرنا مبكرًا وهو في ذروة عطائه. من أعماله البارزة خطر ١٩٩٨، وله عدة أعمال روائية منها أنفي يطلق الفراشات عام ١٩٩٠. محمد الحمراني من مواليد محافظة ميسان، قضاء الميمونة، ناحية السلام. بدأ رحلته الأدبية من الشعر الشعبي وكتابة الأغاني قبل أن يتحول إلى قصيدة النثر، ثم كتابة الرواية مطلع الألفية الثانية.

تكتسب قصيدة "ثقب في مركب العائلة" لمحمد الحمراني أهميتها بوصفها تمثيلاً دالاً لوعي جيل التسعينات الشعري في العراق، ذلك الجيل الذي تَشكَّل صوته تحت ضغط الحصار بوصفه تجربة حياتية معاشة وليس استعارة رمزية. إذ لا يظهر الحصار في النص كخلفية سياسية أو خطاب مباشر، بل يتجسد كبنية وجودية تنخر الجسد والعائلة واللغة معاً، محوِّلاً اليومي والمهمل إلى مساحة قهر مستمر.

من الناحية الفنية، تنتمي القصيدة بوضوح إلى أفق قصيدة النثر التسعينية التي كسرت النزعة البلاغية التقليدية وابتعدت عن الخطابية، معتمدة لغة سردية، ومشحونة بالمفارقة السوداء. فالنص ينهض على توظيف صور صادمة تنبثق من الواقع المأزوم ذاته، وليس من خيال منفصل عنه، وتؤسس لشعرية تقوم على التناغم بين الثقافة العالية والهامش اليومي، أي بين المرجعيات العالمية والفقر المحلي للحياة العراقية في التسعينات، فيما يشبه فضحاً معرفياً لانقطاع الحلم الثقافي في زمن الحصار. كما يُلاحظ حضور السخرية بوصفها آلية دفاع جمالية، ليس للتهكم، بل لتعرية العبث التاريخي والواقع السوريالي الذي عاشه الفرد العراقي في التسعينات، وهي إحدى الميزات المهيمنة في قصيدة النثر التسعينية. وبهذا المعنى، لا تمثل قصيدة محمد الحمراني شهادة ذاتية فحسب، بل وثيقة شعرية تكشف لنا كيف تحوّل الحصار إلى تجربة أنطولوجية أعادت تعريف الجسد، واللغة، والهوية، ورسّخت قصيدة النثر التسعينية كأكثر الأشكال قدرة على تمثيل هذا الانكسار المركّب.

محمد الحمراني
ثقب في مركب العائلة (من مجموعة خطر، استنساخ، بغداد، ١٩٩٨)

يومياً أبحثُ عن أنفي في الأزقة الضيقة
أجلي أمسكُه حتى لا أستنشق عادم السنوات
أنا الأبن الأكبر، مشوّهاً بالأحلام
أبي لم يعد يشتري لي غير الدموع

أرجوكم... أرجوكم...
لا ترموا العظام، فمعدتي مليئة بالضجيج
لا تنظروا بعطف، فانا امتلك قوة ديناصور
لا تتكلموا، فالثرثرة صخرة تأكل المخّ
فقط أريدكم أن تسمعوني
هذا الميّتُ الذي بجواري..
هو جسدي الذي يحمل أنقاضه منذ الطفولة
يختبئُ في أحاديث القرويّات

فقط أريدكم أن تسمعوني
كيف أواجه العالم وجسدي مليئاً بغبار الأسلحة؟
الجوع كسَّر ألعابي...
وجعل الأحلام قنبلة موقوتة
وأنا أصمّ، أجلسُ بجوارها ألهو مع الأنترنيت

ماذا سأفعلُ عندما يدخل القرن القادم؟
وأنا أهرول خلف أبٍ لا يؤمن بعلم الاجتماع
في الليل يخلعُ اجنحته
ويأكلُ الأرغفة
أصغي لصراخ إخوتي
قطعاً يبحثون عن رغباتهم
في حُطام الأرغفة
ماذا سأفعل لهذه الأزهار وهي تنمو في البالوعات؟

أرجوكم... أرجوكم...
أطلقوا الرصاص باتجاه أبي
إنه لا يحترم إيمي سيزير
ويبصق يومياً بوجه لانكستون هيوز

أرجوكم ... أرجوكم...
أطلقوا الرصاص باتجاه أبي
إنه لم يحفظ جدول الضرب
لذلك دائماً يعدُّ عائلتنا هكذا:
10X 10=1100

أنا الابنُ الأكبر مشوَّهاً بالاخطاء
وأبي لم يعد يشتري لي غير الدخان
لاتبنوا منزلاً، فأنا أحتضن الأرصفة
لاتجلبوا الثياب، فأنا أرتدي أوراق الأشجار
لا تلوّحوا من المكاتب الفارهة
وأنا صديقُ الباعةِ المتجوّلين

فقط أريدكم أن تسمعوني..
لقد سقطت أشرعتي وانثقب مركب العائلة
إخوتي مرتبكون وجيوبُهم تشتعلُ بالديون
لا تطلقوا الرصاص باتجاه أمّي
في عام 1990
أطلق الجوعُ الرصاصَ باتجاهها
وتركنا ننامُ أسفل قبّعة أبي
وننظرُ من ثقبٍ فيها إلى جروحنا
التي رسمتنا
أزهاراً ذابلةً
على الأرصفة.



#فرج_الحطاب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمح مقابل الكتب
- الانتخابات العراقية… بين مهرجان السخرية وجدية الأمل
- من هو المثقف العراقي الوطني؟
- كتاب -في اليُتْم الوجودي-: جمال علي الحلاق يتأمل الكتابة كنا ...
- البحث عن الذات المحضة في مجموعة (النوم في محطة الباص) لعبد ا ...
- أسلوب المناجاة في مجموعة (مرد روحي) للشاعر عباس اليوسفي
- حرية الذات ومفهوم السعادة المطلقة في نظرية المعرفة الصوفية ع ...
- داعش ودولة الخلافة الإسلامية :آخر نتاجات الحرب الباردة
- النظريات الحديثة لدراسة علم الأديان (3)
- النظريات الحديثة لدراسة علم الأديان (2)
- النظريات والمناهج الحديثة لدراسة علم الأديان (1)
- الهوية المحلية في شعر بدر شاكر السياب


المزيد.....




- موضة شرقية بروح أوروبيّة معاصرة.. إطلالات نانسي عجرم في كليب ...
- في يومها العالمي: اللغة العربية بين التطوير وخطر التراجع
- -الست-.. فيلم يقترب من أم كلثوم ويتردد في فهمها
- 5-نصوص هايكو :بقلم الشاعر محمد عقدة.دمنهور.مصر.
- الشاعر تامر أنور ضيف منصة نادى ادب قصرثقافة دمنهور ومناقشة آ ...
- بعد التوبة.. حاكم ولاية تينيسي يصدر عفوًا عن نجم موسيقى الري ...
- أفغانستان تودع ثالث سينما تاريخية بعد إزالتها من قبل طالبان. ...
- الممثلة الأممية: عدم الثقة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة ي ...
- نقطةُ ضوءٍ من التماعات بدر شاكر السيَّاب
- ماذا قال تركي آل الشيخ عن فيلم -الست-؟


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج الحطاب - أصوات الحصار: مختارات من قصيدة النثر التسعينية في العراق (1) محمد نعيم الحمراني – قراءة في قصيدة من أرشيف التسعينات