أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج الحطاب - الهوية المحلية في شعر بدر شاكر السياب















المزيد.....

الهوية المحلية في شعر بدر شاكر السياب


فرج الحطاب

الحوار المتمدن-العدد: 4475 - 2014 / 6 / 7 - 08:32
المحور: الادب والفن
    


الهوية المحلية في شعر بدر شاكر السياب

*فرج الحطاب
الكتاب: بدر شاكر السياب-هوية الشعر العراقي
المؤلف: ناصر الحجاج
الناشر: شركة العارف للمطبوعات-بيروت
تاريخ النشر: الطبعة الأولى-2012


يعتبر هذا الكتاب " بدر شاكر السياب-هوية الشعر العراقي" مساهمة متميزة من مؤلفه ناصر الحجاج في موضوع " المحلي في الشعر" ومستفيدا من منهجيات علم الأجتماع الأدبي والأنثروبولوجي وكذلك فقه اللغة والنقد المقارن واللسانيات والتأريخ. وهي دراسة رائدة في مجالها كما يدعي مؤلفها في مقدمة الكتاب من جهة، وكما سيعرف القارئ بنفسه صحة هذا الأدعاء، من جهة ثانية. حيث سعى هذا الكتاب الى دراسة الإشارات والدلالات المحلية في شعر السياب من خلال المنهج الأكاديمي الرصين، مع التركيز على الهوية المحلية للشعر وهو ما سيفتح باب البحث لدراسة بقية المحليات الآخرى سواء العراقية منها أو العربية.
وعلى الرغم من ان ما كُتب حول السياب وشعره تجاوز اطاره المحلي العراقي الى العربي والعالمي، الإ اننا لم نقرأ في تلك الكتابات ما درسته مادة هذا الكتاب، والتي كانت في الأصل رسالة ماجستير نال عنها الباحث ناصر الحجاج شهادة الماجستيرفي اللغة والأدب من الجامعة اللبنانية عام 2012. ولذلك يمكننا ان نعد هذا الكتاب من المصادر المهمة للباحثين في شعر السياب، لأنه يقدم لنا تحليلا مهما لخلفية السياب وبيئته المحلية ومصادره الشعرية الأساسية.
تناول الفصل الأول من الكتاب مصطلح "المحلي" وشرح معانيه وتنوعاته وابعاده وكيفية ادراك خفاياه. حيث يرى الكاتب بأن (المحلي) في مجال النقد الأدبي قد تراجع كثيرا وتم أهماله لعدة أسباب من بينها بزوغ افكار( الأممية الشيوعية) و(القومية العربية). ويدعي ناصر الحجاج ان الهدف من تناول "المحلي" في هذه الدراسة هو "تقصي المحلي وتمييز أنواعه بشكل عام، ومحاولة تتبع جذور تلك العناصر، وخلفياتها التأريخية، أو الأجتماعية، أو الجغرافية، أو السياسية أو النفسية" (ص35). كما عمد المؤلف الى بحث الأسباب التي جعلت من الشاعر العراقي بدر شاكر السياب من اعتماده وتبنيه للعناصر والثيمات المحلية في قصائده وكتاباته. ومن بين العناصر المحلية التي تطرقت اليها الدراسة نجد التركيز على اللغة المحلية الدارجة، الأسلوب الغنائي الشعبي، الحكاية الشعبية المحلية، الأسطورة المحلية، وغيرها من العناصر ذات الصلة. ويصف المؤلف بان دراسته للمحلي في هذا الكتاب هي أعم واشمل من دراسة الأساطير أو الفلكلور والتراث "إذ قد يحوي المحل عناصر ليست فلكلورية، وليست تراثية فتكون محلية من جهة وليست فولكلورية أو تراثية، كالنهر، والأشجار، وبعض سلوكيات المجتمع، من جهة ثانية" (ص 36). وقد عمد المؤلف في بداية الكتاب الى التصريح بأن النقد عموما لم يرتق لمستوى معرفة السياب من الداخل (ص 7). كما ان اغلب النقاد العرب الذين تناولوا السياب لم يستطيعوا التفريق بين معنى ان يولد السياب في (جيكور ) وليس (الجبايش). ولذلك فان أغلب هؤلاء النقاد لم يدركوا بأن السياب حين استخدم مفردة "خطية"-على سبيل المثال- وهي مفردة مستوحاة من اللهجة العراقية الدارجة، انما كان يسعى الى استثمار أثر هذه المفردة وتاثيرها على النفس العراقية. كذلك لا يمكن للناقد غير العراقي أو من يجهل فنون الشعر الشعبي العراقي أن يربط بين قصيدة السياب:
"يا ليتني نجم الصباح
آه لأسقط يا حبيبي، إذ تنامُ، على الغطاء،
أعتل بالبرد: أرتجف فلفني، برد الهواء".
وبين كلمات أحدى الأغاني الشعبية التي يرددها البحارة في شط العرب ، حيث تقول كلمات هذه الأغنية:
"نجمة صبح يهواي واسكَط على غطاك
وبحجة البردان واتلفلف وياك" (ص 44 )
وعمد الكاتب الى مناقشة وتحليل بعض ما كتبه النقاد العرب حول شعر السياب أمثال إحسان عباس، عيسى بلاطة وغيرهم، مسلطا الضوء على أهم المغالطات التي وردت في دراساتهم لشعر السياب بسبب جهلهم الكبير للخلفية المحلية للسياب والبصرة. وعلى هذا الأساس فان النقد لن يتمكن من تحليل شفرات النص الأدبي بصورة مقبولة ، لاسيما شفرات تلك النصوص التي تشتمل على أقتباسات ومضامين محلية مختلفة وعلى مستويات متعددة كاللغوية والاجتماعية والفلكلورية "لأن اللغة-أي لغة- لا يمكن ان تنقل الى لغة أخرى دون أن تحمل عمقها الدلالي المتداول بين الناطقين بها" (ص 8).
وفي الفصل الثاني، تم تناول "سيرة المحل السيابي"أي التعريف بمدينة البصرة تأريخيا،إجتماعيا، جغرافيا، وتراثا حضاريا في الماضي البعيد والقريب قبل ولادة السياب، وفي الفترة التي اعقبت ولادة السياب.وهذا الفصل هو عبارة عن الخلفية التأريخية للمحل (البصرة)، وذلك قبل المضي قدما باتجاه جوهر الدراسة.
اما الفصل الثالث والمعنون "نواة العناية بالمحلي، البيئة والروح"فقد تناول مبحثا عاما عن انواع الشعرالمحلي العراقي وكذلك حرص السياب ودأبه على تبني وتوظيف المحلي و استعمال المفردة المحلية في مقالاته وقصائدة على حد سواء، وذلك من خلال أستثمار الأساطير المحلية التي تعيش وتنتمي الى المجتمع البصري والعراقي بشكل عام وتوظيفها شعرا. كذلك تناول هذا الفصل بواكير الأهتمام بالأدب الشعبي والفلكلور عالميا ومحليا؛ وتأثر السياب بتجارب الشعراء الغربيين كتوماس اليوت وأثر الأسطورة في بلورة تجاربهم الشعرية. ويرى الكاتب الى ان الدافع الأهم وراء استخدام المفردات المحلية في شعر السياب هو لقوتها وتاثيرها على أعطاء المفاهيم الدقيقة بعكس ما يقابلها من الفصحى، حيث الجمود ووالعجز عن توصيل المعنى المناسب للجمهور. غير أن هذا الإستخدام للمفردات المحليةغالبا ما كان يشكّل تحديا للقاريء غير المحلي، الأمر الذي كان قد عالجه السياب بوضع العديد من الهوامش والشروحات لهذه المفردات المحلية. كذلك يرى الكاتب بان محاولة التمسك وحماية الموروث الشعبي أمام التغييرات الجديدة القادمة مع تغيرات المدينة وقيمها الجديدة، قد ساهما بشكل أو بآخر في مسعى السياب الرامي لصناعة رموزه واساطيره المحلية لتكون بمواجهة هذه التغيرات.
أما الفصل الرابع " المحلي بين جيكور و "المدينة والمبغى"، فقد تناول تطور استخدام السياب لما هو محلي، أذ اصبح هذا الاستخدام لا يقتصر على المفردة فقط بل و"التعبير بالصور المحلية" كذلك. ومن بين المواضيع المهمة الأخرى في هذا الفصل، هو دراسة العلاقة الجدلية بين "التعلق بالمحلي" ورفض ما هو غير محلي أوما يشكل تهديدا حقيقيا لتخريب ملامح البنية المحلية عموما. كما نجد في هذا الفصل ايضا، دراسة تطبيقية مستفيضة لقصائد السياب وعلاقتها بالمحلي.
وسعى الفصل الخامس "المحلي السيابي في الفلكلور والقصص الشعبي والأساطير"، الى دراسة توظيف السياب للفلكلور العراقي مثل "البلم"، و"العباءة النسائية العراقية" في قصائده، وكذلك أستثمار المعالم المحلية والعمرانية وشرفات المباني كما في "منزل الأقنان". كما ناقش الكاتب في هذا الفصل الأساطير المحلية من قصص وحكايات شعبية وكذلك الأساطير الشعبية المحلية والطقوس الدينية وعلاقتها مع شعر السياب. أذ غالبا ما كان السياب يلجأ الى اعادة صياغة هذه العوالم الأسطورية والثيمات المحلية من جديد في النص الشعري.
وخُصص الفصل السادس من الكتاب "الغناء السيابي من حضن الأمومة الى أفق التجديد الشعري"، الى دراسة علاقة شعر السياب بالأغنية المحلية. حيث يلاحظ كيفية استفادة السياب كثيرا من توظيف الغناء الشعبي المحلي في قصائده من خلال " اعتماد السياب على ما يتداوله المجتمع المحلي من مرددات وأناشيد، وكيف وظف اغاني الفلاحين، والباعة المتجولين، والبحارة واناشيدهم في قصائدهم، هذا بالاضافة الى توظيف أغاني ومرددات الاطفال واناشيدهم عند استقبالهم المطر، أو عند لعبهم بين الحقول وقت الربيع" (ص 179).
أما الفصل السابع " علاقة السياب بالشعر الشعبي المحلي"، فتناول دراسة ما ظمنه السياب من شعر شعبي "محلي" لقصائده ، خصوصا وان السياب كان قد مارس كتابة الشعر الشعبي في سن مبكرة وذلك قبل انتقاله للكتابة بالفصحى. كما ناقش هذا الفصل جذور الشعر الشعبي، أوزانه، ايقاعاته، طريقة توظيف الرمز والأسطورة، وكذلك أهم نقاط الألتقاء بين الشعر الشعبي والشعر المكتوب باللغة الفصحى. كما قدم لنا هذا الفصل، أهم ملامح التأثر عند السياب بالمواضيع الشعرية المحلية والمواضيع الشعرية الأجنبية، ودور السياب في نوع التجديد الذي أحدثه من خلال توظيف واستثمار المحلي القديم.
ومن بين الأمور اللافتة للنظر في هذا الكتاب هو تركيز الكاتب على الهوامش والملاحق التي ساهمت من اثراء الكتاب ووفرت للقاريء مزيدا من المعلومات القيمة. ان المنهج الأكاديمي الصارم والبحث الميداني والجدية في كتابة هذه الدراسة تجعلها أسهامة مهمة ليس في حقل اللغة والأدب فقط، بل وفي الدراسات السوسيولوجية والأنثروبولوجية أيضا.



• فرج الحطاب: شاعر وباحث أكاديمي، جامعة أريزونا، الولايات المتحدة الأميركية.



#فرج_الحطاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج الحطاب - الهوية المحلية في شعر بدر شاكر السياب