أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - فرج الحطاب - من هو المثقف العراقي الوطني؟














المزيد.....

من هو المثقف العراقي الوطني؟


فرج الحطاب

الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 21:42
المحور: قضايا ثقافية
    


يبدو أن مؤتمراً جديداً سيُعقد في بغداد تحت عنوان عريض" مؤتمر المثقفين العراقيين الوطني الأول"، تنظمه جهة تُدعى "مؤسسة بابل العالمية للثقافات والفنون". شاهدت في الإعلان أسماء عراقية من الداخل والخارج، بعضها أعرفه، وبعضها الآخر لم أسمع به من قبل. للوهلة الأولى، تبدو فكرة جمع المثقفين العراقيين في مكان واحد خطوة طيبة، بل ضرورية في هذا الزمن الممزق. لكنّ وراء هذا البريق، ما يثير أكثر من سؤال، بل أكثر من شك.
لا أعرف الكثير عن هذه المؤسسة، ولا عن الجهات التي تموّلها أو تدعمها، لكنّي، مثل كثيرين، أحمل شكوكاً متراكمة تجاه طبيعة عمل مثل هذه المنظمات في العراق، بعدما رأينا كيف تحوّلت بعض المؤسسات إلى أدوات شكلية تُدار بالولاءات لا بالكفاءات، وتخضع في اختياراتها لمعايير سياسية أو شخصية أو طائفية لا تمتّ بصلة إلى جوهر الثقافة.
وإذا كانت هذه المؤسسة تقيم منذ سنوات مهرجان "بابل الدولي"، فلها الحق في ذلك، لكن من أين تستمدّ سلطتها الرمزية لعقد مؤتمر وطني واسع بلافتة كبرى تقول: " مؤتمر المثقفين العراقيين الأول"؟
من منحها هذه الصفة التمثيلية؟ وبأي آلية تمّت دعوة الأسماء المشاركة؟ هل الدعوات كانت مفتوحة وشفافة؟ أم أنها اقتصرت على دائرة ضيّقة من الأسماء التي تراها المؤسسة – من وجهة نظرها الخاصة – ممثّلة للثقافة العراقية؟
ثم ماذا عن مئات المثقفين العراقيين المنتشرين في المنافي والجامعات العالمية؟ أليس من حقّهم أن يكونوا جزءاً من هذا اللقاء الذي يُفترض أنه يعيد رسم خريطة الثقافة العراقية؟ هل غيابنا يعني أننا لسنا مثقفين؟ أم أن المثقف الحقيقي هو من تمنحه المؤسسة بطاقة الدعوة؟
لا أكتب هذه الكلمات انتظاراً لدعوة أو مجاملة شكلية. يعرفني أصدقائي جيّداً: حين أشتاق إلى بغداد، أذهب إليها على حسابي الخاص، لأن علاقتي بها ليست مشروطة بدعوة من أحد. لكنّ ما يثير غضبي – نعم غضبي – أن أرى فعالية وطنية تُقام باسم "المثقفين العراقيين" بينما تُبنى على أسس غامضة، وبدون أي توضيح للمعايير أو الأهداف.
إن إعلان المؤتمر يشير إلى أنه يُقام "برعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني". وهذا ما يزيد الحاجة إلى الوضوح لا الغموض. فحين تدخل الدولة برعايتها، تصبح المسؤولية مضاعفة، ما أهداف هذا المؤتمر؟ ما محاوره؟ وما الجدوى منه؟
منذ ربع قرن وأنا أعيش في الولايات المتحدة، أدرّس في جامعاتها، وأشارك في مؤتمراتها الأكاديمية والثقافية. كانت رسالتي للماجستير عن موضوعات عراقية، وأطروحتي للدكتوراه عن الثقافة العراقية. أعيش العراق وأحمله في عملي كل يوم. ومع ذلك، يُقام مؤتمر عن "المثقفين العراقيين" ولا تُوجّه لي ولا لعشرات الأكاديميين والكتّاب العراقيين الآخرين أي دعوة، وكأن وجودنا خارج الحدود ألغى حقّنا في الانتماء إلى المشهد الثقافي العراقي.
لست غاضبًا لأنني لم أُدعَ، بل لأنّ الطريقة التي تُدار بها الثقافة في العراق ما تزال تعكس عقلية الإقصاء والانتقاء، لا عقلية الحوار والانفتاح. هناك مثقفون كثر، داخل العراق وخارجه، أكثر تأثيرًا وأعمق حضورًا من بعض الأسماء التي تُكرّر في كل مهرجان ومؤتمر. هذه الطريقة في اختيار "من يمثل الثقافة" لا تصنع ثقافة، بل تُكرّس الانقسام واللاجدوى.
من يملك الحقّ في تقييم المثقف العراقي؟ ومن يقرر من هو الأحقّ بالتمثيل؟ هل هي وزارة الثقافة؟ أم المؤسسات الخاصة؟ أم تلك الجهات التي تتخفّى خلف شعارات عامة لتكريس نفوذ سياسي أو اجتماعي؟
لقد تحوّل السؤال من: من يحضر؟ إلى سؤالٍ أخطر: من يُقصى ولماذا؟
ولهذا، فإن ما يثير القلق ليس فقط غياب بعض الأسماء، بل غياب الرؤية، وغياب النية الواضحة لما يراد من هذا المؤتمر.
هل هو فعل ثقافي فعلاً؟ أم مشروع علاقات عامة جديد يُراد له أن يلمّع صورة جهةٍ ما؟
أنا لا أهاجم أحداً، لكني أدعو إلى الوضوح والشفافية والمسؤولية الثقافية. الثقافة العراقية لا يمكن أن تُختزل في قائمة دعوات مغلقة، ولا في مهرجان يحمل اسماً جذّاباً. الثقافة أفقٌ مفتوح، ومؤتمر حقيقي للمثقفين يجب أن يُبنى على الحوار والتنوع والاختلاف، لا على الانتقاء والغموض والولاء.
ويبقى السؤال مفتوحًا، ومقلقًا في آن:
من هو المثقف العراقي اليوم؟ ومن يملك حقّ التحدث باسمه؟



#فرج_الحطاب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب -في اليُتْم الوجودي-: جمال علي الحلاق يتأمل الكتابة كنا ...
- البحث عن الذات المحضة في مجموعة (النوم في محطة الباص) لعبد ا ...
- أسلوب المناجاة في مجموعة (مرد روحي) للشاعر عباس اليوسفي
- حرية الذات ومفهوم السعادة المطلقة في نظرية المعرفة الصوفية ع ...
- داعش ودولة الخلافة الإسلامية :آخر نتاجات الحرب الباردة
- النظريات الحديثة لدراسة علم الأديان (3)
- النظريات الحديثة لدراسة علم الأديان (2)
- النظريات والمناهج الحديثة لدراسة علم الأديان (1)
- الهوية المحلية في شعر بدر شاكر السياب


المزيد.....




- الانتخابات الأولى بعد الأسد وفي حكم الشرع.. سوريا تجري تصويت ...
- وقف النار في غزة.. نتنياهو بين ضغط ترامب وحلفائه في الحكومة ...
- -ما وراء الخبر- يتناول أول انتخابات بسوريا بعد سقوط الأسد
- صحف عالمية: خطة السلام قد لا تنجح وإسرائيل الخاسر الأكبر إذا ...
- 19 شهيدا في غزة بنيران الاحتلال منذ فجر اليوم
- فتح تعيد القدوة إلى صفوفها بعد 4 أعوام على فصله
- ترامب يوبخ نتنياهو بألفاظ نابية لتشاؤمه إزاء رد حماس
- الجزيرة نت ترصد توقعات السوريين في حماة من مجلس الشعب الجديد ...
- عاجل| ترامب: دمرنا برنامج إيران النووي وآمل ألا تبدأ في استع ...
- ابتكار سويدي يربك السماء.. سلاح جديد ضد أسراب المسيّرات


المزيد.....

- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - فرج الحطاب - من هو المثقف العراقي الوطني؟