أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ملهم الملائكة - نور الشريف من البيبي دول إلى العراق!















المزيد.....

نور الشريف من البيبي دول إلى العراق!


ملهم الملائكة
صحفي وكاتب

(Mulham Al Malaika)


الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 23:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في شباط / فبراير سنة 2006 التقيت بالنجم الشهير الراحل نور الشريف، على هامش مهرجان برليناله في برلين، وقد حضر مع طاقم بطولة فيلم "عمارة يعقوبيان" للمشاركة في العرض الافتتاحي للفيلم الذي بات من خيرة أفلام السينما المصرية العريقة، وفي نهاية العام نفسه حقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية حينها.
التقيته في باحة فندق "إدلون" فندق الملوك والرؤساء في العاصمة الألمانية، وجلسنا معاً على مائدة إفطار صاحبي نتحاور عن دوره في فيلم "عمارة يعقوبيان"، لاسيما أنه مثل دور المصري "الانفتاحي"، أي الذي صنعته سياسة الانفتاح التي اطلقها الرئيس الراحل أنور السادات من خلال شخصية الحاج محمد عزام والذي بدأ حياته ماسحاً للأحذية، ومن خلال تجارة المخدرات بات صاحب عدة محلات للأحذية، وحصل على توكيل لتوريد السيارات اليابانية يديره ابنه، ويتزوج عزام سراً من الأرملة سعاد (سمية الخشاب) ويتفق معها على عدم الإنجاب، ولكنها تطمع في ثروته فتحمل منه، وعندما يعلم بالأمر، يرسل لها من يجهضها مع ورقة الطلاق. يطمع الحاج عزام في حصانة مجلس الشعب، فيلجأ إلى كمال الفولي (خالد صالح) الذي يدير الحزب، فيمنحه صك العضوية مقابل مليون جنيه، وتضخمت أرباح عزام، فيطالبه الفولي بنسبة، يرفض دفعها، فيبلغ الفولي مباحث المخدرات عنه، ما يجبر عزام على الرضوخ لابتزازه.
تحدث النجم نور الشريف باختصار شديد عن دوره في الفيلم، لينتقل بسرعة إلى موضوع لا صلة له من قريب أو بعيد بحضوري الصحفي في ذلك المكان والزمان إذ كنت مكلفاً بتغطية وقائع مهرجان برليناله وعلى وجه الخصوص المشاركة العربية الناجحة فيه لمؤسسة DW الألمانية للإعلام، وباشر كلامه بعبارة طالما سمعتها من العرب حين يلتقون بصحفي عراقي: "العراق دي جرح نازف في قلبي، زي ما فلسطين بقت جرح نازف"!
ولفتّ نظره مبتسماً بود أنّ العراق لفظ مذكر وليس مؤنث، وأنّ صدام حسين قد غيّر التسمية الرسمية للدولة إلى "جمهورية العراق" ليحافظ بذلك على عنصر التذكير في اسم البلد الذي يخطئ في وصفه كل العرب وهم يؤنثونه!
فسارع يحاول تجاوز كلماتي التي أحرجته منتقلاً بسرعة خارقة إلى التعبير الواضح الصريح عن "دعمه للمقاومة العراقية الباسلة ضد الأمريكان"، فوضعني في مرمى قوسه، وكان لا بد لي أن أتصدى لهجومه الأعمى مؤكداً أن العراقيين لا يفرحهم اليوم سوى فراق صدام حسين وأيامه السوداء وحروبه الفاشلة المدمرة، ودنانيره الرخيصة التي تسيل أحبارها على الثياب فتتلفها، ومجاعاته المدمرة، وعنجهياته الفارغة التي جعلت العراقيين يتحسرون على ملابس الباله وهم لا يملكون ثمن شرائها، وسألته هل كان يعلم أن دخل الفرد العراقي وخلال عام واحد بعد إسقاط صدام حسين قد أرتفع بنسبة 300 بالمائة، حيث كان راتب المدرس لا يتجاوز 3 دولارات في الشهر فيما أصبح مطلع عام 2004 يتجاوز 1000 دولار في الشهر. وشرحت له بإسهاب أن ابطال "المقاومة" الذين يكنّ لهم "التقدير والاحترام"، هم مرتزقة البعث الذين تضرروا بإسقاط صدام حسين ويريدون استعادة عزهم ومجدهم بقتل العراقيين بلا رحمة، تدعمهم عناصر القاعدة من القتلة الإرهابيين المشبوهين.
وكان واضحاً أننا نقف على مفترق طرق لا تلتقي مهما حاولنا، ولذلك صرت أحاول حثيثاً إعادته إلى محور الحوار عن فيلم عمارة يعقوبيان، لكنه كان مسحوراً بتغطيات قناة الجزيرة المشبوهة التي ما برحت تحرّك العرب وأشباههم على الامريكان الذين أقلعت طائراتهم لتقصف قصر صدام حسين ومقرات حزبه من قاعدة العديد الجوية الأمريكية الكبرى في قطر (Al Udeid Air Base)، وهي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وتقع بالقرب من العاصمة الدوحة، وتعدّ مقراً رئيسياً للقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) وتضم أعدادًا كبيرة من القوات الجوية، وتستخدم كمركز انطلاق لعملياتها في المنطقة وتستضيف منشآت متقدمة ومرافق لوجستية هامة!!
وانتهى حواري معه بنتائج باهته، ضمنتها تقريراً لا يثير الاهتمام نشرته على موقع DW عربية.
وما لبث نور الشريف ومحمود عبد العزيز أن خاضا تجربة فيلم " ليلة البيبي دول"، وهو فيلم بدا لي أن نور الشريف أراد أن يحقق فيه رؤاه عن "المقاومة العراقية الباسلة المدافعة عن شرف صدام حسين وزبانيته"، وهكذا ظهر فيه بدور عوضين الأسيوطي بطل الحرب السابق، والإرهابي المطلوب حاليًا، بعد أن قبض عليه في العراق وهو يقوم بتغطية صحفية غامضة، وتم تعذيبه في سجن أبو غريب وانتهكت رجولته فقرر الانتقام بتفجير أحد السفن التي تحمل أمريكان، وحين فشل جاء مصر لتفجير الفندق الذي ينزل فيه الوفد الأمريكي، خصوصًا بعد حضور الجنرال ديفيد بيتر مدير سجن أبو غريب بنسخته الأمريكو- عراقية (مثل دوره الفنان العملاق جميل راتب).
تدور أحداث الفيلم خلال أربع وعشرين ساعة، لكنّ التداعيات المتطاولة، والنقلات من غزة إلى العراق إلى مصر، افقدت المشاهد أي إحساس بحركة الزمن، وتاه مع كاتب النص والسيناريو في أخيلة ورؤى نور الشريف نفسه عن الوضع في العراق. أقبح ما في الفيلم أنه لا يضم ممثلاً عراقيا واحداً، ولم يصور أيّ مشهد فيه في العراق، مع انه أنتج عام 2008، وعرض على هامش العروض التجارية لمهرجان كان الدولي عام 2008 بعد استبعاده من المنافسة في العروض الفنية المشاركة، وهكذا قوبل الفيلم ببرود النقاد، وفشل في حشد أي جمهور، واعتبره أغلب المهتمين بالسينما فشلاً ذريعاً رغم نخبة النجوم فيه.
والحقيقة أن المحور الأساسي في الفيلم هو ليس أحداث العراق أو غزة، بل مشكلة حسام العشري (محمود عبد العزيز) الذي تعرّض في إحدى حروب مصر/ إسرائيل إلى إصابة حرمته من الإنجاب، فاستغل العمل في مكتب خاله عزمي الدمنهوري السياحي، وسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعمل والعلاج وبعد عدة سنوات شفي من علته، فاستغل وجوده مع الوفد السياحي المسافر إلى مصر ليلة رأس السنة لحضور مؤتمر جمعية الصداقة والسلام وحمل معه بدلة بيبي دول هدية لزوجته سميحه الدكتوره بأكاديمية الموسيقى، والتي تعزف في أحد الفرق الموسيقية. ولم يبيّن الفيلم للمشاهد العربي أنّ بدلة البيبي دول (Babydoll) هي نوع من الملابس الداخلية أو ملابس النوم النسائية، تتميز بتصميم فضفاض وقصير، وهي عادة دون أكمام أو بأكمام قصيرة ومنفوخة، وتصل إلى منتصف الفخذ أو أعلى، وتُصنع من أقمشة خفيفة وشفافة مثل الشيفون أو الحرير أو الدانتيل، مع تفاصيل تزينية كالكشكش والدانتيلا والزهيرات. وبذلك بقي كثير من الجمهور العربي حتى نهاية الفيلم يحسب أنّ البيبي دول هي دمية جنسية، لكنه لم يفهم ما هي علاقة هذه الدمية بحلم المواقعة الذي يجتاح محمود عبد العزيز؟!
ومن خلال مفارقات بوليودية مقرفة، ومصادفات غير منطقية، يفشل نور الشريف في تفجير قنبلته لأسباب سخيفة مضحكة. حيث يضطر شكري المكلف بإيصال الحقيبة المتفجرة إلى عوضين، إلى تسليمها له برموت كونترول خالٍ من البطاريات!
وحين يكتشف عوضين الأمر، يقتل شكري بطريقة مضحكة، ولكنه ينجح في الوصول إلى الجنرال بيتر ديفيد ويحاول الانتقام منه ولكن الحرس يمنعه، فيمسك بحسام المرافق للوفد مهددًا بقتله لو تدخل الأمن، ولكن اللواء محسن استطاع قتل عوضين، وفقد حسام من شدة الخوف ورعدة الهجوم قدرته التي اكتسبها بالعلاج، وانتهى حلم سميحة زوجته بالإنجاب ولكن بالعلم الأمريكي الحديث استطاع حسام وسميحة إنجاب اثنا عشر طفل بالتلقيح الصناعي.
الفيلم بمجمله قائم على لقطات فلاش باك متباعدة، مصنوعة سلفاً لحشد المشاهد لقضايا أيقن اغلب المشاهدين عدم صدقيتها ونمطيتها المقرفة، والمزج بين تلكم التداعيات أفقد المشاهد القدرة على ربط الاحداث ببعضها بشكل مقنع.
وذهب أغلب النقاد إلى أن الفيلم سقط جماهيرياً بل ووصفه البعض بأنه "نزوة" إنتاجية ولم يجد الاستحسان من النقاد الذين هاجموه بقوة، ما دفع مخرجه عادل أديب إلى القيام بإرسال رسالة نصية "إس إم إس" للنقاد الذين هاجموا الفيلم قال فيها "حسبي الله ونعم الوكيل"، وكأنه يستجدي منهم الاعجاب استجداء.
وأجمع النقاد أن ما عاب الفيلم هو الإسراف في تناول مسائل سياسية بجمل تكاد تكون متكررة بلا معنى أو هدف، كذلك اقتباسات حرفية عن وقائع محددة مثل نشرات الأخبار ومظاهر التعذيب في سجن أبو غريب بلقطاتها المشبوهة المقرفة الشهيرة، مع افتقاد التناغم والانسجام بين كل هذه المشاهد، خاصة أن قصة الفيلم تندرج تحت بند الكوميديا (مشكلة رجل يريد مواقعة زوجته) ليتحول الفيلم فجأة إلى تعذيب غير مقنع وصراخ لا يليق بشيبة وخبرة نور الشريف. وحتى مشهد مقتل نور الشريف جاء خالياً من أي ابداع أو ابتكار، كما جاء بعيداً عن اقناع المشاهد الذي اتقن مشاهد القتل الاحترافي من خلال ملايين مشاهد العنف التي عرضتها عليه السينما العالمية. المفارقة المضحكة المبكية التي لم ينتبه إليها أحد، أنّ المغنية روبي في نهاية الفيلم هي التي تظهر على المسرح وهي ترتدي فستان بيبي دول!
ولعل خير من وصف الفيلم هو الناقد السينمائي طارق الشناوي، حين حضر عرض الافتتاح وخرج ليقول إنّ "هذه الخلطة السياسية والجنسية أقرب الى المثل المصري القائل "سمك لبن تمر هندي"، أي انه لا توجد صلة وصل بين كل ما قدمته على الشاشة" آخذا على الفيلم ايضاً "الخطابات الحوارية المباشرة التي لا تصنع عملاً فنيا متميزاً".
رغم ميزانيته التي فاقت 7 ملايين دولار، لم يكن فيلم "ليلة البيبي دول" سوى خيبة كاسحة هي تعبير دقيق عن الخيبة العربية في فهم تحوّل المشروع البريطاني في العراق إلى مشروع أمريكي.



#ملهم_الملائكة (هاشتاغ)       Mulham_Al_Malaika#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماجدة الخطيب – ثائرة أم فوضوية طموحة؟
- جون بايز- يسارية حافية تهز القلوب
- حسين الجسمي - إنسان من نوع آخر
- الجنرال قاسم سليماني اللاعب الخطير القتيل
- الأديان..وحي غيبي أم صناعة بشرية؟
- العرب واقليمهم بلا رتوش
- خلف صوت وصمت المعركة
- حلبجة القتيلة صارت محافظة
- إيران العابرة لحدود التشيع التاريخية
- بعد زمن الخيول
- صناعة الجنس في ألمانيا
- من أيّ نوع أنت؟
- ميركل – سر المستشارة الألمانية التي ولدت شيوعية*
- البندقية الشيوعية الثائرة
- الشيوعية التي قتلت المجتمع المدني
- صراع العروش – شيوعية الصين أم شيوعية السوفييت؟
- دروس الدبلوماسية الحديثة
- حين فارق الشيوعيون أوطانهم
- اللغة الشيوعية تآكل يؤذن بالانهيار
- مقاربة الشيوعية المعاصرة لتحديات الجندر


المزيد.....




- -كوشنر سيحضرها-.. مصدر يكشف لـCNN تفاصيل جديدة عن محادثات مي ...
- العدل الدولية تنظر في قضية الإبادة الجماعية بميانمار في يناي ...
- العقوبات على الجنائية الدولية.. هل تجهز واشنطن على القانون ا ...
- 3 شهداء وعدة مصابين في قصف مدفعي إسرائيلي على مبنى يؤوي نازح ...
- خبير عسكري: إسرائيل تعيق قدرة الجيش اللبناني على نزع السلاح ...
- لماذا توصف المرحلة الثانية من اتفاق غزة بأنها الأكثر تعقيدا؟ ...
- الحب وترامب والغرب و3 ملايين سؤال.. عرض لوقائع وكواليس مؤتمر ...
- ساحل جزيرة هرمز الإيرانية يتحول إلى اللون القرمزي الداكن.. ش ...
- -من فوق جبل قاسيون-.. من هم القادة الذين شكرهم أحمد الشرع بع ...
- رئيس الوزراء المصري في بيروت.. القاهرة تدين الانتهاكات الإسر ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ملهم الملائكة - نور الشريف من البيبي دول إلى العراق!