أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بثينة تروس - ثورة ديسمبر! ضمير شعب محب للسلام














المزيد.....

ثورة ديسمبر! ضمير شعب محب للسلام


بثينة تروس
(Buthina Terwis)


الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 04:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتب الأستاذ المعلم الصادق سمل في ذكرى استشهاد ابنه عبد الرحمن: الى قتلة إبني عبد الرحمن (أنتم في حوجة إلى التطهر من دم إبني بدرجة أكبر من حوجتي للقصاص أو رغبتي في قتلكم. وإن لم تدركوا معاني ومدلولات حديثي الآن فستدركونه في مستقبل حياتكم. تعالوا الي وتطهروا.. فقط أخبروني عن كيف فعلتم ما فعلتم، حدثوني عن ساعاته الأخيرة، مع وعد منكم ألا تقتلوا مرة أخرى، ولكم مني عفو جميل وأكواب من القهوة) 28//ديسمبر/2018
وموقف الصادق سمل نموذجا استثنائيا للبحث عن عدالة قانونية رفيعة تتجاوز منطق القصاص الثأري، دون أن تفرط في حق الدم الاساسي. وهو موقف ليس منبتا عن ثقافة الشعب السوداني، بل متجذر في ارثنا الصوفي السمح، وفي فهمٍ عميق للتدين السمح بوصفه قيمة أخلاقية قبل أن يكون اَلة قمع وأدوات سلطة للحكام. أن هذا النموذج الإنساني يعبر عن جوهرٍ أصيل في الضمير الجمعي السوداني، ويتقاطع بوضوح مع المعاني الكبرى التي حملتها ثورة ديسمبر، بوصفها ثورة سلام ووعي قبل أن تكون ثورة تخريبية! كما أفلح الكيزان في تصويرها وتشويهها!
لقد كانت ثورة ديسمبر رمزا ً للعزيمة والإرادة التي لا تلين، ونموذجاً للتغيير السلمي الذي كسر القاعدة التقليدية القائلة إن التغيير لا يتم إلا بالعنف والسلاح. فقد واجه شبابها الرصاص بصدور عارية، دون انكسار، رغم عدم التكافؤ الفادح بينهم وبين الطرف الآخر المتمثل في الجيش وقوات الدعم السريع وكتائب الظل. إن الاحتفاء بثورة 19 ديسمبر 2018 هذا العام، يأتي بينما تكتمل فصول كارثة حرب 15 أبريل اللعينة، التي ستدخل عامها الثالث بعد أشهر معدودة. وهو احتفاء لا ينبغي أن يكون عاطفيا، بل واجبأً أخلاقياً على كل مواطن حر، لم يرهن قراره ورائه لأي طرف من أطراف الحرب، ولم يبرر القتل تحت أي مسمى أو قضية مهما كانت تتخذ من السلاح وأرواح السودانيين معبرا لتحقيق أهدافه في السلطة. لقد كانت ثورة ديسمبر بوتقة انصهرت فيها مطالب شعب عريض، خرج فيها جيل شهد الثورة المعلوماتية، ولد وتربى في ظل سلطة الحركة الإسلامية، وتحت خطاب (حرمة الخروج علي الحاكم) جيل جرب عليه مشروع، (أعادة صياغة الإنسان السوداني) عبر تجارب الحاكمية، والجهاد، والتكفير، وقوانين النظام العام، فخرج باحثاَ عن حلم الدولة المدنية (مدنياااو) بعد عقودٍ من العزلة والمقاطعة العالمية، التي بررت بنظريات المؤامرة علي الدولة الإسلامية كوسيلة لإخضاع الشعب وتكميم الراي العام.
وخرجت في الثورة جموع النساء، الكنداكات، وهن وارثات شراكة القرار السياسي والديني والاقتصادي منذ الحضارة الكوشية، شراكة سلبتها حكومة الإخوان المسلمين بعقلية مشروع انتهازي، فشل في فض التعارض البائن بين قوانين الشريعة الإسلامية وقوانين الأحوال الشخصية المستمدة منها، وواقع المرأة المعاصر. فكان نصيب النساء التمييز، والقوانين المذلّة، واستخدام البطش وتشويه السمعة لقهر المجتمع عبر قهر نسائه! كما خرج آخرون يحلمون بالعودة من اللجوء إلى أقاليمهم، بعد أن أشعلت سياسات الكيزان العدائية الحروب القبلية والصدامات بين تلك المجتمعات المحلية والسلطة، وشارك في الثورة من بحّ صوته وهو يطالب برفع التهميش والفقر، وآخرون لا يحلمون إلا برغيف خبز، وكهرباء، وماء بلا انقطاع. وخرج خريجو الجامعات اطباء ومهندسون كان يعول عليهم في بناء البنية التحتية لوطنهم، فإذا بهم يعملون سائقي ركشات، وعمال ترحيل، ومهن خارج نطاق دراساتهم، هربا من ضيق الاقتصاد والعوز، وقلة الحيلة بعد ان ساد الفساد في الدولة. ومن بين الثوار أيضا أبناء بعض قادة الحركة الإسلامية أنفسهم، أولئك الذين شهدوا عن قرب فشل حكم آبائهم لثلاثة عقود، ورأوا كيف طغوا وفسدوا، وأكلوا الاموال أكلاً عجيباً! لكن، للأسف، ظلت ثورة ديسمبر حلما بدولة مدنية وعدالة برلمانية، تحطمت على صخور القصور السياسي، المحاصصات، والتآمر وتجذر الدولة الإخوانية العميقة بدعم انقلاب الجيش، إلى جانب إخفاقات النخب القديمة، رغم هذا، نجحت الثورة في كسر غطرسة الحركة الإسلامية (مافي أرجل من الحركة الإسلامية)! وان الشعب الأعزل المحب للسلمية هو الارجل، والأحرص علي وحدة هذا الوطن.
حقاَ، أصبحت الحاجة اليوم ماسّة لاستنهاض قيم الثورة، لوقف نزيف الحرب، ورفع صوت الرحمة والإنسانية، لشعب صنف انه يواجه أكبر أزمة إنسانية عالمياَ، إن استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث يعمق أزمات 14 مليون نازح، منهم 9.5 ملايين داخل السودان، وحال 21 مليون جائع ومريض وحرمان 10 ملايين طفل من التعليم، بحسب اخر إحصائية للأمم المتحدة. واستمرار القتال ينهش جسد الدولة السودانية ويهدد بتمزقها، أكثر من أي وقت مضى، فقد حان الوقت لكل سوداني حر ومسؤول أن يرفع صوت السلام، (لا للحرب) ويضع حداً للدماء، ويعيد الوطن إلى مساره الطبيعي. وقف الحرب هو الواجب الأسمى، والمسؤولية جماعية لإنقاذ حياة الناس واستعادة حلم السلام والدولة المدنية قبل أن يضيع نهائيًا.



#بثينة_تروس (هاشتاغ)       Buthina_Terwis#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حظر الإخوان في كندا بين الديمقراطية والإرهاب!
- (ستو).. وما بخوفنا من السلام!
- الدعم السريع والخسران المبين
- كايرو ومعايير البلابسة للغفران
- وا فجيعتهن! أخوات نسيبة وأخوات تأسيس
- سلام الكيزان..خراب وطن وتمكين!
- قسم حميدتي! حين يُطعم الجوعى بالدم!
- اخوان مصر(وحشين) تصريحات بلبوسة!
- وليدات الغبش بين الجهاد والشماتة
- أحمد هارون! عائدون..عائدون
- عدالة (درف).. محامي ذبيح الاخوان!
- سقط معز! استفرغت خبايا النفوس ظلاماتها!
- ابتزاز (الكاهن) في زمن الحرب
- يهود وإسلاميون في التيه!
- حين كذّب الكيزان رؤيا الحكيم!
- كامل إدريس.. الماسخ المكرور!
- الاعيسر مبعوث الكيزان لرجم الشيطان!
- جبريل.. من حصان طروادة الي دبابة المشتركة!
- موقف ثابت من تابت إلى طرة!
- حكوماتنا ومظالم نسوية مستمرة!


المزيد.....




- من الخرطوم إلى كاراكاس.. روبيو يعلن أولويات واشنطن الإقليمية ...
- اجتماع جديد للوسطاء بميامي.. روبيو: اتفاق غزة سيستغرق 3 سنوا ...
- أفضل أداة توليد صور بالذكاء الاصطناعي؟.. -واشنطن بوست- تجيب ...
- من هجليج للأبيض.. مدن مفصلية ترسم ملامح الصراع في كردفان
- محللون: تعقيدات تعرقل الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة ...
- بهدوء وثبات.. إسرائيل تنهار من الداخل
- -كوشنر سيحضرها-.. مصدر يكشف لـCNN تفاصيل جديدة عن محادثات مي ...
- العدل الدولية تنظر في قضية الإبادة الجماعية بميانمار في يناي ...
- العقوبات على الجنائية الدولية.. هل تجهز واشنطن على القانون ا ...
- 3 شهداء وعدة مصابين في قصف مدفعي إسرائيلي على مبنى يؤوي نازح ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بثينة تروس - ثورة ديسمبر! ضمير شعب محب للسلام