أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت خيري - سوسيولوجيا الفتن والمشاكل الاجتماعية - الحجرات














المزيد.....

سوسيولوجيا الفتن والمشاكل الاجتماعية - الحجرات


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 08:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بقي بعض المؤمنين متمسكا بسيكولوجيا فوضوية مكتسبة من طباع الجاهلية ، لم يغيرها الإيمان بالله واليوم الأخر ، مارسها البعض داخل المجتمع المؤمن مما جعلها محل انتقاد واسع ، لعدم ملائمتها للمستوى العقلي والثقافي الراقي الذي بلورته لآيات القرآنية ، فتلك السيكولوجية مكتسبة من الميثولوجيا والدين السياسي اللذان يرتكزان اقتصاديا وسياسيا وثقافيا على التخلف واللاوعي ورجعية الطوائف الدينية ، فلما تخلص المؤمنون منها نظروا إليها نظرة اشمئزاز إلا قليل منهم ، منها رفع الأصوات والصراخ للمناداة والغيبة والنميمة والعنصرية والحشد للاقتتال والتجسس والألفاظ البذيئة ، ونقل الأخبار الكاذبة المغرضة ، والظن السيئ والتفاخر ، وسخرية القبائل بعضها من بعض ، وسخرية النساء من بعضهن البعض ، وهذا يعكس عدم تفاعل بعض المؤمنين والمؤمنات مع روح الآيات الإيمانية ، ثمة توصيات جاءت في سورة الحجرات على خلفية اقتتال طائفتان من المؤمنين ، محذرة البعض منهم من تقديم أي متقرح بين يدي الله ورسوله لحل المشاكل الاجتماعية ، كما ان مقدم المقترح اخل بالصفات العلية لله كأن الله لا يعلم بما يجري بين الناس ، قال الله يا أيها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ، واتقوا الله ان الله سميع عليم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{1}

نزلت سورة الحجرات للكشف عن أسباب اقتتال طائفتان من المؤمنين ، رجحت السورة عدد من الأسباب منها الظن ، والتنابز بالألقاب ، والتجسس والنبأ الفاسق ، حضر طرفي النزاع الى مجلس النبي لحل المشكلة ، عارضين عليه تفاصيلها كل من جهته ، فتعالت أصواتهم فوق صوت النبي فتلك السيكولوجية الفوضوية مكتسبة من مجالس زعماء القبائل في حل المشاكل ، رفضها التنزيل قائلا يا أيها الذين امنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ، ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ، ان تحبط أعمالكم وانتم لا تشعرون ، عكس ذلك ان الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ، أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ، لهم مغفرة واجر عظيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ{2} إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ{3}

وراء كل مشكلة قبلية أو عشائرية أو طائفية شيطان متربص لها ، يسكب الماء على الزيت لإثارة الفن والعداوة والبغضاء بين الناس ، فترى اغلب المجتمعات الطائفية والقبلية غير واعية تندفع بسهولة الى الانتقام ، فمعظم المشاكل ليس لها دليل مادي مجرد كلام معنوي محصور بين القيل والقال ، فالمتربص لها قادر على إنتاج سوسيولوجيا فن التحريض ودوافع الانتقام ، ولقد استجاب مروجو الفتن لنبأ الفاسق مما زاد المشهد تعقيدا ، دون ان يتأكد طرفي النزاع من مصداقيته ما جاء به ، وعلى الفور اشتعلت نار الفتنة من جديد ، فهرع الجميع الى بيت النبي ينادونه من وراء الحجرات ، قال الله ان الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ، لا يعقلون دليل على تدني المستوى العقلي لطرفي النزاع ، ولوا أنهم صبروا حتى تخرج إليهم ، لكان خيرا لهم والله غفور رحيم

إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ{4} وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{5}

ان الإيمان بالله واليوم الأخر قادر على تغير سيكولوجية الفرد العاصي لربة ، لكن لا يغير طبعه على استناد ان الطباع هي سيكولوجية اجتماعية مجتمعية لا عقائدية ، ولما تداول نبا الفاسق أناس على شاكلته ارتبك مجتمع المدينة مما يجري ، أما العقلاء أدركوا تلك السيكولوجية بالفطنة والتعقل قبل نزول أي تصريح عقائدي توعوي في هذا الصدد ، كشف التنزيل عن جذور المشكلة ، قائلا يا أيها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ، ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ{6}

نبا الفاسق تسبب في اقتتال طائفتان من المؤمنين ، إحداهما أرادت جر النبي الى معاقبة خصمها وفقا لقوانين قبيلتها ، فقدمت مقترحا بين يدي الله ورسوله للبت به ، رفضه التنزيل موضحا ان الفكر العقائدي لا علاقة له بحل المشاكل الاجتماعية ، أما عن الأسئلة التي أجاب عنها القران والتي جاء طلبها بصيغة الاستفسار يسألونك ، هي أسئلة عقائدية لا اجتماعية ، ولقد تحفظ النبي عن الرد على مقترح حل المشكلة وفقا لقوانين قبلية كما لم يعطي رأيه لا فيها ولا في غيرها ، قال الله وعلموا ان فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ، ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره أليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ، الراشدون أصحاب العقول الراقية المتزنة التي لم تنجر وراء فوضى نبا الفاسق ، فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم

وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ{7} فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{8}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفتح نهاية النفوذ الفارسي والروماني - الفتح
- الفتح نهاية الجيو- وثنية الرأسمالية - الفتح
- الفتح نهاية التحالف المكي الرأسمالي - الفتح
- الحديبية نهاية التحالف المكي الرأسمالي - الفتح
- النفاق الديني والتحديات العسكرية والأمنية - محمد
- النفاق الديني شيطنة سرية سياسية امبريالية - محمد
- النفاق الديني والمصالح السياسية والاقتصادية - محمد
- النفاق سيكولوجية الدين السياسي - محمد
- شيطنة عالمي الجن والإنس ثقافة جيو اركيولوجية - الاحقاف
- الوجودية الأزلية وثقافة الجيو اركيولوجيا - الاحقاف
- الوجودية الأزلية وعقوق الوالدين - الاحقاف
- أوهام الأمل
- أولياء الله بين الوثنية والدين السياسي - الاحقاف
- المصير الأخروي للوجودية اللادينية - الجاثية
- الوجودية وديموغرافيا الجيوعقائدية - الجاثية
- الدين السياسي دين للادينيين - الجاثية
- الوجودية اللادينية والتحيز اللاواعي - الجاثية
- الوجودية اللادينية والدين السياسي- الجاثية
- المصير الأخروي للشمولية الوجودية - الدخان
- التاريخ المخزي للشمولية الفاشية - الدخان


المزيد.....




- دراسة أميركية: تصاعد ملحوظ في مظاهر التحيز ضد المسلمين واليه ...
- برونو روتايو.. الطامح لرئاسة فرنسا عبر محاربة تطبيق الشريعة ...
- بورصة قطر تدرج صكوك البنك الدولي الإسلامي كأول صكوك إسلامية ...
- 251 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى بحراسة الشرطة الإسرائيلية ...
- اقتحام 251 مستوطنا المسجد الأقصى بمناسبة عيد -الحانوكاه-
- منظمة حقوقية كندية تدعو لمكافحة معاداة الإسلام بعد تهديد سائ ...
- تصعيد ميداني في الضفة: اقتحامات من سلفيت وجنين إلى بيت لحم
- العلاقة الإسلامية المسيحية في القدس: بين التآخي والألم المشت ...
- فيديو: احتفالات عيد الميلاد حول العالم... أضواء وزينة من الف ...
- نتنياهو: لولا اليهود المكابيون لما كانت الولايات المتحدة


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت خيري - سوسيولوجيا الفتن والمشاكل الاجتماعية - الحجرات