|
|
النفاق الديني والمصالح السياسية والاقتصادية - محمد
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 00:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد الهجرة الى المدينة ، تسارعت الأحداث في شبه الجزيرة العربية ، لصالح المؤمنين بالله واليوم الأخر، أبرزها النصر في بدر سنة 2 للهجرة ، وجلاء المشركين من أهل الكتاب ناقضوا اتفاقية السلام سنة 4 للهجرة ، وجلاء المشركين من أهل الكتاب ناقضوا الاتفاقية الأمنية سنة 5 للهجرة ، بعد انضمامهم الى جانب التحالف المكي الرأسمالي في معركة الخندق فارضين حصارا عسكريا واقتصاديا على المدينة لأكثر من عشرين يوما ، بالإضافة الى التعاون الأمني الذي ابرم مع بعض القبائل العربية في صلح الحديبية سنة 7 للهجرة
لم يؤدي المشهد العقائدي في المدينة دورا ايجابيا لتعدد طوائفها وتوجهاتها ، كالذين كفروا والمنافقين من الإعراب وأهل المدينة الذين ارتبطت مصالحهم السياسية والاقتصادية مع الدين السياسي لأهل الكتاب ، مشكلين ديموغرافيا معقدة حاضنة للنفاق والكفر والمؤامرات ، فمن التكتلات السياسية التي وقفت بالضد من الدعوة القرآنية هم الذين كفروا من أهل الكتاب ومن أهل المدينة ، أطلق عليهم التنزيل هذه التسمية لأنهم ليسو بوثنيين، إنما هم سياسيون دافعوا عن ديموغرافيا المصالح السياسية والاقتصادية ، بالتصدي للإيمان بالله واليوم الأخر، عرض التنزيل على الذين كفروا من أهل المدينة اركيولوجيا التدمير التاريخي ، للاطلاع على المصير المخزي لأمم كانوا مثلهم ، فمن لا يرغب بذلك المصير فعلية بالعمل الصالح قال الله ، ان الله يدخل الذين امنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار، وعكس ذلك ، والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ{12}
بعد الهجرة ، واجه المؤمنون تحديات اقتصادية واجتماعية في المدينة بعد استضافة الأنصار للمهاجرين ، منها العبء الاستيطاني والتفاقم المعيشي نتيجة ارتفاع في الكثافة السكانية داخل الآسر ، بينما لا نجد ترحيب بالمؤمنين بين أوساط الذين كفروا من أهل المدينة وأهل الكتاب ، بل وحتى من الذين رحبوا بهم بادئ الأمر، وخاصة بعد التطورات العسكرية والتحولات الميدانية التي أرغمت المؤمنين على الإنفاق والقتال في سبيل الله ، بات المشهد الدعوي في المدينة أكثر تعقيدا ، بعد امتناع المنافقين عن الامتثال لوصايا الإنفاق والقتال في سبيل الله ، بتحريض من حلفائهم الذين كفروا من أهل الكتاب ، فأمر الله بقطع العلاقات الاجتماعية مع المحرضين ، ان التحديات العقائدية في المدينة فاقت بكثير التحديات في مكة ، وعلى أثرها هدد الله القرى والمدن بالهلاك قائلا وكأين من قرية هي اشد من قريتك التي أخرجتك ، مكة ، أهلكناهم فلا ناصر لهم ، أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله ، واتبعوا أهوائهم
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ{13} أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ{14}
عرض التنزيل على أهل المدينة بعض امتيازات المغفرة الاخروية ، وما يقابلها من مصير مخزي وعذاب اليم لمن أصر على رفض الإيمان بالله واليوم الأخر
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ{15}
النفاق الديني نشاط سياسي يتلون وفقا للمتغيرات العقائدية والميدانية التي يحدثها التنزيل داخل المجتمع ، ولقد أنتجت مجريات الأحداث منافقون كثر منهم ، منافقو الهجرة والدعوة والقتال والإنفاق والصدقات ، ان التحولات الميدانية والعسكرية من الدعوة الى الهجرة الى القتال ، أدى الى ظهور النفاق الديني كفكر سياسي توطد ثقافيا وميدانيا بعد التهديدات العسكرية التي شنها التحالف المكي الرأسمالي على المدينة سنة 5 للهجرة ، ونظر لتسارع الأحداث على الساحة الأمنية كثف محمد من اجتماعاته بالمؤمنين ، لدراسة أخر المستجدات على الساحة العسكرية ، فكان يحضرها الذين كفروا من أهل الكتاب ، والمنافقين من الأعراب وأهل المدينة ، فلم يكن حضورهم لطاعة أو لهداية إنما للاستهزاء ، قال الله ومنهم من يستمع إليك ، حتى إذا خرجوا من عندك ، قالوا للذين أتوا العلم ماذا قال أنفا ، أنفا تعني ماذا قال قبل قليل استهزاء لعدم الرغبة بالطاعة ، أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهوائهم ، والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم
وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ{16} وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ{17}
اقرب مثال على النفاق الديني السياسي ارتباط مصالح أعراب البترودولار مع الامبريالية الأمريكية ، المنافقون هم طائفة من المؤمنين بالله واليوم الأخر، ارتبطت مصالحهم السياسية والاقتصادية مع الذين كفروا من أهل الكتاب ، فلم يكتفوا بعدم الامتثال لوصايا الإنفاق والقتال في سبيل الله ، بل تصدوا للآيات العقائدية بالأفكار السياسية المضادة التي يمليها عليهم شياطين الدين السياسي لأهل الكتاب ، ونظرا لازدواجية العمل الميداني للمنافق ، حرم الله على المنافقين مولاة الذين كفروا من أهل الكتاب ، واضعا الجميع تحت تهديد الساعة قائلا ، فهل ينظرون إلا الساعة ان تأتيهم بغتة فقد جاء اشتراطها ، فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ، فاعلم انه لا اله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم
فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ{18} فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ{19}
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النفاق سيكولوجية الدين السياسي - محمد
-
شيطنة عالمي الجن والإنس ثقافة جيو اركيولوجية - الاحقاف
-
الوجودية الأزلية وثقافة الجيو اركيولوجيا - الاحقاف
-
الوجودية الأزلية وعقوق الوالدين - الاحقاف
-
أوهام الأمل
-
أولياء الله بين الوثنية والدين السياسي - الاحقاف
-
المصير الأخروي للوجودية اللادينية - الجاثية
-
الوجودية وديموغرافيا الجيوعقائدية - الجاثية
-
الدين السياسي دين للادينيين - الجاثية
-
الوجودية اللادينية والتحيز اللاواعي - الجاثية
-
الوجودية اللادينية والدين السياسي- الجاثية
-
المصير الأخروي للشمولية الوجودية - الدخان
-
التاريخ المخزي للشمولية الفاشية - الدخان
-
الشمولية والتحيز اللاواعي - الدخان
-
الديانة الإبراهيمية وامبريالية الثيولوجيا - الزخرف
-
الديانة الإبراهيمية وفيلولوجيا النصوص - الزخرف
-
الديانة الإبراهيمية ولاعتقاد الأركيولوجي- الزخرف
-
الرأسمالية بين الراديكالية ودوغمائية البنات - الزخرف
-
الرأسمالية وميثولوجيا بنات الرحمن - الزخرف
-
ميثولوجيا بنات الرحمن- الزخرف
المزيد.....
-
ترامب: المسيحيون في نيجيريا يواجهون تهديدا وجوديا
-
ولايتي: ترامب لا يسعى للسلام في غزة بل يطارد أموال الدول الإ
...
-
مصر.. هكذا علق شيخ الأزهر على افتتاح المتحف المصري الكبير
-
شاهد.. والد فتى فلسطيني أمريكي يروي لـCNN تفاصيل معاناة ابنه
...
-
وزير الخارجية البحريني يستقبل رئيس اللجنة اليهودية الأمريكية
...
-
مسؤول أمني إسرائيلي: مواجهة التطرف اليهودي أو العنف الداخلي
...
-
الآلاف من اليهود الحريديم يحتجون في القدس على التجنيد في الج
...
-
آلاف اليهود المتشددين يتظاهرون في القدس رفضا للتجنيد الإلزام
...
-
-لبرق الحمى عهد علي وموثق-.. فلسفة العهد في الشعر في صدر الإ
...
-
العدالة الانتقالية في ضوء الشريعة.. رؤية تأصيلية
المزيد.....
-
الفقه الوعظى : الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
نشوء الظاهرة الإسلاموية
/ فارس إيغو
-
كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان
/ تاج السر عثمان
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
المزيد.....
|