أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت خيري - الوجودية اللادينية والدين السياسي- الجاثية














المزيد.....

الوجودية اللادينية والدين السياسي- الجاثية


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 10:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في القرن الثامن الميلادي ، انزوت الإمبراطورية الرومانية مع وحلفائها اليهود والنصارى والمسيحيين ،عن المنطقة العربية وشمال أفريقيا الى روما ، رافضة التأقلم مع مجتمعات أمنت بالله واليوم الأخر في شبه الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام ، فلم تستفد طوائف الدين السياسي لأهل الكتاب ، من مرحلة التصحيح العقائدي الذي طال المنطقة العربية في القرن السادس الميلادي ، بل انزوت على الانشقاق التاريخي للتوراة والإنجيل حاملة إياه الى أوربا ، وهناك قامت الإمبراطورية الرومانية الاستعمارية وحلفائها بحملات تبشير مسيحي طالت أرجاء أوربا ، فتأثر الغرب بالفكر التوراتي القومي والعقائدي ، بينما ثاثير الشرق بكرامات المسيح وقيمه الروحية ، مستبدلة الثقافة الإغريقية والرومانية باديان سياسية ، قسمت أوربا الى طوائف وفقا لجيوثقافة الكتاب المقدس ، التي من تداعياته التاريخية ما يتعرض له الشرق الأوسط اليوم من صراع حضاري وسياسي واقتصادي على يد أمريكا وحليفها الغرب الامبريالي لإعادة أمجاد الماضي المقدس ، قلنا ان الدين السياسي يسمح ببناء ايدولوجيا سياسية فوفق ايدولوجيا الاعتقاد ، فاسحا المجال للتحيز اللاواعي في دعم إشكال مختلفة من الأنظمة السياسية كالدكتاتورية والفاشية والنازية ، لطالما ذلك لا يتعارض مع مصالح رجال الدين الدنيوية ، ولقد ساهم الدين السياسي لأهل الكتاب في بلورة الوجودية الأوربية ، كجزء من ثقافة الدين السياسي الإسرائيلي ، الذي نقلته طوائف أهل الكتاب من المنطقة العربية الى روما في القرن الثامن الميلادي ، استطيع القول ان الوجودية اللادينية والدين السياسي يظهران في المجتمعات بعد غياب عقيدة الإيمان بالله واليوم الأخر، كما هو الحال مع هذه الطائفة الإسرائيلية ، في سورة الجاثية دخل التنزيل في حوار عقائدي مع وجودية إسرائيلية براغماتية لا تقر بنظرية النص الديني ، وتعتمد على النتائج العملية ، قال الله ، حم حروف مقطعة لها علاقة بأرشفة السور المكية التي نزلت بشكل كامل ، تنزيل الكتاب بمعنى سيأخذ الكتاب منزلة فكرية وثقافية في دعوة الوجودية اللادينية الى الإيمان بالله واليوم الأخر ، يحدد ماهيتها الله العزيز الحكيم

حم{1} تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ{2}

لا تعتبر الوجودية الأوربية فكرا إلحاديا ، لأنها تبلورت في بيئة دينية سياسية ، لا تعلم ماهية الله ولا بالبعث والنشور الأخروي ، ولا تقر أصلا بخالق السماوات والأرض ، فمن أفكارها العدمية والعبثية اللتان تهتمان بفلسفة الفرد وجوهره ، أما الوجودية اللادينية فلها شواهد تاريخية بمجابهة دعوات الأنبياء والرسل والكتب المنزلة ، فمن أفكارها السياسية الدهرية وعدمية الماضي ، عرض التنزيل على الوجودية اللادينية آيات في السماوات والأرض لحثها على الإيمان بالله واليوم الأخر ، قال الله ان في خلق السماوات والأرض لآيات للمؤمنين

إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ{3}

في القرن السادس الميلادي ، ظهرت الوجودية اللادينية في المجتمع الإسرائيلي كفكر سياسي بعد غياب الإيمان بالله واليوم الأخر عن الوعي المجتمعي ، غيبه الدين السياسي مبلورا البراغماتية اللادينية لرفض نظرية النص الديني ، إلا بمشاهدة النتائج العملية على ارض الواقع ، فمن أفكارها السياسية التي جابهت بها الدعوة القرآنية عدمية الماضي ، مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ، طبعا لا يمكن إعادة الماضي ، ولكن يمكن تقديم أدلة مادية لبعض الظواهر المتجددة فناها الماضي كالآباء ، وجددها الحاضر خلق كالأبناء ، وكذلك بث الدواب بالتكاثر على الأرض ، قال الله وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون

وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ{4}

ان تقوقع الوجودية اللادينية حول ذاتها وملذاتها ، غيب الوعي عن استيعاب ديناميكية تكاثر الكائن الحي ، كما غيب الشعور بالمتغيرات المناخية ، وقوانين الطبيعة والظواهر المادية المتجددة ، مخلفا تدنيا بالمستوى الثقافي والذهني انعكس على الفرد والمجتمع ، ليفسح المجال أمام التحيز اللاواعي بالانحياز الى تيارات سياسية لا تمثل تطلعات الشريحة الواعية من المجتمع ، ان تغيب الوعي المجتمعي هو منهاج سياسي تتبعه الأديان السياسية والوثنية وللادينية ، مشكلة الوعي اللاديني هي ان أدبيات الفلسفة الوجودية بشكل عام لا تخضع للقوانين التطبيقية ، لذا نجد أفكارها ضرب من الخيال للاعقلاني ، ولكي يحفز التنزيل الوعي العقلاني لدى الوجودية اللادينية ،عرض عليها بعض تطبيقات قوانين الطبيعة المجددة للمادة ، كأمثلة دنيوية لاستيعاب الحياة الأبدية ، قال الله واختلاف الليل والنهار وما انزل من السماء من رزق ، الرزق الأنشطة المعيشية المرتبطة بالمطر كالزراعة والثروة الحيوانية فأحيا به الأرض بعد موتها ، وتصريف الرياح تأثير حركة الرياح على المناخ والأمطار والسحب والنشاط الزراعي ، آيات لقوم يعقلون

وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ{5}

رفضت الوجودية اللادينية ، التفاعل الفكري والروحي والإيماني مع آيات السموات والأرض ، ومع وقوانين الطبيعة والظواهر المتجددة ، مصرة على عبثية الحياة وعدمية الماضي ، قال الله تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق ، فأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ، ماذا يريد اللاديني أكثر من هذه الأمثلة الواقعية

تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ{6}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصير الأخروي للشمولية الوجودية - الدخان
- التاريخ المخزي للشمولية الفاشية - الدخان
- الشمولية والتحيز اللاواعي - الدخان
- الديانة الإبراهيمية وامبريالية الثيولوجيا - الزخرف
- الديانة الإبراهيمية وفيلولوجيا النصوص - الزخرف
- الديانة الإبراهيمية ولاعتقاد الأركيولوجي- الزخرف
- الرأسمالية بين الراديكالية ودوغمائية البنات - الزخرف
- الرأسمالية وميثولوجيا بنات الرحمن - الزخرف
- ميثولوجيا بنات الرحمن- الزخرف
- لماذا قرأنا عربيا - الزخرف
- الظلم والاستبداد الطبقي الرأسمالي - الشورى
- الكادحون بين الرأسمالية والتنزيل - الشورى
- الله والمال والشريعة - الشورى
- الاستاتيكية وعلمية الماضي الغيبي - الشورى
- الوجودية بين التراجيديا والرفاهية - فُصِّلَتْ
- النشأة التاريخية للإلحاد الوجودي - فُصِّلَتْ
- الكون بين الوجودية والدين - فُصِّلَتْ
- النشأة التاريخية للاعتقادات الكونية - فُصِّلَتْ
- دراماتيكية الشيطنة والعلوم الدينية - غافر
- المقدسات والشرك بالله - غافر


المزيد.....




- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- نتنياهو يجتمع مع رئيس الطائفة الدرزية لمتابعة الأوضاع في الس ...
- مجلس الكنائس العالمي يُعرب عن تضامنه مع بطاركة القدس ومواطني ...
- لجنة طوارئ كنيسة العائلة المقدسة في غزة تقرر البقاء في الكني ...
- بابا الفاتيكان يدعو لإنهاء -العقاب الجماعي- في غزة
- البرلمان يصوّت على مدونة الأحوال الشخصية وفق المذهب الجعفري ...
- جدل إثر تخصيص متحف في البوسنة ريع مخطوطة يهودية ثمينة لدعم س ...
- الجزائر.. إخماد حريق ضخم بالشريعة قرب العاصمة وسط إجلاء العا ...
- بابا الفاتيكان يطالب بوقف العقاب الجماعي والتهجير القسري للف ...
- بابا الفاتيكان يوجه مناشدة قوية لإنهاء الحرب في غزة


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت خيري - الوجودية اللادينية والدين السياسي- الجاثية