|
|
أفريقيا في قلب المعركة العالمية على المعادن الاستراتيجية
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 10:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اجتمع قادة مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي في كاناناسكيس ( كندا ) خلال شهر حزيران/يونيو 2025، لمدة ثلاثة أيام، لوضع برنامج مشترك لتأمين مستقبل المعادن الأساسية، وللإتفاق على خطة عمل لضمان سلاسل توريد المعادن الأساسية، لتقليل الاعتماد على الصين التي تُسيطر على أكثر من 70% من تعدين المعادن الأرضية النادرة عالميًا، وتتمثل الخطة في تحديد الحد الأدنى للأسعار والشراء المشترك، وقد يمثل هذا التنافس بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا فرصةً للدّول التي تمتلك احتياطيات كبيرة من المعادن الحيوية، مثل بلدان إفريقيا التي تضم احتياطيات كبيرة من أهم المعادن، حيث تمتلك جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها أكثر من 76% من إنتاج الكوبالت العالمي، ذلك المعدن الأساسي في صناعة بطاريات الليثيوم أيون، وتمتلك زيمبابوي 480 ألف طن من احتياطيات الليثيوم، وهي رابع أكبر منتج عالمي، بنحو 22 ألف طن سنة 2024، كما تمتلك مالي احتياطيات كبيرة من الليثيوم، لا سيما من خلال مشروع غولامينا، الذي من المتوقع أن ينتج 142,3 مليون طن من أكسيد الليثيوم، وتُعدّ الغابون من أبرز منتجي المنغنيز في العالم، وتُهيمن جنوب أفريقيا على أسواق البلاتين والكروم، وتُعدّ مدغشقر وملاوي وتنزانيا غنية بالعناصر الأرضية النادرة، كما يسيطر المغرب ( بعد احتلال الصّحراء الغربية) على حوالي 70% من احتياطيات الفوسفات العالمية، وتنتج نيجيريا وأنغولا والجزائر والغابون وغيرها المحروقات بكميات تزيد عن حاجتها... أسّست الصين، منذ العقد الأخير من القرن العشرين، علاقات جيدة مع حكومات البلدان الإفريقية، من خلال الإستثمار في قطاعات المناجم والبنية التحتية والتجارة، وعززت علاقاتها من خلال "مبادرة الحزام والطريق"، فاستثمرت قرابة ثلاثين مليار دولارا سنة 2024، اتجهت نسبة 17,6% منها إلى قطاع التعدين الذي يشهد منافسة قوية بين الصين والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وقوى أخرى تهدف كذلك للإستحواذ على هذه الثروات من المعادن الثمينة، وتمكنت الصين – رغم العراقيل – من الرِّيَادَة في الطاقات البديلة والتقنيات المتقدمة وتصنيع السيارات الكهربائية وإنتاج البطاريات بفضل استغلال موارد بلدان عديدة، من ضمنها بلدان إفريقيا التي أصبحت في قلب المنافسة بين القوى الرأسمالية الكبرى على صناعة البطاريات الكهربائية والطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وبطاريات وشرائح أجهزة الحاسوب والهواتف وغيرها من التقنيات ( كالأقمار الصناعية ) التي تعتمد على معادن استراتيجية، من ضمنها الليثيوم والكوبالت والنحاس والنيكل والمنغنيز والمعادن النادرة التي تتوفر بكميات هامة في إفريقيا التي تتأرجح بلدانها بين آمال المواطنين في إنجاز التنمية التي توفر لهم الوظائف والكرامة والعيش الكريم، وبين واقع التبعية معظم الأنظمة الحاكمة للقوى الإمبريالية التي تُطلق الحروب "الأهلية" في المناطق الغنية بالمعادن وبالثروات كما في نيجيريا والكونغو والسودان... لم تتورّط الصين في إطلاق الحروب الأهلية ولا في التّدخّل في الشأن السياسي للبلدان ( خلافا للولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي بذريعة نشر الدّيمقراطية وحقوق الإنسان ) وبذلك تمكنت الصين من الهيمنة على قطاع المعادن الإستراتيجية في أفريقيا، واستثمرت مبالغ هامة لاستخراج المعادن والتكرير والنقل والمعالجة، وهي قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، وتُعالج الشركات الصينية 90% من العناصر الأرضية النادرة والغرافيت، وما بين 60% و70% من الليثيوم والكوبالت، وتسيطر على 46% من إمدادات الكوبالت المُستخرجة عالميًا، وتستغل نسبة هامة من الكوبالت المتوفر في جمهورية الكونغو الديمقراطية واالليثيوم في زيمبابوي والنحاس في زامبيا، واستثمرت الشركات الصينية حوالي 4,5 مليارات دولارا في مشاريع الليثيوم في زيمبابوي والكونغو ومالي وناميبيا، وتُسيطر الشركات الصينية على العديد من المشاريع الكبرى في زمبابوي، وشجعت الكونغو وزامبيا، منذ سنة 2021 ، على إقامة مشروع مشترك لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، في منطقة تجارة حرة بمساحة أَلْفَيْ هكتار على الحدود بين البلدين، بإشراف شركات صينية لمعالجة الليثيوم والكوبالت، غير إن معظم البلدان الإفريقية لا تزال لا تزال تُصَدِّرُ المعادن الخام بعائدات منخفضة وفي مناخ متقلب، مما يحرمها من القيمة الحقيقية التي تُولّدها المنتجات المُصنّعة كالبطاريات والمكونات الإلكترونية والسبائك الصناعية، وبذلك تُفرّط الدّول الإفريقية في فرصة تاريخية لتنمية مواردها وازدهار اقتصادها وشعوبها، فقد توقعت العديد من البحوث والدّراسات ارتفاع الطلب العالمي على المعادن الإستراتيجية خلال العقْدَيْنِ القادمَيْن، بفعل التنافس الحاد بين شركات الصناعة والتكنولوجيا على المعادن النادرة وعلى تصنيع اشرائح وأشباه المواصلات والبطاريات وتخزين الطاقة... بالنسبة للشعوب الإفريقية، قد يُمثل هذا الوضع فرصةً غير مسبوقة، فقد تُتيح المنافسة بين القوى الكبرى فرصةً للتفاوض على شروط أفضل، لكن معظم الأنظمة الحاكمة عميلة للقوى الإمبريالية، وينخرها الفساد، مما يجعلها غير مهتمة بواقع شعوبها وبمستقبل الأجيال القادمة، ولذلك لم تحصل الشعوب الإفريقية سوى على بعض الفُتات من استغلال الموارد الطبيعية والثروات المعدنية الهائلة، ولا تزال الشركات الأجنبية العابرة للقارات تُهيمن على استخراج المعادن التي تتم معالجتها وتصفيتها خارج إفريقيا، لتُحْرَمَ هذه البلدان وشُعوبها من فوائد التصنيع والقيمة الزائدة المرتفعة، ويقتصر نصيب الشعوب على الفساد والتلوث والحروب... بعض مظاهر الإستعمار الجديد بمنطقة "الساحل" الأفريقي تبدو منطقة الصحراء الكبرى قاحلة لكنها تضم احتياطيات كبيرة من المعادن منها النفط والغاز والذّهب واليورانيوم والماس، ورغم هذه الثروات، تُعد هذه البُلدان من أفقر بلدان العالم، لأن فرنسا حافظت على نفوذها من خلال "الميثاق الاستعماري" المتمثل في سلسلة من الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية التي منحت فرنسا التّحكّم في اقتصاد وسياسات المُستعمَرات المُستقِلّة حديثًا، استقلالاً إسمِيًّا ( شكليا) وليس حقيقيا، وبذلك استمرت هذه الدّوَل في استخدام الفرنك ( ثم اليورو) واستخدام اللغة الفرنسية كَلُغَةٍ رسمية ونهب يورانيوم النيجر وذهب بوركينا فاسو ومالي، وإجبار دول منطقة الفرنك الإفريقي ( CFA ) على إيداع الأصول والعملات الأجنبية في حساب تُشرف عليه الخزينة الفرنسية وإجبارها على توريد المنتجات الفرنسية، وتمكين الشركات الفرنسية من الإستغلال الحصري لثروات هذه البلدان بأسعار منخفضة، وبذلك شكّلت القُيُود الفرنسية، ومن ضمنها القواعد العسكرية التي تنظم الإنقلابات والإتيالات، عاملاً مُعَرْقِلاً لتنمية المُستعمرات السابقة بمنطقة غربي إفريقيا، مما ساهم في انتشار المناداة بالسيادة الوطنية وبالقطيعة مع الإمبريالية الفرنسية، وحلف شمال الأطلسي والإمبريالية الأمريكية... مُنعرج 2011: بعد موجة الإستقلالات الشّكلية ( من 1960 إلى 1962) بقيت الإمبريالية الفرنسية مُهيمنة اقتصاديا وماليا ( من خلال الفرنك الإفريقي - CFA ) وثقافيا من خلال اللغة الفرنسية، على بلدان إفريقيا الغربية، وأشرفت على الإغتيالات ودبّرت انقلابات ضدّ أي نظام يحاول الإبتعاد عن هيمنتها، ولما قطَع مشروع الإتحاد الإفريقي خطوة من خلال إقرار مبدأ إنشاء عُملة موحّدة، باستقلالية عن الدّولار واليورو، وباعتماد احتياطي الذّهب اللِّيبي، بذلت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا جهودًا لتوريط كافة الدّول الأخرى وحلف شمال الأطلسي، بهدف الإطاحة بالنظام في ليبيا، وتخريب البلاد وتفتيتها – بدعم من معظم الأنظمة العربية وخصوصًا مصر ودُوَيْلات الخليج، وتركيا الأطلسية- وفُتِحت الثّكنات لتتزود المجموعات الإرهابية بالأسلحة الثقيلة والخفيفة وتنتشر في المنطقة المُحيطة بالصّحراء الكبرى: نيجيريا ومالي والنّيجر وحتى الكاميرون، وتدخّلت فرنسا عسكريا في مالي ( بدعم ألماني وبريطاني وأوروبي) سنة 2012، وتوسّع نفوذ المجموعات الإرهابية مع زيادة التّدخل العسكري الأوروبي، مما يُشير إلى تحالف الجِهَتَيْن، وازداد العداء للإمبريالية الفرنسية في دول "الساحل" ( البلدان المُحيطة بالصحراء الكبرى) بعد تدمير ليبيا وتقسيمها إلى ثلاث مناطق والعودة إلى العلم القديم، من قِبَل حلف شمال الأطلسي واغتيال معمر القذافي 2011، وكان ذلك مقدّمة لزيادة نفوذ الإرهابيين والمُهرّبين وتجار المخدّرات وتهريب البشر، ولا تزال ليبيا مُفَتّتة وشعبها مُفَقَّر وفي حاجة إلى العمل والغذاء والدّواء ولا تزال المجموعات الإرهابية تحتل شمال مالي وترتكب الفظائع في منطقة تشق إفريقيا من الغرب إلى الشّرق وتمتد من نيجيريا إلى موزمبيق، مرورًا بمالي والنيجر وبوركينا فاسو ، فكانت فُرصة لتوسيع نطاق عمل القواعد العسكرية الفرنسية "لنشر الدّيمقراطية ومحاربة الإرهاب"، وتزامن هذا التّدخّل العسكري المباشر مع زيادة النّهب الذي تمارسه الشركات العابرة للقارات ذات المنشأ الفرنسي، وازداد التّضْيِيق على مواطني البلدان الإفريقية الراغبين في الحصول على تأشيرة دخول إلى فرنسا بهدف الدّراسة أو الزيارة أو العمل، فارتفعت الأصوات المُطالِبة برحيل الجيش الفرنسي وبضرب المصالح الفرنسية في إفريقيا الغربية، ورحّب معظم المواطنين بانقلابات مالي وبوركينا فاسو والنّيجر، قبل أن يحصل التغيير في السينغال عبر انتخابات ديمقراطية... نماذج من محاولات الإستقلال الإقتصادي تواجدت المجموعات الإرهابية بالمناطق الغنية بالنفط ( نيجيريا) والمعادن ( مالي والنيجر) ولم تهتم هذه المجموعات بالمناطق الخالية من النفط والمعادن الأخرى كالماس واليورانيوم، سواء في محيط الصحراء الكبرى أو في الكونغو، ولمّا تيقّن قسم هام من المواطنين من تواطؤ الدّول الإمبريالية ( عبر قواعدها العسكرية وشركاتها وعملائها) مع المجموعات الإرهابية، انطلقت موجة الانتفاضات التي اَفْضت إلى انقلابات عسكرية تبدو تَقَدُّمية لحدّ الآن، في مالي خلال شهر آب/أغسطس 2020، وأطاح الإنقلاب بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا وسط احتجاجات حاشدة ضد الوجود الفرنسي في البلاد، وأطاح انقلاب عسكري في بوركينا فاسو بالسلطة الموالية لفرنسا سنة 2022، ثم أطاح الجيش بالحكم الموالي لفرنسا في النيجر سنة 2023، وتمت الإنقلابات الثلاثة إثر موجة من الإحتجاجات الشعبية ضد فرنسا وضد الحُكّام المحلّيّين الساهرين على مصالحها، وأنشأت الدّول الثلاث ( مالي وبوركينا فاسو والنيجر) "تحالف دول الساحل" خلال شهر أيلول/سبتمبر 2023، واتخذت حكومات الدّول الثلاث تدابير واستراتيجيات مشتركة، من ضمنها تأميم المناجم وإنشاء مصارف عامة والتّخلِّي التّدريجي عن الفرنك ( CFA ) وإعادة تبويب الأولويات، وتحاول حكومات مالي والنيجر وبوركينا فاسو التّخلّص من هيمنة فرنسا، القوة المستعمرة السابقة، وأعلن حكام هذه البلدان الثلاث اعتزامهم التوقف عن التعامل بالفرنك الإفريقي ( الذي كان مرتبطا بالفرنك الفرنسي ثم باليورو، عبر المصرف المركزي الفرنسي) ومن خلال تأسيس اتحاد دول الساحل، بعد تجميد عضوية هذه البلدان في مجموعة دول غرب إفريقيا، وهذه بعض خطوات محاولات الإستقلال... بوركينا فاسو ارتبط إسم البلاد (بوركينا فاسو) بالرئيس توماس سانكارا ( 1949 - 1987 ) الذي أطاح بالحُكم السابق الذي كان عميلا لفرنسا (القوة الإستعمارية السابقة) وترأس البلاد بين سنتَيْ 1983 و 1987، وتم اغتياله بدعم من السلطات الفرنسية ( خلال حُكْم فرانسوا ميتران) وقاد – خلال فترة حكمه القصير – نهضة البلاد منخلال تغييرات اقتصادية واجتماعية وثقافية ذات توجّهات قومية وثورية، وأعلن إبراهيم تراوري ( وُلِد سنة 1988) الذي قاد انقلاب 30 أيلول/سبتمبر 2022، السّيْر على نهج توماس سانكارا ضد التدخل العسكري الفرنسي والإمبريالي في غرب أفريقيا والعمل على إعادة طرح الوحدة الإفريقية، وعلى العودة إلى الإصلاحات التقدّمية، مثل الإصلاح الزراعي والتعليم والقضاء على الأُمِّيّة والتّدريب العسكري للجميع للدّفاع عن الوطن... يُشكل الشباب دون سن الثلاثين - الدّاعم الرئيسي للحكومة العسكرية بقيادة إبراهيم تراوري – نحو 70% من العدد الإجمالي للسكان الذين يعيش نحو 80% منهم في المناطق الريفية، ولذلك كان الإصلاح الزراعي من أولويات الحكومة العسكرية التي وزّعت معداتٍ بقيمة تعادل 180 مليون دولار لدعم الإصلاح الزراعي، ووزعت الجرارات في مناطق عديدة من البلاد، كما أمّمت الحكومة منجمَيْنِ للذهب كانا مملوكين لشركة مدرجة في بورصة لندن، وأنشأت الدّولة شركة تعدين ( قطاع عام) وبنت مصفاة خاصة بها، واشترطت على الشركات الأجنبية ( الغربية والروسية والصينية والتركية...) امتلاك الدّولة حصة 15% من عملياتها... تحاول الحكومة السيطرة على احتياطي المعادن ( وخصوصًا الذّهب) لتمويل برامج الإصلاح الإقتصادي والإجتماعي، في بلد فقير، وكشفت بيانات البنك العالمي ارتفاع النمو الاقتصادي من 3% سنة 2023 إلى 4,9% سنة 2024 و"انتشال أكثر من 700 ألف شخص في جميع أنحاء البلاد من براثن الفقر المدقع خلال الفترة من تموز/يوليو 2023 إلى حزيران/يونيو 2024، وتتضمن خطة التنمية الحكومية تصنيع المعادن والموارد المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي من خلال الإصلاح الزراعي ومن خلال "مُساهمة سكان البلاد في صندوق جماعي لدعم العملية الثورية"، وفق الرّئيس إبراهيم تراوري الذي أكّد " يُساهم الشعب في إنجاز التنمية بأمواله الخاصة، لكي لا نحتاج لقروض البنك العالمي وصندوق النقد الدولي " استثمرت الحكومة مبالغ هامة لتجديد مصنع - SN-BRAFASO – لمعالجة الإنتاج الفلاحي المحلي كالذرّة والأرز، بدعم من الصّين، بعد سبعة عشر عامًا من التوقف ( منذ سنة 2008)، وتمتلك الدولة حصة أغلبية بنسبة 70% في الشركة الجديدة، وتُؤَكّد الحكومة إن المصنع يوفر ثلاثمائة فرصة عمل مباشرة وعشرين ألف غير مباشرة في القطاع الزراعي والخدمات اللوجستية والتوزيع، مع تثبيت سكّان الرّيف في مناطقهم، لضمان استمرارية عمل الشركة على المدى الطويل، وتوسيع نشاطها نحو إنتاج المشروبات الغازية والمياه المعدنية لتلبية مختلف احتياجات المستهلكين. مالي نشرت وكالة رويترز يوم 28 آذار/مارس 2025 تحقيقًا عن المعادن، وخصوصًا الذهب، في مالي، حيث أعلنت وزارة المناجم عن توقعاتها بارتفاع إنتاج الذهب الصناعي خلال عام 2025، بفعل استئناف أنشطة شركة "باريك غولد" الكندية، إحدى أكبر شركات تعدين الذهب في العالم، بعد توقف دام عدة أشهر بسبب نزاع مع الحكومة المالية، وتتوقّع الوزارة أن يرتفع إنتاج الذّهب في مالي من 51,7 طن سنة 2024 إلى 54,7 طنا متريا سنة 2025، بزيادة تقارب 6%، بعد انخفاض بنسبة 23% مقارنة بإنتاج عام 2023 الذي بلغ 66,2 طنا بسبب النزاع بين الحكومة والشركة الكندية... تُعد مالي ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا وغانا، ويشكّل هذا القطاع إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، إذ يسهم بنحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي، وتضم البلاد أكثر من 15 منجما صناعيا نشطا، تُديرها شركات تعدين عالمية مثل "باريك غولد"، "B2Gold"، و "Endeavour Mining"، و "Resolute Mining"، و "Hummingbird Resources" توقفت أنشطة مجمع "لوولو-غونكوتو" التابع لشركة باريك بشكل كامل، خلال شهر كانون الثاني/يناير 2025، بعد أن فرضت الحكومة المالية حظرا على شحنات الذهب من المنجم، وصادرت نحو 3 أطنان من الذهب، واعتقلت ثلاثة من كبار موظفي الشركة بتهم تتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وخوفًا من احتداد الأزمة وخسارة موقعها في مالي، توصلت الشركة إلى اتفاق مبدئي مع الحكومة المالية خلال شهر شباط/فبراير 2025، بشأن الرسوم الضريبية التي لم تسدّدها الشركة طيلة سنوات، وصرّح الرئيس التنفيذي لـ"باريك غولد"، مارك بريستو، "إن استئناف العمليات في مالي بات ممكنا فور السماح للشركة بتصدير ذهبها مجددا، وإن الشركة ملتزمة بالاستثمار في مالي على المدى الطويل، رغم التحديات الأمنية والسياسية" وفق وكالة رويترز بتاريخ الثاني عشر من شباط/فبراير 2025... كما بدأت مالي إنتاج الليثيوم، المعدن الأساسي لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية والحواسيب والهواتف، حيث بدأت الإنتاج من منجم "غولامينا" الذي تديره شركة "جانفنغ" الصينية، والتي تتوقع أن يبلغ إنتاج المنجم حوالي 382 األف طنا من سبودومين الليثيوم سنة2025، مما يعزز موقع مالي كمصدر للمعادن الإستراتيجية المطلوبة في التحول الطاقي العالمي، إلى جانب إنتاج الذهب الذي يوفر موارد مالية واستقرارًا سياسيا في مالي، رغم رفض العديد من شركات التعدين الأجنبية إعادة التفاوض بشأن حصة دولة مالي من استخراج المعادن، خلال الرّبع الأخير من سنة 2024، ولذلك شدّدت الحكومة العسكرية الخناق على شركات التعدين الأجنبية لتتمكن من زيادة عائداتها الضريبية واضطرت شركة باريك غولد لتسديد حوالي 512 مليون دولار ضمن تسويات ضريبية للضرائب غير المدفوعة خلال سنوات 2020 و2021 و2022، بالإضافة إلى أرباح الأسهم غير المدفوعة المتعلقة بمجمع لولو-غونكوتو الذي ينتج حوالي 700 ألف أونصة من الذهب سنويًا، وأَجْرَت حكومة مالي، منذ سنة 2022، عدة عمليات تدقيق لقطاع التعدين، وكشفت عن عجز يُقدر بأكثر من مليار دولار، فقررت تعزيز استراتيجيتها لاسترداد جزء كبير من هذه المبالغ من الشركات العاملة داخل حدودها، وأدّى ذلك إلى استرداد حوالي 510 مليون دولار إضافية سنوية، وفق وزير الاقتصاد والمالية، خلال شهر أيلول/سبتمبر 2025 لأن الذهب يُشكّل أكثر من 80% من صادرات مالي... النِّيجر تعتبر النيجر من أفقر دزول العالم رغم ثرواتها فهي سابع أكبر منتج للوقود النووي ومواد علاج السرطان في العالم، وتستغل مجموعة "أورانو" الفرنسية ( وريثة مجموعة "أريفا") اليورانيوم في البلاد منذ 67 سنة، وهو المادة الاولية التي تعتمد عليها فرنسا لاستخراج حاجتها من الطاقة النووية التي تُشكل نسبة 70% من إنتاج الكهرباء، وكانت شركة آريفا ثم أورانو تحصل على نحو 15% من اليورانيوم من النيجر عندما كانت مناجمها في غرب أفريقيا تعمل بكامل طاقتها، قبل أن تُقرّر حكومة النيجر العسكرية ( منذ انقلاب سنة 2023) تأميم مناجم اليورانيوم ومصادرة حصة أورانو مما اعتُبِرَ تحوّلاً جذريا في العلاقات بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في إفريقيا الغربية، مع فرض الحكومات في مالي وبوركينا فاسو وغينيا المزيد من السيطرة على الموارد... شكل اليورانيوم الطبيعي المُسْتَخْرَج من مناجم النيجر ربع الكمية الموردة لمحطات الطاقة النووية الأوروبية، سنة 2022، وفقاً لبيانات منظمة «يوراتوم» الذرية، وألغت حكومة النيجر، سنة 2024، حق شركة أورانو الفرنسية في تشغيل ثلاثة مناجم رئيسية في البلاد، هي سومير وكوميناك وإيمورارين، والتي تضم أحد أكبر رواسب اليورانيوم في العالم، وتحتفظ أورانو رسميا بحصة 60% في الشركات التابعة لها، وقد اتخذت إجراءات تحكيم مختلفة في محاولة لاستعادة السيطرة التشغيلية على المناجم... أكدت صحيفة Énergie الفرنسية منذ سنة 2015 بأنّ فرنسا كانت تشتري رطل يورانيوم النيجر بـ 37 دولارًا في وقت كانت قيمته الحقيقية تبلغ 120 دولارًا، مما يُبيّن حجم النّهب لملايين الأطنان التي استخرجتها فرنسا من أرض النيجر خلال 67 عامًا من الاستغلال، وأصبحت فرنسا، بفضل يورانيوم النيجر وبعض بلدان آسيا الوسطى، تمتلك فرنسا فائضًا من الكهرباء الرخيصة التي تُصدّرها إلى بلدان أوروبية أخرى فيما حُرم نحو 90% من شعب النيجر من الكهرباء، ولذلك اتهمت حكومة النيجر مجموعة "أورانو" الفرنسية ( وريثة مجموعة "أريفا") بممارسة سلوك جَشع وبارتكاب جرائم بيئية ، وقد تواجه الشركة المملوكة بنسبة 90% للدولة الفرنسية "إجراءات قضائية بتهمة ارتكاب جرائم جماعية" بعدما أعلنت السلطات العثور على 400 برميل من المواد المشعّة الأساسية في ماداويلة، بالقرب من أرليت، حيث كانت شركة أورانو تستخدم مناجم اليورانيوم الخاصة بها، وصرّح وزير القضاء بحكومة النيجر بأنّ "الإشعاع في المنطقة كان أعلى بكثير من المعدل الطبيعي" أو نحو 7 إلى 10 ميكروسيفرت في الساعة، مقارنةً بالمتوسط المعتاد وهو 0,5 ميكروسيفرت، كما كشفت الاختبارات عن وجود مادتين مرتبطتين بمشكلات في التنفّس وقد تكونان ضارّتَيْن بصحّة الناس... انطلق هذا الخلاف في أعقاب تأميم النيجر لمنجم "سومير" (حزيران/يونيو 2025) ما أدّى لتجريد شركة "أورانو" من حصتها البالغة 63,4%، ورفضت الشركة التي تدعمها الدّولة الفرنسية التّوصّل إلى اتفاق، مما أجبر حكومة النيجر على اتخاذ خطوة جريئة وحاسمة تمثلت في طرح مخزونها من اليورانيوم للبيع في السوق الدولية ( يوم 01 كانون الأول/ديسمبر 2025)، وهو اليورانيوم الذي تنتجه شركة «سومير» التابعة لشركة «أورانو» الفرنسية العملاقة قبل تأميمها ( حزيران/يونيو 2025)، إثْرَ نزاع بين المجلس العسكري الذي تولى السلطة سنة 2023، وشركة «أورانو» التي تستغل مناجم يورانيوم في النيجر منذ عقود، وأكّد رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تشياني على «حق النيجر المشروع في التصرف بثرواتها الطبيعية وبيعها لمن يرغب في شرائها، وفقاً لقواعد السوق، وباستقلالية تامة"، وبذلك ولأوّل مرة منذ عام 1958 – أي قبل الاستقلال بعامين – تطرح النيجر اليورانيوم النيجري الخالص في الأسواق العالمية بسعر السوق الحقيقي، لا بالسعر المجحف الذي فُرض عليها طوال ستة عقود من الهيمنة الفرنسية، وبعد 67 عامًا من الاستغلال الفرنسي، تدخل النيجر سوق اليورانيوم بشكل مباشر... سبق أن اعلن وزير الطاقة الروسي سيرغي تسيفيليف، خلال شهر تموز/يوليو 2025، رغبة روسيا في في تعدين اليورانيوم في النيجر، استجابةً لطلب المجلس العسكري مساعدة روسيا في مكافحة التمرد ومحاولة الإنقلاب الذي دبّرته فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة والمتهمة بتمويل وتسليح المجموعات الإرهابية، خصوصا على الحدود مع ليبيا والجزائر ومالي، ولهذا السبب أغلقت حكومة النيجر القواعد العسكرية والسفارة الفرنسية، ثم أعلنت سنة 2024 تأميم مناجم اليورانيوم - خاصةً منجم سومير- وأصبحت النيجر مُصدِّرًا مُباشر لليورانيوم في السوق العالمية، كما وقّعت حكومتا النيجر وبوركينا فاسو اتفاقًا مع شركة روساتوم الروسية لبناء محطات نووية مصغّرة لإنتاج الكهرباء، والتزمت شركة روساتوم ، بإعادة تحويل النفايات النووية إلى طاقة، وهي الشركة الوحيدة عالميًا التي طوّرت هذه التقنية لا تزال السلطات الفرنسية متعنّتة وترفض الاعتراف بتأميم المناجم، واتهمت حكومة النيجر بأنها “تبيع يورانيوم أورانو الفرنسية” في الأسواق، أما حكومة النيجر فاعتبرت إن الكهرباء ( المستخرجة من اليورانيوم) أساس الصناعة والتنمية وتوفير الكهرباء بسعر زهيد للمواطنين والشركات المحلية... نرجو أن تسير سلطات هذه البلدان الثلاثة ( مالي وبوركينا فاسو والنيجر) وكذلك سلطات السنغال ودول أخرى، على خطى كوامي نكرومة وباتريس لومومبا وأميلكار كابرال وأغوستينو نتو وجمال عبد الناصر في إنجاز الإستقلال الكامل للبلدان، والوحدة الإفريقية القاعدية التي تنجزها الشعوب، وليست الوحدة الفوقية التي تعلنها السلطات الحاكمة دون استشارة الشعوب، لأن مثل هذه الإنجازات تُشكل خطوة نحو الإستقلال الحقيقي ورفاهة الشعوب...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مُتابعات – العدد الثالث والخمسون بعد المائة بتاريخ السّادس م
...
-
بإيجاز - الغذاء والصّحّة
-
مَنْ صاحِبُ القرار، الولايات المتحدة أم الكيان الصهيوني؟
-
سوريا – السنة الأولى لسلطة المنظمات الإرهابية
-
الإستخدام السّلْبِي ل-الذّكاء- الإصطناعي
-
مُتابعات – العدد الثاني والخمسون بعد المائة بتاريخ التاسع وا
...
-
انتخابات نيويورك وفوز زهران ممداني
-
اقتصاد العراق بين وَفْرَة النّفط وارتفاع حجم الدُّيُون
-
حركة التضامن الأوروبية مع الشعب الفلسطيني
-
فلسطين - خطة استعمارية أمريكية
-
مُتابعات – العدد الواحد والخمسون بعد المائة بتاريخ الثاني وا
...
-
التدخلات الأمريكية في امريكا الجنوبية
-
أوروبا - الفساد في أعلى هرم السّلطة
-
غزة، من -ريفييرا الشرق الأوسط- إلى -خطة السّلام-
-
بإيجاز - خطوات أمريكية على طريق إنجاز -الشرق الأوسط الكبير-
-
تفاوت طبقي بالأرقام
-
الصين والولايات المتحدة ومكانة الدّولار والصناعة والتكنولوجي
...
-
مُتابعات – العدد الخمسون بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من تشر
...
-
عرض كتاب -عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث-
-
بإيجاز - حق تقرير المصير
المزيد.....
-
متأثرين بحروق واختناق.. مقتل 25 في ناد ليلي بالهند.. ماذا نع
...
-
يكرهه الجميع من ضمنهم دونالد ترامب.. ما قصة هذا المطار في أم
...
-
فيديو متداول لـ-قصف كثيف لقوات الانتقالي في حضرموت-.. ما حقي
...
-
مدريد: مئات الفنزويليين في مسيرة صامتة من أجل -السلام والحر
...
-
بعد عام على سقوط حكم الأسد، ماذا تغير في سوريا؟
-
هجمات ليلية متبادلة بين موسكو وكييف بعيدا عن خطوط الجبهة
-
محاولة انقلاب في بنين والجيش يؤكد أنه استعاد السيطرة على الو
...
-
-50 سنت- يصفي حساباته مع -بي ديدي-في -ساعة الحساب-ويتهمه بقت
...
-
اتهامات للعسكر بالسيطرة على القضاء في غينيا بيساو
-
جنود في بنين يعلنون السيطرة على السلطة ومقربون من الرئيس ينف
...
المزيد.....
-
اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات،
...
/ رياض الشرايطي
-
رواية
/ رانية مرجية
-
ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان
...
/ غيفارا معو
-
حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
المزيد.....
|