أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نبيل رومايا - في لعبة الجيران والماء… العراق يخسر














المزيد.....

في لعبة الجيران والماء… العراق يخسر


نبيل رومايا

الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 00:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في تشرين الأول من عام 2012، نشرتُ دراسة حول مشكلة المياه العراقية اسميتها "عراق أخضر... أم ترابي"، اقترحتُ بها بعض الحلول ومنها:
"الدخول في مناقشات سريعة مع دول الجوار وتثبيت الحق العراقي كمصب مائي.
والاستعانة بالأمم المتحدة والمؤسسات الدولية القضائية لتثبيت حصصنا المائية.
والعراق سوق كبيرة لمنتجات دول الجوار "فالمياه مقابل السوق" مقولة لا بأس بها."
وألان وبعد أكثر من 13 عام لم يتحقق شيء.
إن أزمة المياه في العراق لم تعد مجرد قضية خدمية أو موسمية؛ إنها اليوم واحدة من أخطر أزمات الأمن القومي. فالعراق، بلد الرافدين، يواجه ضغوطًا مائية غير مسبوقة من دول الجوار، وفي مقدمتها تركيا وإيران، اللتين أعادتا رسم مجاري الأنهار والروافد بطريقة أضعفت قدرة العراق على تأمين حاجاته الأساسية من المياه.
فمن جهة، تواصل تركيا تنفيذ مشاريعها العملاقة ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول وعلى رأسها سدّا أتاتورك وإليسو، اللذان خفّضا تدفقات دجلة والفرات بنسب كبيرة. هذا التراجع انعكس على الزراعة، والمياه الجوفية، ومعدلات التصحر، ورفع من اعتماد العراق على الاستيراد بدلاً من الإنتاج المحلي. تركيا لا تخفي نواياها. تتعامل مع المياه كـسلاح نفوذ، وتعتبر الأنهار “موارد عابرة للحدود” لا “موارد مشتركة”. ومع ذلك، ما زال العراق يفاوضها بلغة المجاملات، بينما تتصرف أنقرة كقوة إقليمية تفرض شروطها بلا تردد.
أما من الشرق، فإيران تستخدم أسلوبًا مختلفًا لكنه لا يقل ضراوة. فخلال العقدين الأخيرين تم تحويل أو قطع أكثر من 35 رافدًا يدخل العراق، من الوند إلى سيروان إلى ديالى، دون إعلان واضح أو التزام باتفاقات سابقة. وما يحدث ليس مجرد تحويلات هندسية، بل ضغط سياسي مقنّع يتقاطع مع نفوذها الداخلي ويجعل التعامل معها أكثر تعقيدًا من التعامل مع تركيا.
وبين هذين الفاعلين، وبالإضافة الى العوامل الداخلية المضطربة، يجد العراق نفسه الحلقة الأضعف في معادلة مائية شديدة الخطورة، واليوم، يحتاج العراق الى خطوات عاجلة مثل:
- اعتبار المياه ملفًا سياديًا لا يقبل المساومة
- توحيد الخطاب التفاوضي مع تركيا وإيران بعيدًا عن التجاذبات الداخلية
- استخدام أوراق الضغط الاقتصادية السوق، الطاقة، التعاون الحدودي ضمن إطار مدروس
- تعزيز الخزن المائي والسدود داخل العراق لتقليل الهدر
- إطلاق حملة وطنية لإدارة المياه تتضمن تغيير أنماط الري والزراعة
إن العراق ليس ضحية سياسات جيرانه فحسب، بل ضحية غياب إدارة فعّالة لهذا الملف داخل حدوده. وما لم يُتعامل مع المياه كملف سيادي لا يحتمل التأجيل، فإن مستقبل العراق الزراعي، وربما الاجتماعي، سيواجه تهديدًا وجوديًا.
المطلوب اليوم ليس مجرد التفاوض مع تركيا وإيران، بل بناء موقف وطني صلب يستخدم أوراق الضغط المتاحة، وفي مقدمتها: السوق العراقية، ملف الطاقة، والتعاون الحدودي. كما يحتاج العراق إلى استثمارات جدية في السدود والخزن المائي، وتغيير نمط الري والزراعة، وإصلاح الهدر الداخلي الذي يبتلع المياه قبل أن تصل إلى الحقول.
إن أزمة المياه هي معركة بقاء، وعلى العراق أن يخوضها كدولة تدافع عن سيادتها، لا كطرف يتلقى نتائج سياسات الآخرين. فكيف يمكن لدولة بهذا الضعف المؤسسي أن تحمي حقوقها المائية؟
وكيف يمكن للعراق أن يفرض معادلة جديدة بينما أوراق قوته، السوق، الطاقة، الجغرافيا، لا تزال خارج الاستخدام؟
إن استمرار هذا الوضع يعني شيئًا واحدًا، إن المياه تتحول إلى أداة لابتزاز العراق، والعراق يتعامل معها كملف ثانوي.
إن الأمن المائي ليس شأنًا فنّيًا، بل قضية سيادة. وإذا لم يتوقف العراق عن إدارة أزمته بعقلية رد الفعل، فسوف يستيقظ يومًا ليجد أن الرافدين لم يعودا نهرين… بل ذكرى تاريخية.
13 كانون الأول 225



#نبيل_رومايا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد انتخابات تشرين الثاني 2025… العراق بين استقرارٍ هش وتغيي ...
- الديمقراطية العراقية… بين الطموح والواقع ... وحظوظ القوى الم ...
- المفهوم السياسي لثقافة القطيع
- ماذا عن مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي، والاجتماع، والتظا ...
- الوضع الاجتماعي والثقافي في العراق في ضوء دراسات علي الوردي
- مياه العراق، وقناني الشرب المعبأة، ودول الجوار
- في عيد الأرض، البيئة العراقية في خطر
- هل عراقيو الخارج ... عراقيون
- نجلة ... والعراق
- أن الاوان للتغيير في النهج والممارسة ونمط التفكير وطريقة إدا ...
- في عيد امنا الأرض، أطفالنا في خطر
- البصرة ... والتقاليد والشريعة... وياعشكَنا
- بغداد، مدينتي في القلب
- الجندر والعنف الاسري ومجلس النواب العراقي
- الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المجتمعات الإنسانية
- حاسوب الانقراض الرقمي
- حول قانون منع تصنيع واستيراد وبيع الخمور قي العراق
- لائحة المحتوى الرقمي بالعراق والمحتوى الهابط
- شباط الأسود
- العنف الأسري وحقوق المرأة العراقية وسيداو


المزيد.....




- شاهد.. إنقاذ عاملي تنظيف نوافذ علقا على ارتفاع 15 طابقًا
- تحذير عربي - إسلامي من -تهجير الفلسطينيين-: 8 دول بينها مصر ...
- سيناريو روسي يتخيّل حربًا مع أوروبا: صواريخ باليستية يتبعها ...
- لوموند: على فرنسا أن تستعد لتفادي شتاء ديمغرافي قاس
- -الجريمة والعقاب-.. نتنياهو والتطرف الممنهج لإبادة غزة
- برّاك: إسرائيل لن تحقق أهدافها عبر محاولة سحق حزب الله عسكري ...
- مجلس السلام المقترح لغزة.. هل يشعل صداما بين ترامب ونتنياهو؟ ...
- -ما وراء الخبر- يتناول تحديات دخول المرحلة الثانية من اتفاق ...
- إستراتيجية ترامب الجديدة.. كيف تحافظ أميركا على أمنها القومي ...
- طبول الحرب تدقّ على لبنان


المزيد.....

- رؤية ليسارٍ معاصر: في سُبل استنهاض اليسار العراقي / رشيد غويلب
- كتاب: الناصرية وكوخ القصب / احمد عبد الستار
- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نبيل رومايا - في لعبة الجيران والماء… العراق يخسر