أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل رومايا - المفهوم السياسي لثقافة القطيع














المزيد.....

المفهوم السياسي لثقافة القطيع


نبيل رومايا

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 02:45
المحور: المجتمع المدني
    


ثقافة القطيع في المجال السياسي بشكل عام، تشير إلى حالة انقياد جماعي غير عقلاني للجمهور تجاه توجه سياسي معين أو زعيم أو قرار، بدون تحليل نقدي أو مساءلة فردية. إنها ظاهرة يتحول فيها الأفراد إلى تابعين لا يسألون، بل يرددون ما يقوله "الجميع"، إما خوفًا من العزلة، أو سعيًا وراء الانتماء إلى الجماعة، أو بفعل التضليل الممنهج.

وفي العراق، كدولة ذات إرث حضاري عريق وواقع سياسي مضطرب، شهد خلال القرن العشرين والواحد والعشرين موجات متعاقبة من الحكم الملكي، الجمهوري، البعثي، والاحتلال، وصولًا إلى النظام البرلماني الحالي.
في كل هذه المراحل، سادت ثقافة الطاعة للجماعة أو الزعيم، وغابت في كثير من الأحيان الممارسة النقدية الحرة بسبب القمع، الطائفية، العشائرية، أو الإعلام الموجّه.

سمات ثقافة القطيع السياسية في العراق
تقديس الزعيم الفرد (منصب أو طائفة)
خلال الحقبة البعثية، خصوصًا في زمن صدام حسين، تجلّت ثقافة القطيع بوضوح؛ إذ أصبحت الطاعة والولاء المطلق للزعيم تُعدّ مقياسًا للولاء الوطني، وكانت الجماهير تُجبر على الهتاف، التصفيق، والمشاركة في المسيرات الجماعية.

الانقسام الطائفي بعد 2003
في مرحلة ما بعد الاحتلال، تحولت ثقافة القطيع من الطاعة للزعيم إلى الانقياد للطائفة أو المرجعية أو الحزب. وأصبح الانتماء الطائفي/المذهبي/القومي متقدماً على المصلحة الوطنية، وتكرست ثقافة "إما معنا أو ضدنا.

الانجرار خلف الخطابات الشعبوية
صعود بعض الزعامات الدينية أو الشعبوية بعد 2010، تمّ عبر تعبئة جماهيرية تستند إلى العاطفة الدينية أو الحنين إلى الماضي، لا على برامج سياسية واضحة. الجماهير تُقاد عبر مشاعر الظلم والحرمان، وغالبًا من دون رؤية طويلة المدى.

دور الإعلام العراقي بعد 2003
الإعلام الحزبي أو المموَّل طائفيًا رسّخ ثقافة الاصطفاف.
أغلب القنوات التلفزيونية ومنصات التواصل لم تسهم في نشر ثقافة نقد السلطة أو التفكير المستقل.
الجماهير تتابع فقط ما يؤكد قناعاتها المسبقة، ما ولّد بيئات مغلقة فكريًا.

أمثلة من الواقع العراقي الحديث
التصويت في الانتخابات على أسس طائفية أو عشائرية، لا برامج.
المظاهرات الجماهيرية ضد الفساد ثم الانقسام بعدها بسبب ولاءات ثانوية.
التحول السريع في مواقف الناس تبعًا لمواقف الزعماء أو لقنوات، لا لمصالحهم الحقيقية.
الاستجابة الجماهيرية العاطفية لدعوات الإضراب أو الاعتصام أو القتال، من دون فهم سياسي شامل.

علي الوردي وثقافة القطيع في العراق
في كتابه "وعاظ السلاطين"، يوضح علي الوردي أن العراقي يعاني من انفصام بين المثال والواقع ويقول:
"العراقي يذمّ الطغيان ويُصفّق للزعيم، يطالب بالعدالة ويبرر الظلم، لأنه يعيش صراعًا بين ما يؤمن به عقله وما تفرضه عليه جماعته".
ويقول في كتابه "مهزلة العقل البشري":
"الناس في العراق لا يفكرون بعقولهم قدر ما يُملى عليهم من بيئتهم الاجتماعية والطائفية، وقد يتحوّلون إلى أدوات تدمير باسم المبادئ".
ويرى الوردي أن ثقافة القطيع في العراق نتاج بنية اجتماعية تقليدية لم تمر بمرحلة إصلاح فكري حقيقي، وبالتالي فهي تنتج نخبًا تُعيد إنتاج نفس الفكر السائد.

وأخيرا فإن ثقافة القطيع في العراق ليست نتيجة غباء جماهيري، بل حصيلة تراكمات اجتماعية، دينية، وتعليمية. ولكسر هذه الثقافة يتطلب:
إعادة بناء التعليم القائم على التساؤل لا الحفظ.
إعلام مستقل يفضح لا يطبل.
مفكرين نقديين قادرين على مواجهة التيار.
بيئة آمنة تحترم الرأي المختلف وتحمي حريته.

إن ثقافة القطيع ليست ظاهرة عابرة، بل آلية متجذّرة في بنية الوعي الجماعي، تُستخدم وتُعاد إنتاجها من خلال الإعلام، التعليم، الخطاب السياسي، والدين أحيانًا. وهذا السلوك يخلق ازدواجية فكرية، حيث يعيش الفرد في صراع بين ما يعرفه بعقله، وما يردده مع الجماعة. والحل يبدأ من تعزيز الوعي النقدي الفردي، وبناء مواطن لا يخاف أن يكون مختلفًا.
18 أب 2025



#نبيل_رومايا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا عن مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي، والاجتماع، والتظا ...
- الوضع الاجتماعي والثقافي في العراق في ضوء دراسات علي الوردي
- مياه العراق، وقناني الشرب المعبأة، ودول الجوار
- في عيد الأرض، البيئة العراقية في خطر
- هل عراقيو الخارج ... عراقيون
- نجلة ... والعراق
- أن الاوان للتغيير في النهج والممارسة ونمط التفكير وطريقة إدا ...
- في عيد امنا الأرض، أطفالنا في خطر
- البصرة ... والتقاليد والشريعة... وياعشكَنا
- بغداد، مدينتي في القلب
- الجندر والعنف الاسري ومجلس النواب العراقي
- الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المجتمعات الإنسانية
- حاسوب الانقراض الرقمي
- حول قانون منع تصنيع واستيراد وبيع الخمور قي العراق
- لائحة المحتوى الرقمي بالعراق والمحتوى الهابط
- شباط الأسود
- العنف الأسري وحقوق المرأة العراقية وسيداو
- يابه... تره صرنا 8 مليارات
- أعياد ميلاد...
- البيئة والشباب، والحزام الاخضر


المزيد.....




- شهداء بينهم أسرة كاملة في قصف على النازحين بغزة.. وحصيلة جدي ...
- الأمم المتحدة: 181 عاملا في الإغاثة الإنسانية قُتلوا بغزة في ...
- الأمم المتحدة: 181 عاملا في الإغاثة الإنسانية قُتلوا بغزة ف ...
- رئيس المحكمة العليا بإسرائيل: سجوننا أصبحت غوانتانامو
- رايتس ووتش تنتقد صفقة أسلحة أميركية لنيجيريا
- الحريديم يتظاهرون ضد التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي
- الحريديم يتظاهرون ضد التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي
- سوريا تعين إبراهيم علبي سفيرا جديدا لدى الأمم المتحدة
- تسريب عن مطالبة نتنياهو بجميع الأسرى وعائلاتهم تتهمه بالكذب ...
- الشرع يعيّن مندوبا جديدا لسوريا في الأمم المتحدة


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل رومايا - المفهوم السياسي لثقافة القطيع