محمد حسن البشاري
(Mohamed Beshari)
الحوار المتمدن-العدد: 8547 - 2025 / 12 / 5 - 14:03
المحور:
سيرة ذاتية
مؤتمرين في فرنسا
عند حوالي الساعة 07:00 صباحا من يوم الاثنين 09/10/2000 خرجت بسيارتي من مرآب بيتي في رأس لانوف إلى بيت المهندس/جمال هويدي مدير إدارة المشروعات لاصطحابه إلى مطار طرابلس العالمي وركنتها في موقف سيارات المطار و استقلينا طائرة اللوفتهانزا إلى فرانكفورت ومنها إلى مرسيليا بفرنسا وإلى فندق Mecure الذي دخلناه مجهدين عند الساعة 23:15 لحضور XI Mediterranean Industrial Meetings التي يمكن ترجمتها بالاجتماعات الصناعية لدول المتوسط (11) بضيافة الغرفة التجارية الفرنسية بمرسيليا لمدة ثلاثة أيام وتوجهت إلى موظفة الاستقبال وقلت لها : هل يوجد حجز باسم البشاري ؟ فوضعت يديها على خصرها وقالت: “You already here” بمعنى أنت مقيم في الفندق، فظننتها تمزح فرديت عليها: “Yes, I am already here” بمعنى أنني فعلا هنا ، فلم ترد عليّ وظننت أنني أسأت الفهم لأنني كنت مجهدا فطلبت من جمال أن يتقدم ويقوم بإجراءاته وفجأة لمحت ابن عمي والذي كان عضو لجنة إدارة في شركة الأسمنت بنغازي ففهمت القصة وألتفت إليها قائلا أنت تقصدين هذا وهو ابن عمي وأخرجت لها جواز السفر حتى تتأكد من أننا شخصان مختلفان فتأسفت كثيرا وبادرت بتسليمي مفتاح الغرفة بدون تعبئة كرت الاستقبال قائلة بأنها ستقوم بتعبئته بنفسها.
ويجدر بي رواية كيفية حصولي على الإذن لحضور هذا المؤتمر الكبير كالتالي:
ففي أحد الأيام من بداية شهر سبتمبر/ أيلول 2000 رن هاتف المكتب فرفعت السماعة فإذا به شخص مغربي عرّف بنفسه وقال أنه يتحدث من السفارة الفرنسية في طرابلس وأنه يدعوني لحضور هذا المؤتمر والذي ستقوم غرفة التجارة الفرنسية بمرسيليا بتوفير الإقامة في الفندق المذكور لمدة ثلاثة أيام على حسابها ، فأفدته بأنني لا أمانع ولكن يجب استلام الدعوة بشكل رسمي لإحالتها إلى المؤسسة للحصول على الموافقة فرد عليّ بأنه يعرف الإجراءات وبأنه أراد التأكد مني على عدم ممانعتي في الحضور وأعدت السماعة إلى مكانها وأنا في غاية الاستغراب من معرفة إسمي ووظيفتي وطريقة الاتصال بي بشكل مباشر ولم تمضي إلا دقائق واستلمت الدعوة بالفاكس فدخلت بها على رئيس لجنة الإدارة وشرحت له ما حدث فسألني عن من أرشح لمرافقتي فرشحت جمال هويدي فقام على الفور بمراسلة المؤسسة ولم تمضي فترة طويلة إلا واستلمنا الموافقة.
وبالعودة إلى وصولنا للفندق فللأسف لم نتمكن من اللحاق بعشاء الاستقبال Welcoming dinner الذي كان عند الساعة 20:00 في نفس يوم الوصول وكان التعويض عند الساعة 09.00 من صباح اليوم التالي (الثلاثاء 10/10/2000) بحضور الإفتتاح ثم توالت كلمات المشاركين كان من أهمهم نائب رئيس شركة سوناتراك الجزائرية والذي تناولت معه وجبة الغذاء وروى لنا معاناته من الدرك الوطني (الذي يقوم بدور حرس المنشآت النفطية لدينا) وكيف أنهم وفي أثناء سعيهم للحصول على سيارات من الشركة قاموا بتعطيل دخول سيارات المستخدمين متحججين بالكشف على إجراءاتها فأمر مراقب النقل لديه بإحضار جميع مفاتيح السيارات وذهب بها إلى رئيسهم وسلمها إليه قائلا له خذ كل السيارات وسأقوم بإيقاف العمليات في الشركة فأعتذر له ورجاه أن يأخذ المفاتيح معه.
وفي مساء اليوم نفسه (الثلاثاء 10/10/2000) تمت دعوتنا برفقة جميع الليبيين المشاركين في المؤتمر الى العشاء في مطعم جميل جدا في الدور العلوي له والذي يحتوى على طاولة كبيرة من قبل القنصل الليبي السيد/ فرحات الورفلي مع رئيس غرفة التجارة العربية الفرنسية اللبناني والذي يشبه كثيرا غسان سلامة والسيد فرحات كان يتمتع بحس الفكاهة والذي روى لي أحد أقاربه بعد عودتي الى العمل بأنه كان دائما ما يردد بأننا مشغولون بالقضايا الكبرى مثل نشر الوثيقة الكبرى لحقوق الانسان في عصر الجماهير والنظرية العالمية الثالثة والكتاب الأخضر في العالم والتبشير بالحلول الجذرية لمشاكل الانسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتركنا المسائل الصغيرة مثل الصحة والتعليم والمواصلات وغيرها الى أن يتلون العالم باللون الأخضر.
وبعد نهاية المؤتمر توجهنا إلى مدينة نيس لحضور ندوة عن ليبيا في الألفية الجديدة قامت بتنظيمه شركة SMi خلال يومي الأثنين والثلاثاء 16و17/10/2000 بعنوان (Libya 2000) والطريف أنه بعد وصولنا إلى مطار نيس الجميلة وخروجنا منه لنستقل التاكسي الذي كان ينتظر دوره وكانت سيدة كبيرة ولكنها شقراء جميلة تلبس لباس من الجلد الأسود الفاخر نزلت بكل همة ونشاط وأخذت الحقائب من العربة التي كنا ندفعها ووضعتها في صندوق السيارة وتوجهت أنا لأفتح باب الركاب الخلفي فقالت كلاما حادا لم أفهمه ولم يفهمه جمال وعندما وصلنا الى الفندق ارتفعت نبرة نفس الكلمات الغاضبة فلم أمد يدي لمقبض الباب ونزلت هي مسرعة فنبهت جمال بانها غاضبة من فتحنا للأبواب وفعلا فتحتها لنا مع هدوء في كلامها بالفرنسية وكأنها تشرح لنا بأن من وظيفتها فتح الباب لنا ومنها أمتنعت عن فتح أي باب لتاكسي في أوروبا.
وكان أحد المحاضرين في اليوم الثاني للندوة د. طارق محمد المقريف وللأسف قمت بتمزيق الأوراق التي قدمها وكل ورقة فيها اسمه من ملف الندوة القيم الذي أحتفظ به إلى الآن ومن أهم ما ورد فيها أن أحد القانونيين الكبار في فرنسا شرح في معرض حديثه عن لوكربي قائلا: "لا يقول لي أحدا بأن القذافي دفع كل هذه الأموال وهو برئ" وهو مبداء قانوني معروف بأن دفع أي مبلغ مهما كانت قيمته فهو إعتراف ضمني فما بالك إذا كانت الأرقام لا سابق لها وبالمليارات.
وفي صباح يوم الأربعاء 18/10/2000 غادرنا مدينة نيس إلى باريس التي وصلناها عند الساعة 11:45 وكانت حلما بالنسبة لي لأن أزورها وقضاء ثلاثة أيام كفسحة إلا أنني وبمجرد قيامي بفتح باب غرفتي في الفندق رن هاتف الغرفة فتركت حقيبتي عند الباب وهرعت الى الهاتف لأرفع السماعة فإذا به المدير التنفيذي لشركة أم الجوابي /حسن الزغيد يتصل من مكتبه في لندن قائلا لي بأن رئيس لجنة الإدارة/ بلقاسم الزواري لديهم اليوم وأنهم كانوا بصدد عرض نشاط الشركة عليه إلا أنه رأى أن أحضره وسألني هل أنا مستعد للقدوم إلى لندن ورغم امتعاضي من هذا الطلب الا أنني أجبته إذا تم توفير تذكرة وإقامة في لندن فليس لدي مانع وعند نهاية الحديث دخل جمال الى غرفتي فأخبرته بأنني مضطر للسفر غدا الى لندن وسأتركه يستمتع بباريس وحيدا ونظرت من النافذة التي تقع في الدور 31 تقريبا فرأيت تحتها شارع واسع طويل فقلت له على الفور انه الشانزيليزيه وخرجنا مسرعين عند الساعة 12:30 ظهرا لاستغلال الأمسية في التجول في باريس فاذا به شارع Avenue de la Grande Armee الذي وقف جمال في منتصفه وأخذ يتأمل في الحائط وعندما فطنت لذلك سألته: "فيش تدير" فأجابني بأن الحوائط غير طبيعية وعند نهاية الشارع وجدنا أنفسنا أمام قوس النصر الذي تتفرع منه عدة شوارع كبيرة وجميلة فقلت لجمال: "يبدو أن كلها مثل الشانزيليزيه" وعبرنا الشارع تجاه القوس لنتأمله عن قرب وندور حوله ونقراء بعض الكتابات على حوائطه ولنعبر الى الشارع المقابل لنجد أنفسنا أخيرا فى الشانزيليزيه وأستغرقت الجولة حوالي تسع ساعات متواصلة فيما عدا استراحتين في المقاهي مدة كل منهما نصف ساعة تقريبا رجعنا بعدها إلى الفندق عند حوالي الساعة 21:30 لندخل الى المصعد الذي لا يعمل فيه زر الطابق 31 الا بكرت الغرفة فلاحظت ذلك سيدة فرنسية كانت قد سبقتنا الى المصعد وفي يدها كأس شمبانيا وسألتني عن سبب ادخالي للكرت قبل ضغط الزر فأشرت الى عبارة مكتوبة عليه فلما قرأتها قالت:“Oooh, You are very important person” فعلق جمال:"سكرانة العطيبة" ودخلت الى غرفتي وانا بالكاد أستطيع المشي وتناولت عشائي في الفراش.
29/11/2025
#محمد_حسن_البشاري (هاشتاغ)
Mohamed_Beshari#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟