محمّد العُرَفيّ
Mohamed Al Orfi
(أيمّï الٌَُّْيّ)
الحوار المتمدن-العدد: 8546 - 2025 / 12 / 4 - 19:10
المحور:
الادب والفن
هذه هي الحقيقة
حقيقةٌ لم يسألني عنها أحد
ولم يلتقطها أحد
ولا تهم أحد
لكنها تنهشني
منذ أن بدأ شعري يتساقط
وتحوّلت يداي
إلى جناحين مرتجفين
يتشبّثان بآخر حافةٍ في الحياة
أجمع الأحجار
كأنني أبني قبرًا صغيرًا
لطمأنينةٍ تهرّبت منّي
وأزرع الصبّار والجهنمية والتوت
لأخدع هشاشتي
لأقول لها:
كوني صلبةً ولو مرّة
أغربل رمال مرقدي
أخشى أن يسبقني الغبار
أن يطمرني التعب
ويهمس:
لقد تأخّرت كثيرًا، كثيرًا جدًا
لم يخبرني الطبيب بشيء
لم يلوّح بورقة
لكن جسدي ... ذلك الحكيم الصامت
قرأ النهاية قبلي
وأشار بإصبعه
إلى سفرٍ يقترب
إلى بابٍ لا يفتح مرتين
أبتسم لطفولتي
لطفلٍ كان يشبهني
ثم اختفى
وأبكي حلمًا
وأدته بيدي
حين صدّقتُ أن العمر طويل
وأن الخسائر
يمكن تأجيلها مثل مكالمةٍ مزعجة
كل شيء يعود الآن
أبي، أمي، إخوتي
ذلك الحشد الذي أحبّني
والذي نسيته
والذي جرحني
والوجوه التي مرّت بخنجَرها
على قلبي
يعودون بلا استئذان
كأنّ الوجع جلس في المنتصف
وقال لهم:
"هنا، هنا يحدث العرض"
أتظاهر أنّني نسيت أسلافي
لكنهم يصفّقون في الصفّ الأول
داخل الشريط الذي يومض في رأسي
شريطٌ صنعته يوم اخترت العزلة
ويوم سكنت نفسي
كما يسكن الميت
ترفًا أخيرًا في تابوته
هذا ليس نصًا للكتب
ولا كلامًا ينتظر ناشرًا
هذا دمي حين يتكلّم
هذه صرختي
حين لم يعد للصوت
ظلٌّ أو ندبة
كنت أريد كتابتها
لكن الوقت أدار ظهره
وروحي تاهت
بين شرائط
احترقت
تفتّتت
وأُغلقت أبوابها إلى الأبد
أتدري؟
وجعي يمشي أمامي الآن
يمدّ ظلّه الطويل
وأمشي خلفه
كمن يتعلّم
من خطواته الأخيرة
ولا أعرف
هل أكمل ما تبقّى من الحقيقة؟
أم أنّ الحقيقة
بدأت تكتب نهايتي
قبل أن أرفع القلم؟
#محمّد_العُرَّفيّ (هاشتاغ)
أيمّï_الٌَُّْيّ#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟