محمّد العُرَفيّ
الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 00:39
المحور:
الادب والفن
أعلمُ جيّدًا أنّ هذه آخر مرّة
سأستمعُ فيها لصوتكِ
قبل أن يبتلعهُ الحزن
كما تبتلعُ الكواكبُ قمرًا شاردًا
وتنسى أنّه كان ضوءًا
لقد قضيتُ ليالٍ تُشبهُ أصابعَ من رماد
أحاول أن أُخيطَ ثوبًا من الفرح
قبل أن يسرقهُ لصّ اسمهُ الضجر
وأزرعَ نجومًا صغيرةً في جيبكِ
كي لا يبتلعكِ الليل وأنتِ نائمة
أواه… تلك العصفورة
ظنّت أنّ الضفّة الأخرى من العالم
مجرّد نافذةٍ مفتوحة
ولم تُدرك أن العالم نفسهُ قفصٌ
يدور على محوره
كطائرٍ يركض في داخلهِ جناحاه
لكنني لم أكن صيّادًا
ولا ظلَّ قفص
كنتُ الممرّ الذي يعبرهُ الضوء وهو يفكّر
أن يتحوّل إلى ماء
قلبكِ
يرتجف حين تلمحهُ العيون
ثم ينكمش كما تنكمشُ مجرّة
داخل حبة ملح
كأنكِ تتهيئين للغياب
كما يتهيأ مسافرٌ للجلوس
على مقعد لا يعرف أين سيهبط
لا عليكِ
تعالي نعقد صفقةً
لا تعرفها الخرائط
لديّ أشياءُ لم تلمسها يدُ الغياب:
قصائدُ تنكسر إذا قرأها غيركِ
كلماتٌ لا تنطق إلّا إذا سكنتها أنفاسكِ
وأصابع ترتعشُ كلما مرّ اسمكِ
في ممراتِ الهواء
لدي عقلٌ يعيش في غرفةٍ بلا جدران
ينتظر وجهكِ كما ينتظرُ القمرُ
أن يعود إلى مائهِ الأوّل
ولدي قلبٌ يخفق إذا لمح ظلّكِ
في انعكاس بركةٍ
لم يلمسها المطر بعد
والآن
أحملُ رسالتي الأخيرة
وأطلقها على جناح طائرٍ من ضباب
سلامٌ من زرقةٍ أُخذت من عيون الغرقى
ومن لمعانٍ انكسر تحت جفن نجم يحتضر
سلامٌ ينام فيه الموت
وتسهرُ فيه الذكريات حتى تحترق
والآن
أترككِ
وأضع سلامي الأخير على جناح طائرٍ
لن يعرف كيف يعود
سلامًا من زرقةٍ أُخذت من عيون الغرقى
ومن لمعانٍ وُلد تحت جفن نجم يحتضر
سلامًا ينام فيه الموت
وتسهر فيه الذكريات حتى تحترق
وإذا وصل إليكِ
ستعرفين أنه أنا
وأنني لم أرحل حقًّا
بل ذبتُ في مداركِ
كجرمٍ سماويّ
لم يُكتَب له أن يرى أرضًا أخرى
إلى الأبد.
#محمّد_العُرَفيّ (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟