محمّد العُرَفيّ
الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 17:00
المحور:
الادب والفن
جريدُ النخلِ المسكونُ بلهاثِ المشارقِ قد علقَ بأهدابِ ريحٍ
لم تُنذرْ سواها، يمتصُّ غبارَ السديم ويهوي كهمسِ الكواكبِ البعيدة، ابنُ بين سماءٍ تأفلُ وأرضٍ تئنُّ تحت معارج الحيرةِ، ينفرطُ بين ضفتينِ قد مسّهما خفوتُ الأناشيدِ، ويسري كآهةٍ غَرِقَتْ في رُكامِ لجّةٍ طمرتْ بذورَ الثمرِ تحت أحقابِ العطشِ، تتمطى الوحشةُ فيه وتلد الخوفَ من بطنِ الفراغ، سنارةُ الغائبين لا تعيهِ، ولا يعرفهُ قاربٌ ينوءُ بجذورِ التيه، يدلي قدميه خلسةً إلى الماءِ الذي لا يذكرُ، وقد وُشمَتْ ذاكرتهُ بعضةِ تمساحٍ شردَ من مداراتِ الغلظةِ، وفي مخلّتهِ أثرُ ملحٍ تاه عن أجاجٍ لم تبكهِ المرافئ، حملَهُ من فجاجِ عينٍ عقمتْ ولم تئنْ، وشاختْ على مدِّ السهادِ، فأسالت كحلها حتى اسودّتْ صلواتُ الخيطينِ، واستحالت دفاترُ القلقِ نُثارًا
من ندمٍ يُهدهدُ خداعًا لم تفقهْه سكراتُ البدايات
موعدُهُ رفيفُ صبحٍ لا يكتملُ، وضحكةٌ مخنوقةٌ من بئرٍ ضوءٌ فَرَّ من أضلاعِ ليلٍ أجهضتْهُ العتمةُ وابتلعتْ أنفاسهُ مرّةً
بعد أخرى، وعلى تخومِ اللحظِ الباقي بعثرَ أفكارهُ
مثل حبّاتِ رملٍ على سريرِ رياحٍ عرجاء، قبل أن تنطفئ سُبحتهُ بين شهقةِ موتٍ لا يرى كفًّا تمتدُّ له
تخفى خلفَ حقٍّ شبحٍ لا يخصهُ، ووارى سوءةَ الذكرى بلحافٍ من غفلةٍ خرقاء، ركبَ ظهرَ فرصةٍ منطفئة، يرثي بها رفيقًا هاجسهُ الغدرُ، ويُكنُّ له في طياتِ ملوحةِ النفسِ ما تكنّهُ لجّةٌ لمركبٍ عجوزٍ، انكسر مرفقهُ تحت أسنانِ السنينِ، ووسنها الذي يغورُ كغصةٍ في ذاكرةِ الموجِ
وعلى مقربةٍ من مهبطِ الغيابِ، عند شاطئٍ نسيهُ الماءُ، ألقى ظلالَهُ الواجفةَ قبل أن تبتلعهُ سعفةُ نخلٍ راقصةٍ لم تعرفْ ملمسًا إلا أنينَ ريحٍ تُطلُّ من أخدودِ الزمن.
#محمّد_العُرَفيّ (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟