|
|
الفتح نهاية الجيو- وثنية الرأسمالية - الفتح
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 8546 - 2025 / 12 / 4 - 10:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ينزل الله آيات المعارك بعد انتهائها ، ليعكس لنا علمه الغيبي بالمجريات ما قبل وما بعد المعركة ، للاطلاع على الإيجابيات والسلبيات وفقا للمخرجات الميدانية لكل واحدة منها ، وما يطرأ على عقيدة الإيمان بالله واليوم الأخر من تغير سيكولوجي ، إذا ما دعا الله المؤمنين للقتال أو للإنفاق في سبيله، بدأت أحداث سورة الفتح من سنة 6 للهجرة إلا ان الله لم ينزلها إلا بعد سنة 8 للهجرة ، بسبب التغيرات السريعة والمفاجئة في موازين القوى وخاصة بعد نقض التحالف المكي الرأسمالي الصلح الذي من نتائجه انهيار ديموغرافيا المصالح السياسية والاقتصادية للتحالف الوثني المكي الرأسمالي ، فلم يرسم محمد آلية النصر في الحديبية ، إنما رسمها الله بالخفاء وفقا لإرادته العظيمة ، قلنا لم يوافق بعض المؤمنين على الصلح على اعتقاد ان إبرامه كان تصرف انفردي وأحادي الجانب فيه محاباة للتحالف المكي الرأسمالي ، تبين بعد ذلك ان الصلح أمر من الله وليس من محمد ، وهذا ما أكدته الآيات 8 ، 9 ،10التي نزلت في الحديبية ، وفيها عاتب الله المؤمنين الرافضين مبايعة النبي على الصلح ، وبعد عودة النبي من الحديبية أعاد الله سرد أحداث سورة الفتح من جديد ، للاطلاع على المجريات التي دبرها الله بالخفاء لصالح المؤمنين ، ودور السكينة في ثباتهم أمام استفزاز التحالف المكي الرأسمالي ، ان إجماع المؤمنين على الصلح جعل سير الأحداث تسير وفقا لما يريده الله ، فأعرب عن رضاه ، قائلا لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة ، تحت الشجرة مكان جلوس النبي والمؤمن بعد منهم من دخول مكة ، فعلم ما في قلوبهم ، فانزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ، ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما ، وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه ، بما تتلاءم مع حجم إمكانيتكم العسكرية ، وكف أيدي الناس عنكم ، منع وقوع المواجهة العسكرية مع التحالف ، ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً{18} وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً{19} وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً{20}
بعد الهجرة الى المدينة ، تسارعت الأحداث في شبه الجزيرة العربية ، لصالح المؤمنين بالله واليوم الأخر، أبرزها النصر في بدر سنة 2 للهجرة ، وجلاء المشركين من أهل الكتاب ناقضوا اتفاقية السلام سنة 4 للهجرة ، وجلاء المشركين من أهل الكتاب ناقضوا الاتفاقية الأمنية سنة 5 للهجرة ، بعد انضمامهم الى جانب التحالف المكي الرأسمالي في معركة الخندق فارضين على المدينة حصارا عسكريا واقتصاديا لأكثر من عشرين يوما ، بالإضافة الى التعاون الأمني الذي ابرم مع بعض القبائل العربية في صلح الحديبية سنة 7 للهجرة ، فمن الأمور التي دبرها الله بالخفاء لصالح المؤمنين ، اختار لهم موجهات عسكرية تتناسب مع حجم إمكانيتهم من حيث العدة والعدد والتعبئة ، فلم تقع مواجهة عسكرية بين محمد والتحالف المكي إلا في بدر وفي احد ، أما بقية المغانم حصلوا عليها من جراء نقض الاتفاقيات السلمية والعسكرية أخرها صلح الحديبية سنة 8 للهجرة ، قال الله وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها ، وكان الله على كل شيء قديرا ، ففي جميع الأحول والظروف والأزمنة وتفاوت موازين القوى ، ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا، سنة الله التي قد خلت من قبل ، ولن تجد لسنة الله تبديلا
وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً{21} وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً{22} سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً{23}
لم يجدي نفعا الاستفزاز الأمني للتحالف المكي الرأسمالي أمام صمود المؤمنين ، لإصرارهم على تحقيق ما جاءوا من اجله ، فللسكينة التي انزلها الله في قلوب المؤمنين والمؤمنات دورا في حسم الموقف لصالحهم ، كما ان الإصرار والصمود أرغم التحالف المكي على قبول صلح الحديبية ، الذي من شروطه حرية التحالف فبعض القبائل دخلت في حلف مع زعماء مكة ، وبعض الأخر دخل في حلف مع محمد ، ومن شروطه أيضا عدول محمد وأتباعه عن الحج هذا العام ، الى العام المقبل، فالسكينة التي انزلها الله في قلوب المؤمنين والمؤمنات شكلت جنودا صامدين غيروا مجرى المفاوضات لصالحهم ، ولكي يحقق الله إرادته في الصلح منع المواجهة العسكرية ما بين التحالف المكي وأتباع محمد ، قال الله وهو الذي كف أيديهم عنكم ، وأيديكم عنهم ببطن مكة ، من بعد ما أظفركم عليهم ، موافقة التحالف على الحج في العام المقبل ، وكان الله بما تعملون بصيرا
وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً{24}
أصر رافضو صلح الحديبية من المؤمنين على الحج ولو كلفهم استخدام القوة العسكرية ، معتبرين ذلك اعتداء سافر من قبل التحالف المكي الرأسمالي على حقوقهم الدينية ، أيد الله مشاعرهم ، قائلا هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا ، معكوفا تعني محجوز ليوم للنحر ، ان يبلغ محله ، ثم أفصح الله لرافضي الصلح عن أسباب اختيار الحل السلمي بدلا من الحل العسكري ، فمن تلك الأسباب إبعاد شبح الحرب عن مكة لتجنب الأخطاء العسكرية مع المؤمنين ، قال الله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم ان تطؤوهم أي تصيبهم أسلحتكم ، فتصيبكم منهم معرة بغير علم ، معرة تعني إساءة تكلفكم فدية وخسائر مالية ، ليدخل الله في رحمته من يشاء ، لو تزيلوا أي لو انفصل المؤمنين والمؤمنات عن المجتمع المكي ، لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً{25}
فمن الأمور التي دبرها الله بالخفاء، إبعاد المؤمنين عن المواجهة العسكرية مع التحالف المكي الرأسمالي ، بعد ان أبدى المفاوض المكي إصراره على عدم دخول مكة بأي شكل من الأشكال ، ان دخول محمد وأتباعه الى مكة له انعكاسات سلبية منها فقدان التحالف مكانته الدينية والعسكرية بين القبائل العربية وعموم المنطقة ، كما سيسهل هرب المؤمنين والمؤمنات من مكة الى المدينة مع عودة الحجيج ، ان إصرار التحالف المكي الرأسمالي على عدم دخول مكة له أبعاد سياسية ، منها الحفاظ على الحمية الجاهلية وتعني حماية الجيوثقافة الوثنية من التغير العقائدي ، قال الله اذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ، ولما أصر المفاوض المكي على عدم دخول مكة ، جاء هنا دور السكينة اللاهية لحسم المفاوضات بموافقة جميع المؤمنين على صلح الحديبية ، قال الله فانزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى ، وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً{26}
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفتح نهاية التحالف المكي الرأسمالي - الفتح
-
الحديبية نهاية التحالف المكي الرأسمالي - الفتح
-
النفاق الديني والتحديات العسكرية والأمنية - محمد
-
النفاق الديني شيطنة سرية سياسية امبريالية - محمد
-
النفاق الديني والمصالح السياسية والاقتصادية - محمد
-
النفاق سيكولوجية الدين السياسي - محمد
-
شيطنة عالمي الجن والإنس ثقافة جيو اركيولوجية - الاحقاف
-
الوجودية الأزلية وثقافة الجيو اركيولوجيا - الاحقاف
-
الوجودية الأزلية وعقوق الوالدين - الاحقاف
-
أوهام الأمل
-
أولياء الله بين الوثنية والدين السياسي - الاحقاف
-
المصير الأخروي للوجودية اللادينية - الجاثية
-
الوجودية وديموغرافيا الجيوعقائدية - الجاثية
-
الدين السياسي دين للادينيين - الجاثية
-
الوجودية اللادينية والتحيز اللاواعي - الجاثية
-
الوجودية اللادينية والدين السياسي- الجاثية
-
المصير الأخروي للشمولية الوجودية - الدخان
-
التاريخ المخزي للشمولية الفاشية - الدخان
-
الشمولية والتحيز اللاواعي - الدخان
-
الديانة الإبراهيمية وامبريالية الثيولوجيا - الزخرف
المزيد.....
-
تحت حراسة مشددة ومغطى بستار يحمل شعاري السعودية وسوريا.. صند
...
-
هل يعرقل تحالف البرهان مع الإسلاميين فرص إنهاء الحرب في السو
...
-
بعد قرار ترامب.. ما مصير الإخوان في الخليج؟
-
السيناتور بلومنثال: -الإخوان- خطر محتمل على الولايات المتحدة
...
-
الإخوان وأوروبا.. من رعاية الجماعة لاكتشاف حقيقتها
-
بعد عامين.. الجامعة الإسلامية بغزة تفتح أبوابها رغم تدمير مب
...
-
مناطق هشة عديدة في سودرتليا - الكنيسة القبطية تحاول لعب دور
...
-
هل حمزة بن لادن حي؟.. منصة استخباراتية تثير الجدل
-
تقرير فلسطيني: عدد مقتحمي المسجد الأقصى في نوفمبر يتجاوز 410
...
-
قائد الثورة الإسلامية: المرأة ليست ربة بيت بل مديرته ورئيسته
...
المزيد.....
-
رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي
...
/ سامي الذيب
-
الفقه الوعظى : الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
نشوء الظاهرة الإسلاموية
/ فارس إيغو
-
كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان
/ تاج السر عثمان
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
المزيد.....
|