أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - رحلة إلى القارة الأسترالية














المزيد.....

رحلة إلى القارة الأسترالية


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 12:05
المحور: الادب والفن
    


فصل من كتابي (ربيع المسافات) رحلة إلى القارة الأسترالية
كلما تبدأ عاصفة في فصل الصيف، أتذكر أول عاصفة شهدتها عند وصولي، إلى القارة الأسترالية.
...
تكدّست السحب في التخوم، الريح سريعة جدا، أغلقت وجه السماء في لحظة، هبّت، زمجرت، حطّت فوق رأسي مباشرة، أخذت معها قبعتي، خيّل لي أن الغيوم تتقصدني، لو رفعت ذراعي لها أمكنني ملامستها.
بدأ البرق المتتابع ينذر باقتراب عاصفة قوية قادمة، روّعني صوت الرعد المجلجل، أخرجني من عمق الذاكرة، كأنه صوت الرصاص المتتابع في الوطن.

السير بين الأشجار خطير؛ مقدور الصاعقة صعقي من حيث لا أدري، أسرعت في خطوي، اعتليت الطريق إلى قمته، اضطربت الغيوم مجددا، أتت بالمزيد، تكدّرت الأجواء، انزعجت الطيور، فرّت هاربة إلى مخادعها، انهمرت الأمطار فجأة، غزيرة مجاهدة، تدفقت، توالدت الحبات الزخمة، حطّت على رأسي، أحجامها هائلة... مطر هذا أم حجارة؟ سألت نفسي.

لم أستطع مسح العرق المتصبب عن وجهي، اختلط بقطرات المطر، كان الجو حارا، الرطوبة عالية، حوّل المطر الغزير الطريق في ثوان إلى نهر متدفق من المياه، مجرى مجنون بحث عن مصب يسرع إليه.

أظلمت الدنيا، فيضان هائل يأتي، يتكرر فيضان نوح جنوب العالم، قامت القيامة على قارة تبلغ مساحتها سبعة ملايين ونصف كم مربع.

مساحة الأزمة أكبر من تفكيري واستيعابي للحاصل، لم أدرِ تحديدا أين أنا من مركز القوّة المناخية، وكيف أنجو من العواصف المرعبة المخيفة؟

وجدت نفسي داخل غرفة صغيرة وحيدة، في ليل معتم تماما، كيف استطعت النوم في أوّل ليلة، في بلد جديد؟ بين أربعة جدران، غرفة صغيرة تكاد تكفي حمل تذاكر ترحالي! عادتني أفكار متلبسة، قرصتني مثل البعوض.

هجمت الحشرات على السقف والجدران أزواجا دون سابق إنذار، بدأت (تهسهس) معلنة عن مصاعب شهر الصيف، لأول مرّة أعرف أن (أبو بريص) يملك صوتا خاصا به، كل شيء مختلف هنا!

مروحة متوقفة، لا تبعث الهواء، مرناة تبث أخبار ميتة، سرير يصرخ من كثرة الفراغ، ونافذة تطل على ثمة حياة.

أدخلتُ جسدي المنهك في (ملحفة)، غطاء اللحاف، بقي رأسي مشدوها بأمر معالجة الحشرات التي تكاثرت حولي، حاولت امتصاص بعض وجعي، غطيت وجهي بمنشفة، أخمدت تفكيري ونمت نوما عميقا، لم أستفق إلا صباحا على صوت طائر غريب وقف على حافة النافذة، صبّ ألحانه الجميلة في عقلي، اغتصب مكان ديك حارتنا وصياحه، ديك شرقي لا ينام!.

روّضت نفسي تحمّل الظروف والمكان، حمّلت قلبي المتعب الورق الأبيض، خطّ الجديد حتى يستعيد بياضه، لم تنم أناملي، بدأت أملك مساحة الكتابة، وتدوين كل شيء أراه لم آلفه.
مزاولة رياضة المشي ضرورية، حتى أستطيع تحدّي قوّة الطبيعة، العيش هنا مغامرة كبيرة، وثقت في قوة ارادتي، قال (نيتشه):

- " لا تمشِ في طريق الحياة إلا ومعك سوط عزيمتك وإرادتك، تلهب بها كل عقبة تعترض طريقك".

الإقامة في أستراليا يلزمها التحديات؛ الحياة مغايرة، مختلفة، بداية، تبديد الإحساس بالغربة، تغيير المفاهيم التقليدية، الاستغناء عن بعض الضوابط، القبول بالمسلمات دون مُساءلة، التدرب على شعور الأمان، ثم الانتماء، وأهم شيء، الاستغناء عن الكعب العالي.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تبدو السماء أجمل، أمي؟
- يوميات جندي (1)
- قطعة القماش
- حوار مع مها هرموش
- أصبحت له
- حواري مع الروائية دينا سليم حنحن - حسين سوداني
- سادينا - حول الرواية
- في ساحة الحرب
- قصة قصيرة
- دراسة حول روايتي (قلوب لمدن قلقة) د. بطرس دلة
- اسمي غريب - قصة قصيرة
- مزار مريم العذراء
- يوم معتم على سرير أبيض
- مؤتمر سيدني أستراليا 2023 - الانفتاح على الذات
- نقديم غير ساذج - الحافيات دينا سليم
- شيء أحمر شيء أصفر
- شيء أحمر شيء اصفر
- مداخلـــة الـــشاعرة راغـــدة عســـاف زيــن الدين كتاب - جدا ...
- رواية - ضيعة القوارير -
- إصداران جديدان


المزيد.....




- انطلاقة نارية.. -فيلم موسيقي- يكتب التاريخ بـ150 مليون دولار ...
- عمى الذاكرة.. قصة احتفاء بإنسان يُبعث من رماد الحرب
- حوار بين نخلةٍ إماراتية وأرزةٍ لبنانية
- فيلم -Wicked: For Good- من أكثر الأفلام ذات الطابع السياسي ف ...
- ندوة (تجربتي) تستنيربـ -لمسات في الكتابة الإبداعية للأدب وال ...
- -ليفربول في حالة فوضى-.. الأسباب الفنية لسقوط الريدز
- إيليا أبو ماضي: شاعر التفاؤل وصاحب الطلاسم
- نور الدين بن عياد: تونس تودع فنان الفكاهة والبساطة، من هو؟ و ...
- إيران: العلماء الناقدون غير مرحب بهم ولا مرغوب فيهم
- إجراءات جديدة لتسهيل تصوير الأفلام الأجنبية في مصر


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - رحلة إلى القارة الأسترالية