أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قمرات السيد - الهروب من التجنيد في عهد محمد علي














المزيد.....

الهروب من التجنيد في عهد محمد علي


قمرات السيد

الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 10:30
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لا شك أنه حينما أقدم محمد علي باشا على تجنيد المصريين داخل الجيش فإن هذا الأمر قوبل بتأفف شديد من جانب المصريين، لاسيما وأن صلتهم بالجيش كانت قد أنقطعت منذ عهود طويلة، أمتدت من دولة المماليك البحرية والجركسية والتي حكمت مصر مائتان وأربعة وسبعون عاماً وثمانية شهور، وحتى السيطرة العثمانية على مصر في عام 1517م، حيث رفض العثمانيون إدراج المصريون في سلك الجندية، ونظروا إليهم نظرة دونية لا تتعدى كونهم مزارعون لا يرتقون إلى مرتبة الجندية، وحتى لا يكونوا سبباً في طردهم من البلاد.
وعلى العكس من ذلك ففي عهد الباشا وقع عبء التجنيد كاملاً على كاهل طبقة الفلاحين الفقيرة، حيث كانت أكثر طبقات المجتمع المصري تضرراً من هذا الأمر، لاسيما وانه كان لدى كل من الطبقتين المتوسطة والثرية من الأموال والحيل ما جعلتهم يعفون أبنائهم من عبء الجندية.
على كل ففي بادئ الأمر حاول محمد علي باشا إقناع الفلاحين المصريين وإستمالتهم إلى ترك أراضيهم والإلتحاق بالجيش بكامل رغبتهم، وكان قد قدم لهم في سبيل ذلك بعض المغريات مثل إلغاء ضريبة الرأس، وحينما فشل الباشا في إغرائهم أضطر إلى إتباع سياسة التجنيد الإجباري، وذلك من خلال شن حملات عسكرية تهبط إلى القرى، وتقبض على كل من فيها من الرجال، حيث يتم تقييدهم، ويساقون جبراً إلى معسكرات التدريب، التي أنشأها الوالي في قرية بني عدي ومعسكرات أخرى في أسوان.
ورداً على ذلك فلم يستسلم الفلاحون المصريون إلى التجنيد الإجباري، ولجأوا إلى مقاومته بعدة طرق كان من بينها الثورة على الوالي، والهجرة الكاملة من قراهم إلى قرى أخرى جديدة، وحينما باءت محاولاتهم بالفشل لجأوا إلى ما هو أقسى وأشد صعوبة من ذلك وهو تشويه أنفسهم بإحداث إصابات وعاهات مستديمة بأجسادهم، حتى يصبحوا غير لائقين لأداء الخدمة العسكرية, فمنهم من يقطع سبابته، ومنهم من يفقأ عينه اليمنى.
ولمنع إنتشار مثل هذه الجرائم كان الباشا يأخذ من نفس العائلة شخصاً أخر غير الذي شوه نفسه، أو يرسل المشوهين للعمل في سجن الحكومة مدى الحياة، ولتغليظ العقوبة على أمثال هؤلاء، أصدر الباشا أوامره إلى مديري المديريات بأن يتفقدوا الأفراد أصحاب العاهات للتأكد من مدى قدم عاهاتهم من حداثتها، فإذا ما ثبٌت حداثتها وجَبَ عليهم محاكمة هؤلاء ومجازاتهم بأقصى أنواع العقوبات، وإزاء استمرار الوضع وتحوله إلى ظاهرة عامة أمر الباشا بإنشاء فرقة من المشوهين وإستخدامها في أغراض أخرى ليست حربية.
ولعل من وسائل التشويه الأخرى التي لجأ اليها الفلاحون وكانت أكثر خطورة من سابقتها تمثلت في إصابة أنفسهم بالعمى من خلال وضع سم الفئران في أعينهم، وحينما علم محمد علي باشا بهذا الأمر كتب على الفور إلى مديري المديريات أمراً يقضي بمنع العطارين من بيع سم الفئران بشكل قاطع، أما بالنسبة لهؤلاء الأشخاص الذين ثبت بالفعل استخدامهم للسم فكان يحكم عليهم بالسجن مدى الحياة.
وبالرغم من هذا كله فإن كثيراً من الفلاحين لم يفقدوا الأمل في الهروب من التجنيد حتى بعد أخذهم على يد فصائل التجنيد، فكانوا يحاولون الفرار أما في الطريق إلى معسكرات التدريب أو من معسكرات التدريب نفسها، والسبب في ذلك هو أن هؤلاء الفلاحون كانوا لا يحتملون حياة الجيش مطلقاً، خاصة في الأسابيع الأولى من التجنيد بعد أن يتم إبعادهم من قراهم تاركين خلفهم ذكريات الأرض والوطن والعائلة، بينما قوانين الجيش الإنضباطية لم تكن قد ضربت بجذورها بعد في عقولهم.



#قمرات_السيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن الموسيقى في عهد الخديو إسماعيل
- تلغراف الهنا
- صناعة الغناء في مصر في عهد الخديو إسماعيل
- العدوي.. شيخ يتحدى السلطان
- المسحراتي في التراث المصري
- أوبرا عايدة.. حكاية الصراع بين الواجب الوطني والعاطفة
- حلاوة زمان.. عروسة حصان
- أوجيني الامبراطورة التي أحبها الخديو
- تعديل وراثة العرش المصري
- الخاطبة ومراسم زواج المصريين في القرن التاسع عشر


المزيد.....




- قُتل فيها الرجل الثاني لحزب الله.. إليكم ما نعلمه عن قصف إسر ...
- 10 وصايا مهمة لمكافحة التجسس
- الثورة المهدية.. يوم أقام -المهدي المنتظر- دولة في السودان
- سكة حديد بغداد برلين.. خط كاد يربط أوروبا بالخليج العربي
- قتلى في هجوم على مقر لشرطة الحدود الباكستانية
- رئيس لبنان يُعلّق على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الرجل ...
- باكستان: هجوم مسلح في بيشاور يوقع ثلاثة قتلى داخل مقر للقوات ...
- ما مصير اتفاقية بريتوريا للسلام في إثيوبيا؟
- خطوط الإمداد بكردفان معركة كسر العظم بين الجيش والدعم السريع ...
- كيف أعادت الفراشات الحياة البرية إلى أرض قاحلة؟


المزيد.....

- كتاب دراسات في التاريخ الاجتماعي للسودان القديم / تاج السر عثمان
- كتّب العقائد فى العصر الأموى / رحيم فرحان صدام
- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قمرات السيد - الهروب من التجنيد في عهد محمد علي