أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قمرات السيد - العدوي.. شيخ يتحدى السلطان














المزيد.....

العدوي.. شيخ يتحدى السلطان


قمرات السيد

الحوار المتمدن-العدد: 8050 - 2024 / 7 / 26 - 19:07
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


وضع الخديو إسماعيل بعض مشايخ الأزهر الشريف ضمن علية القوم الذين يتشرفون بالمثول بين يدي السلطان عبد العزيز، وتقديم فروض الولاء والطاعة له خلال زيارته التاريخية لمصر المحروسة 1863م، ووقع الاختيار على أربعة من أفاضل العلماء وهم السيد مصطفى العروسي شيخ الجامع الأزهر والشيخ السقاء والشيخ عليش والشيخ العدوى لكي يستقبلهم السلطان في القلعة، ولم تكن المقابلة تتعدى دخول العلماء القاعة السلطانية لإلقاء التحية على السلطان ثم يعودون من حيث أتوا وهم ركوع، ونظراً لأنه لم يكن لدى هؤلاء دراية بالبرتوكول المتبع في موقف كهذا فقد عهد الخديو إلى قاضي القضاة التركي أمر تعليمهم آداب وأصول المثول بين يدي الحضرة السلطانية.
فأفهمهم قاضى القضاة أن المقابلة ستكون في قاعة يقف السلطان في صدرها على منصة مرتفعة عن الأرض قليلاً بينها وبين باقي القاعة حاجز مفتوح من الوسط، وأنه يجب عليهم إذا ما بلغوا الباب ووقعت أعينهم على السلطان أن ينحنوا انحناءاً عظيماً ويسلموا عليه بكلتا اليدين حتى تمسا الأرض، ثم يتقدم كل منهم نحو فتحة الحاجز بخطوات ثابتة، حتى إذا صار أمامها كرر الانحناء والتسليم، ويقف أو يرد السلطان عليه تحيته فيعيد حينئذ الانحناء والتسليم مرة أخرى ثم يتراجع ووجهه إلى السلطان إلى أن يصل إلى باب الدخول فيكرر الانحناء والتسليم ثم ينصرف مثلما دخل حتى يتوارى عن نظر السلطان، واستغرب العلماء أن تقتصر المقابلة على تلك الحركات الصماء دون أن يكون هناك حوار بينهم وبين السلطان، فأفهمهم قاضى القضاة أن الأمر كذلك فقالوا قد فهمنا، ولما حان موعد المقابلة دخل الشيخ العروسي أولاً فالشيخ السقا فالشيخ عليش وفعل كل منهم ما علمه قاضي القضاه أن يفعل، وكان إسماعيل يقف وراء السلطان فأعجب بإتقانهم ما طلب منهم.
وعندما جاء الدور على الشيخ العدوي -والذي كان لديه من الورع والتوكل على الله ما يجعله لا يهاب العظمة السلطانية- دخل وانحنى عند الباب مثل السابقين؛ لكنه سرعان ما رفع قامته وتقدم بخطى ثابتة نحو السلطان دون أن يعاود الانحناء ولا التسليم حتى وصل الحاجز فجاوزه، وصعد إلى المنصة التي كان السلطان واقفا عليها، ونظر إليه بعين ثابتة وقال:-"السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله" فوثب قلب الخديو من جرأة الشيخ، وأخذ يحسب لرد فعل السلطان ألف حساب، لكن الشيخ العدوي لم يلتفت لذلك لاسيما وأن الخليفة ابتسم بلطف ورد عليه السلام، ثم انحنى أمامه أنحناءة خفيفة، حينئذ أنطلق لسان الشيخ من عُقاله وأخذ يخاطب السلطان فيما يجب عليه نحو رعاياه بصفته كبير الحكام وخليفة المسلمين، وأكد له أن ثوابه عند الله سيكون بمقدار ثقل المسؤولية، كما أن عقابه عند الله سيكون على قدر إهماله واجباتها، ولما فرغ من خطبته ختمها بالسلام الذي بدأها به ثم أنحنى أمام السلطان، واقفل عائدا بوجهه لا بظهره كسابقيه فوجد زملاءه في انتظاره يتميزون غيظاً ويلومونه على فعلته فرد عليهم قائلا:-" لماذا أنتم منزعجون...أما أنا فقد قابلت أمير المؤمنين، وأما أنتم فكأنكم قابلتم صنماً، وكأنكم عبدتم وثناً"، ثم التفت السلطان إلى إسماعيل الذي كان غارقا في خوفه وسأله عن الشيخ فقال له إنه من أفاضل العلماء ولكنه مجذوب أبله، فرد السلطان عليه قائلا "بل أني لم ينشرح صدري لمقابلة أحد قدر انشراحي لمقابلة الشيخ العدوى" وأمر له بخلعة سنية وألف جنية مكافأة.



#قمرات_السيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسحراتي في التراث المصري
- أوبرا عايدة.. حكاية الصراع بين الواجب الوطني والعاطفة
- حلاوة زمان.. عروسة حصان
- أوجيني الامبراطورة التي أحبها الخديو
- تعديل وراثة العرش المصري
- الخاطبة ومراسم زواج المصريين في القرن التاسع عشر


المزيد.....




- سر الطرحة.. لماذا تختارها العروس؟
- قتلى عشرات المفقودين بعد غرق عبارة كانت متجهة إلى جزيرة بالي ...
- العراق.. مقتدى الصدر يشعل تفاعلا بدعوة لـ-التطبير- لإغاظة أع ...
- سوريا.. ضجة يثيرها إعلان القبض على العقيد الركن ثائر حسين وم ...
- البابا تواضروس الثاني: 3 يوليو ثورة لتصحيح مواقف ولعودة مصر ...
- جنازة رسمية لرئيس ليبيريا بعد 45 عاماً من اغتياله في انقلاب ...
- موجة حرّ تضرب أوروبا: وفيات وإغلاقات ودرجات حرارة تبلغ مستوي ...
- ماذا يعني تعليق إيران التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذر ...
- ماذا تفعل إذا كنت تعاني من سلس البول؟
- قتلى ومفقودون في حادث غرق عبّارة بإندونيسيا


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قمرات السيد - العدوي.. شيخ يتحدى السلطان