أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - خطة ترامب حول غزة، عودة الى الاستعمار التقليدي!















المزيد.....

خطة ترامب حول غزة، عودة الى الاستعمار التقليدي!


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 8535 - 2025 / 11 / 23 - 16:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يخطط مَنْ يَدَّعُونَ السلام، لأَكْبَرِ عمليةِ تطهيرٍ عرقيٍّ في القرنِ الواحدِ والعشرين. ففي السابعَ عشرَ من نوفمبر، تبنَّى مجلسُ الأمنِ التابعُ للأممِ المتحدةِ المشروعَ الأمريكيَّ الذي يَقرُّ خُطَّةَ ترامبَ المزعومةَ لـ"السلام" في غزة. صَوَّتَتْ ثلاثَ عشرةَ دولةً لصالحِ القرار، بينما امتنعتْ كُلٌّ مِنَ الصينِ وروسيا عن التصويت. ولم يَصْدُرِ القرارُ إلا بعدَ ممارسةِ الولاياتِ المتحدةِ ضغوطاً هائلةً، ثلاثٌ مِنَ الدولِ الخمسِ دائمةِ العضويةِ في المجلسِ شركاءُ في الإبادةِ الجماعية، بينما تمَّ ابتزازُ بقيةِ الأعضاء وتقديمِ وعودٍ ومساوماتٍ للدولِ لضمانِ تمريرِه. أمَّا امتناعُ روسيا والصينِ، اللتان انتقدَتا القرارَ علناً، عن استخدامِ حقِّ النقضِ (الفيتو) فيبدو أنَّه جاء في إطارِ مساوماتٍ مع الغربِ حولَ الحربِ في أوكرانيا في حالةِ روسيا والقضايا التجارية في حالةِ الصين.
وكان أكبرُ تهديدٍ وُجِّهَ للأعضاءِ هو أنَّه في حالِ عدمِ تمريرِ القرار، سَتُطْلَقُ يدُ إسرائيلَ لإكمالِ الإبادةِ الجماعية. ومِنَ الجديرِ بالذكرِ أنَّ السلطةَ الفلسطينية، الممثلةَ للفلسطينيين في الأممِ المتحدة، دعمتِ القرارَ بشكلٍ فعالٍ وطالبتِ الدولَ بعدمِ عرقلةِ إقرارِه.

مِنَ السُّخْرِيَةِ أن تطرحَ الولاياتُ المتحدةُ، التي شاركتْ في تدميرِ غزَّةَ وفي حملةِ الإبادةِ الجماعيةِ ضدَّ الفلسطينيين، نفسَها كطرفٍ يُعوَّلُ عليه لتحقيقِ السلام. الواضحُ أنَّ خُطَّةَ ترامبَ لا تهدفُ إلى منحِ الفلسطينيين حقوقاً متساويةً، ولا إلى إقامةِ دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ، ولا حتى إلى تحقيقِ سلامٍ باي شكل. بل هي خُطَّةٌ مدروسةٌ لجَعْلِ حياةِ الفلسطينيين بائسةً إلى حدٍّ يدفعُهم لقبولِ ما يُسَمَّى "بالهجرةِ الطوعية"، مما يمهدُ الطريقَ لاستعمارِ غزَّةَ واستبدالِ سُكَّانِها.
هذه العودةُ إلى الاستعمارِ المباشرِ، إلى جانبِ الخططِ المماثلةِ لقلبِ النظامِ في فنزويلا وتركيبِ أنظمةٍ عميلةٍ، هي جزءٌ من الصراعِ الجيوسياسيِّ مع القطبِ العالميِّ المنافس، وتهدفُ إلى وقفِ تراجُعِ النفوذِ الأمريكيِّ ومعالجةِ أزمةِ الديونِ السيادية. إنَّ خُطَّةَ ترامبَ ليست مرتبطةً بفلسطينَ فحسبُ، بل هي حلقةٌ في مواجهةٍ أوسعَ مع الصينِ ضمنَ إطارِ الحربِ الباردةِ الجديدة.
فالمشروعُ الأمريكيُّ يرتبطُ ارتباطاً وثيقاً بمبادرةِ "أيميك"، الممرِّ التجاريِّ الذي يربطُ الهندَ بالخليجِ ثمَّ بإسرائيلَ فأوروبا، بهدفِ إضعافِ مشروعِ الصينِ العملاقِ "الحزام والطريق". والهدفُ الاستراتيجيُّ الآخرُ هو خلقُ قاعدةٍ استعماريةٍ جديدةٍ في الشرقِ الأوسطِ، منطقةِ الثقلِ الجيوسياسيِّ الحيوية، وإخضاعُها لنفوذِ أمريكا وعزلِ الصينِ وتقويضِ نفوذِها في التجارةِ الدولية.
أمَّا الحديثُ عن "إعادةِ إعمار" غزَّةَ فهو سرابٌ؛ فبدونِ وقفِ الهجماتِ الإسرائيليةِ، وتحقيقِ وقفٍ دائمٍ لإطلاقِ النارِ، وتوفيرِ حدٍّ أدنى مِنَ الأمنِ والإدارةِ ، لا يمكنُ لأيَّةِ عمليةِ بناءٍ أن تبدأ. الحربُ لم تنتهِ كما تدَّعي الولاياتُ المتحدةُ وإسرائيل. فليس هناك سلامٌ ولا حتى التزامٌ حقيقيٌّ بوقفِ إطلاقِ النار. فبالتواطؤِ الأمريكيِّ، انتهكتْ إسرائيلُ وقفَ إطلاقِ النارِ آلافَ المراتِ، وهي تواصلُ قتلَ ما معدلُه عشرةُ فلسطينيين يومياً، وتدميرَ مئاتِ المباني، ومَنْعَ آلافِ الشاحناتِ المحمَّلةِ بالمساعداتِ الإنسانيةِ مِنْ دُخولِ غزَّةَ التي دُمِّرَ 83% منها. ومع ذلك، لا تعتبرُ الولاياتُ المتحدةُ وحلفاؤُها الغربيون هذه الأفعالَ خرقاً لوقفِ إطلاقِ النار. اذ تشيرُ تقاريرُ "بي بي سي" إلى أنَّ القواتِ الإسرائيليةَ دمرتْ أكثرَ من 1500 بنايةٍ في الشهرِ الأولِ الذي أعقبَ الإعلانَ عن "وقفِ إطلاقِ النار". لقد دُمِّرَتْ أحياءٌ سكنيةٌ كاملةٌ في عملياتِ هدمٍ منظمةٍ، كجزءٍ مِنْ مشروعٍ استعماريٍّ واضحٍ لقطاعِ غزَّة.
ادَّعتِ الولاياتُ المتحدةُ وإسرائيلُ أنَّ الحربَ ستنتهي بإطلاقِ سراحِ المخطوفين، لكنَّ هؤلاءِ أُطلِقَ سراحُهم في أكتوبر بينما استمرتِ الحربُ وتصاعدتْ وهي تشملُ قصفَ لبنان. يبدو أنَّ وقفَ إطلاقِ النارِ هو مجردُ أداةٍ لتخفيفِ الضغطِ الدوليِّ على إسرائيل، وغطاءٍ دبلوماسيٍّ تستميتُ تحته لمواصلةِ التوسُّع.
ليس لهذه الخُطَّةِ أيُّ ربطٍ بحقوقِ الفلسطينيين ورَفْعِ الظلمِ عنهم. ولا يوجدُ في الخُطَّةِ أيُّ شيءٍ ملموسٍ حولَ إقامةِ دولةٍ فلسطينية. إذ يشيرُ القرارُ إلى أنَّه بعدَ الالتزامِ بشروطٍ تعجيزيةٍ، قد تُفتَحُ "أرضية" لمسارٍ ما نحوَ دولةٍ، لكن دونَ أيَّةِ تواريخٍ أو خططٍ واضحة. يستخدمُ القرارُ لغةً غامضةً يُسلَّمُ بموجبِها مصيرُ غزَّةَ إلى "مجلسِ سلام" سيشكلُ "قوةً دوليةً للاستقرار" تقدمُ تقاريرَها مباشرةً إلى إسرائيل وستدار من قبل ترامب.
أقرَّ ترامبُ نفسُه في لقاءٍ مع بنيامين نتنياهو قبلَ أشهرٍ أنَّ أمريكا "ستستولي" على غزَّةَ في إطارِ خُطَّةِ إعادةِ التطوير. وحصلتْ صحيفةُ "ذا غارديان" على وثائقَ للجيشِ الأمريكيِّ تكشفُ النقابَ عن الخُطَّةِ الحقيقيةِ لغزَّة: تَقْسِيمُ القطاعِ إلى منطقتين — منطقةٍ خضراءَ خاليةٍ مِنَ الفلسطينيين، تسيطرُ عليها "قوةُ استقرارٍ دولية" بقيادةٍ أمريكيةٍ وتشاركُ فيها قواتٌ مِنْ بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ستوفرُ هذه المنطقةُ الخضراءُ للاحتكاراتِ الأمريكية. أمَّا المنطقةُ الحمراءُ، فسيُحشَرُ فيها الفلسطينيون بين الركامِ، دونَ السماحِ لهم بإعادةِ البناء، في سجنٍ مفتوحٍ سيُعْرَضُ على سُكَّانِه "الهجرةُ الطوعية". هذا يعني تقليصَ مساحةِ السجنِ الكبيرِ (غزَّة) الذي كانَ بالفعلِ مِنْ أكثرِ مناطقِ العالمِ اكتظاظاً بالسكان، ليجعلَ أوضاعَهُ أكثرَ بُؤْساً.
ووِفْقاً لوثيقةَ حصلتْ عليها "واشنطن بوست" — وهي مسوَّدةٌ أوليةٌ للخُطَّة — فإنَّ الخُطَّةَ الأمريكيةَ تشملُ "إعادةَ توطينٍ طوعية" لسُكَّانِ غزَّة. تقفُ وراءَ هذه الوثيقةِ "مؤسسةُ غزَّةَ الإنسانية" و"مجموعةُ بوسطنَ الاستشارية"، وهي الشركةُ التي بدأَ منها بنيامين نتنياهو مسيرتَهُ المهنيةَ قبلَ أن يصبحَ سياسياً.
تهدفُ الخُطَّةُ إلى جَذْبِ استثماراتٍ خاصةٍ بمئاتِ المليارات، وجَنْيِ أرباحٍ ماليةٍ لأمريكا، وتعزيزِ الهيمنةِ الأمريكيةِ في الشرقِ الاوسط، وضمانِ وصولِ الشركاتِ الأمريكيةِ بحلولِ عام 2035 إلى ما قيمتها 1.3 ترليون دولار من المعادنِ النادرةِ في منطقةِ الخليجِ خاصةً في غربِ السعوديةِ.
وستتحولُ غزَّةُ إلى مركزٍ للتجارةِ والتصنيعِ والخدماتِ والمعلوماتِ والسياحة، بدعمٍ مِنَ التكنولوجيا الإسرائيليةِ والاستثماراتِ الخليجية. وستلعبُ الإماراتُ دورَ المركزِ التجاريِّ والماليِّ العالميِّ، بينما تكونُ إسرائيلُ مركزاً للتكنولوجيا والدفاع. وستحمل المشاريعَ المزمعَ بناؤُها أسماءً مثل "ريفيرا ترامب" و"طريق محمد بن سلمان السريع" و"مشروع محمد بن زايد" ومنطقة "إيلون ماسك الذكية" للتصنيع.
كما اشرنا تهدفُ الخُطَّةُ إلى تسريعِ "اتفاقاتِ إبراهيم" وبناءِ البنيةِ التحتيةِ لممرِّ "أيميك".
اقتراحٌ آخرُ في المخططِ هو إنشاءُ "صندوقِ أراضي غزَّة" الذي يهدفُ إلى استعمارِ غزَّةَ مِنْ خلالِ تأجيرِ أراضيها لمدةِ 25 إلى 99 سنة. هذا نموذجٌ استعماريٌّ معروف، طَبَّقَتْه بريطانيا مثلاً عندما أجبرتِ الصينَ عام 1898 على تأجيرِ هونغ كونغَ لها لمدة 99 عاماً.
سَيُخَيَّرُ الفلسطينيون بوضعِ أراضيهم في هذا الصندوقِ مقابلَ أصولٍ رقمية، يمكنُ للمستثمرين تداولُها، لتمويلِ المشاريعِ المختلفة.
أمَّا الفلسطينيون الذين "يختارون" إعادةَ التوطينِ في دولةٍ أخرى، فسيُمنَحون خمسةَ آلاف دولار. ولا يوجدُ ما يضمنُ أنَّ الخُطَّةَ لن تمتدَّ إلى الضفةِ الغربية بل حتى إلى أجزاءٍ مِنْ سوريا ولبنان.
الخلاصة:
الخُطَّةُ تهدفُ إلى ترحيلِ الفلسطينيين، ومَنْ يَبْقَ مِنْهُمْ سيعملُ بأجورٍ زهيدةٍ في المناطقِ الصناعية، مثل منطقة "إيلون ماسك الذكية للتصنيع" حيث تشيرُ الخطة بشكل خاص إلى أنَّ الشركاتِ الأمريكيةَ للسياراتِ الكهربائية ستقومُ بالإنتاجِ في غزَّةَ باستخدامِ العمالةِ الرخيصةِ والغازِ مِنْ غزَّة.
هذا القرارُ الذي تبنَّاه مجلسُ الأمنِ يشكلُ خطراً على الفلسطينيين والمِنْطَقَة، بل وسابقةً قانونيةً خطيرة. فشلَ المجلسُ طوالَ سنتينِ مِنَ الإبادةِ الجماعيةِ في اتخاذِ إجراءٍ حاسم، والآن، تحتَ الضغطِ العالميِّ المتصاعدِ ووصولِ إسرائيلَ إلى مأزق، يتبنَّى المجلسُ القرارَ 2803 في خضمِّ عمليةِ إبادةٍ جماعية. بدلاً مِنَ الدفاعِ عن القانونِ الدوليِّ والضحايا ومعاقبةِ الجناة، ينتهكُ القرارُ القانونَ الدوليَّ ويعاقبُ الضحايا ويكافئُ الجناة، ويحاولُ إنقاذَ إسرائيلَ مِنْ مأزقِها وإدامةَ الاحتلالِ وإدامةَ الإبادةِ الجماعيةِ والتطهيرِ العرقيِّ بوتيرةٍ أبطأ.
لا ينتهكُ القرار حقوقَ جماهيرِ فلسطينَ فحسب، بل يحتوي على بنودٍ تتعارضُ صراحةً مع القانونِ الدوليّ. يَحْرِمُ القرارُ الفلسطينيين مِنْ حَقِّ تقريرِ المصير، ويُفْرِضُ قوةً أجنبيةً معاديةً عليهم. يُسَلِّمُ القرارُ غزَّةَ ومصيرَ الناجين مِنَ الإبادةِ الجماعيةِ إلى الولاياتِ المتحدة، وهي شريكةٌ في الإبادة، ويُشْرِكُ إسرائيلَ القوةِ المحتلةِ غيرِ الشرعيةِ ومُرْتَكِبَةِ الإبادةِ الجماعية في صنعِ القرار، بينما يَحْرِمُ الفلسطينيين مِنْ حَقِّ تقريرِ مصيرِهم. كما يعززُ القرار الإفلاتَ مِنَ العقاب، ويُدِيمُ الإبادةَ الجماعيةَ في غزَّةَ والضفةِ الغربية، ولا يتحدثُ القرارُ عن نزعِ سلاحِ المحتلينَ الجناة، بل عن نزعِ سلاحِ الضحايا.
لقد قررتْ محكمةُ العدلِ الدوليةِ العامَ الماضي أنَّ احتلالَ غزَّةَ والضفةِ الغربيةِ والقدسِ الشرقيةِ غيرُ شرعيٍّ ويجبُ أن ينتهيَ فوراً وكاملاً. هذا القرارُ يضعُ ذلك الحكمَ جانباً ويُمَدِّدُ الاحتلالَ الإسرائيلي، ويؤيدُ وجودَ القواتِ الإسرائيليةِ لفترةٍ غيرِ محدودةٍ على حدودِ غزَّة، ويُفْرِضُ احتلالاً آخرَ بقيادةِ أمريكا فوقَ الاحتلالِ القائم. كما أنَّ المحكمةَ قررتْ أنَّ الفلسطينيين، الذين خُدِعُوا لعقودٍ في ما يُسَمَّى عمليةَ أوسلو للسلام، ليسوا ملزمينَ بالتفاوضِ مع مضطهديهم حولَ حقوقِهم، ولا يمكنُ لأيَّةِ اتفاقيةٍ سياسيةٍ أن تتجاهلَ هذه الحقوق. هذا القرارُ يُهَدِّرُ تلك الحقوقَ ويُلغيها عملياً، ويمنحُ الولاياتِ المتحدةِ وإسرائيلَ وحلفاءَهما سلطةَ تحديدِ تلك الحقوق.
لا يذكرُ القرارُ كلمةً واحدةً عن "الإبادة الجماعية" أو "الفصل العنصري" التي أشارتْ إليها المحكمةُ الدولية، ولا عن الاحتلالِ غيرِ الشرعي، ولا عن اعتقالِ آلافِ الفلسطينيين. لقد قضتِ المحكمةُ الدوليةُ بأنَّ إسرائيلَ مسؤولةٌ عن دفعِ تعويضاتٍ عن الأضرارِ التي ألحقتْها بالفلسطينيين، لكنَّ هذا القرارَ ينقلُ هذه المسؤوليةَ عن إسرائيلَ ويُلقي بها على عاتقِ المستثمرين والمانحين الدوليين.
بينما يؤكدُ القانونُ الدوليُّ وحكمُ المحكمةِ الدوليةِ أنَّ للفلسطينيين الحقَّ في إقامةِ دولتِهم فوراً، لا يقدمُ هذا القرارُ حتى وعداً غامضاً غيرَ ملزمٍ بمستقبلٍ كهذا. وقد صرَّحَ بنيامين نتنياهو والكثيرُ مِنْ قادةِ إسرائيلَ بعدَ القرارِ بأنَّه لن تكونَ هناك دولةٌ فلسطينيةٌ على الإطلاق. والاكثر من كل هذا إنَّ القرارَ لا يطالبُ حتى برفعِ القيودِ عن دخولِ المساعداتِ الإنسانية.
مِنْ خلالِ هذا القرار، أصبحَ مجلسُ الأمنِ أداةً للقمعِ ولتكريسِ احتلالٍ غيرِ شرعيٍّ لفلسطين. لقد عملَ مجلسُ الأمن، بهذا القرار، خارجَ القانونِ الدوليِّ وضدَّه.
ان مجلسُ الأمنِ هو نتاجُ ميثاقِ الأممِ المتحدة، وهو مقيدٌ ببنودِه ولا يمكنُه العملُ خارجَ هذا الميثاقِ أو القيامُ بأعمالٍ تتعارضُ مع أهدافِ الامم المتحدة، مثلَ مَنْعِ حَقِّ تقريرِ المصيرِ أو السيطرةِ على أراضي الغيرِ بالقوة. إنَّ هذا القرارَ مناقضٌ للقانونِ الدوليِّ لأنَّه يوافقُ على استعمارِ الفلسطينيين ويتجاهلُ عدداً كبيراً مِنْ قراراتِ مجلسِ الأمنِ نفسِه وبنودِ القانونِ الدوليّ. وهو يمثلُ سابقةً خطيرةً يمكنُ استخدامُها لانتهاكِ حقوقِ سُكَّانِ أيَّةِ منطقةٍ في العالم.
هذه هي النيةُ المعلنة، ورغمَ ذلك فإنَّ فُرَصَ نجاحِ هذه الخُطَّةِ ضئيلة. هذا ما هو متوقعٌ مِنْ إسرائيل والغرب والأنظمة العربية وحتى دولِ القطبِ المقابل، ولكن هؤلاء ليسوا الفاعلَ الوحيدَ الذي يحددُ مصيرَ جماهيرِ فلسطين. إنَّ الفاعلَ الذي نتوقعُ منه دوراً أيضاً هو جماهيرُ فلسطينَ نفسِها والطبقةُ العاملةُ والقوى التحرريةُ في العالم. إنَّ هذه الخُطَّةَ وتبنِّي القرارِ مِنْ قِبَلِ مجلسِ الأمنِ يَجْعَلُ نضالَ هذا الفاعلِ أكثرَ أهميةً وإلحاحاً مِنْ أيِّ وقتٍ مضى. لقد حققت الطبقةُ العاملةُ العالميةُ والقوى التقدميةُ تقدماً ملموساً في هذا المجالِ وقد اكتسبتْ تجاربَ مهمة. يجبُ إدامةُ وتقويةُ هذه الحركةِ وتعزيزُ دورِ الطبقةِ العاملةِ فيها، اذ بمقدورِ الطبقةِ العاملةِ الواعيةِ لخُطورةِ هذا القرارِ إفشالُ هذا المشروع وكامل المشروع الاستيطاني.



#توما_حميد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار حول التحولات العالمية والوضع في الشرق الاوسط!
- العدوان الأمريكي على فنزويلا: بين ذريعة مكافحة المخدرات وأجن ...
- الإسلام السياسي: أقذر أنواع الحكم البرجوازي - العراق نموذجًا ...
- تصاعد الصراع بين الأقطاب الرأسمالية: مخاطر جديدة تهدد البشري ...
- عواقب فشل الحرب على إيران
- حول الهجوم الإسرائيلي على إيران!
- منصور حكمت وحقوق الاطفال
- في ظل الإبادة الجماعية، يجب أن يهدف النضال نحو إسقاط النظام ...
- ملامح إدارة ترامب الواضحة!
- المفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا: استراتيجيات أمريكية وصرا ...
- خطة ترامب حول غزة: عرض شخص معتوه ام استراتيجية إمبراطورية آف ...
- بماذا تخبرنا حرائق لوس انجلس؟!
- حول الصراع الدائر داخل حركة -ماغا- الشعبوية التي يقودها ترام ...
- ماذا حدث في سوريا، وماذا ينتظر الطبقة العاملة في المنطقة وال ...
- ويستمر الكابوس الذي تعيشه البشرية!
- عودة ترامب للحكم والآمال الكاذبة!
- حول تشكل الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني!
- يجب فضح حملة الغرب الاخيرة ضد حرية التعبير!
- مشروع -تعديل- قانون الأحوال الشخصية العراقي يعكس إنحطاط الاس ...
- اراء حول محاولة اغتيال دونالد ترامب!


المزيد.....




- بتهمة -مُعتد على الأطفال-.. عناصر من دائرة الهجرة الأمريكية ...
- -تبرع بأغلى ما يملك-.. وزير الدفاع السوري يثير تفاعلا ببكائه ...
- بدء محادثات جنيف بشأن أوكرانيا في ظل معارضة أوروبية للخطة ال ...
- بركان كيلاويا في هاواي يواصل ثورانه منذ العام الماضي ونوافير ...
- خطة ترامب - تحركات دبلوماسية لتجنب تسوية مجحفة في أوكرانيا
- أوكرانيا: هل تسفر مفاوضات جنيف عن تعديل في خطة ترامب؟
- لماذا حطّم الحبيب بورقيبة مشروع عبدالعزيز الثعالبي؟
- الصين تعتبر -رسائل- اليابان بشأن تايوان صادمة ومساسا بخط أحم ...
- المتحدث باسم الأدلة الجنائية بغزة: نحتاج إمكانيات للتعرف على ...
- 7 تعديلات في جهاز التوجيه تُحسن تجربتك اليومية


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - خطة ترامب حول غزة، عودة الى الاستعمار التقليدي!