أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - منصور حكمت وحقوق الاطفال















المزيد.....

منصور حكمت وحقوق الاطفال


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 8366 - 2025 / 6 / 7 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُعد منصور حكمت أحد أبرز المنظّرين الذين ساهموا في تطوير النقاش حول حقوق الأطفال، خاصة في سياق الصراع بين التقاليد الرجعية والقيم الإنسانية الحديثة. تميزت مساهماته بالوضوح والجرأة، متفوقةً في ذلك على العديد من الشخصيات التاريخية والمعاصرة في الحركات السياسية، بما فيها الماركسية. فموضوع حقوق الأطفال لم يحظَ باهتمام مفصّل من قبل ماركس أو إنجلز أو لينين، ويرجع ذلك جزئيًا إلى السياق التاريخي الذي عاشوا فيه، حيث كانت قضايا الطفولة تُعتبر ثانوية مقارنة بالصراع الطبقي المباشر. كما أن الكثير من الحقوق أصبحت أكثر وضوحًا نتيجة دراسات في مجالات مهنية مثل الطب.
إنجازات الحركات التقدمية وحقوق الأطفال
الحقوق الأساسية للأطفال، كالحق في حياة آمنة، والرعاية الصحية، والتعليم، وحظر تشغيل الأطفال دون سن 16، ومنع جميع أشكال الإيذاء، لم تكن هبةً من النظام الرأسمالي، بل نتاج نضالات الحركات المعارضة، خاصة الاشتراكية، التي فرضت هذه المكاسب بعد صراعات مريرة، لا سيما في أعقاب الثورة البلشفية. ومع ذلك، بقيت ثغرات كبيرة في حماية الأطفال، وهو ما تناوله منصور حكمت بشكل نقدي وعملي.
المساهمات الفكرية لمنصور حكمت
يُعد برنامج الحزب الشيوعي العمالي "عالم أفضل" وثيقة تقدمية مهمة في هذا المجال. ولكن
جسّد منصور حكمت أفكاره بشكل خاص في ردوده على منظمتي "النشرة السويدية للمرأة والأصولية" و"راه كاركر" (درب العامل)، اللتين انتقدتا موقف الحزب الشيوعي العمالي الداعي إلى منع حجاب الأطفال، ووصفته بـ"التنكر للحقوق الديمقراطية للأقليات" و"عدم احترام الخصوصيات الثقافية".
حيث قدّم منصور حكمت رؤية متكاملة لحقوق الطفل، تمحورت حول ضرورة تجريم أدلجة الأطفال، وحقوق الطفل داخل العائلة، ودور القانون والدولة في حماية هذه الحقوق، مؤكدًا أن حق الاختيار الذي ينطبق على البالغين لا ينطبق على الأطفال.
ولم يقتصر دور منصور حكمت على الجانب الفكري، بل كان أحد مؤسسي منظمة "الطفل أولًا" التي هدفت إلى حماية الأطفال وحقوقهم.
المحاور الأساسية لأفكار منصور حكمت:
حرية الاختيار:
يرى منصور حكمت أن هناك فرقًا جوهريًا بين حرية الاختيار بين البالغين والأطفال، فالأطفال لا يملكون القدرة على الاختيار في مسائل معقدة مثل اختيار العقيدة ومايترتب عليه؛ لأنه ببساطة ليس للطفل غير الراشد القدرة على اتخاذ القرارات. لهذا، فإن الحديث عن "اختيار" الطفلة للحجاب هو "مزحة تافهة".
انتقد منصور حكمت مقترحات خصومه في مجال حجاب الأطفال، مثل "منع الحجاب الإجباري فقط"، معتبرًا إياها حلولًا شكلية لا تحمي الفتيات فعليًا، لأن آليات القسر في العائلات غالبًا ما تكون خفية. كما أنه لا توجد أي إمكانية من الناحية العملية لأي طفلة لإثبات أن الحجاب فُرِض عليها قسرًا. في الحقيقة، لا يمكن أحيانًا حتى للنساء البالغات الاختيار بحرية في ظل الضغوط العائلية والاجتماعية.
يقدّم منصور حكمت تحليلًا طبقيًا للحجاب كأداة طبقية وذكورية لقمع المرأة، إذ يصفه بأنه ليس مجرد قطعة قماش، بل أداة لفرض العزلة والتبعية على النساء والفتيات. كما يشير إلى العواقب النفسية المدمرة لإجبار الفتيات على ارتداء الحجاب، مثل الحرمان من المشاركة في الأنشطة الرياضية والاجتماعية.
منع أدلجة الأطفال:
رفض منصور حكمت فرض أي أيديولوجيا مهما كانت طبيعتها (دينية، قومية، أو حتى ماركسية) على الأطفال، باعتبارها نوعًا من غسل الدماغ. وقد وقف بشكل خاص ضد تأسيس المنظمات العسكرية للأطفال دون سن 16.
دور الدولة والقانون:
دعا إلى تدخل الدولة عبر تشريعات صارمة لحماية الأطفال، ورفض فكرة "حيادية الدولة" في مواجهة الانتهاكات ضدهم، بما فيها فرض معتقدات دينية عليهم مثل فرض الحجاب على الفتيات قبل بلوغهن سن الرشد القانوني. وسخر من منتقديه الذين وصفوا ذلك بتدخل الدولة في حياة الأفراد، مؤكدًا أن الحقوق غير المدعومة بقانون تكون عرضة للانتهاك والمصادرة.
شدّد على أن كل النضالات الجدية من أجل الحقوق، أيا كانت، تحاول كسب قوة القانون. كما أكد أن القوانين التي تحمي الشرائح الضعيفة هي أحد أسس التقدم الاجتماعي، مشيرًا إلى أن الدول الغربية نفسها تتدخل في العديد من المجالات لحماية الأطفال (مثل منع ضربهم).
حدود السلطة الأبوية على الأطفال:
رفض منصور حكمت فكرة أن للوالدين حقوقًا مطلقة على أطفالهم، مؤكدًا أن الأطفال ليسوا ملكيةً للوالدين، وأن للمجتمع الحق في حمايتهم من الممارسات الضارة، حتى لو مورست داخل العائلة تحت ذرائع دينية أو ثقافية.
في نظر منصور حكمت، فإن حرية المعتقد للوالدين يجب ألا تتجاوز حقوق الطفل.
النسبية الثقافية:
انتقد منصور حكمت سياسة "تعدد الثقافات" و"النسبية الثقافية"، وهي السياسة التي روّجت لها البرجوازية الغربية بعد نهاية الحرب الباردة لتبرير ما سمّاه "صراع الحضارات"، بهدف إضعاف النضال الطبقي وتحويل الانتباه عن أزمات النظام نحو صراعات مستندة إلى هويات مصطنعة.
لقد صورت هذه السياسة المجتمعات بشكل عام والجاليات في الدول الغربية على أنها كتل متجانسة، وروجت لشخصيات رجعية كقادة لهذه الكتل. وانتقدها منصور حكمت كأداة لتبرير انتهاك حقوق الإنسان وتعزيز الفصل العنصري وخلق غيتوات "ثقافية" تحت شعار احترام ثقافة الأقليات. كما اعتبرها تراجعًا عن الحقوق العالمية والشاملة للإنسان.
انتقد فكرة أن الحجاب والعديد من الممارسات والتقاليد الرجعية هي جزء من "ثقافة" مجتمعات يجب احترامها، معتبرًا إياها ذريعة للحفاظ على أشكال القمع. ودعا إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان العالمية على الجميع بغض النظر عن الخلفية الثقافية أو الدينية، ورفض استخدام "الثقافة" كغطاء للقمع.
مقتطفات من برنامج "عالم أفضل" للحزب الشيوعي العمالي:
كتب منصور حكمت في البرنامج حول حقوق الطفل ما يلي:
• حق كل طفل في التمتع بحياة سعيدة وآمنة وخلّاقة.
• على المجتمع تأمين رفاه وسعادة كل طفل، بغض النظر عن وضعه الأسري.
• على الدولة ضمان معايير موحدة من الرفاه وإمكانات النمو المادي والمعنوي للأطفال والفتوة، في أعلى المستويات الممكنة.
• توفير الخدمات الطبية والتعليمية والثقافية المجانية لضمان معايير عالية لحياة الأطفال والفتوة، بغض النظر عن وضعهم الأسري.
• وضع جميع الأطفال الذين فقدوا الأسرة أو الإمكانات العائلية تحت رعاية الدولة، وتأمين معيشتهم وتربيتهم في مؤسسات عصرية ومتطورة.
• إقامة حضانات مجهزة وعصرية لضمان تمتع جميع الأطفال بأجواء تربوية واجتماعية حيوية وخلّاقة، بغض النظر عن ظروفهم العائلية.
• المساواة الحقوقية التامة بين الأطفال المولودين داخل إطار الزواج أو خارجه.
• منع العمل المهني للأطفال والفتوة تحت سن 16.
• منع جميع أشكال إيذاء الأطفال داخل الأسرة والمدارس والمؤسسات التعليمية والمجتمع بشكل عام.
• منع الضغط النفسي وإخافة الأطفال.
• منع العقاب البدني منعًا باتًا.
• المواجهة القانونية الحازمة لالستغالل الجنسي لألطفال. ُيعد االستغالل الجنسي لألطفال جريمة جنائية كبرى.
• ملاحقة ومعاقبة كل من يحاول بأي طريقة أو تحت أي ذريعة حرمان الأطفال، بناتًا أو أولادًا، من حقوقهم المدنية والاجتماعية، مثل التعليم والترفيه والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
• منع تأسيس منظمات عسكرية للأطفال دون سن 16.
خاتمة
قدّم منصور حكمت رؤية متقدمة لحقوق الطفل، معارضًا التقاليد الرجعية والنسبية الثقافية التي تبرر انتهاكاتها. وشدد على دور الدولة والقانون في حماية الأطفال، معتبرًا أن الحقوق لا تكون فعلية إلا بضمانات قانونية صارمة. تبقى أفكاره مرجعًا أساسيًا في النضال من أجل عالم يحترم حقوق الأطفال كأفراد مستقلين، وليس كملكية أو أدوات لأجندات أيديولوجية.



#توما_حميد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ظل الإبادة الجماعية، يجب أن يهدف النضال نحو إسقاط النظام ...
- ملامح إدارة ترامب الواضحة!
- المفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا: استراتيجيات أمريكية وصرا ...
- خطة ترامب حول غزة: عرض شخص معتوه ام استراتيجية إمبراطورية آف ...
- بماذا تخبرنا حرائق لوس انجلس؟!
- حول الصراع الدائر داخل حركة -ماغا- الشعبوية التي يقودها ترام ...
- ماذا حدث في سوريا، وماذا ينتظر الطبقة العاملة في المنطقة وال ...
- ويستمر الكابوس الذي تعيشه البشرية!
- عودة ترامب للحكم والآمال الكاذبة!
- حول تشكل الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني!
- يجب فضح حملة الغرب الاخيرة ضد حرية التعبير!
- مشروع -تعديل- قانون الأحوال الشخصية العراقي يعكس إنحطاط الاس ...
- اراء حول محاولة اغتيال دونالد ترامب!
- نيل جوليان اسانج لحريته، دليل على اهمية الارادة و النضال الا ...
- مرة اخرى، حول موقف منصور حكمت من تعدد الاقطاب العالمية!
- لا هي -نيوليبرالية- ولا -كليبتوقراطية-، بل رأسمالية حقيقية!! ...
- لماذا كل هذا الرعب من احتجاجات الطلاب في الجامعات الغربية؟
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- رأسمالية السوق الحر تسلك نفس مسار رأسمالية الدولة!.
- خطاب روشي سوناك، علامة ذعر الطبقة الحاكمة!


المزيد.....




- السعودية.. محمد بن سلمان يشدد على مواجهة -التداعيات الكارثية ...
- طهران: لا نسعى لامتلاك سلاح نووي
- أم عراقية تصف ابنتها الصغيرة بالجلحة خلال بث مباشر
- رجل يقود سيارة وسط حشد من الناس في مدينة باساو الألمانية
- هل يواعد المغربي حكيمي طليقة زميله السابق -الفاتنة-؟
- ألمانيا.. زوجته وابنته من ضمن الضحايا.. سائق يصدم حشدا في با ...
- واشنطن بوست: البيت الأبيض حاول تلطيف حدة الصراع بين ترامب وم ...
- زعيم تنظيم -القاعدة- في اليمن يهدد ترامب وماسك وآخرين
- كندا أرسلت معدات وأجهزة عسكرية إلى أوكرانيا قيمتها تتجاوز 25 ...
- بريطانيا ترمي -بشباكها- على جيش جمهورية سوفيتية سابقة


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - منصور حكمت وحقوق الاطفال