أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - الإسلام السياسي: أقذر أنواع الحكم البرجوازي - العراق نموذجًا ، حول تمرير -المدونة- الطائفية من قبل البرلمان العراقي















المزيد.....

الإسلام السياسي: أقذر أنواع الحكم البرجوازي - العراق نموذجًا ، حول تمرير -المدونة- الطائفية من قبل البرلمان العراقي


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 18:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تم تمرير هذه المدونة الطائفية في العراق ضمن وضع عالمي يتسم بتطورات دولية سريعة، وأزمات خانقة، وصعود للرجعية. فمع تزايد الأزمات التي يواجهها الغرب بشكل خاص، وآفول مكانته، خاصة بعد الحرب الأوكرانية وحرب الإبادة في غزة، انكشفت طبيعة ما كان يُعتبر أرقى أنظمة الحكم البرجوازية، أي "الديمقراطية" البرلمانية، وتَبيَّن زيف ادعاءاتها حول الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات والعدالة والسوق الحرة والتجارة العالمية الحرة. ولمنع بروز عالم متعدد الأقطاب، تلجأ الأنظمة الليبرالية بشكل متزايد إلى إشعال الصراعات ودعم الحروب والثورات الملونة، بل وصل الأمر إلى دعم عمليات إبادة جماعية ضد شعب بأكمله. كما يستخدم الغرب وسائل الابتزاز الاقتصادي والسياسي، ويفرض الحصارات الاقتصادية والتعريفات الجمركية، ويستغل الآليات المالية العالمية التي يتحكم بها، ومكانة الدولار، وغيرها ضد الدول الأخرى. ويقف عائقًا أمام الاستثمارات، بما فيها استثمارات البنية التحتية التي لا تأتي من الغرب، مثل استثمارات الصين في إفريقيا وأمريكا اللاتينية. وينظر الغرب بشكل سلبي إلى أي تقارب وتحسن في العلاقات بين الدول، مثل دول منظمة بريكس، ومؤخرًا بين الصين والهند.
في ظل غياب البديل الاشتراكي، تُعدّ واحدة من أهم نتائج أزمة النظام الرأسمالي، وخاصة القطب الغربي، هي بروز حركات يمينية ورجعية وفاشية في الغرب، عملت على دعم نظيراتها في العالم.
تقف الأنظمة الغربية بقوة مع كل الحركات الرجعية على مستوى العالم؛ فبينما تعادي كوبا وفنزويلا مثلًا، تقوم بتمكين القاعدة وهيئة تحرير الشام وإيصالهما إلى الحكم، وتدفع بالحركات الطائفية والإثنية والعنصرية إلى الواجهة. وتمثل حركات وأنظمة الإسلام السياسي بجميع أطيافها، بشكل خاص، بديل الغرب المفضل في الشرق الأوسط.
وقد أثبتت تجارب حكم الإسلام السياسي أنها من أقذر أشكال الحكم البرجوازي التي يمكن أن يُبتلى بها المجتمع، إذ تجمع بين القمع والعنف المفرط، ومعاداة المرأة، وتقويض القيم الإنسانية، وتفكيك المجتمع، والفساد، والضعف الإداري، وسوء التخطيط، وغياب سيادة القانون، وقمع الإبداع والتقدم والتحضر والمدنية، وتعزيز البداوة والتخلف. والأسوأ من ذلك أن هذه الأنظمة تفتخر بهذه السلبيات وتبررها.
فإذا نظرنا إلى أي نموذج حكم في القرن الماضي ومطلع هذا القرن، لا نجد نموذجًا يجمع بين القمع السياسي والاجتماعي، ومعاداة التقدم (بما فيه التقدم الصناعي)، ومعاداة المرأة والطفل والأقليات، والضعف الإداري، وغياب القانون، وغيرها، في آن واحد. فمثلًا، حققت بعض أكثر الأنظمة قمعًا، كالاتحاد السوفيتي بقيادة ستالين، نموًا اقتصاديًا وتطورًا تكنولوجيًا هائلًا في بلدانها، أو حققت إنجازات كبيرة لصالح المرأة والطفل.
وعلى الرغم من خطابها حول المساواة، تؤدي أنظمة الإسلام السياسي إلى أقصى درجات عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية، حيث تتركز الثروة والسلطة في أيدي نخبة صغيرة، بينما يعيش معظم السكان في فقر مدقع. وعادةً ما يغيب أي شكل من أشكال المحاسبة أمام الجماهير.
من أهم سمات جميع الحركات البرجوازية المحافظة هي الحفاظ على الوضع الراهن، إلا أن الإسلام السياسي في أغلب الأحيان لا يسعى للمحافظة على الوضع الحالي فقط، بل يحاول باستمرار الرجوع بالمجتمع مئات السنين إلى الوراء.
ومن جهة أخرى، يمارس الإسلام السياسي أكثر من أي حركة سياسية أخرى - من خلال استخدام الإسلام كأداة - التدخل في أدق تفاصيل حياة الفرد من أجل السيطرة الاجتماعية التي تهدف في النهاية إلى الحفاظ على السلطة.
إذ يتدخل الإسلام السياسي، عبر قواعده الاجتماعية و"الأخلاقية" الصارمة (مثل تنظيم اللباس والمظهر، واختلاط الجنسين، والحياة الزوجية، وحقوق المرأة ودورها في المجتمع، وحقوق الطفل)، في أدق تفاصيل حياة الإنسان.
كما أن كل الحركات البرجوازية تنخرط في دعاية سياسية مكثفة وتقوم بغسيل دماغ ممنهج للجماهير، إلا أن الإسلام السياسي يتفوق على معظم تلك الحركات، إذ يقوم بتسفيه الإنسان وتحويله إلى صعلوك.
وإذا كان التمييز ضد المرأة سمة بنيوية للنظام الرأسمالي وحركاته اليمينية - كنظام طبقي لأسباب اقتصادية تهدف إلى إخضاع الطبقة العاملة - فإن الإسلام السياسي يتميز بعدائه الأعمى لحقوق المرأة، وسعيه الدائم لقمعها من أجل إخضاع المجتمع، بما يتعدى الحاجة الاقتصادية. لقد أصبح قمع المرأة وإخضاعها هوية للإسلام السياسي وآلية لتقسيم المجتمع وإضعافه.
وبخلاف بعض الحركات القومية البرجوازية التي تدعي الاستقلالية وبناء مصداقيتها من خلال الحديث عن سيادة "الوطن" والدولة واستقلال قرارها، فإن الإسلام السياسي لا يجد أي مشكلة في العمل كأداة بيد دول أخرى، بما فيها دول الغرب.
في النهاية، تقوم حركات الإسلام السياسي بتفكيك المجتمع وتحويل الى كيان فاشل وتجريده من إنسانيته وإرجاعه إلى الوراء لعقود، إن لم يكن لقرون.
قامت مجاميع الإسلام السياسي في العراق بالتعاون مع القوى القومية-الإثنية منذ عام 2003 بفرض تراجع وتقهقر على المجتمع، قلّما نجد له مثيلًا في التاريخ، إذ تعاني الجماهير تحت وطأة فقر مدقع مع غياب أبسط الخدمات، وفوضى عارمة، وغياب للقانون، وسيادة العنف بكل أشكاله، وسيطرة المليشيات، وإعادة النساء إلى عصر الجواري، وقمع سياسي واجتماعي لا يُطاق، وتقهقر لكل القيم الإنسانية، وانتشار كل الأمراض الاجتماعية الخطيرة من فساد ومحسوبية وبلطجة وجريمة، وضعف العلاقات والقيم الإنسانية، ويأس وانتحار وإدمان وعبثية، وانفصال عن الواقع.
إقرار "المدونة" الطائفية في العراق
أقر البرلمان العراقي في 27 آب/أغسطس 2025 مدونة الأحكام الشرعية لتصبح سارية المفعول من تاريخ إقرارها. إن إقرار هذه المدونة هو استمرار في فرض التراجع والتقهقر على المجتمع العراقي. فهذا الإجراء يعني إضفاء طابع طائفي على المجتمع وتقسيمه على هذا الأساس، وإخضاعه لسلطة رجال الدين، وتقويض سلطة الدولة والقانون المدني، وإخضاع النساء - أي نصف المجتمع - بشكل كامل، والعودة بقيم وممارسات المجتمع إلى الوراء مئات السنين. كما سيعزل هذا الإجراء المجتمع العراقي عن العالم المعاصر والمواثيق الدولية والقيم المدنية والتقدمية، وسيخلق أرضية خصبة لاستمرار الحكم الإسلامي الطائفي، وسيعزز الأمراض الاجتماعية الخطيرة.
لقد تم، في لمحة تاريخية، مصادرة المكاسب التي تحققت من خلال نضال مرير شنته حركة المرأة والحركة المدافعة عن حقوق الطفل والحركة العلمانية والمدنية على مدى عقود طويلة.
إن إقرار هذه المدونة هو انتهاك صارخ لحقوق المرأة والطفل، إذ تحول المرأة إلى عبد حقيقي للرجل، حيث أن كل القرارات المتعلقة بشؤون العائلة والزواج والملبس والعمل والحياة اليومية وحتى الخروج من المنزل تتخذ من قبل الرجل. كما يشرع القانون تعدد الزوجات، ويشجع الزواج السري والمؤقت (المتعة/ المسيار) والبيدوفيليا تحت مسمى الزواج، وتعنيف المرأة واغتصابها والاستيلاء على دخلها. ويحرم المرأة من حق طلب الطلاق والنفقة إلا إذا قبلت أن تكون عبدًا للرجل، كما يحرمها من جزء كبير من الميراث، ومن حق الأمومة وحضانة الطفل في حال الطلاق عندما يبلغ الطفل سن السابعة، أو السنتين بعد زواج المرأة المطلقة مرة أخرى.
إن هذا القانون المقر لا يتماشى مع طبيعة المجتمع المعاصر، وسيكون كقطعة نشاز في جسده. فالمجتمع العراقي، رغم كل ما مر به، هو مجتمع مدني متحضر وحيوي ومتطلع، وله ارتباط وثيق بالعالم. وكان للمرأة على مدى عقود دور بارز في كل الميادين السياسية والاجتماعية والفنية والعلمية والأدبية.
يجب على القوى المدنية والتحررية في العراق والخارج توحيد الجهود من أجل بناء حملة واسعة للضغط على الحكومة العراقية لإلغاء هذه المدونة الطائفية.ان إلغاء هذه المدونة ليس ضرورةً فقط لحماية حقوق المرأة والطفل، بل أيضًا للحفاظ على إنسانية الرجل والمجتمع ككل.



#توما_حميد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصاعد الصراع بين الأقطاب الرأسمالية: مخاطر جديدة تهدد البشري ...
- عواقب فشل الحرب على إيران
- حول الهجوم الإسرائيلي على إيران!
- منصور حكمت وحقوق الاطفال
- في ظل الإبادة الجماعية، يجب أن يهدف النضال نحو إسقاط النظام ...
- ملامح إدارة ترامب الواضحة!
- المفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا: استراتيجيات أمريكية وصرا ...
- خطة ترامب حول غزة: عرض شخص معتوه ام استراتيجية إمبراطورية آف ...
- بماذا تخبرنا حرائق لوس انجلس؟!
- حول الصراع الدائر داخل حركة -ماغا- الشعبوية التي يقودها ترام ...
- ماذا حدث في سوريا، وماذا ينتظر الطبقة العاملة في المنطقة وال ...
- ويستمر الكابوس الذي تعيشه البشرية!
- عودة ترامب للحكم والآمال الكاذبة!
- حول تشكل الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني!
- يجب فضح حملة الغرب الاخيرة ضد حرية التعبير!
- مشروع -تعديل- قانون الأحوال الشخصية العراقي يعكس إنحطاط الاس ...
- اراء حول محاولة اغتيال دونالد ترامب!
- نيل جوليان اسانج لحريته، دليل على اهمية الارادة و النضال الا ...
- مرة اخرى، حول موقف منصور حكمت من تعدد الاقطاب العالمية!
- لا هي -نيوليبرالية- ولا -كليبتوقراطية-، بل رأسمالية حقيقية!! ...


المزيد.....




- إيلون ماسك يخسر لقبه كأغنى رجل في العالم.. من فاز به؟
- - يلا نعرفهم قوتنا-.. محمد رمضان يعلن عن حفل له في أحد أشهر ...
- وزيرا خارجية الإمارات ومصر يؤكدان تضامنهما مع قطر بعد هجوم ا ...
- إفساد عشاء ترامب من مؤيدين للفلسطينيين
- متى علم ترامب بالهجوم الإسرائيلي على الدوحة؟
- تعليم بين الركام: أطفال غزة في مواجهة الحرب
- الصحفيون الإيطاليون يكرّمون زملاءهم الذين قُتلوا في الغارات ...
- طفلان بين القتلى: 4 وفيات و3 مفقودين بمحاولة عبور القنال الا ...
- غارات إسرائيلية مكثفة على صنعاء والجوف وعمران.. نتنياهو: لا ...
- 16 عامًا إجازة مرضية براتب كامل .. معلمة ألمانية تثير الجدل ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - الإسلام السياسي: أقذر أنواع الحكم البرجوازي - العراق نموذجًا ، حول تمرير -المدونة- الطائفية من قبل البرلمان العراقي