أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي تولي - هَذِهِ الْحَرْبُ حَمَاقَةٌ














المزيد.....

هَذِهِ الْحَرْبُ حَمَاقَةٌ


علي تولي

الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 12:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قال المتنبي:
لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ يُسْتطَبُ بِهِ
إلَّا الْحمَاقَةَ أَعْيَتْ مَنْ يُدَاويْهَا
الشعبُ هُوَ الأَبُ وَالبِلادُ هِيَ أُمُّنا جَمِيعًا، فالحزْبُ هُوَ ابْنُ الشعبِ وَالجَيشُ هو ابْنُ الشعب، ومَا عَلى المَولُودِ في حياتِهِ إلا طَاعَتُهما وبِرُّهما.. أمَّا العُقُوقُ كمَا وَرَدَ فيهِ عَنْ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّم:( ألَا أنْبئكُم بأكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قلْنَا بَلَى يَا رَسَولَ الله! قالَ الإشرَاكُ باللهِ وَعُقُوقُ الوَالِدَينِ) والعُقوق قد يَصلُ إلى درجةِ تهْدِيدِ الوالِدَين أو تَخْوِيْفِهِمَا والعياذُ بالله.
لقد خرجَ علَى الناسِ في السُّودانِ حزبٌ كثُرَت مُسمَّيَاتُهُ وأشكاله في صنعِ القاعدة والأشياع.. فقد بَدأ مُستفيدًا من تنظيم الحزب الشيوعي لأن يكونَ جِسماً تَنظِيميًا فكانَ الاسمُ الأوَّل له (الحزب الاشتراكي الاسلامي) 1949-1955 يقوده بابكر عبدالله كرار وميرغني النصري كحركة طلابية.. ثم عندما حَزِبَ الأَمْرُ وَاشْتَدَّ التَنْكِيلُ بالاخوان في مصر وغيرها دبَّ الخَوفُ في أوْصَالِهِم؛ وأطلقوا عليه مسمى (جبهة الميثاق) وقد ضمَّ السلفيِّيْنَ والطريقَةَ التجانِيَّةَ المتصوفةَ بدافع (تكبير الكوم) للفوز في انتخابات 1968 - وهنا أذكر ما حكاه البروفيسور عبدالله على إبراهيم في دعوتنا له بمنتدَى القصة السُّودانية بحديقة اليونسكو بالخرطوم ما بتلك الفترة من صراع بين الشيوخ ويعني بهم خريجي الأزهر والمعهد العلمي آنذاك من جهة والأفندية وهم خريو كلية غردون والجامعات البريطانية وجامعة بيروت من جهة أخرى- وفعلها الترابي مرة أخرى في العام 1986 من أجل أن يفز تنظيم الاخوان في الانتخابات فقام بتوسيع ماعون الحزب كما كان يردِّد لاستيعابِ كلِّ الطوائفِ الدينيَّةِ والطُرُقِ الصوفيَّة.. فذهبَ بعضُهُم مُغاضبًا كالحبر يوسف و صادق عبدالله عبدالماجد.
حزب يسلخ جلده كما الأفعى ويتلون كما تتلون الحرباء.. حريٌّ به أن يكون مداهنًا وَمُتَمَلِّقًا ومُتَنَطِّعاً أكثرَ مِمَّا يَجِب.. هذا الحزب الذي انقلَبَ على الدِّيمقراطيَّةِ وأتَى خَلَفَ رَبَائِبِهِ العَسْكَريِّيْنَ وهم على ظهر دبابة.. قامُوا بإعدامِ وتصفية من اعترضهم.. واستبعدوا آلاف العسكريين عن الخدمة تحتَ خِدْعَةِ الصَّالِحِ العَامِّ الذي لمْ يَنَلْ مِنْهُم غيرَ النَّهبِ وسَرِقة مَال الصَّالِحِ العام وتحطيمَ كلِّ مشاريعِ القطَاعِ العام واستباحوها بالخصخصة والمنقصة في الفوائد وتسريح الخدمة المدنية وتشريد عشرات الآلاف من عمال المصانع والمشاريع الزراعية المروية من العمالة الدائمة والموسمية فسادت البطالة واستشرى الفقر وكثرت الضرائب حتى ان اشتريت منضدة صغيرة لا تخرج بها من السوق حتى تدفع ضريبتها.. فكان غلاءُ الأسْعَارِ المُطَّرِدِ بِشَكْلٍ جُنُونِيٍّ حتَى ظهرتْ مَقولةُ (يَعْنِي مَا نَنَوم) لِكَثرةِ نُزُولِ القراراتِ في زيادة أسعارِ السلع الاستهلاكية.. مِمَّا حَدَا بِأرْبَابِ الأُسَرِ وَالشَّبَابِ إلى الهِجْرَة والاغتراب الذي لولاه- وإلى الآن- لتناقصت أعداد الشعب السوداني إلى نصفه أوإلى الثلث -على أقل تقدير- وربما انمحى من على ظهر الأرض فكان مصيره مصير الأمم البائدة جراء الجوع والمرض وسوء التغذية وانعدام القوت.. كما استمر التضييق على الشعب باقتلاع ابنائه من بين أيدي ذويهم بما ابتدعوه من الخدمة الاجبارية.. والتي تكون بشكل إجرائي متعسف حيث لا يجد الشاب كفايته في التدريب لتمُرَّ فترةُ شهْرٍ أو شهرين حتى يعلنوا عن موته في معركة من جهادهم المزعوم ضد كفار جنوب البلاد الطيبين حربا منحوها قداسة قسرية وجلبوا لها المغنيين والقونات لإقامة أعراس الشهداء وليزفهم إلى الحور العين. بكل شطط وغلظة قلب وقلة إيمان.
لم يكن هذا الجيش الماثل أمامنا إلا محض مخلفات ترهاتهم فهو أكثر عقوقا بهذا الشعب الوالد الوقور الصامت الصابر على ابتلائه بابن عاق يتهيب أخطاره وهو الابن الذي لا يرعوي وقد سفك دماءً كثيرة ولم نر له عداوة أشد من عداوته لهذا الشعب.. ألم تر حين احتمى الأبناء المسالمون أمام القيادة يرددون حرية سلام وعدالة.. وهم يعلمون أن وراء الأكمة ما وراءها ذلك الوحش الذي رَبُّوْهُ واستصحبُوهُ معهُم داخلَ القصرالجمهوري، ولا يخشى الحماقة إلا العاقل لأن الأحمق غير مأمون الجانبِ فتَوَسَّمَ الثُّوَّارُ خيرًا في القيادة التي خيَّبَت كلَّ ظنِّ حسنٍ، وماتَت في القيادة الضمائر الوطينية وانعدم فيها وازع الاحساس بالمناصفة والاخوة ومقاسمة حب الوطن.. بل كانت عكس ذلك أن أصبحت خادماً مطيعاً لهذا الوحش الرابض داخل القصر الجمهوري والذي سمته بدعمها السريع.. فكان القائد العام يرفع عقيرته مهدداً للثوار ليرد أصواتهم التي تردد الجيش للثكنات والجنجويد ينحل.. قائلا لا أحد يستطيع أن يزايد علينا.. وأن الدعم السريع خطٌ أحمر.. وهو من رحم هذا الجيش.. وتم تكوينه بموجب الدستور.. انتهت أقواله. وهو ومن معه من اللواءات والفرقاء كانوا يحيون حميدتي ويزعنوا له صاغرين.
ولا غرو أن يكون من رحم جيش مؤدلج مدجَّن.. لا ناصر فيه لوالده الشعب الطيب الصابر.. ولم نره منتصراً في كل الحروب التي كانت تتوالى كما الكسر الدائري.. يوقدون نيران الحروب فلا تنتهي إلا بالجلوس على طاولة تفاوض تتبناه دولة لا ناقة لها ولا جمل فيما هم فيه.. بل ستظل الحماقة التي أعيت من يداويها.. ويستمر العقوق.. القتل والنزوح والسلب والنهب والشفشفة وفضائح الأرض والعرض.
قاتل الله ثلة القادة الحثالة ودعمهم السريع .
اللهم قيِّض لهذا الشعبِ ِمنْ أصلابِهِ مَنْ يبرُّونَهُ وحُماةً يَذُودُون عن الثُّغُور والحِمَى.



#علي_تولي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد وقوع الفأس على الرأس
- يا سيدَ التَارِيْخِ مِنْ عَصْرِ الْحِجَارَةِ
- يا وطنًا تُدَنَّسُه ادعاءات القداسة
- أخْوَنَةُ الجَيشِ السُّودانِي المُفْتَرَى عَليه..
- مَا بَيْنَ كَنِيْفِ أَبِيْ جَهْلٍ وَبَيْنَ مَحَارِيْبِ قُبَا ...
- حميدتي.. والعهدة على من كتب في منصة إكس
- أيها الوطن المُضامُ
- أين الأمم المتحدة..؟. أين حقوق الإنسان..؟
- الفوضى سيدة الموقف
- شعبك أقوى وأكبر
- الاحتلالُ العَسْكرِيُّ التراكمِيّ
- قصيدة/ الزم جفيرك
- المَسكوتُ عَنْهُ جيومورفولوجياً.. في سدِّ النهضة
- إلى لاهاي حَافياً دُونَ (مَركُوبٍ) أيُّها الْجَازِمُ
- لِجَانُ التَّحقِيْقِ
- مُخَلَّفَاتُ مُخطَّط الشرِّ الإسلامُوعُرُوبِي
- يا منذورةً لكلِّ مَن يَجِيء لِلحَظِّ أو للعَابِرِ الجَرِيْء
- عبقرية صدى الهتاف


المزيد.....




- لحظة اندلاع حريق هائل في معبد صيني.. فيديو يظهر ما حدث للمبن ...
- لحظة سقوط صواريخ روسية ضخمة على كييف في أكبر هجوم منذ أسابيع ...
- شاهد.. عائلات في غزة تعاني جراء غرق خيامها بسبب الأمطار الغز ...
- أضواء الشفق القطبي النادرة تضيء السماء في شمال الصين
- معاناة مرضى السكري في مصر
- ماذا يقول النازحون من الفاشر عن الفظائع التي شهدتها المدينة؟ ...
- -تركيا لا تتجه غرباً، بل الغرب من يتّجه نحو تركيا-- في جولة ...
- تحذيرات أممية: السودان يعيش حربًا بالوكالة وسط نزوح جماعي وم ...
- باكستان تعلن توقيف خلية إرهابية مرتبطة بـ-طالبان باكستان- بع ...
- أوكرانيا: هجوم روسي -ضخم- بصواريخ ومسيرات على العاصمة كييف


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي تولي - هَذِهِ الْحَرْبُ حَمَاقَةٌ