أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عائد زقوت - حِينَ يَنهضُ القَلبُ من حُطامِهِ














المزيد.....

حِينَ يَنهضُ القَلبُ من حُطامِهِ


عائد زقوت

الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 03:15
المحور: الادب والفن
    


تأمُّلاتٌ في رَمادِ الحَقِّ وجَذوَةِ الوعي


في كُلِّ إنسانٍ رمادُ حقٍّ مطمورٍ تحت ركامِ العادة والهوى، وفي كلِّ ضميرٍ جَمرةٌ خَافتة تنتظرُ نفخةَ الوعي لِتَتَّقِد؛ غيرَ أنّ أكثرَنا يمرُّ على حُطام الحقِّ كما يمرُّ العابرُ على أنقاضٍ لا تُغريه بالالتفات، ظانًّا أنّ البِناءَ يبدأُ من الطوبِ والحَجرِ، لا من النَّفْسِ التي تَبني.

الحقُّ لا يُستجدى من الخارج، ولا يُلقَّنُ من الخُطَب، بل يُستولدُ من صميمِ الذاتِ حين تصحو على نَفْسها، وتخلعُ عن وعيِها قُشورَ الوهمِ، وتسمعُ في سُكونِها صوتًا يقولُ: ابدأ من هنا... من نَفْسِك.

من تِلكَ اللَّحظةِ تَبدأُ رِحلةُ الإنسانِ في تَشييدِ مَدينتِهِ الفاضلةِ على أرضٍ من صِدقِهِ، لا على أَمانيِّ الآخرينَ، ولا على رُكامِ الزَّيفِ المتوارَثِ.


من حُطامِ الوهَمِ إلى بِنَاءِ الفِكرَةِ

استجماعُ الحقِّ من حُطامهِ المتناثرِ، ومن زُكامِ قلبِه المتبدِّد، ليس فعلًا من أفعال العقل فحسب، بل هو ثورةُ الروحِ على غفلتها، وميلادُ الوعي من بين ركام الوهم، وهو أولُ سبيٍل لابتِناءِ المدينة الفاضلة؛ إذ به تُذَلَّل السُّبلُ، ويُطَرَقُ الطريقُ البكرُ الوعرُ إليها.

إنّ إطلاقَ الحقِّ من مَحبسِ الأماني إلى فضاء الحياة، ومن المَقول إلى المَعمول في مِيدانِ اختبارِ صِدقِ القولِ بالفعلِ، هو جوهرُ الإصلاحِ الذي يَمْتَحِنُ الإرادةَ في لهيبِ التجربة، غيرَ أنّا كثيرًا ما نَهدِم ونُفْسِد من حيث نَظنّ أننا نَبنِي ونُصْلِح.

نَبتغي الحقَّ فإذا بنا نُقيمُ على أهوائِنا عَرْشًا، متَّخذينَ أمزجةَ نفوسنا قُطبًا لا بدّ أنْ تدورَ حولهُ الحقوقُ، ومقصِدًا تحُجُّ إليها مقاصدُ الناس؛ نُخادعُ ذواتَنا فنحسبُ أننا الفَلَكُ الذي تحُجُّ إليه الكواكبُ السائرةُ لإرضائه، وما نحن إلا كواكبُ تائهةٌ في مداراتِها.

فلا تَحسبَنَّ الحقَّ ما يَشتَمُّه أنفُكَ وحده، ولا ما تُعْلِيهِ أهواؤك وتستكبرُ به على غيركَ، فإنّ للباطلِ عِطرًا يُسكِرُ الأنفَ، وللوهمِ بريقًا يَخدعُ العين.

لا تكنْ بَيْدقًا على رُقعةٍ يُحرّكها غيرُك، بل كن سِيداقَةً راسخةَ الساقِ، ضاربةَ الجذورِ في جوفِ الأرض، تَستَمِدُّ ثَباتَها من سرِّ الحياة فيها، لا من ظلٍّ يُلقيهِ عليها أحدٌ؛ فالحقُّ لا يَسكنُ في العقولِ المُستعارة، ولا يُزهرُ في القلوبِ المُستظِلّة بِغيرِها، بل في النَّفْسِ التي تُنبتُ ضوءَها من داخلِها، وتُقِيمُ عَرشَها على ذاتِها.

نهضةُ الإنسانِ في ضوْءِ الحقِّ

الحقُّ ليس فكرةً نُجادلُ عنها، بل حياةٌ نَحياها. هو العصبُ الخفيُّ الذي يربطُ بين الإنسانِ وذاتِهِ، وبين الكلمةِ ومَعناها، وبين الفِكرةِ وعَملِها. ومن لم يُوقِظْ في نَفْسِهِ هذا النبضَ، سَيظلُّ يُطاردُ سرابًا من الألفاظ.

حينَ ينهضُ الحقُّ من حُطامِه، لا ينهضُ لِيُدِينَ غيرَه، بل ليُطهّرَ صاحَبَه من غَفلَتِه. إذْ ذاكَ فَقَطْ، يُصبحُ الإنسانُ شاهدًا لا تابعًا، وصوتًا لا صدًى، وجِذرًا من نُورٍ في أرضٍ من فِكْر.



#عائد_زقوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقات المصرية الإسرائيلية.. بين الأمن والسيادة-- إدارة ما ...
- بين الصهيونيّة الدينيّة والصهيونيّة الليبراليّة: إسرائيل إلى ...
- من وعد بلفور إلى الاعتراف الأوروبي: قرن من التحوّلات بين الو ...
- حين يتكلم التاريخ بلسان مصر
- أولوية الشّعب: بين الحُكم والسّلاح
- الإعلان الدستوري : بين إدارة الضرورة ومعضلة الشرعيّة
- إلغاء القمة ورسائل توماهوك: السياسة الأميركية بين القوة والح ...
- بين التّحديات والمسؤوليّة: نحو تحويل وقف الحرب إلى فرصة وطني ...
- بين السلطة والضمير: استراحة على شاطئ التاريخ
- الطموح الفلسطيني: بين الوصاية والدولة
- مصر.. سند فلسطين ودرع العروبة
- ناصر القدوة.. في قلب الحسابات الفلسطينية المُقبِلة
- غزة.. بوابة النظام الإقليمي الجديد
- مصر في قلب عاصفة غزة.. ضغوط متجددة ومعادلة إقليمية معقدة
- ورقة التوت الأخيرة: هل تُخفي خطة ترامب نهاية المشروع الوطني ...
- خطة ترامب لغزة.. وقفٌ ممكنٌ للحرب أم سرابٌ سياسيٌّ؟
- كوانتيكو تحتضن اجتماعاً غامضاً للبنتاغون
- -قطر تتحالف مع باكستان… الشرق الأوسط على أبواب معادلة جديدة-
- بين غزة والفضائيات خطاب التضليل وصناعة المأساة
- أَصْلُ الحكاية


المزيد.....




- مهرجان الفيلم بمراكش يكشف عن أفلام دورته
- ماذا نعرف عن -الديموقراطية التمثيلية- التي أسقطها ممداني؟
- -الخارجية- ترحب باعتماد اليونسكو 4 قرارات لصالح فلسطين: انتص ...
- الفنان المصري ياسر جلال يعتذر عن تصريحاته بشأن دور الجزائر ب ...
- ياسر جلال: رواية -غير مثبتة- عن دور للجيش الجزائري في القاهر ...
- مهرجان فلفل إسبيليت الأحمر: طعام وموسيقى وآلاف الزوار
- فيلم وثائقي يعرض الانهيار الأخلاقي للجنود الإسرائيليين في حر ...
- من -سايكو- إلى -هالوين-.. لماذا تخيفنا موسيقى أفلام الرعب؟
- رام الله أيتها الصديقة..!
- ياسر جلال يعتذر عن معلومة -خاطئة- قالها بمهرجان وهران للفيلم ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عائد زقوت - حِينَ يَنهضُ القَلبُ من حُطامِهِ