أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائد زقوت - بين السلطة والضمير: استراحة على شاطئ التاريخ














المزيد.....

بين السلطة والضمير: استراحة على شاطئ التاريخ


عائد زقوت

الحوار المتمدن-العدد: 8497 - 2025 / 10 / 16 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أن طُويت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بتبادل الأسرى والرهائن، يترقب الجميع انطلاق المرحلة الثانية وما ينتظرها من عقبات، فمن المُرجح ـ وفق الخطة الأميركية لإنهاء الحرب ـ أنْ تتسلّم لجنة تكنوقراط مقاليد إدارة شؤون القطاع، مع نشر قوة شُرطيّة فلسطينية تعمل تحت إشراف إقليمي ودولي.

على الرغم من تراجع الوزن النسبي للموقف الرسمي الفلسطيني، فإنّ العبء الأكبر ما زال يقع على حركة حماس، بوصفها الجهة التي تتحمّل المسؤولية المباشرة عن إدارة قطاع غزة، رغم ما أصابها من إنهاك وتراجع بفعل تداعيات الحرب وآثارها المادية والسياسية والانقسام الداخلي، ومع ذلك فإنّ سكان غزة لا يملكون ترف الوقت في انتظار تحقيق التوافق الفلسطيني المطلوب.

وفي استراحة قصيرة على شاطئ التاريخ، استوقفتني واقعتان:

أولاهما تُعدّ من أبرز الوقائع الدالة على النزاهة والشفافية واقعة رئيس البرلمان السوري ناظم القدسي عام 1954، التي ذُكرت على نطاق واسع في إحدى الجلسات البرلمانية؛ فقد تَرك القدسي سُدة الرئاسة وجلس بين النواب العاديين، مستعرضًا أمام المجلس نسخة من صحيفة اتهمته بأنه "أمر بفتح شارع يمر بجانب قطعة أرض يملكها بهدف رفع قيمتها العقارية".
وقال أمام النواب: "منذ هذه اللحظة أضع نفسي في موضع المتهم، وأطلب من المجلس أن يشكّل لجنة برلمانية، تُرافقها لجنة فنية، للانتقال إلى موقع الأرض ومعاينته ميدانيًا للتحقق من صحة ما نُسب إليَّ."
وبالفعل شُكّلت اللجنة، وتوجَّهتْ إلى الميدان، ثم عادت بتقرير يُفنِّد الاتهام ويُثبت بطلانه؛ كما رُوِيَ أنّ القدسي تنازل طوعًا عن حقه في مقاضاة الصحيفة احترامًا لحرية الصحافة وصونًا للمصلحة العامة.

الواقعة الأخرى تعود إلى مطلع ثمانينيات القرن الماضي، حين ادّعت إسرائيل أنّ طابا ليست أرضًا مصرية، بعد انتهاء المرحلة الانتقالية من اتفاقية كامب ديفيد؛
غير أنّ اللافت للانتباه ليس تفاصيل السردية القانونية، بل موقف رجل واحد: إسماعيل شيرين باشا آخِر وزير للحربية المصرية في عهد الملك فاروق، حيث غادر اسماعيل باشا مصر إلى جنيف بعد ثورة يوليو دون مال أو جاه.

فعندما قَدّمت مصر قرائنها وأدلّتها أمام محكمة جنيف، وقرّرت الهيئة الاستماع إلى الشهود، علم شيرين بالأمر، فتقدَّم من تلقاء نفسه شاهدًا لصالح بلاده، من غير أن يُطلب منه ذلك.
وبحسب ما رواه الدكتور مفيد شهاب رئيس الفريق القانوني المصري: شكّلت خرائط شيرين وشهادته إحدى الركائز التي عزّزت قناعة هيئة التحكيم الدولية بأحقية مصر في طابا.

الشاهد من هذه الوقفة التاريخية ليس مجرد استذكار لصفحات طوتها السنون، بل استحضار لمعاني المسؤولية الوطنية والأخلاقية، حين يتقدّم الانتماء للوطن على كل أشكال الانقسام أو الخلاف، وحين تُجسّد الشفافية رمزًا ومبدأً حاكمًا، وتغدو المساءلة ممارسة مؤسسية يتحمّلها المسؤول قبل سواه، وقتئذٍ يغدو التوازن بين السلطة والضمير نموذجًا واقعيًا في الحياة السياسية، بديلاً عن الارتهان للشعارات أو الانغلاق في الأيديولوجيات.

وفي السياق ذاته، فإنّ المشهد الفلسطيني اليوم أحوج ما يكون إلى أن تتحلّى فصائله، وفي مقدّمتها حركة حماس، بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية، وأنْ تنحاز إلى النسيج الوطني الفلسطيني، ليعود التوازن المنشود بين السلطة والضمير في الحياة السياسية الفلسطينية،
وإلّا سنظلّ جميعًا أسرى الانغلاق الفكّري والأنَويّة السياسية، وحسابات السلطة والحُكم التي سُفِكَتْ دماؤُنا على معبدها؛ دون أن نتعلم أنّ الضمير آخر ما يبقى حين تغيب السلطة.



#عائد_زقوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطموح الفلسطيني: بين الوصاية والدولة
- مصر.. سند فلسطين ودرع العروبة
- ناصر القدوة.. في قلب الحسابات الفلسطينية المُقبِلة
- غزة.. بوابة النظام الإقليمي الجديد
- مصر في قلب عاصفة غزة.. ضغوط متجددة ومعادلة إقليمية معقدة
- ورقة التوت الأخيرة: هل تُخفي خطة ترامب نهاية المشروع الوطني ...
- خطة ترامب لغزة.. وقفٌ ممكنٌ للحرب أم سرابٌ سياسيٌّ؟
- كوانتيكو تحتضن اجتماعاً غامضاً للبنتاغون
- -قطر تتحالف مع باكستان… الشرق الأوسط على أبواب معادلة جديدة-
- بين غزة والفضائيات خطاب التضليل وصناعة المأساة
- أَصْلُ الحكاية
- بَسْ الدّجاجة تَفْهَم
- لَفْتُ انتباهة
- الموت بإسم الحقيقة
- لا أَسَفَ على الهَرَج
- على بوابة نهاية الحرب
- إعلاء الذات زمن الحروب جريمة حرب
- ممر غزة المائي الأميركي ولادة للشيطان
- صناعة الفشل ... المُتألهون زورًا
- زيارة غانتس لواشنطن هل تُشكل خطرًا على نتنياهو


المزيد.....




- طرق الشحن وبيانات الرحلات الجوية.. CNN تحقق في رصد طائرات در ...
- اندلاع العنف في مظاهرة مؤيدة لفلسطين في برشلونة
- محمد وخليل يعودان إلى والدتهما في غزة بعد أن ظنت أنهما قد قُ ...
- عدوى الرغبة: ما هي الفلسفة التي تفسر هوس لابوبو و-وجه إنستغر ...
- سوريا: خمسة قتلى وعشرات الإصابات في تفجير عبوة ناسفة استهدف ...
- اندلاع احتجاجات في بيرو مطالبة باستقالة الرئيس
- مشروع عملاق بجوار الحرم .. -بوابة الملك سلمان- تتسع لنحو ملي ...
- العولمة منذ كريستوف كولمبس، فاسكو دي غاما و فيرديناند دو ماج ...
- خبراء روس يقيّمون للجزيرة نت زيارة الشرع الأولى إلى موسكو
- ترحيب أممي بوقف إطلاق النار بين أفغانستان وباكستان


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائد زقوت - بين السلطة والضمير: استراحة على شاطئ التاريخ