أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائد زقوت - أولوية الشّعب: بين الحُكم والسّلاح














المزيد.....

أولوية الشّعب: بين الحُكم والسّلاح


عائد زقوت

الحوار المتمدن-العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 17:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المواقف المُصنّدقة التي خرجت عقب انتهاء الاجتماع الأخير للفصائل التي تخلّت عن مسؤوليتها الوطنية في القاهرة تكشف أنّ امتداد السلطة لقطاع غزة أصبح أبعد منالًا من أي وقت مضى، وأنّ تلك الفصائل ما زالت تتخندق خلف مصالحها الحزبية الضيقة، وكأنّ حرب غزة بمآلاتها الإنسانية والسياسية جرت في كوكب آخر خارج المجموعة الشمسية.

من الثوابت الفكرية، أنّ السؤال هو المحرك الأساس للتفكير البشري غير أنّ الحالة الفلسطينية تبدو استثناءً مؤلمًا؛ إذ نجد سدًا مانعًا أمام سؤال المقاومة، ومفتوحًا على مصراعيه أمام مقاومة السؤال، فحوصرت الفكرة داخل حدود المعرفة المجردة وأُفرغ السؤال من كونه أداة وعي ومقاومة، فالشعوب التي لا تسأل يُسلَب وعَيها وتصبح عرضة للاستبداد.

في هذا السياق جاء سؤال رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد مصطفى لحركة حماس لتحديد موقفها دون مواربة سياسية؛ عبر تصريحه إنّ «أي دولة تحترم نفسها لا تقبل بتعددية السلاح والقانون والحكم». التساؤل وإن كان موجهًا لحماس، فإنه جاء كذلك تعبيرًا عن حالة الانسداد المستمرة في الحوار الداخلي بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس وحلفائها من القوى اليسارية والراديكالية.

لم يأت التصريح تكرارًا لمبدٍأ نظري، بل تحذيرًا دبلوماسيًا من انزلاق غزة نحو نموذج حكم مزدوج على غرار ما شهدته الساحتان اللبنانية والعراقية وغيرهما حيث يستمر السلاح خارج المنظومة الرسمية كقوة موازية، تُمسِك بالقرار الأمني وتُقيّد القرار السياسي، بل قد يذهب الأمر إلى استيلاد نموذج فصل داخلي يُعيد إنتاج الأبارتهايد ليس في مواجهة اسرائيل، ولا في إطار فكرة الدولة الواحدة للشعبين، إنما داخل غزة، الأمر الذي يهدد بفصلها عن امتدادها السياسي مع الضفة الغربية التي ابتلعها الاستيطان.

في إطار القراءة المتاحة، يمكننا القول أنّ تَمسُّك حركة حماس بسلاحها ليس فقط كرمز للمقاومة، بل أيضًا كوسيلة للحفاظ على موقعها في معادلة السلطة، في ظل تصاعد الضغوط الدولية التي تدعوها لترك إدارة القطاع بشكل مباشر وغير مباشر.

غير أنّ استمرار هذا الواقع، في ظل حرب أنهكت المدنيين وعمّقت المأساة الإنسانية، يهدد بتحويل السلاح من درع وطني إلى أداة للاحتفاظ بالسلطة، وإلى قيد سياسي يُكرّس الانقسام ويُبقي غزة أسيرة منطق حكم الأمر الواقع لا بالشرعية الشعبية، وذريعة لتعطيل الحل السياسي الذي قد يُمهّد الطريق لإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة.

وعلى الرغم من أنّ تصريح رئيس الوزراء جاء مُعبرًا عن استمرار حالة الاستقطاب السياسي الداخلي، إلا أنه رسم معادلة واضحة: لا قيام لدولة فلسطينية ما لم يكن السلاح والقانون بيدها وحدها.
فمصلحة الشعب تقتضي توحيد القرار تحت مظلة منظمة التحرير والدولة، لا استنساخ تجارب أثبتت أنّ ازدواجية القوة نبتة شيطانية تُضعف السيادة وتستنزف الإنسان قبل الأرض.

إنّ مستقبل القضية الفلسطينية سيّما غزة لن يُبنى بالاستقطاب الحزبي، ولا بتعدد السلاح والبرامج، بل بسلطة وسيادة سياسية واحدة تحمي مصلحة الشعب ووحدة قراره.

فمعركة توحيد السلاح ليست مجرد قضية أمنيّة فحسب أو رمزًا لمقاومة الاحتلال، بل اختبار لجوهر مشروع الدولة ومصدر شرعيتها.
إنّ تمسّك بعض القوى بسلاحها، واستمرار الحرب بما تحمله من أعباء إنسانية، لا يهددان فقط باستيلاد "النموذج اللبناني" بصيغته الفلسطينية، بل يُمهدان لتصفية القضية الفلسطينية سياسيًا وتحويلها إلى مشروع إنساني، فلا يمكن أنْ يتعايش مشروع الدولة وفوضى الأجندات وتعدد السلاح في معادلة تقوّض السيادة السياسية، وتستنزف الشعب.

من هذا المنطلق، تأتي دعوة الحكومة إلى توحيد السلاح والقانون في يد الدولة ليس تقليصًا لدور المقاومة، بل حمايةً لمصلحة الشعب ووحدة القرار الوطني.

فغزة تستحق أكثر من أنْ تبقى رهينة معادلة مستحيلة؛ فلا دولةَ تُبنى، ولا كرامةَ تُصان بسلطة منقسمة على نفسها، فالطريق إلى إخراج غزة من اعصار الموت والتّيه السياسي، والوصول إلى دولة فلسطينية كاملة، يبدأ بانتهاء ازدواجية السلطة، وغلق باب الانقسام وفتح باب الوطن حيث السيادة للقانون والشرعية للشعب.



#عائد_زقوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلان الدستوري : بين إدارة الضرورة ومعضلة الشرعيّة
- إلغاء القمة ورسائل توماهوك: السياسة الأميركية بين القوة والح ...
- بين التّحديات والمسؤوليّة: نحو تحويل وقف الحرب إلى فرصة وطني ...
- بين السلطة والضمير: استراحة على شاطئ التاريخ
- الطموح الفلسطيني: بين الوصاية والدولة
- مصر.. سند فلسطين ودرع العروبة
- ناصر القدوة.. في قلب الحسابات الفلسطينية المُقبِلة
- غزة.. بوابة النظام الإقليمي الجديد
- مصر في قلب عاصفة غزة.. ضغوط متجددة ومعادلة إقليمية معقدة
- ورقة التوت الأخيرة: هل تُخفي خطة ترامب نهاية المشروع الوطني ...
- خطة ترامب لغزة.. وقفٌ ممكنٌ للحرب أم سرابٌ سياسيٌّ؟
- كوانتيكو تحتضن اجتماعاً غامضاً للبنتاغون
- -قطر تتحالف مع باكستان… الشرق الأوسط على أبواب معادلة جديدة-
- بين غزة والفضائيات خطاب التضليل وصناعة المأساة
- أَصْلُ الحكاية
- بَسْ الدّجاجة تَفْهَم
- لَفْتُ انتباهة
- الموت بإسم الحقيقة
- لا أَسَفَ على الهَرَج
- على بوابة نهاية الحرب


المزيد.....




- متلازمة -ريت- : طفرة جينية واحدة قد تقلب حياة طفلك رأساً على ...
- ما هي حجم المساعدات التي تدخل قطاع غزة يوميا؟ | بي بي سي تقص ...
- تصريحات الشرع تغضب المصريين.. -لا يستوعب حجم التطور في بلدنا ...
- سرقة اللوفر: 7 موقوفين قيد التحقيق والمدعية العامة تناشد إعا ...
- دراسة.. التغيرات المناخية تؤثر على حياة الملايين عبر العالم ...
- مصر القديمة: سحر أسر الفرنسيين..
- بعد مواجهات في ريو دي جانيرو.. ناشطون يعتقدون أن الشرطة لن ت ...
- -محاولة لحفظ ماء الوجه-.. نشطاء يعلقون على لقاء ترامب نظيره ...
- كيف تخفف اللحظات المشتركة السعيدة توتر الحياة الزوجية؟ دراسة ...
- -حماس- تُعلن تسليم جثتي رهينتين الخميس.. وبيان مشترك للجيش ا ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائد زقوت - أولوية الشّعب: بين الحُكم والسّلاح