أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - علي ابوحبله - رواية: ظلال خلف الجدار














المزيد.....

رواية: ظلال خلف الجدار


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 12:32
المحور: قضايا ثقافية
    


🕊️ رواية: ظلال خلف الجدار
️ بقلم: المحامي علي أبو حبلة
الفصل الأول: بائعة الوهم
في إحدى المدن الفلسطينية، حيث تتقاطع الفقرات اليومية مع أوجاع الناس، كانت “أم نادين” معروفة بين النساء بأنها “الخطّابة التي لا تردّ طالبة”.
تتنقّل بين البيوت بابتسامتها الهادئة وعباءتها السوداء، تبيع الأحلام للفتيات كما يبيع التاجر بضاعته في السوق.
تتحدث عن “العريس من الداخل المحتل” وكأنه منقذٌ من الفقر، وتُغري العائلات بالوعود، فتقنع الأمّ الفقيرة والأب المديون بأن ابنتهم ستجد في الزواج فرصة للستر والغنى.
لكن أم نادين لم تكن تسعى لوجه الله، بل لما تدرّه الصفقات من المال.
كانت تعلم أن تلك الزيجات تعني الغربة والمعاناة، وأن الجدار لن يرحم من تعلّق خلفه دون تصريح أو هوية، لكنها كانت ترى في كل زواجٍ “عمولة جديدة” وفرصة للربح
الفصل الثاني: ريم والحلم الضائع
منار، فتاة في مقتبل العمر، من أسرة كادحة.
تحلم بالدراسة والعمل وبحياة كريمة تحفظ كرامتها.
لكن حين طرق بابهم شاب من داخل الخط الأخضر، ومعه الخطّابة “أم نادين”، تغيرت الأحلام.
قالت أمها وهي تمسح دموعها:
“يمكن ربنا بعتلك نصيبك عشان تنقذينا من همّ الفقر.”
تم الزواج سريعًا، بلا عقدٍ موثق ولا موافقات رسمية.
وفي صباحٍ رماديّ، عبرت منار الجدار إلى بيتٍ جديدٍ لا تعرف عنه سوى ما رُسم بالكلمات.
لكنها سرعان ما وجدت نفسها سجينة بين أربعة جدران، غريبة في أرضٍ قريبة، لا تملك تصريحًا للعودة، ولا بطاقة تُثبت أنها موجودة.
الفصل الثالث: الغربة والوجع
مرت الأيام ثقيلة.
منار لا تستطيع زيارة أهلها، ولا تسجيل نفسها أو طفلها في أي سجل رسمي.
الاحتلال يرفض منحها حق الإقامة، ويعتبر زواجها “قضية أمنية”.
زوجها يخاف الملاحقة، فيغلق الأبواب، ويتركها تواجه وحدتها وصمتها.
كانت تقف كل مساء عند النافذة، تنظر إلى الأفق الذي يفصلها عن أهلها، وتهمس لنفسها:
“أنا لست في الغربة… بل في قلب الوطن، لكن دون هوية.”
الفصل الرابع: عالقات بين الجدارين
لم تكن منار وحدها.
في مدنٍ وقرى مختلفة، فتيات كثيرات عشن المصير ذاته:
زيجاتٌ بلا اعتراف، أطفال بلا أسماء، وأمهات معلّقات بين قوانين الاحتلال وصمت المجتمع.
لمّ الشمل أصبح حلماً مؤجلاً، و”الخطّابات” ما زلن يبررن أفعالهنّ بعباراتٍ دينيةٍ جوفاء:
“إحنا نيسّر الحلال، والباقي على رب العالمين.”
لكن الحقيقة كانت أن الحلال تحوّل إلى تجارة، والزواج إلى صفقةٍ تُباع فيها الأحلام وتُشترى فيها مصائر الفتيات بثمنٍ بخس.
الفصل الخامس: المواجهة
حين اشتدّ الألم، قررت منار أن تكسر الصمت.
توجهت إلى جمعية نسوية في رام الله، وروت قصتها.
تحوّلت حكايتها إلى تقرير حقوقيّ أُرسل إلى منظمات دولية، يُوثّق الانتهاكات الناتجة عن منع لمّ الشمل، وغياب الحماية القانونية للفتيات الفلسطينيات اللواتي يُزففن خلف الجدار.
قال أحد الحقوقيين في الندوة التي عُقدت لاحقًا:
“ما يحدث ليس زواجًا بريئًا، بل شكلٌ جديد من التهجير القسري.
فالفقر يستغل، والنساء يُدفعن إلى مصيرٍ مجهولٍ باسم الستر.” وبيع الأوهام
الفصل السادس: السقوط والعبرة
حين ظهرت التحقيقات في الصحف، وبدأت القصص تتكرر، اختفى اسم “أم نادين” من الساحة.
لم تعد الناس تثق بابتسامتها، ولا بوعودها.
كانت تمرّ في السوق فيتجنّبها الجميع، كأنها تحمل لعنةً تمشي على الأرض.
وفي آخر أيامها، جلست وحيدة أمام المرآة، تتذكر وجوه الفتيات اللواتي باعتهن للوهم، وتهمس بخوف
“كنت أظن أن المال يُغني، لكنه لا يمحو الذنب.
الفصل السابع: ما وراء الجدار
منار اليوم أمّ لطفلٍ في السابعة من عمره.
لم يُسجّل رسميًا بعد، لكنه يعرف أنه فلسطيني.
في كل مساء، تجلس معه أمام الجدار، تشير بيدها إلى الجهة الأخرى وتقول:
“هناك بيت جَدّك، وهناك ترابنا الذي لم يفصلنا عنه إلا إسمنتهم.”
يسألها الصغير:
“ومتى نرجع يا أمي؟”
فتبتسم بحزنٍ وتقول: “حين ينهار الجدار، أو حين يفهم الناس أن الأوطان لا تُشترى بالصفقات.”
الخاتمة والعبرة
هذه الرواية ليست حكاية منار وحدها، بل حكاية كل فتاةٍ فلسطينيةٍ دفعتها الحاجة أو الجهل أو الطمع إلى مصيرٍ مجهول خلف الجدار.
هي صرخةٌ ضد من حوّلوا الزواج إلى تجارة، والستر إلى وسيلة كسب، وضد الاحتلال الذي يُشرعن الظلم بالقانون ويمنع النساء من حقّهن في الهوية والأسرة والانتماء.
العبرة:
إنّ من يتاجر بمصائر الناس فقد باع نفسه قبل أن يبيعهم،
ومن جعل المال غايته فقد خسر دينه وإنسانيته.
والزواج الذي لا يقوم على المودّة والرحمة والحقّ،
إنما يولد من رحم الوهم، ويموت في صمت الجدار.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آية أبو نصر... صوت غزة الذي دوّى تحت الركام ولم يُسمع: حين ي ...
- بن غفير وسومتريتش يرسيان -شريعة الغاب-
- زهران ممداني يتحدى إمبراطورية المال والإيباك في نيويورك: معر ...
- 📘 سندات الدين الحكومية الفلسطينية: دراسة اقتصادية وق ...
- غزة بين الأمن والسياسة والتحديات الإقليمية
- -غزة الجديدة-: مشروع تفكيك جغرافي وإعادة هندسة سياسية بإدارة ...
- سموتريتش يهاجم السعودية مجددًا
- غزة بعد وقف النار: الفوضى المستمرة وسلطة الاحتلال
- قانون التجنيد الأجنبي وملاحقة المتطوعين في الجيش الإسرائيلي: ...
- قراءة في الاتفاق الفلسطيني والتوازنات الإقليمية المقبلة
- ما بين الحرية والمصيدة (رحلة ليلى بين الفكر والقانون)
- القاهرة مركز الحراك الفلسطيني: جهود مصرية لتوحيد الموقف قبل ...
- المشروع الأمريكي في غزة... وصاية جديدة أم إعادة إعمار مشروطة ...
- إسرائيل لا تملك صلاحية تغيير الوضع القانوني للأراضي الفلسطين ...
- زيتون على حافة النار رواية توثيقية تحليلية عن الصمود الفلسطي ...
- شعب يريد الحياة
- استقالة تساحي هنغبي تهز حكومة نتنياهو: تصدع داخلي وأزمة ثقة ...
- زيارة أفيخاي أدرعي إلى طولكرم: قراءة ميدانية واستراتيجية في ...
- الحركة التعاونية: رافعة للاقتصاد الوطني بين الواقع المشوّه و ...
- حين سرقوا الوطن


المزيد.....




- هل ستكون انتخابات حكام الولايات استفتاء على ترامب؟.. مصادر ت ...
- بعد 3 سنوات من الاعتقال.. إطلاق سراح فرنسيين محتجزين في إيرا ...
- البيت الأبيض يؤكد التزامه بإيجاد حل سلمي للأزمة السودانية
- غزة بعد الاتفاق مباشر.. القسام تسلم جثة أسير وقصف إسرائيلي ب ...
- بعد -رأس الحكمة-.. مصر على موعد مع صفقة استثمارية خليجية جدي ...
- عُثر عليها داخل الخط الأصفر شرق غزة... إسرائيل تتسلم رفات ره ...
- من كان ديك تشيني... -العقل المدبر- لحرب العراق؟
- زامير مستعد لإخراج 200 مسلح من رفح مقابل جثة الجندي هدار غول ...
- تونس رحلت 10 آلاف مهاجر في 2025 وتتعهد بعدم التحول لمنطقة عب ...
- واشنطن: ترامب سيلتقي الشرع في البيت الأبيض يوم الاثنين


المزيد.....

- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - علي ابوحبله - رواية: ظلال خلف الجدار