أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - واثق الجلبي - في جيب الزورق.. تُخبَّأ أشلاء الحب .. قراءة سوريالية في تشريح العبث والفقد عند الكاتب واثق الچلبي














المزيد.....

في جيب الزورق.. تُخبَّأ أشلاء الحب .. قراءة سوريالية في تشريح العبث والفقد عند الكاتب واثق الچلبي


واثق الجلبي

الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 14:10
المحور: الادب والفن
    


في جيب الزورق.. تُخبَّأ أشلاء الحب .. قراءة سوريالية في تشريح العبث والفقد عند الكاتب واثق الچلبي
قراءة / أياد النصيري

تمثل قصة (جيب الزورق) للشاعر وللقاص العراقي (واثق الچلبي) عتبة دخول ملغزة إلى عالمه القصصي في مجموعته (جنيّ الأكفان) وهي ليست قصة بالمعنى التقليدي للحدث والحبكة بل هي لوحة سوريالية مكثفة قصيدة نثرية سردية تحفر في أعماق الوجود الإنساني من خلال استعارات مذهلة وانزياحات لغوية تضع القارئ في قلب دوامة من المشاعر والرموز
قبل الغوص في النص تضعنا العناوين في سياق دلالي مكثف. عنوان المجموعة (جنيّ الأكفان) يشيء بعالم موبوء بالموت والطقوس الجنائزية المشوهة. أما عنوان القصة (جيب الزورق) فيجمع بين عنصرين متنافرين: (الجيب) كفضاء خاص وسري وحميم و(الزورق) كوسيلة ترحال وعبور غالباً ما ترتبط بالمياه والموت والانتقال إلى عالم آخر. هذا التزاوج يخلق إحساساً بالغموض والانتظار لحدث وجوديلا توجد حبكة تقليدية في القصة بل تيار من الوعي يجمع بين المشهد الخارجي (النهر- الشاطئ- الزورق) والحالة النفسية الداخلية
للشخصيتين غير المحددتين بوضوح. اللغة هنا ليست أداة للوصف بل هي موضوع النص نفسه. الجلبي الشاعريستخدم لغة شعرية خالصة تتميز بـالجماليةهناك تكثيف وانزياحات في متن النص(عينٍ وشفة وقلوبٍ لاهثة)(نهرٌ يتلمظ)(شاطئ مخبول) هذه الانزياحات تحرر الأشياء من دلالاتها المألوفة لتمنحها وعياً وحياةً غريبةالمفارقة والصورة المذهلة(سمكة تحاول أن تصبح قرداً) هي صورة عبثية تخلط بين عالمي الماء واليابسة بين الأسفل والأعلى ربماتعبيراً عن محاولة يائسة للتطور أو الهرب من الذات
لذا نجد ان الجمل قصيرة متقطعة تشبه أنفاساً متلاحقة أو خفقان قلب خائف. هذا الإيقاع يخلق توتراً درامياً مستمراً رغم انعدام الحدث التقليدي يرسم (الچلبي) عالماً أشبه بكابوس حيث ان النهر والشاطئ ليسا مكانين رومانسيين، بل هما فاعلان عدوانيان. النهر(يتلمظ) كوحش- والشاطئ (مخبول). الطبيعة هنا معادية، لا تمنح السلام بل تزيد من حالة القلق الوجودي
الزورق هو الرمز المركزي. إنه (منسي) و(جيوبه أفواه رمال) يحول الجلبي الزورق من وسيلة إنقاذ إلى كائن فاغر فمه، يبتلع ويمثل القبر أو الفقد. الزورق هو الوسيط بين الحياة والموت ولكنه وسيط فاشل
النجمة التي(تسقط في جيب الزورق) هي رمز الأمل والحلم الذي يسقط في فم الموت (جيب الزورق). سقوط النجمة ليس حدثاً سماوياً جميلاً بل هو محاولة يائسة للخلاص تذهب أدراج الرياحلا نعرف اسمي الشخصيتين (هو وهي)، مما يمنحهما طابعاً كونياً. العلاقة بينهما علاقة حب أو عشق في مواجهة عالم مجنون
الشخصية الذكورية (هو) هي شخصية مهزومة منذ البداية. مصيره مُعلن(حبة ملح في جوف حوت لا يعلم أنه في الماء). هذه الصورة المروعة تلخص العبثية المطلقة: كينونة تذوب في عالم لا يدركها أصلاً. هو (مجنون) في نظرها يحطم الزورق (بعويل أبكم) تعبيراً عن ألم لا صوت له ولا يمكن التعبير عنه
الشخصية الأنثوية (هي): تحاول في البداية أن تكون عنصر استقرار(تنهره كي لا يمسك نعومة الكذب) (تستر عورته بقبلة (الرماد) لكنها تفشل هي الأخرى. العالم الذكوري المنهار يسحبها إلى هاوية الضياع. تكتشف ضعفها(صدرها مكشوف)(ساقها لم تعد تعمل إلا بختم الأواخر). إنها تفقد فاعليتها وتصبح جزءاً من المنظومة البائسة
اللحظة الأكثر إيلاماً في النص هي عندما (أخرجت من جيبها جيباً) هذا التكرار السحري يشير إلى البحث في أعماق الذات، في أكثر الأماكن حميمية. ما تجده ليس ذكرى بل جسداً مقطوعاً من الحبيب: (إصبعها وهو يمسك بوجه حبيبها الملقى على أحد الزوارق بلا شفتين
هذه الصورة الصادمة هي قمة التشيؤ والتفكك. الحبيب لم يعد سوى جثة مبتورة والعلاقة لم تعد سوى إصبع ميت يمسك وجهًا (بلاشفتين بلا قبلة بلا كلام). إنها نهاية الحب في عالم لا يحتمل الرقة
نهاية الشخصية الأنثوى هي استسلام تام للعبث.(قبّلت لوحاً) ربما لوح قبر أو خشبة الزورق (وصارت وردة نوتيّ لا يرغبها القدر إنها تتحول من كائن حي إلى شيء(وردة) ولكنها وردة غير مرغوبة حتى من قبل القدر نفسه. إنها صورة نهائية للجمال والضياع معاً حيث يتم رفض التضحية حتى من قبل القوة الكونية التي يفترض أنها تتحكم بكل شيءجيب الزورق ليست قصة يمكن تلخيصها، بل هي تجربة شعورية وجودية. (واثق الچلبي) من خلال لغته الشعرية المتوترة وعالمه السريالي الكابوسي يقدم تشريحاً لروح إنسانية منهكة تعيش في عالم ما بعد كارثة (ربما تكون الحرب والدمار العراقي خلفيتها غير المُعلنة
النص هو ترنيمة للموتى الأحياء للعشاق الذين تحول حبهم إلى أشلاء وللأمل الذي يسقط في جيوب الموت. إنها قصة ترفض القراءة السهلة وتتحدى القارئ لمواجهة العبث والجمال معاً في آن واحد مخلّفةً وراءها أصداء من الحزن والأسئلة الوجودية التي لا تجيب عنها سوى صمت النهر والزوارق المنسية
القصة
جيب الزورق
------
بين عينٍ وشفة وقلوبٍ لاهثة تسقط النجمة في جيب الزورق ، لن تجد نخلة يتيمة تبحث عن خلود ، كل شيء حول خصرها يريد أن يعيش ، نهرٌ يتلمظ وشاطئ مخبول وسمكة تحاول أن تصبح قردا ، يا لهول الزوارق المنسية ، جيوبها أفواهُ رمال شيخٍ عتيق أراد أن يعشق أنثى فكان مصيرهُ حبة ملحٍ في جوف حوتٍ لا يعلم أنه في الماء . تتراءى لهما النجوم مقلوبة الأثداء فتنهره كي لا يمسك نعومة الكذب على ارتعاش الرجيف ، مضتْ تستر عورته بقبلة الرماد لكنه انزاح للزورق يحطم أخشابه بعويلٍ أبكم . حاورته مجنونا وضمته جمرة خوف من ضياع انتبهتْ على نفسها فوجدت صدرها مكشوفا لتلك الزوارق كلها وساقها لم تعد تعمل إلا بختم الأواخر من أصداف الأوجاع ، أخرجتْ من جيبها جيبا فوجدت فيه إصبعها وهو يمسك بوجه حبيبها الملقى على أحد الزوارق بلا شفتين ، قبّلتْ لوحا وصارت وردة نوتيٍّ لا يرغبها القدر.



#واثق_الجلبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النَّص المستطيل فرض عين ..فرض طرازٍ وحداثة للكاتب واثق الجلب ...
- كلكامش .. عودة الثلث الأخير .. أسطورة الخلود بعيون الكاتب وا ...
- سقوط النجمة في جيب الزورق للكاتب واثق الجلبي
- الأصابع بوصفها أثرًا وجوديًا.. قراءة في قصة حثالة الابتهاج ل ...
- شعرية التناص في قصيدة (نحمل الدماء) للشاعر واثق الجلبي
- (التبئير الداخلي ) في روايات واثق الجلبي
- بين الرصانة والتجريب قراءة في الحس الشعري وبينة اللغة في قصص ...
- رسالة إلى نفسي
- الحوار العاطفي في شعر( واثق الجلبي )
- الناقدة منال رضوان تكتب سردية التعدد الرمزي والحوار الوجودي ...
- رحلة الخلود بين الأسطورة والواقع في رواية -كلكامش: عودة الثل ...
- منبع الحكمة وفتنة المعرفة يُرَوِّيهما كلكامش على لسان الكاتب ...
- إشارة معرفية .. واثق الچلبي ..الزمن دونما أعتاب
- أجمل ما قرأت.. واثقيات الچلبي..اشتباكات الذات الفطنة
- تشظي الذات وسقوط اليقين .. قراءة في جدلية الوجود والعبث في ن ...
- معارضات يوسفية في الديوان الشعري ( يوسفيات ) للأديب واثق الج ...
- يوسفيات الشاعر واثق الجلبي ... أنسنة الشعور وشمعة في عالم ال ...
- قصة يوسف الإبن والنبي تتحول الى ملحمة فلسفية في الديوان الشع ...
- حفريات معرفية متوارية في ثلاث روايات قصيرة للكاتب واثق الجلب ...
- واثقيات 52 .. استعارات الظلام في أنوار الشموع


المزيد.....




- افتتاح المتحف المصري الكبير بعد عقدين من الزمن في أرضٍ لا يُ ...
- ماذا حدث عندما ظهر هذا النجم الهوليوودي فجأة بحفل زفاف مستوح ...
- (غموض الأبواب والإشارات السوداء)
- تــــابع كل المسلسلات والأفلام الهندي والعربي.. تردد قناة زي ...
- المتحف المصري الكبير.. هل يعيد كتابة علاقة المصريين بتاريخهم ...
- سميرة توفيق في أبوظبي: الفن الأصيل ورمز الوفاء للمبدعين العر ...
- -الخارجية- ترحب بانضمام الخليل إلى شبكة اليونسكو للمدن الإبد ...
- جمعية الصحفيين والكتاب العرب في إسبانيا تمنح ‏جائزتها السنوي ...
- فيلم -Scream 7- ومسلسل -Stranger Things 5- يعدان بجرعة مضاعف ...
- طبيبة نرويجية: ما شاهدته في غزة أفظع من أفلام الرعب


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - واثق الجلبي - في جيب الزورق.. تُخبَّأ أشلاء الحب .. قراءة سوريالية في تشريح العبث والفقد عند الكاتب واثق الچلبي