أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر موسى الشيخ - استراتيجية النص الموازي وصناعة التوتر في مجموعة - بائع القلق - القصصية لأنمار رحمة الله














المزيد.....

استراتيجية النص الموازي وصناعة التوتر في مجموعة - بائع القلق - القصصية لأنمار رحمة الله


عامر موسى الشيخ
شاعر وكاتب

(Amer Mousa Alsheik)


الحوار المتمدن-العدد: 8509 - 2025 / 10 / 28 - 13:29
المحور: الادب والفن
    


تمثل النصوص الموازية (العنوان ) – العتبات النصية – وفقا لمقولات الفرنسي جيرار جينيت ، استراتيجية خاصة تهدف إلى عقد شراكة بين النص والمتلقي وذلك من خلال الخطاب المتمثل بالمقدمة و المدخل الأول للعمل الأدبي بوصفها المفتاح إلى الدخول في عوالم النص ، عبر فك شفيرته لحظة سقوط عين المتلقي عليه ، وهذه اللحظة هي الكفيلة بعقد علاقة تفاوضية بين الكتاب والمتلقي ، وبحسب صيغ هذه العنوانات وتراكبيها وتفاوتها تتحقق الإثارة و التوتر لدى المتلقي ، وكما يرى جينت "فالعنوان ليس مجموعة كلمات تتوسط أعلى صفحة النص، بل هو نص تتناسل إيحاءاته الدلالية تبعا لنمطه ووظيفته ، فهو نص آخر يوازي النص الذي يقع تحته " ويوحي بشيء ما إلى طبيعة العمل وخفاياه ، والمتمثل أيضا بالهوامش والشروحات والمقدمات والنصوص المُقتبسة للمفتتحات والفهرس ، والصور والملحقات ، ولوحة الغلاف والإهداء وكلمة الناشر .
وضمن هذا الإطار تعددت صيغ بناء العنوانات في الأعمال الأدبية ، عبر بناء صيغ اختزالية موحية معبرة تثير لدى المتلقي حساسية المعرفة وشغف الاقتناء ، ويدخل في ذلك عوامل عديدة منها الدَور الذي تلعبه دور النشر ، أو اجتهاد المؤلف نفسه في صياغة عبارات مُقتصده تثير القارئ ، وتحقق استراتيجية المؤلف ، وفي المجموعة القصصية " بائع القلق" الصادرة عن دار الرافدين 2018 للقاص أنمار رحمة الله ، نجد أن العنوان يثير لدى المتلقي حساسية ما تبعث على التوتر ، إذ ينبني النص الموازي في هذا العمل على خطابين داخلي وخارجي .

أولا الخطاب الخارجي

جاء الخطاب الخارجي في هذا العمل بصيغ تخلق توترا تدريجيا لدى المتلقي ، وهذا ما يثير بحسب تعريف التوتر لدى علماء النفس " حالة من الإحساس العام باختلال التوازن على الصعيد النفسي يصحبه تأهب واستعداد من جانب المرء لتغيير سلوكه بغية التصدي لعامل يهدده في وضعية حقيقية أو متخيلة "، ويتأتى هذا من خلال العناصر التي كونت هذا الخطاب ، من تربع العنوان الرئيس " بائع القلق " وسط الغلاف ، والذي جاء بلون أصفر خردلي ، وهو لون يخلق التوتر الموائم للمبنى اللغوي للعنوان ، فيما جاء اسم المؤلف باللون الأبيض على اليمين ممثلا عن نفسه – الكاتب - في وصفه الصوت النقي الأبيض الراوي للقلق ، و للعالم الغرائبي الفجائعي المعكوس في عوالم العمل ، فيما جاء العنوان التجنيسي " قصص قصيرة " باللون الأبيض أيضا و مرقوما على مربع أصفر خردلي يشبه لون العنوان ، وهو ما يدلل على براءة اللغة من رواية الحكايات داخل البناء النصي ، بوصفها الوعاء الناقل لحكايات القصص ،وهو ما يمكن قوله في أنه انتصار للكاتب الذي يحاول السمو بلغته البريئة عن خراب العالم ، فيما جاءت الصورة المُزينة للغلاف شبحية وهو ما يثير التوتر ويصاعده تدريجيا في مستواها الأول من خلال اللون الرمادي القاتم ، والذي يشبه إلى حد ما لون البارود ، وفي المستوى الثاني للوحة فهي تمثل افتراض خراب عبثي مثيرا للرعب وقع في مدينة ما ، وسيعرف المتلقي تدريجيا ، بأن المدينة هي لندن عاصمة بريطانيا محاطة من وسطها وأطرافها بأعمدة الدخان الموحي للخراب الدستوبي المرعب ، الأمر الذي يمثل مصداق أي عمل فني في افتراض ما لا يمكن افتراضه على الواقع ، شريطة أن يكون الواقع هو أساس استلال العمل ، وهذا ما نجده ماثلا في العنصر الثالث من عناصر الغلاف الخارجي و هو الغلاف الأخير الذي حمل كلمة الناشر المانحة لمفتاح آخر لعوالم الكتاب ، جاء فيها " في هذا الكتاب يسافر بنا القاص أنمار رحمة الله ، في عوالم رحلة شائقة عبر عوالمه الخاصة . من خلال رسم لوحات قصصية غرائبية . وشخصيات اشكالية يستلها من الواقع ، إلى أن يقول : سيجد القارئ في قصص هذا الكتاب مدينة بعيدة وغريبة ، ملامحها تشير إلى ( دتستوبيا ) خارج نطاق الزمان والمكان الواقعي ، مشحونة بالغرابة والتوتر والقلق .. إلخ " . تتقدمها صورة المؤلف وهو ملتح بوجه باكي يحاول الابتسامة ، وكأن الكاتب هو الناجي الوحيد بلغته عبر النص المكتوب من هذا تراكم الخراب . تعكس هذه العناصر جميعها مصداقا لعوالم المجموعة الغرائبية ، إذ أن هذا الخطاب يقدم الرسائل للمتلقي ، ويفك الشفرة الأولى للنص– النصوص- في أنه ليس عاديا وليس ألفيا وغريبا ، إلا أنه من الواقع

ثانيا الخطاب الداخلي

بالانتقال إلى المستوى الثاني من النصوص الموازية لهذا العمل ، نجد أن المؤلف اقتبس مقولة للكاتب الأمريكي ( ديفيد سيداريس ) وجعلها مفتتحا لكتابه " القصة القصيرة الجيدة ، تنتزعني من نفسي ، ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقاسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحاً بداخلي كما كنت قبلها " ، هنا يبدأ التوتر بالتصاعد ويتيح للمتلقي في أن يسأل ، هل قصص العمل جيدة ، فضلا الرسالة المضمرة والواضحة في الوقت نفسه الذي تكشفه عبارة " لم أعد مرتاحا " فعدم الراحة هذا يأتي مكملا للقلق الأول والصورة الرمادية للمدينة على الغلاف ، ومن ثم يبدأ التصاعد مرة أخرى ، إذ أن الكتاب تقدم بالفهرس ولم يتقدم بالنصوص ، الأمر الذي يُسهم في تصاعد التوتر لدى المتلقي ، ولعل عنوانات القصص المدرجة في الفهرس تسهم أيضا في ذلك ، فهو قد اختار ترتيب القصص داخل الكتاب وفقا لما ذهبنا إليه في تصاعد التوتر ، فالقصة الأولى عنوانها " ضياع في المقبرة " والثانية " ثأر " والثالثة " خواتم " إلى آخر القصص التي تصدرتها عنوانات صادمة غريبة مخيفة باعثة للتوتر . إن أنمار رحمة الله وهو يواصل التأصيل لتجربته القصصية ، استطاع أن يأخذ مكانا مميزا في السرد العراقي ، عبر كتابة القص القصيرة في النمط الغرائبي ، معتمدا على لغة سهلة واضحة تسحب متلقيها إلى الدخول في عوالمها ، مبتعدا عن اللغة العالية المعمقة بالاستعارات ، وهذا ما يدلل على أن أنمار كسر قاعدة أن القصة القصيرة بالعراق تُكتب بلغة شعرية ، إلا أن انمار كتب بروح الشاعر المطبوعة المبتعدة عن التصنع ، فاستعاراته كانت مضمرة في أفكار القصص وقوالبها لا في لغتها .



#عامر_موسى_الشيخ (هاشتاغ)       Amer_Mousa_Alsheik#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تاريخ حركة الطباعة والتأليف في مدينة السماوة العراقية
- ترند الكتب!!
- وسائل التوحش الاجتماعي !!
- هل كلّ أديب مثقف؟
- لقد هزم العرب إسرا..ئيل!!
- حماسة التعليقات... حين تتحول الكلمات إلى معارك!
- -ما بعد الإنسان- حقل جديد يحفره علي جميل في مدينة السماوة
- قطيعة الأجيال !!
- الذاكرة المجتمعية وفعل المواجهة
- كرنفال الشتائم الوطني!!
- من أدب السيرة الذاتية - ق.م سيرة سجين سياسي - للؤي عمران مثا ...
- بين يوسف الرفاعي وعبد الحميد السماوي
- قراءة في أدب مدينة السماوة التسعيني ... ديوان - مآرب أخرى - ...
- لذة اللبان الوطني المرّ
- في الذكرى الثانية على رحيله ... حامد فاضل الراسخ المجرّب
- أتذكر الدرويش ( إلى محمود درويش وهو يتذكر السياب )
- المغسلة الانتخابية
- سيرة الوطن والمواطن ... قراءة في مذكرات الدكتور غازي الخطيب
- التاريخي والأدبي .. في -صورة أخرى لجمشيد - لنعيم شريف
- كلام بطران مُعاد !!


المزيد.....




- تل أبيب تنشر فيلم وثائقي عن أنقاض مبنى عسكري دمره صاروخ إيرا ...
- قراءة في نقد ساري حنفي لمفارقات الحرية المعاصرة
- ليبيريا.. -ساحل الفُلفل- وموسيقى الهيبكو
- بطل آسيا في فنون القتال المختلطة يوجه تحية عسکرية للقادة الش ...
- العلاج بالخوف: هل مشاهدة أفلام الرعب تخفف الإحساس بالقلق وال ...
- دراسة تكشف فوائد صحية لمشاهدة الأعمال الفنية الأصلية
- طهران وموسكو عازمتان على تعزيز العلاقات الثقافية والتجارية و ...
- محاضرة في جمعية التشكيليين تناقش العلاقة بين الفن والفلسفة ...
- فلسطينيون يتجمعون وسط الأنقاض لمشاهدة فيلم -صوت هند رجب-
- مونيكا بيلوتشي تشوق متابعيها لفيلم 7Dogs بلقطة مع مع أحمد عز ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر موسى الشيخ - استراتيجية النص الموازي وصناعة التوتر في مجموعة - بائع القلق - القصصية لأنمار رحمة الله