أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر موسى الشيخ - -ما بعد الإنسان- حقل جديد يحفره علي جميل في مدينة السماوة














المزيد.....

-ما بعد الإنسان- حقل جديد يحفره علي جميل في مدينة السماوة


عامر موسى الشيخ
شاعر وكاتب

(Amer Mousa Alsheik)


الحوار المتمدن-العدد: 8332 - 2025 / 5 / 4 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


"ما بعد الإنسان" حقل جديد يحفره علي جميل في مدينة السماوة
أولا سأطلق على هذه السطور ، اسم "سطور احتفاء وفرح" بصديق مبدع تمكن من صنع شيء جمالي ، وسط خربانا المتراكم . المكان هو معهد الفنون الجميلة في مدينة السماوة العراقية ، والحدث هو عرض مسرحي حمل عنوان " ما بعد الإنسان " للمخرج علي جميل ، تمثيل نخبة من طلبة المعهد .
بجرأة لافتة، اخترق علي جميل الفضاء العام ، مقدما لنا مسرحية مكتملة العناصر تمتد لساعة كاملة ، يتناول فيها لحظة التكوين الأولى للإنسان وصولا إلى مرحلة "ما بعد الإنسان" التي يزعمها المخرج.
تتضافر عناصر السينوغرافيا، والأزياء، والإضاءة، والحركة في عمل يعكس رؤية علي جميل للحياة البشرية: فمن بداية نقية وبريئة إلى حياة سرعان ما تتحول إلى حياة مملوكة من سلطات متعددة مهيمنة.
أكد العمل على هيمنة رأس المال المتوحش، وعبث الحروب، وتأثير التطور العلمي والتكنولوجي الذي يحول الإنسان إلى مجرد آلة أكل وتغوط، دون تفكير بما يجري. إذ يصبح الإنسان حقل تجارب لمصانع العالم، لتنتج هذه التجارب كائنات بشرية مثل الأنعام التي تأكل من نفسها ، وصولا إلى "مرحلة العفن المطلق"، وهو ما تجسده الإضاءة الخضراء المهيمنة على أجواء العرض.
في ظل عالم غير مستقر في لحظته الراهنة، ظهر الممثلون على هيئة كتل بشرية تتحرك كل مجموعة بطريقة مستقلة تؤدي فعلا خاصا بها. ونرى عالما منشغلا بالمختبر، وجماعات تؤدي طقوسا دينية، وطلبة مدارس يتلقون تعليمهم دون جدل أو سؤال، وإنسانا مهيمنا يقتل الآخر باسم التطور ، وتتكرر مشاهد القتل العمدي لتؤكد تحول الإنسان في العالم الكبير إلى مشاهد يشعر بالسعادة والاستمتاع وهو يراقب لحظات القتل والتشريد في البلدان الضعيفة، دون الشعور بأي شيء من الشفقة أو الإحساس.
يمثل العمل إدانة كبيرة للأفعال الوحشية التي يشهدها العالم، رغم أن الحياة قد قدمت العديد من الفلسفات والمفكرين الذين يريدون خلاص الإنسان من شره الذاتي، وهذا ما دلل عليه علي من خلال شاشة "الدتا شو" التي عرض فيها أغلب فلاسفة العالم ومفكريه ، إلا أن هذا لم يتحقق بسبب وجود التوحش الكامن داخل النفس البشرية التواقة لقتل الآخر. ورغم ذلك، يكشف العمل عن خفايا حقيقة الإنسان الذي يحمل شيئا من البراءة ، فبعد تعاظم التوحش وتغوّله، يصل هذا الكائن إلى لحظة اللاعودة والإحساس بالغربة الروحية، ليبدأ بعدها بتذكر بكورية حياته الأولى، ويتحول إلى طفل يصرخ "ماما". يضج المسرح بصراخ "ماما، ماما" من فريق العمل، خالقا لجو مشحون بالعاطفة المتضاربة ما بين عفن الحياة وصعود الآلة وقوتها، وسطوة العلوم الصرفة والتكنولوجيا التي تتعرض للمحو بسبب صراخ "ماما". ثم يدخل العمل في جو احتفالي كرنفالي من الأغاني والرقص العبثي، في إشارة إلى براءة الطفولة، البراءة التي فقدها العالم.
أود أن أضيف أن هذه السطور أتت بوصفها احتفاءً بصديق قدم شيئا يمكن وصفه بالحقل الإبداعي الخاص ، وهذا ما يشفع تطفلي على منطقة الكتابة عن المسرح التراجيدي الذي لا أفقه منه شيئا سوى المشاهدة والاستمتاع.
مبارك لك صديقي علي هذا التميز الجديد، ومبارك لطلابك وهم فرحون بك ومتحلقون حولك هم وأولياء أمورهم، بوصفك راعيا لهم ، وقد سحبتهم من مناطق شائكة في مجتمعنا إلى منطقة الجمال الهادف ، ومبارك لإدارة معهد الفنون الجميلة بإدارته الحالية هذه البذرة المثمرة.
ملاحظة أخيرة: استطاع علي أن يطبق شروط المشاهدة الحقيقية من خلال سحب هواتف الجمهور ودفع مبلغ رمزي للدخول، في محاولة منه لصناعة هيبة للعمل المسرحي.
مبارك صديقي.



#عامر_موسى_الشيخ (هاشتاغ)       Amer_Mousa_Alsheik#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطيعة الأجيال !!
- الذاكرة المجتمعية وفعل المواجهة
- كرنفال الشتائم الوطني!!
- من أدب السيرة الذاتية - ق.م سيرة سجين سياسي - للؤي عمران مثا ...
- بين يوسف الرفاعي وعبد الحميد السماوي
- قراءة في أدب مدينة السماوة التسعيني ... ديوان - مآرب أخرى - ...
- لذة اللبان الوطني المرّ
- في الذكرى الثانية على رحيله ... حامد فاضل الراسخ المجرّب
- أتذكر الدرويش ( إلى محمود درويش وهو يتذكر السياب )
- المغسلة الانتخابية
- سيرة الوطن والمواطن ... قراءة في مذكرات الدكتور غازي الخطيب
- التاريخي والأدبي .. في -صورة أخرى لجمشيد - لنعيم شريف
- كلام بطران مُعاد !!
- الطفولة المعدمة في سماء من خشب لزين العزيز
- واثق الحسناوي يبحث في - الموسيقى عبر التحليل الاشهاري -
- محو الحياة في مراثي الفراشات للشاعر نجم عذوف
- مقطع عرضي لنا
- - نسّاي - يوسف المحسن تمحو ذاكرة النوع
- السؤال عن الشعر في مدونة الشاعر قاسم والي ... قراءة انطباعية
- رسائل حكايات - الدرهم الأخير - للؤي عمران.


المزيد.....




- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر موسى الشيخ - -ما بعد الإنسان- حقل جديد يحفره علي جميل في مدينة السماوة