أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - نداء الخلايا














المزيد.....

نداء الخلايا


كفاح الزهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 14:18
المحور: الادب والفن
    


في صباحٍ ممطر، تمامًا عند الساعة السابعة، استيقظ من نومٍ ثقيل كالمجنون، كمن ضاع في متاهة الغربة ونسي جغرافية المكان. كان يعاني ألمًا حادًا، دون أن يجد له تفسيرًا.
بدأ يتفرّس في الساعة المعلقة على الحائط المهترئ. أوهمه البصر أن الزمن تغلغل كدودة الأرضة، ينهش أحشاء الجدار. راقب عقارب الساعة وهي تدور بجنون فوق جدارٍ مأكول، كأن الزمن يفرّ من ذاته في مضمار سباقٍ لا نهاية له، نحو المجهول.
رقمٌ جديد يُضاف إلى سلسلةٍ لا يتذكر بدايتها. فالأيام المتشابهة تحمل ذات المرارة في طعمها، وكل شيء بات مثيرًا للتساؤل وسط ضبابٍ كثيف.
ــ لا يتذكر من هو، ولا ما كان يزاوله في الماضي. هل بات ظهور علامات الهرم وشيكًا؟
ربما بدأت الخلايا الناشطة تذوب في طواحين المياه، وتتبدد بين جزيئات النسيان.
يمضي الوقت بتأنٍ، كسلحفاة لا تعنيها مسافة الطريق. وصخب الماضي العتيق يدوي في تجاويف الرأس، على هيئة إشارات غير مفهومة، بينما يشتد الألم في الخلايا التي تستذكر الأحداث المؤلمة والمفرحة.
ــ هل انبثق من العدم؟
ــ هل عاش حياته كلها في الخفاء؟
ــ ما موقعه في دورة الحياة؟
ــ لماذا هو هنا وحيدًا في هذا العالم الجديد الذي يكتنفه الغموض؟
أسئلة متشابكة وسريعة تفاجئه وسط فوضى فكرية عارمة، تحت وطأة اختناقٍ يلفّ حنجرته ويمنع الهواء من الانزلاق في قنوات التنفس.
إنها معاناة هذا الذي يُدعى إنسانًا. يولد بذاكرةٍ قوية، يحفظ فيها أسرار الكون وعلومه الواسعة ومعارفه الغنية، وينطلق إلى عالم البحث والاستكشاف. وبعد التحولات التي تصيب خطوط الدماغ، يبدأ بالشعور وكأنه عاد إلى الحياة بعد الموت.
إن الاستيقاظ من النوم والشعور بالألم دون سببٍ واضح، يضعه في دائرة من الشك والإحباط، ويحفّز وعيه بالواقع والمعاناة الإنسانية، حين يبدأ بالتفكير في وجوده ومعنى حياته.


إن هذا الصراع يتفاقم تدريجيًا في زحمة الذكريات وينطوي على واقع مملوء بالإحباط، واليأس، والحزن، كصوت تصدع الصقيع تتكسر تحت وطأة الإقدام على أرصفة الحياة.
وبينما كانت الخلايا الذابلة تهمس بما تبقى من الذاكرة، شعر بشيء يشبه النور يتسلل من شقوق الجدار. لم يكن ضوءًا، بل احتمالًا.

ربما لا يحتاج أن يتذكر كل شيء، بل أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون. في تلك اللحظة، لم يعد الألم سؤالًا، بل صار بداية جديدة، وإن كانت بلا إجابة.
وحين هدأ الصخب في اروقة الدماغ، أدرك أن الحياة ليست ما نتذكره، بل ما ننساه ونظل نبحث عنه. ربما لم يكن الألم سوى نداء أخير من الخلايا الذابلة، تهمس له:
ــ الوعي لا يموت، بل يتأخر فقط.



#كفاح_الزهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وميض في العتمة
- وهج لا ينطفئ
- حين يهمس الموت
- الوميض الذي أطلق الجرح
- نبض على حافة الغياب
- مرآة الغروب
- شموخ على حافة الزمن
- تحليل رواية -بيت الطوفان- للروائي العراقي -سلام حربة-
- عبور الضباب
- أوهام العزلة وومضات الأمل
- صدى صرخة مدفونة
- رحلة في أعماق النفس البشرية
- تأملات في عشق الوطن
- غروب الرحيل ١
- وأخيرًا قبري
- مقطع من روايتي القادمة الفصل ( السماء الثلجية)
- طريق المتاهة
- مقطع من روايتي القادمة منعطف الرحلة في الزمن الصعب
- متاهة عقلية
- انشودة الأمل


المزيد.....




- زينة زجاجية بلغارية من إبداع فنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة ...
- إطلاق مؤشر الإيسيسكو للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي
- مهرجان كرامة السينمائي يعيد قضية الطفلة هند رجب إلى الواجهة ...
- هند رجب.. من صوت طفلة إلى رسالة سينمائية في مهرجان كرامة
- الإعلان عن الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ...
- تتويج الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...
- -ضايل عنا عرض- يحصد جائزتين في مهرجان روما الدولي للأفلام ال ...
- فنانون سوريون يحيون ذكرى التحرير الأولى برسائل مؤثرة على موا ...
- -تاريخ العطش- لزهير أبو شايب.. عزلة الكائن والظمأ الكوني
- 66 فنا وحرفة تتنافس على قوائم التراث الثقافي باليونسكو


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - نداء الخلايا