أمال السعدي
الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 19:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ابتلي الانسان بازمات سببها غياب الفكر و نقص المعرفة، على الرغم من ان المعلومة اليوم صارت قريبة كما هي ملامس الاصابع،و سهل الوصول الى دليل المعلومة ومفردتها بمحرك البحث،اضحى عالمنا ضجيج بين الجهل و فهم المعرفة و اهميتها في نص مسالك الامم لإحضار مفهوم التطور،زمن تتصارع به الاحداث و تتكدس المعلومة و التيه اقرب الى ضياع الصواب عن ترجمة فرضية الفكر.
التاريخ الفكري زمن بدئت به المعرفة قناديل فاض بها التحليل لكل ظاهرة حار بها السؤال لتقيم تفعيل الشرح و التفصيل، التاريخ الفكري مشبع بالحوارات الفلسفية، حوارات متقاربة رسمت التعدد و التوسع في الفكر على مر العصورحيث تم تحقيق طرح اهمية الضرورة الفكرية التي ساهمت في تقديم حلول لمشكلات الفرد وتحرير مفهوم الثقافة في عالم بات يرى وثيقة التخرج هي اثبات لكمال الثقافة، اختلف الفكرو تعددت الاشكال بتفصيل الفهم العام لفكر الثقافة. في القرن الثامن عشر رسم التاريخ للعقل البشري منارة اكتظت بعدد من الفلاسفة و اشتهرت الاسماء منهم فولتير(كاتب و فيلسوف فرنسي من اهم ناشطي العصر التنويري و مدافع عن الحق البشري)،احتل الفكر مساحة تنوع بها الطرح و ازدحمت الافكار وبات الحق و العدل و خلق البشرية اهم الابواب التي فتحت لحوار الانسان،خلافا لعصرنا الحالي حيث الافكار باتت نوع من الترف الذي يتمخطر به اي فرد ليخبر انه صاحب فكر حتى وان كان لا انتماء له يثبت هويته الفكرية،بعد ان كان الفكر مقتصر على الفرد صار الدين يصارعه ليخلق من العقيدة فكر يرى به ضرورة حيث ابتعد الغالبية العظمى عن الفحوى المركزي لمفهوم العقل البشري و بات أُملة تتوه في نصوص المجتهد و القوالين.
بعد الحرب العالمية الثانية تعمد التاريخ الفكري و تعززت عدد من الافكار التي بات تناهض العنف و الحروب،هذه المرحلة كانت سبب في ظهور عدد من الوحدات الفكرية التي كذبت بعض الاساليب و استبدلت الضرورة الفكرية بعارض الاجتهاد،اختلجت الافكار و وضح غياب الفهم للضرورة الفكرية في مراحل ما بعد الخمسينات حيث قامت بعض الدول الغربية بتوجيه الفكر سياسيا،جامعة كامبرج البريطانية أستحدثت منهاج لدراسة الفكر السياسي،تم اختيار عقول قامت على تدريس الفكر السياسي ورسم المنهاج العام له،بعد ان كان الفكرظاهرة بها يُستحدث الفعل الابداعي مشكلا حافز في التركيز على فرض الضرورة التحليلية لاهمية الفكر في كل عصر صار ضرورة سياسية اثارت نهوض حركات طرحت الفكر بشكل مغاير لما اعتمده التاريخ،مع المد الثقافي و تعدد الثورات تحول الفكر الذي كان جوهر للوعي الانساني الى ترف لا يمارسه الا القليل ممن وضعوا انفسهم تحت اسم النخبة،مع غياب الفكر تماهت الحقيقة في غي الطروحات التي باتت شعارات ترفع للجذب واصبح الخطأ هو القائم في مهرجان اللغط الفكري،لم تصب الامم بداء العجز الفكري بل غابت بها الرؤيا وضاعت بوصلة القياس وصار الانقياد هو المرهم الذي يتشبث به مدعي الثقافة و الفكر،اصبح المجتمع سليل التقليد و العادة و اسير لما يملى عليه من حصص بها يرى القائد ضرورة لتحرير الفكر،خلقت اجيال تردد ما قالواغير مقتنعة بما تنصه حقيقة القول و المعلومة صارالحفظ هو المنهج الذي يحرر الفكر لا القدرة على التحليل و تعين الصواب.
غياب الفكر كان النقطة الاولى التي بها انهدر الفهم الحضاري و ضرورة توفر المقدرة على التفكير و الابداع،الفكر هو الهالة التي بها يكون الانسان سيد نفسه و حاضر للطبيعة لكن العكس كان ظهور و تبني عبودية اخرى جمدت ضرورة الحضارة و قيدت الامم الى مناص الظلام،هو الوقت الان لنعيد التفكير بضرورات الوعي الفكري و منهجته بأسلوب حضاري يتالف و تاريخ الحضارات و الفكر فأن عاد الوعي عادت الحرية و استعاد الانسان قدرته على التفكير بعيدا عن ضجيج الاقوال و الاجتهادات ما يسمح بالتمييز بين العقيدة و الفكر.
مع عودة العبودية المعاصرة و انحدار المفهوم الفكري تم الفصل بين مفهوم الفكر و ضروراته و الحاجة له و صار يحمل هوية شعب معين وتاه الفكر بين الغرب و الشرق و تلك السياسات التي أَعصت الحلول في عودة الفكر و الوعي،بعد ان كان الفكر واحد اصبح له انواع و تعددات تميز هوية ذاك الفكر،ولعبت السياسة دور في طمس تفعيل الفكر و تزويرعقول مازلنا نعتمد على اقوالها و نتائج تحليلاتها لمفهوم الفكر،قسم الفكر واصبح هناك:
-الفكر الجاهلي
-الفكر الاوربي
-الفكر الاسلامي
الفكر العربي
-الفكر الصهيوني
لكل من هذا الانواع باحثيه البعض اعتمد طرح معاصر و البعض اعتمد على المدارس الارسطوية والافلاطونية و عصر التنوير وحدث التحليل، بات التعدد هو الفكر المطروح في تحرير الفكر تزاحمت الاصوات في زمن باتت المعلومة به في متناول اليد ومع هذا بقي الفكر مغيب في عالم امتلئت به العقول بالمعلومة وغاب التامل و التحليل و فكر النقد،بعد ان كان الفكر هو الاداة التي بها يميز الانسان و تطور الوعي اضحى الانسان مستهلك للمعلومة الجاهزة دون ان يفكر بها اي صار يدرب نفسه على امتهان الطرح بلا فكر كما يؤالف الحيوان البيتي و يطبع بعادات مميزة لصالح المالك،فقد المجتمع القدرة على التفكير بغياب الحقيقة و اعتماد الزيف و جهل الضرورة و العيش في الوهم.
لم يكن غياب الفكر صدفة بل هو نتيجة لجم من التراكمات المعقدة حيث استبدلت الرغبة في المعرفة بالتحفيز بالاعتماد على وثيقة بها يُصمت الفرد لابعاده عن تقديم اي تساؤل يثير العودة الى الفكر،تراجعت الحقائق في كل المجالات و تحول الراي سلعة يروج بها سوق الاعلام،اصبحت العقوبة و الذم نصيب المفكر و صاحب الراي و أعتقل في قطيع التخلف و اضمرت الملكة الفردية في الرغبة بتنقيح الفكر من سباب الاحتلال السياسي.
أُلغيت عدد من معاني المفردات التي حاورها الفكر منذ الطليعة الفلسفية مثل(الحرية،العدالة،الكرامة،الانسانية)وشحن الخطاب الفكري بالسطحية العاطفية التي باتت هي الهوية المثلى التي تمثل الانتماء الادمي،احتل الشعار و الهياج موقع الفكر و فقد التحليل شكل أزمات ثقافية مست الجوهر الانساني في مجتمعات بات الاتجاه الجسدي بها هو الشمول الفكري التي يخصها الطارح للفكر،حتى يتم استعادة العقل البشري و امتهانه الفكر و تحرير الابداع و الوعي نحن بحاحة الى بناء البنية الاجتماعية التي تنتج الورش الفكرية وخاصة في المنهجةالتعليمية التي اعتمدت منهج الفوز من خلال الحفظ لا الادراك،
نحن بحاجة اليوم الى تحويل الصفوف الى ورش لنشاة الفكر و اعادة الكتاب الى الساحة لنحقق معادلة المسائلة في بوح الحقيقة لا تغييبها.
لايولد الفكر في بيئة القمع واختزال الفهم الادمي و ضجيج العملية الرقمية،بل في جو مغمر بالثقل الفعلي ،هناك ضرورة اليوم لاعلان الثورة الفكرية مرة اخرى لاحياء التاريخ و تحديثه بما يتناسب وحال المجتمعات في جل الثورة الالكترونية حيث الذكاء الاصطناعي الغى القدرات و اكد على ضرورة الاعتماد على الالة في تحرير الرأي و نشات صحة الطرح،صعب ان تحتل فكرة دون ان يسبقها سؤال و تجربة انشتاين كانت خير دليل على ما اتى به العلم في اثبات الجوهر الاساسي لترجمة الفكر لا سياسيا بل فكريا معتمدا على الحقيقة العلمية،كلما زاد العنف غاب الفكر و احتل الفرد ساحة القيادة مبتعدا عن الهم العام و ضروراته،ما نحتاجه هو عودة الى التاريخ او ثورة فكرية اخرى تقدم ادلة عن ضرورات الوعي في عالم غاب به الوعي و ضعفت به الرؤى،هذا هو المنهج الوحيد الذي يمكن ان يعيدنا للسير نحو مستقبل اكثر اضائة يسمح بانسنة جدية تحقق ادميتنا،المعركة الحقيقة اليوم هي عودة الفكر الى الساحة لادراك فعل الوجود و ضروراته و الابتعاد عن التغرب في عوالم لاعلاقة لها بالمنطق حيث احتل الخيال ارض الواقع و الوهم صار الحق،باقي العالم ملئه ندرة اصوات باحثة عن الفكر لم يسمح لها المجال ومازالت تقمع حتى اللحظة وتفرز في فصائل الردة.
20-10-2025
أمال السعدي
#أمال_السعدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟