أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عبدالرحيم كمال - -سلوم حداد-.. وانتقاد التابو المقدس















المزيد.....

-سلوم حداد-.. وانتقاد التابو المقدس


عبدالرحيم كمال
كاتب

(Abdulrahim Kamal)


الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 18:47
المحور: قضايا ثقافية
    


غريبةٌ هذه الهجمةُ الشرسةُ على الفنانِ السوري الكبيرِ "سلّوم حداد"، الذي كلُّ جريمتِه أنّه قال رأياً لم يعجبْ المصريين، قال إن الممثلين المصريين -الحاليين- لايجيدون نطقَ الفصحى.. ونسأل: أليس هذا صحيحاً؟.. الإجابةُ أنه صحيح ونص وتلات أرباع، ولكن مشكلة "حداد" تكمن في أنه "نكش" –حرك- عش "دبابير" –ذكور النحل-، وانتقد تابو مقدسا لدى البعض.
نعم.. المصريون حاليا لا يجيدون الفصحى، ليس على مستوى الممثلين فقط، فالمشكلةُ تشملُ الجميع، صحفيين ومذيعين وسياسيين.. وعلى المتشنجين قراءةُ وسماعُ كلّ ما يصدُرُ عن الفئاتِ التي ذكرتُها آنفاً، ليكتشفوا كوارثَ لغويةً مُزلزِلةً تؤدي أحياناً لعكسِ المعنى.. وإذا كانتْ بعضُ الفئاتِ معذورةً نسبياً في أخطائهم لأنهم يعتمدون على أنفسِهم في مراجعةِ ما يكتبون ويقولون، فليس للسياسيين عذرٌ، لأن هناك من يكتبُ لهم خطاباتِهم.. وعلى مسئوليتي اقول إنّ كلَّ وزرائنا ومسئولينا المتحدثين في وسائلِ الإعلامِ –كلُّهم- يرتكبون أخطاءً لغويةً فادحةً فاضحة.
ثم، فلنكنْ صرحاءَ مع أنفسِنا لنتساءل: أين هي الفصحى في أعمالِنا الدرامية والغنائية طوال الـ 40 سنة ماضية؟ طبعاً الأعمالُ قليلةٌ، بل نادرة، ومعظمها مدجَّجٌ بالأخطاء –خاصة في الدراما-
مشكلة عامة
طبعا المشكلة تطال الفن باعتباره في الواجهة، كما تطالُ كلَّ ما يعتمد اللغةَ وسيلةً تربطه بالجماهير، وأولها الإعلام، مقروءاً ومسموعاً ومرئياً.
وأكررعلي عهدتي أيضاً، ومن خلالِ عملي الصحفي الذي أتاحَ لي الاحتكاكَ بكثيرٍ من الصحفيين والكتَّاب، ومنهم أساتذةٌ في الجامعاتِ- معظمُهم يخطئون في الكتابةِ، وبعضِهم لا يجيدون الكتابةَ أصلاً..
بالنسبة للصحافة المكتوبة فهناك في كل صحيفة ومؤسسة أقسامٌ للتصحيح والمراجعة تراجع كلَّ كلمة، مع مساحة طبيعية للأخطاء البشرية.. ولولا هذه الأقسام لأصبحت بعض الكتابات لوغاريتمات، وهذا ليس قدحا في أحد، لكنه واقع معاش.
أذكر قولاً لزميل كريم توفاه الله منذ سنوات طويلة، وكان يعمل بقسم التصحيح بأخبار اليوم، فقد ذكر أنه قبل الالتحاق بالعمل كان يرى أن الصحف مثال للصحة اللغوية، لكنه اكتشف بعد ممارسة المهنة أن الصحيفة تشغى بالأخطاء.
ومما يؤسف له أن كثيرا من المواقع الصحفية الإلكترونية تمرّدت على المراجعة اللغوية لسببين: الأول ضغط ُالنفقات، والثاني السباق مع الوقت في النشر والصراع للحصول على لقب "تريند"، فالدقيقة، بل والثانية تميز موقعاً عن آخر، و"من سبق أكل النبق"، والنبق هو الزيارات والتريند..
على أن المشكلة لا تنتهي، فبعض المواقع – للسببين نفسيهما- بدأت تستغني عن محرري إعادة الصياغة Disk men رغم أهمية هذا العمل الذي يوازي في أهميته العمود الفقري للجسد، لذلك نرى كتاباتٍ تستعصي على الفهم، وعلى القارئ أن يكون واعياً نبيهاً يمارس "التصحيح الذاتي التلقائي"، لذلك تقع صحف كبرى في أخطاء تستحق العقاب القاسي، وهي أخطاء في المعلومات والتواريخ، ناهيك عن الأسلوب.. وكثيرا ما نرى نماذجَ فاضحةً منها.
عدم فهم دور اللغة
ذاتَ مرة كنتُ أعيدُ صياغةَ وتحريرَ كتاباتِ الصحفيين كـ Disk man، وكانَ أحدُ الزملاءِ الشبابِ يتميَّزُ بحسٍ صحفيٍ حادٍ، لكن أخطاءَه اللغويةَ النحويةَ والإملائيةَ قاتلةٌ، فنبهتُه لذلك مرةً متسلحاً بما بيننا من ودٍ، فكانَ ردُّه إنه "بتاع رياضة مش لغة"، رغم أنّه خريجُ إعلام القاهرة، وفيها يتمُّ تدريسُ اللغةِ العربيةِ، يعني إنّه لا يفهمُ أهميَّةَ اللغةِ وهي وسيلتُه لمخاطبةِ القارئ.. وعلى ذلك فقِسْ.. أليستْ هذه مصيبةً كبرى؟!

وإذا ما وسّعنا الدائرة حتى نصل للميديا ومواقعِها التي تعتمد على كتابات الأعضاء، وأشهرها الفيسبوك و X –تويتر سابقا- وانستجرام وغيرها، فتلك التي يشيب من أجلها الولدان.. ورغم ان المساهمين بالكتابة حاصلون على أعلى درجات التعليم، فإنك تصطدم بمن يكتب "لاكن، هاذا، الميترو..." والقائمة تضم مئات الفضائح اللغوية.
مجرد مثال
دعوني أسرِدُ مثالاً مزرياً -فنياً وليس لغوياً- يصب في عصب أعمالنا الفنية التي نبني عليها ريادتنا ونخاطب العالمين بها، لنكشف مدى الإهمال في تنفيذ بعضها، ونكتفي باستنادنا إلى حقيقة تاريخية، لكننا لا نفعل شيئاً سوى تشويهها وإعمال معول الهدم في الثابت منها –ولو بحسن نيّةٍ.. الجهلُ قائدُها-
رؤية جمالية
منذ حوالي 40 سنة تقريبا، ظهر المخرج السوري والمتميز "نجدت أنزور"، طارحاً رؤية فنية جمالية مغايرة لما تتضمنه الدراما التليفزيونية المصرية.
"أنزور" شرح في أحاديث صحفية متعددة رؤيته الفنية، وأنه يعمد لتفعيل الصورة في الدراما، لتكون رديفاً للحوار، ولتوضيح الفارق ضرب المثال بما تقدمه المسلسلات المصرية التي (تتابعها ربات البيوت من المطبخ بينما التليفزيون في مكان آخر بعيد، والمتابعة تكون من خلال الحوار)، متسائلا: هل هذه دراما تليفزيونية أم إذاعية؟!
طبعاً، أقام بعضنا الدنيا ضد "أنزور" رغم صحة رأيه، ونصبوا له المشانق، رغم أن رأيه صحيح.. ومشكلة المسلسلات المصرية لم تختف ولم تتم معالجتها، وإن اتخذت وجهات كارثية جديدة ليس هنا مكان مناقشتها.
عوار فني
الدراما المصرية تزخر بالمسلسلات الدينية والتاريخية.. ومنها أعمال جيدة الصنع تراعي الدقة في كل شئ، لكنْ أيضا كثيرٌ منها يتم بإهمال شديد.. مما يضطرُ المشاهد للانفصال عنها بسبب سوء الاكسسوارات –مثلا-.. ففي مسلسل ديني ظهر ممثل شهير وفي معصمه ساعة، وفي غيره كان الماكياج فضيحة كبرى.. ومن أكثرها تكرارا طريقة صبغ الوجوه بالسواد واحمرار الشفاه بشكل متنافر مقزز ومثير للاشمئزاز، ولا اتحرج عن ذكر مسلسل "الحفار" رغم أنه دراما وطنية، لكن فلننظر للفرق بينه وبين "رافت الهجان".. و"الحفار" يستدعي للذاكرة فيلم "عماشة في الأدغال" وارتباك العمل فيه لأسباب غير فنية، ورغم ذلك كان فيلما معقولا يخلو من أخطاء فنية كبرى، وتأتي المقارنة بينهما لأن العملين –الحفار وعماشة- صُنعا بسبب موضوع الحفار.
كارثة كبرى
أي متابع يعلم علم اليقين أن المشكلة الكبرى تكمن في أسلوب التعليم المصري، وأكبرها وأخطرها هي افتقاد مدرسين أكفاء خاصةً في اللغة العربية، والنحو تحديدا الذي بات نوعا من اللوغاريتمات أو "أمنا الغولة"، وبعض الطلاب باتوا زاهدين في درجات امتحان النحو، وإسقاط المادة مسبقا من أجندتهم، والنتيجة كوارث لغوية تجعل القتيل قاتلاً وتشنق البرئ.
أخطاء في تلاوة القرآن
القرآن الكريم هو دستور المسلمين وارتباطة باللغة العربية ارتباط عضوي، فلا يمكن فهم القرآن دون فهم اللغة التي أُنزِل بها، ورغم ذلك يرتكب كثيرون أخطاء فادحة في تلاوته –رغم تعليمهم العالي-.. ويشير علماءُ القراءات إلي نوعين من الأخطاء عند قراءة القرآن أحدهما "لحن جلي" يشمل تغيير حركة أو حرف أو نطق أحكام التجويد كالإظهار والإدغام، وهي أخطاء تغير المعنى.
وهناك قصة شهيرة لأعرابي ذهب إلى الرسول (ص) ليشهر إسلامه، لكنه سمع أحدَهم يقرأ قوله تعالى: "أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ" (التوبة 3) وقرأها بجر رسولِه، فظن الأعرابي أن الله بريء من الرسول، فقال: "إذا كان الله بريئًا من رسوله فأنا أبرأ منه.
ومن الأخطاء الشائعة لدى العامة قراءة "وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ" (البقرة 116) فيقرأونها "قانطون" وهو خطأ يعكس المعنى، فـ" قَانِتُونَ" معناها عابدون لله متبتلون، أما "قانطون" فتعني أنهم يائسون.. والأمثلة كثيرة.
أليس كلُّ ذلك دليلاً على مرضٍ خطير علينا الاستشفاءُ منه؟!، وأليست بداية العلاج هي اعتراف المريض بمرضه، ثم عرض نفسه على الطبيب؟! وأليس من الأجدر أن نرددَ القولَ الحكيمَ لـ"عمر بن الخطاب" )رحم الله امرءاً أهدى إليّ عيوبي( .
• كاتب وصحافي مصري
Abdulrahim Kamal#



#عبدالرحيم_كمال (هاشتاغ)       Abdulrahim_Kamal#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأطفال.. لايشاهدون التليفزيون المصري!!
- السينما المصرية تتجاهل قناة السويس
- أكتوبر 1973.. نصر عظيم وهزيمة سينمائية!!
- لماذا تعيش أغنيات ثورة 1952 المصرية حتى الآن؟
- أمريكا.. الاستعمار بالقوة الناعمة
- رغم الوهن.. الصحافة المصرية تتمترس في خندق المهنية
- إنهم يخشون -ناصر فوبيا-
- إنهم يتجاهلون الحقائق ويتوقفون عند -أندر وير- الممثلة
- هل أهان الفيلم الهندي “حياة ماعز” السعودية؟
- -عهد دميانة-.. نظرة أفقية للتاريخ المصري
- فيروز.. ياقمر ليالينا.. تهزمي أحزانك
- -محمد حمام- شاعرا
- هل تنشب حرب أهلية أمريكية.. فيلم هوليودي يتنبأ
- ماذا نعرف عن إسرائيل؟
- رواية تشير: -صلاة القلق-.. لن تختفي من حياتنا
- التعليم في مصر.. -الترقيع- في -ثوب مهترئ-
- ..وماذا لو كان عبدالناصر أخوانيا؟
- حين تكون الثقافة “حيطة مايلة”.. يصبح الفن بالمزاد.. والإبداع ...
- لماذا يتحول -علاء الأسواني- للإحباط في -جمهورية كأنّ-؟
- هدم مقابر القاهرة.. خيانة الشعب والتاريخ


المزيد.....




- ترامب يهدد بـ-القضاء- على حماس إذا انتهكت اتفاق وقف إطلاق ال ...
- فيديو متداول لـ-جولة عمر البشير في شوارع مروي- بالسودان.. ما ...
- زياد زهر الدين.. قنصل سوري سابق يعلن توقفه عن العمل بالحكومة ...
- بعد الجدل حول تصريحاته عن الهجرة.. ميرتس يتعهد بإبقاء ألماني ...
- ملايين مستحقة لأندية ألمانية.. الديون تثقل كاهل فريق برشلونة ...
- الخط الأصفر.. ذريعة إسرائيل لانتهاك وقف إطلاق النار في غزة
- موريشيوس تجمّد أصول رجل أعمال مرتبط برئيس مدغشقر السابق
- الأوروبيون يناقشون العقوبات على إسرائيل بعد وقف إطلاق النار ...
- قبل سرقة المجوهرات الإمبراطورية.. محطات في تاريخ السرقات الت ...
- -ما خفي أعظم- يكشف أسماء وصور قتلة الطفلة الفلسطينية هند رجب ...


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عبدالرحيم كمال - -سلوم حداد-.. وانتقاد التابو المقدس