أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - القرن الرابع وتأليه يسوع















المزيد.....



القرن الرابع وتأليه يسوع


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 10:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذه المقاربة من ChatGPT AI

شهد أوائل القرن الرابع الميلادي جدلاً لاهوتياً اتخذ شكل شقاق وانقسام في الإمبراطورية الرومانية. وكان قطبي أو بطلي هذا الجدل أثناسيوس شماس البابا ألكسندروس بطريرك كنيسة الإسكندرية، والذي تولى البابوية خلفاً للبابا ألكسندروس.
والقطب الثاني والذي شكل بجدله خطورة فائقة كان آريوس (Arius). الذي كان كاهنًا من الإسكندرية في القرن الرابع الميلادي (حوالي 256–336 م)، وهو مؤسس التيار المعروف باسم الأريوسية (Arianism). أثار لاهوته جدلاً واسعًا. وأدى إلى قيام الإمبراطور قسطنطين بعقد مجمع مسكوني لوأد الفتنة. فكان انعقاد مجمع نيقية 325 م
***
آريوس، كما هو معروف، رفض عقيدة المساواة الجوهرية بين الابن والآب التي أصبحت لاحقًا أساس الإيمان المسيحي الأرثوذكسي. واعتبر أن الابن مخلوق من الآب قبل الزمن، لكنه ليس أزليًا مثل الآب.
في استدلاله، استند آريوس إلى عدد من النصوص من العهد الجديد (وخاصة الأناجيل)، رأى فيها تأكيدًا على تبعية الابن للآب وكونه أدنى منه في الجوهر.
فيما يلي أبرز النصوص التي استخدمها في حججه اللاهوتية:

🔹 1. إنجيل يوحنا 14: 28
«سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ: أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَفَرِحْتُمْ لأَنِّي قُلْتُ: أَمْضِي إِلَى الآبِ، لأَنَّ الآبَ أَعْظَمُ مِنِّي.»
📖 استدلال آريوس:
هذا النص استخدمه ليؤكد أن الابن ليس مساوياً للآب، بل أدنى منه مرتبة، مما يدل على أنه مخلوق وليس من جوهر الآب ذاته.

🔹 2. إنجيل مرقس 13: 32
«وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الاِبْنُ، إِلاَّ الآبُ.»
📖 استدلال آريوس:
إذا كان الابن لا يعرف ما يعرفه الآب، فلابد أنه محدود المعرفة، وبالتالي ليس إلهاً أزلياً مساوياً للآب في الجوهر.

🔹 3. إنجيل يوحنا 17: 3
«وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقَّ وَحْدَكَ، وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.»
📖 استدلال آريوس:
يسوع نفسه يسمّي الآب “الإله الحق وحدك”، ويصف نفسه بأنه مرسَل من الآب، أي تابع له، مما يشير إلى تميّز في الجوهر والمرتبة.

🔹 4. إنجيل يوحنا 5: 19
«لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا، إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ.»
📖 استدلال آريوس:
الابن يعتمد على الآب في العمل والمعرفة، ما يعني أنه ليس ذاتًا مستقلة أو مساوية في القدرة.

🔹 5. إنجيل يوحنا 17: 20
«إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ، وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ.»
📖 استدلال آريوس:
يسوع يسمّي الآب إلهه، وهذا — بحسب آريوس — لا يمكن أن يُقال لو كان الابن هو الله نفسه.

🔹 6. رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس الأولى 15: 28-27
«لأَنَّهُ أَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. وَلَكِنْ حِينَمَا يَقُولُ: إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُخْضِعَ، فَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ. وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ، فَحِينَئِذٍ الابْنُ نَفْسُهُ سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ، لِكَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.»
📖 استدلال آريوس:
الابن خاضع للآب حتى في نهاية الأزمنة، مما يدل على ديمومة التبعية وعدم المساواة في الطبيعة الإلهية.

🟩 خلاصة فكر آريوس بناءً على هذه النصوص:
• الآب وحيد الأزلية وغير مخلوق.
• الابن أُوجد بإرادة الآب قبل الخليقة، لكنه ليس أزليًا مثله.
• الابن إله بمعنى مجازي أو ثانوي، لأن لاهوته مشتق من الآب وليس ذاتيًا.
• الروح القدس أيضًا أدنى من الابن.

يمكن تلخيص أهم آراء آريوس اللاهوتية كالتالي:

1. الابن ليس أزليًا مثل الآب.
اعتبر آريوس أن الله الآب وحده هو الأزلي المطلق.
أما الابن (المسيح) فهو مخلوق من الآب، أي أن له بداية وجود، وبالتالي لا يشارك الآب في الأزلية.
عبارته الشهيرة التي نُسبت إليه: “كان هناك وقت لم يكن فيه الابن”.

2. الابن كائن وسيط.
الابن مخلوق “بكلمة الله”، لكنه أعظم من كل المخلوقات الأخرى.
هو ليس مثل البشر، بل كائن فريد أوجده الآب ليكون أداة الخلق، أي أن الله خلق العالم بواسطة الابن. ومع ذلك فهو ليس من جوهر الآب ذاته (ليس “مساوياً للآب في الجوهر”).

3. نفي مساواة الابن بالآب
رفض عقيدة الثالوث بصيغتها التي تقول بمساواة الآب والابن والروح القدس في الجوهر والأزلية. قال إن الابن خاضع للآب، فهو أقل منه في المرتبة والقدرة.

4. المسيح والروح القدس
رأى أن المسيح (الكلمة) هو كائن مخلوق سامٍ، لكنه ليس الله الحقيقي.
الروح القدس أيضًا ليس أزليًا، بل يُعتبر قوة أو كائناً مخلوقاً من الآب عبر الابن.

5. الخلاص بحسب الأريوسية
اعتقد أن دور المسيح هو أن يكون قدوة أخلاقية للبشر وأن يقودهم إلى الله. المسيح يخلّص البشر بطاعته الكاملة لله وبوساطته، لا لأنه “إله متجسد” بحسب العقيدة الأرثوذكسية.
[نلاحظ هنا عدم وجود رواية الخطية الجدية والخلاص الكفاري بالموت على الصليب]

خلاصة
لاهوت آريوس يقوم على التوحيد الصارم: الله الآب وحده هو الأزلي والمطلق.
الابن مخلوق أسمى، لكنه ليس من جوهر الله.
هذا الفكر اصطدم بعقيدة الكنيسة التي أكّدها مجمع نيقية، والتي قالت إن الابن “مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر”.
آريوس شدّد على وحدانية الآب حتى أنكر ألوهية الابن والروح القدس بمعنى المساواة.
في حين أن مجمع نيقية انتهى إلى أن الابن إله حق من إله حق، مساوٍ للآب في الجوهر، لضمان أن الخلاص هو عمل إلهي كامل.
***
يعترف آريوس بألوهية يسوع. لكنه يفصل بين مفهوم الألوهية، وبين مفهوم الإله السبب الأول الأزلي.
فقد كان متأثرًا بالفلسفات اليونانية القديمة مثل الأفلاطونية Platonism.
فاعتبر أن "اللوجوس" أو "الكلمة" إله. ولكنه إله مخلوق وليس من جوهر الآب الأزلي. وأنه كائن وسيط بين الله الإله الأزلي أو الأصلي (الآب)، وبين العالم المخلوق. باعتبار أنه لا يليق أن يتصل الإله الأصلي الأزلي بالخليقة. لأنه أسمى من أن تكون له علاقة مباشرة بالخليقة.
فكيف يخلق الإله الآب العالم أو المادة وهو منزه عن المادية؟
لذلك استخدم مفهوم "اللوجوس".
ليكون كائناً تالياً في الوجود. وأدنى في المكانة بمعنى القيمة والقدرة من الإله الآب.
واعتبر أن هذا "اللوجوس" كان أداة الإله الآب لخلق العالم.
وهذا مصداقاً لعبارة:
"كل شيء به كان" (يو1: 3).
وقال أن هذا الكائن الوسيط والأدنى لا يمكن أن يكون مساوياً لله في الجوهر والأزلية.
واستند آريوس لعبارة:
"الذي هو قبل كل شيء" (كو1: 17)
فقال أن عبارة "كل شيء" لا تشمل وجود الإله الأزلي. فالإله الأزلي ليس "شيئاً". ولكن المقصود بها كل الأشياء المادية. فتاريخ الكون بدأ مع خلق الماديات من أجرام وكائنات حية.
****
هنا يمكننا أن نتساءل:
- أيهما كان أقرب للعقل والعقلانية، لاهوت آريوس أم لاهوت غريمه أثناسيوس؟

- وهل كان تبني أثناسيوس لأفكاره عن قناعة عقلية، أم كان مزايدة كسباً لعواطف الكهنة والجماهير، وأن ما حسم الأمر كانت ألاعيب السياسة وموازين القوى في القرن الرابع الميلادي؟
*****
[ملحوظة: قانون الإيمان المسيحي المتفق عليه من جميع الطوائف المسيحية، من يتأمله جيداً، يجده يتفق مع رؤية آريوس، إذا نزعنا تعبير "مساوي (أو واحد) معه في الجوهر"]
***
الانقلاب اللاهوتي في مجمع نيقية
نستعرض فيما يلي نص قانون الإيمان الرسولي قبل النيقاوي Apostles Creed
[أؤمن بالله الآب القدير، خالق السماء والأرض.
أؤمن بيسوع المسيح، ابنه الوحيد، ربنا، الذي حُبل به من الروح القدس، ووُلِد من مريم العذراء.
تألم في عهد بيلاطس البنطي،
وصُلب ومات ودُفن؛
ونزل إلى الجحيم.
وفي اليوم الثالث قام من بين الأموات.
وصعد إلى السماء،
وجلس عن يمين الله الآب القدير.
ومن هناك سيأتي ليدين الأحياء والأموات.
أؤمن بالروح القدس،
والكنيسة الجامعة المقدسة،
وشركة القديسين،
ومغفرة الخطايا،
وقيامة الأجساد،
والحياة الأبدية. آمين.]
*****
يتضح من نص هذا القانون، أن مسألة الآلهة الثلاثة مستقلة الذوات، أو ما يُزعم أنه إله واحد مثلث الأقانيم، أن هذا التصور منقطع الصلة بتلاميذ يسوع، وحتى الجيل الرابع.
وأن هذا الإله العجيب الغامض المثلث من اختراع عبقرية الجيل الرابع في مجمع نيقية عام 325 م.
في نص هذا القانون الذي كان دستور المسيحية قبل مجمع نيقية، لا نجد ثلاثة آلهة ولا ثلاثة أقانيم متساوية في الجوهر.
نجد إلهاً واحداً خالق الكون.
ونجد ابنه المخلوق المولود منه عن طريق حلول الروح القدوس ببطن العذراء مريم ليولد لنا يسوع.
مفهوم غاية في الوضوح والبساطة لطبيعة الإله ولشخصية يسوع. فلا أثر هنا لأزلية يسوع. فقد بدأت بنوته للآب بحلول الروح القدس في عملية حبل مريم به. وليست تلك الولادة الأزلية التي نقرأ عنها الآن ضمن عبارات إنجيل يوحنا الغامضة الضبابية.
تعود جذور قانون الإيمان الرسولي إلى أسئلة المعمودية المسيحية المبكرة. وملخصات الإيمان التي استخدمتها الكنيسة الرومانية في القرنين الثاني والثالث. كانت هذه الأشكال المبكرة. المعروفة باسم "قوانين المعمودية"، تسأل الموعوظين عما إذا كانوا يؤمنون بجوانب رئيسية من العقيدة المسيحية. ومع تكرار هذه التأكيدات وتسجيلها، تطورت إلى قوانين إيمان أكثر رسمية. يُعد ما يسمى بـ"قانون الإيمان الروماني القديم" من القرن الثاني السلف المباشر لقانون الإيمان الرسولي، وقد استُخدم بشكل خاص في طقوس المعمودية.
*****
بدأ اللاهوت المسيحي يذهب لتأليه يسوع ومساواته بالآب عبر عدة مراحل:

1. العهد الجديد (القرن الأول)
في الأناجيل والرسائل الأولى لا نجد صياغة واضحة عن “مساواة يسوع بالآب” بالمعنى الفلسفي واللاهوتي اللاحق.
لكن هناك نصوص تُشير إلى مكانة يسوع الفائقة: مثل يوحنا 1: “في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله”، ورسائل بولس التي ترفع المسيح إلى مقام الخلاص الكوني.
مع ذلك، التمييز بين “الآب” و”الابن” حاضر جدًا. فبولس مثلًا يتحدث عن “إله واحد الآب… ورب واحد يسوع المسيح (1كورنثوس 8: 6).

2. الآباء الرسوليّون والآباء الأوائل (القرن الثاني)
بدأ بعض المفكرين المسيحيين (مثل يوستينوس الشهيد) يطورون مفهوم “الكلمة” (اللوغوس) كوسيط إلهي بين الله والخلق.
لم تكن المساواة المطلقة مع الآب واضحة، بل كان الابن يُفهم أحيانًا ككائن إلهي ثانوي أو “إله منبثق” من الآب.

3. القرن الثالث: تطورات وصراعات
أوريجانوس (185–254 م) صاغ فكرة “ولادة الابن الأزلية” من الآب، لكنه ميّز بينهما، واعتبر الابن دون الآب في المرتبة.
في نفس الوقت بدأت تُطرح تساؤلات حول كيفية التوفيق بين وحدانية الله وتأليه المسيح.

4. القرن الرابع: مجمع نيقية (325 م)
هنا حدث التحول الحاسم: الأريوسية قالت إن الابن مخلوق وأدنى من الآب.
بالمقابل أثناسيوس ومن تبعه شددوا على أن الابن “مساوٍ للآب في الجوهر (ὁμοούσιος).
وقد أقرَّ مجمع نيقية هذه العقيدة رسميًا. تم تثبيت لاهوت تأليه يسوع ومساواته الكاملة بالآب ضمن الإيمان النيقاوي.

5. ما بعد نيقية
في مجمع القسطنطينية (381 م) استُكملت العقيدة لتشمل الروح القدس أيضًا، مما أسس لصياغة “الثالوث”.

من هنا صار تأليه المسيح ومساواته بالآب جزءًا مركزيًا من الأرثوذكسية المسيحية.

✅ الخلاصة:
البذور: القرن الأول (نصوص يوحنا وبولس).
التطور الفلسفي: القرن الثاني والثالث (اللوغوس، أوريجانوس).
التثبيت الرسمي لمساواة المسيح بالآب: مجمع نيقية سنة 325 م.
****
نأتي هنا لبعض العبارات التي تم الاستعانة بها لتعضيد فكرة الثالوث وتأليه يسوع، والتي شكك دارسو الكتاب المقدس في أصالتها انتمائها للنص الأصلي.

"وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ،" (1 تي 3: 16).

🔹 أولاً: نص الآية في الترجمات المختلفة
• الترجمة العربية الفاندايك:
«وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ…»
• أما الترجمات النقدية الحديثة (مثل NRSV، NIV، ESV) فتقول:
“He was manifested in the flesh” أو “Who was manifested in the flesh”
أي: «الذي ظهر في الجسد» أو «من ظهر في الجسد»، بدون كلمة الله.

🔹 ثانياً: الشواهد النصية والمخطوطية
• أقدم المخطوطات (مثل السينائية والإسكندرانية القديمة) لا تحتوي على كلمة Θεός (ثيؤس = الله)، بل تحتوي على ὃς (هوس = الذي).
• بعض النسخ اللاحقة من القرن الرابع فصاعدًا، استبدلت «ὃς» بـ«Θεός»، غالبًا بسبب تشابه الشكل بين الكلمتين في اليونانية القديمة (الاختلاف في خط صغير أو شرطة فوق الحرف Θ يمكن أن يغيّر القراءة).
القراءات الثلاث المحتملة:
1. ὃς = الذي (He who) — أقدم وأرجح علميًا.
2. ὃ = الذي (which) — في بعض المخطوطات.
3. Θεός = الله — في المخطوطات المتأخرة.

🔹 ثالثاً: آراء العلماء والنقاد النصيين
• بروس متزجر (Bruce Metzger) في A Textual Commentary on the Greek New Testament يقول إن القراءة «الذي» (ὃς) هي الأرجح، وأن كلمة «الله» دخلت النص لاحقًا عن طريق ناسخ تأثر بعقيدة التجسد.
• بارت إيرمان (Bart Ehrman)، وكورت ألاند (Kurt Aland)، وNestle-Aland (NA28) كلهم يرجّحون أيضًا القراءة الأصلية «الذي ظهر في الجسد».
• أغلب الإصدارات النقدية الحديثة (NA28، UBS5) تتبنّى قراءة ὃς وليس Θεός.

🔹 رابعاً: التفسير اللاهوتي
حتى مع القراءة الأرجح («الذي ظهر في الجسد»)، يبقى المضمون المسيحاني موجودًا، إذ يُفهم النص على أنه يشير إلى المسيح.
لكن الفرق أن الصيغة القديمة لا تصرّح بأن “الله” هو الفاعل، بل تتركها تلميحًا ضمنيًا، وليس تأكيدًا لغويًا مباشرًا.

🔹 🔍 خلاصة
• القراءة الأصلية على الأرجح: «الذي ظهر في الجسد» (ὃς ἐφανερώθη ἐν σαρκί).
• القراءة «الله ظهر في الجسد» يُرجّح أنها إضافة لاحقة تعكس تطور الإيمان الكنسي بالتجسد الإلهي في القرون اللاحقة.
• لذلك فالكلمة ليست أصيلة في أقدم المخطوطات، بحسب رأي أغلب دارسي النقد النصي.
***

"فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ." (1 يو 5: 7)

🔹 رأي الغالبية الساحقة من العلماء:
هذه العبارة ليست أصلية في نص يوحنا الأول،
بل هي إضافة متأخرة ظهرت في بعض المخطوطات اللاتينية الغربية (وليس اليونانية).

الأدلة الرئيسية:
1. غيابها التام من جميع المخطوطات اليونانية القديمة تقريبًا، بما في ذلك:
• السينائية (القرن الرابع)
• الفاتيكانية (القرن الرابع)
• الإسكندرية (القرن الخامس)
• وجميع مخطوطات البردي المبكرة.
2. أقدم ظهور لها في النص اللاتيني (الفلجاتا) من القرن الرابع أو الخامس،
ويُعتقد أنها دخلت الهامش كتفسير عقائدي ثم اندمجت في النص لاحقًا.
3. لم يقتبسها آباء الكنيسة الأوائل (مثل أثناسيوس، كبريانوس، إيريناوس، أوريجانوس…)
رغم أنهم ناقشوا عقيدة الثالوث بإسهاب — وهو ما يُعدّ دليلاً قويًا على عدم وجودها في نسخهم.
4. دخلت إلى النص الإنجليزي لأول مرة في ترجمة الملك جيمس (KJV) عام 1611
لأنها كانت تعتمد على مخطوطات متأخرة من النص المستلم (Textus Receptus) الذي أُضيف إليه هذا المقطع.

🔹 النص الأصيل بحسب أقدم المخطوطات:

«فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ، وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الوَاحِدِ.» (1 يو 5:8)

هذا هو النص الذي يُرجّحه الناقدون النصّيون والمترجمون في الترجمات الحديثة:
• الترجمة اليسوعية
• الترجمة العربية المشتركة
• الترجمة العربية الحديثة (NAV)
• NIV, NRSV, ESV, وغيرها بالإنجليزية.

🔹 الخلاصة:
الفقرة الخاصة بـ«الآب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد» مضافة لاحقًا، ولا تُعتبر جزءًا أصيلاً من رسالة يوحنا الأولى حسب إجماع العلماء والنقاد النصّيين المعاصرين.
***
"فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ." (مت 28: 19)

هذه الآية تحديدًا من أكثر النصوص التي خضعت للفحص النقدي بين علماء العهد الجديد، لأنها تُعدّ الركيزة النصّية الأساسية لما يُعرف بـ"صيغة المعمودية الثالوثية"
الموقف العلمي بالتفصيل كما يلي:

🔹 النص كما في المخطوطات:
العبارة في جميع المخطوطات اليونانية المعروفة لإنجيل متى — بما في ذلك المخطوطتين السينائية والفاتيكانية من القرن الرابع — تحتوي على الصيغة الكاملة:
“βαπτίζοντες αὐτοὺς εἰς τὸ ὄνομα τοῦ Πατρὸς καὶ τοῦ Υἱοῦ καὶ τοῦ Ἁγίου Πνεύματος”
“باسم الآب والابن والروح القدس.”
إذن من حيث النقد النصي المحض (textual criticism)، الصيغة أصيلة في نص متى كما وصل إلينا، ولا يوجد أي مخطوط يوناني معروف يحذفها.

🔹 لكن الجدل يأتي من جهة الشهادة التاريخية المبكرة:
1. اقتباس يوسابيوس القيصري (القرن الرابع):
في أكثر من 15 موضعًا من مؤلفاته (قبل مجمع نيقية)، يقتبس الآية بصيغة مختصرة:
«اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسمي»
بدلًا من “باسم الآب والابن والروح القدس”.
وهذه الصيغة البسيطة جعلت عددًا من الدارسين المعاصرين يظنون أن النص الأصلي في إنجيل متى ربما كان أقصر، وأن الصيغة الثالوثية أُدخلت لاحقًا في سياق تطور العقيدة الكنسية في القرنين الثاني والثالث.
لكن بعد نيقية، يوسابيوس نفسه بدأ يقتبس الصيغة الكاملة (الثالوثية)، مما يُظهر أن النص كما هو اليوم كان معتمدًا رسميًا في الكنيسة آنذاك.

🔹 آراء دارسي الكتاب المقدس:
1. العلماء المحافظون (التقليديون):
يؤكدون أصالة الصيغة الثالوثية تمامًا، مستندين إلى:
• غياب أي دليل مخطوطي معاكس.
• أن متى يميل فعلًا إلى الصيغ الثلاثية (مثل متى 3: 16–17 حيث يظهر الآب والابن والروح).
• أن النص متماسك لغويًا وسياقيًا مع خاتمة الإنجيل.
من هؤلاء: كارسن (D.A. Carson)، وبلومبرغ (Craig Blomberg)، وR.T. France.

2. العلماء النقديون (التاريخيون):
بعضهم يشك في أن الصيغة الثالوثية كانت الأصلية، لأسباب داخلية وتاريخية:
• أن سفر أعمال الرسل وكل رسائل العهد الجديد تذكر المعمودية باسم يسوع فقط (أع 2:38، 8:16، 10:48، 19:5).
• أن الصيغة الثالوثية تعكس تطورًا ليتورجيًا لاحقًا داخل الكنيسة.
• أن اقتباس يوسابيوس ربما يعكس نصًا أقدم قبل الإضافة.
من هؤلاء: شفايتزر (Schweitzer)، وكونيبير (Conybeare)، وR.H. Charles، وبعض الباحثين النقديين المعاصرين مثل Hans Küng وJames Dunn.

🔸 الخلاصة النهائية:
الصيغة «باسم الآب والابن والروح القدس» أصيلة نصيًا في إنجيل متى كما نعرفه من المخطوطات،
لكنها محل نقاش تاريخي من جهة ما إذا كانت بالفعل ما كتبه متى الأصلي، أو تعديلًا ليتورجيًا مبكرًا يعكس تطور العقيدة المسيحية في القرنين الثاني–الثالث.

نصوص اقتباسات يوسابيوس حرفيًا لمقارنة الصيغتين (قبل وبعد نيقية):

فيما يلي النصوص التي اقتبس فيها يوسابيوس القيصري (Eusebius of Caesarea) آية متى 19:28، قبل وبعد مجمع نيقية (325م)، لتلاحظ بنفسك الفرق بين الصيغة البسيطة والثالوثية.

🟢 أولًا: الاقتباسات قبل مجمع نيقية:
في هذه المرحلة، يوسابيوس عادةً يقتبس النص بصيغة مختصرة: «باسمي» فقط.

1⃣ من كتابه البرهان الإنجيلي (Demonstratio Evangelica)

λέγει τοῖς μαθηταῖς αὐτοῦ· «πορευθέντες μαθητεύσατε πάντα τὰ ἔθνη ἐν τῷ ὀνόματί μου.»
“وقال لتلاميذه: اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسمي.”

📘 المصدر: Eusebius, Demonstratio Evangelica, Book III, Chapter 6, §132 (Migne PG 22, col. 240).

2⃣ من كتابه التاريخ الكنسي (Historia Ecclesiastica)

ὁ κύριος τοῖς μαθηταῖς αὐτοῦ λέγων· «πορευθέντες μαθητεύσατε πάντα τὰ ἔθνη ἐν τῷ ὀνόματί μου.»
“الرب قال لتلاميذه: اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسمي.”

📘 المصدر: Eusebius, Historia Ecclesiastica, Book III, Chapter 5, §2.

3⃣ من كتابه الإنجيل المجهول أو التحضير للإنجيل (Praeparatio Evangelica)
μαθητεύσατε πάντα τὰ ἔθνη ἐν τῷ ὀνόματί μου.
“تلمذوا جميع الأمم باسمي.”

📘 المصدر: Eusebius, Praeparatio Evangelica, Book I, Chapter 3, §6.

هذه الصيغة المختصرة «ἐν τῷ ὀνόματί μου = باسمي» تظهر في نحو 15 اقتباسًا في مؤلفات يوسابيوس قبل سنة 325م.
ولا يظهر في أي منها ذكر الآب والابن والروح القدس.

🔵 ثانيًا: الاقتباسات بعد مجمع نيقية:
بعد مجمع نيقية (حيث تم تثبيت العقيدة الثالوثية رسميًا)، بدأ يوسابيوس يستخدم الصيغة الكاملة كما في النص القانوني الحالي.

1⃣ في رسالته إلى شعب قيصرية بعد المجمع:
…καὶ εἶπεν· «πορευθέντες μαθητεύσατε πάντα τὰ ἔθνη, βαπτίζοντες αὐτοὺς εἰς τὸ ὄνομα τοῦ Πατρὸς καὶ τοῦ Υἱοῦ καὶ τοῦ Ἁγίου Πνεύματος.»
“وقال: اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس.”

📘 المصدر: Eusebius, Letter to the Church of Caesarea, quoted in Socrates Scholasticus, Church History, I.8.

🧭 استنتاج العلماء من هذه الظاهرة:
1. إما أن يوسابيوس كان يقتبس النص بالسياق والمعنى وليس حرفيًا (كما كان يفعل أحيانًا).
2. أو أن نسخًا أقدم من إنجيل متى كانت تحتوي فعلًا على صيغة أبسط (“باسمي”)، ثم تم توسيعها لاحقًا لتأخذ شكلها الليتورجي المعروف.
3. أو أن يوسابيوس نفسه كان يتجنب الصيغة الثالوثية قبل نيقية لأنها لم تكن بعدُ معيارية لاهوتيًا، ثم التزم بها لاحقًا بعد المجمع.
******
لا أجد ختاماً لهذه الجولة بالغة العسر والتعقيد، غير ماقاله الشاعر العراقي العظيم/ جميل صدقي الزهاوي:
لما جهلت من الحقيقة أمرها
وأقمت نفسك في مقام معلل
أثبت تبتغي حلا به
للمشكلات فكان أكبر مشكل



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية لاهوت آريوس
- مع AI ورحلة نصف قرن
- أنا والذكاء الصناعي والوضعية المنطقية
- أنا والذكاء الصناعي والفلسفة الوجودية
- عندما تنتحر الحضارة
- أسطورة الناتو العربي
- عفواً أصدقائي اليساريين
- سقوط الأساطير: آدم وحواء
- العلم ووهم السبب الأول
- الانقلاب اللاهوتي في مجمع نيقية 325 م
- آراء آريوس اللاهوتية ChatGPT AI
- خيار الواقع أم التاريخ
- نظرية الانتظام الذاتي auto-organisation
- أنا والذكاء الصناعي
- مصر جديدة على النمط الروماني
- كتبة (أسفار موسى الخمسة) التوراة AI
- كتبة الأناجيل الأربعة AI
- تطور وتباين الأخلاق وحركة التاريخ
- على هامش القضية
- لاهوتيات: المسيحي واستشعار الإثم


المزيد.....




- قوات الاحتلال تعتقل أربعة مواطنين من سلفيت وتغلق مدخل المدين ...
- ما بعد الرؤية الترمبية .. القضية الفلسطينية برعاية عربية إسل ...
- وسط صمت بريطاني مريب.. تحذيرات من تغلغل الإخوان في أوروبا
- هل تغض لندن الطرف عن أنشطة الإخوان رغم التحذيرات الأوروبية؟ ...
- ميرتس: لا تعاون مع -حزب البديل- ما دمت رئيسا لحزب الاتحاد ال ...
- قائد الثورة الاسلامية يعزي بوفاة العميد علي رضا أفشار
- الاحتلال يعتدي على شبان في كفل حارس شمال سلفيت
- بسبب الإخوان.. تغريم بنك شهير 20 مليون دولار لصالح سودانيين ...
- تفكيك نفوذ الإخوان في أوروبا.. المواجهة تصل إلى أيرلندا
- الزاوية المصمودية.. وقف آوى فقراء وصوفية المغاربة في القدس


المزيد.....

- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - القرن الرابع وتأليه يسوع