أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - إلى أي مدى تؤثر شخصية ترامب على سياسات أمريكا ومستقبل العلاقات الدولية؟















المزيد.....

إلى أي مدى تؤثر شخصية ترامب على سياسات أمريكا ومستقبل العلاقات الدولية؟


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 13:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان شخصية الرئيس في أي دولة كانت لها تأثير على السياسة الخارجية والداخلية أيضا، وإلا كيف نفسر تغيير سياسات بكاملها في عدة دول بمجرد تغيير الرئيس. صحيح يمكن ان نقول أن لكل رئيس برنامج عليه تطبيقه، لكن هذا البرنامج غالبا ما يكون في عمومه نتاج شخصية الرئيس وفكره ونفسيته ومختلف التأثيرات فيه. طبعا هذا الأمر يختلف من دولة إلى أخرى وحسب نظامها السياسي، فإن كانت دولة تغلب عليها الأحادية، سيكون للرئيس ومحيطة والرغبة في الحفاظ على السلطة تأُثير كبير، وإن كان نظاما برلمانيا مثل بريطانيا، سيقل هذا التأثير، ويكون للنواب والرأي العام تأثير نسبي، أما إن كان نظاما رئاسيا كأمريكا أو فرنسا سيكون للرئيس وشخصيته ونفسيته دورا كبيرا مادام عادة هو المشرف على السياسة الخارجية، وهو الذي يتخذ القرار في آخر المطاف. فمثلا لو نأخذ أمريكا، فإن أهم ما يميز هذا النظام هو الاستشارة الواسعة جدا قبل إتخاذ الرئيس قراراته. لكن قبل الحديث عن ذلك نشير الى الدقة والصرامة في تعيين المسؤولين والوزراء، فهؤلاء بعد تعيينهم من الرئيس، ليس معناه سيتولون المسؤولية مباشرة، بل يخضعون لعدة امتحانات قاسية جدا، واصعبها على الإطلاق هو مرورهم أمام لجنة مجلس النواب ثم لجنة مجلس الشيوخ المختصة في الشؤون التي تتولاها الوزارة. فمثلا وزير الخارجية يمر عبر لجنة وزارة الخارجية، فيخضعونه لعدة أسئلة وتحقيقات حول كل صغيرة وكبيرة من حياته وشخصيته ونفسيته وكفاءته ومدى فهمه لمشاكل وقضايا قطاعه، وعن السياسة التي سيتبعها، وكيف سينفذها، ويجري كل ذلك في عدة إيام، وإذا وافقت اللجنة، سيمر على الكونغرس للموافقة على تعيينه أم لا، وإذا تمت الموافقة يشرع في تولى مهامه. لكن القيام بذلك يحتاج إلى ممثلين ونوابا أكفاء جدا، وهو شرط متوفر في أمريكا. إما بشأن الاستشارة، ففي أمريكا هناك مجلس الأمن القومي الذي يجتمع عدة مرات يوميا لمناقشة القضايا العالمية التي من شأنها التأثير في الأمن الأمريكي، ويضم الرئيس ونائبه ووزير الخارجية ومستشار الأمن القومي ووزير الدفاع ومسؤولي المخابرات وآخرين، وعادة ما يقدم موظفو المجلس عدة دراسات وكل السيناريوهات والاختيارات الممكنة للرئيس، وتناقش بشكل واسع قبل إتخاذ القرار من الرئيس، ويتم الاستعانة بمختصين ووزراء لهم علاقة بالموضوع. كما أن الحريات والتعدد الاعلامي يساهم بشكل كبير في تلك الاستشارة لأن القضايا تطرح أيضا للنقاش العام فيها بكل حرية، إضافة إلى مراكز دراسات كثيرة مسموعة من صناع القرار، وتتبع من الجميع بما فيها الرئيس، وفي بعض الأحيان عند استعصاء الأمر تنشأ لجنة لدراساتها يشاور أعضاءها آلاف المختصين، بل ينتقلون الي الميدان لدراسة الوضع فيه، ثم يقدمون تقريرهم وحلولهم ومختلف السيناريوهات، لكن دائما القرار الأخير يعود للرئيس. فمثلا ترامب -حسب المقربين منه- لا يتأثر كثيرا بما يقترح عليه، وهو ما وصفه بدقة مستشاره للأمن القومي جون بولتون، مما دفعه إلى الإستقالة بعد أشهر، ونجد مثلا من يتأثر بمحيطه مثل جورج بوش الإبن الذي وقع تحت سيطرة المحافظين الجدد بحكم ضعف تكوينه في السياسة الخارجية حسب وزيرته للخارجية كونداليزا رايس.
ودائما حول هذه التأثيرات، فهل لو لم يكن غورباتشوف بذهنيته ونفسيته، وكان مكانه شخص آخر مثل بوتين، هل سيسقط الإتحاد السوفياتي بتلك الطريقة، ولهذا نجد غورباتشيف هو الزعيم السوفياتي المكروه أكثر اليوم في روسيا لأنهم يرونه أن شخصيته كانت سببا في سقوط أمبرطوريتهم. هذا ليس معناه أن الإتحاد السوفياتي سيصمد لو لم يكن غورباتشوف على رأسه في منتصف ثمانيينات القرن الماضي، فلنضع في ذهننا أن هناك عوامل أخرى أثرت في ذلك. فبإمكاننا الإتيان بمئات الأمثلة عن تأثير شخصية الرئيس ونفسيته في مختلف السياسات، ولهذا فإن أكبر مخابرات الدول الكبرى تدرس نفسية الرؤساء الذين تتعامل معهم بدقة متناهية، فمثلا المحللون النفسيون للمخابرات الأمريكية أجمعوا على أن بوتين مثلا من سماته الأساسية "حساس للغاية ولا يؤتمن، وسادي"، وكذلك الروس يعرفون بأن ترامب يحب المجاملات، ويحب الظهورالإعلامي، ولهذا يأخذون كل السمات في سلوكاتهم وممارستهم بعضهم مع بعض. ولتاكيد عن هذه التاثيرات وأخذها بعين الإعتبار هو ما تحدث عنه رجل المخابرات الأمريكي مايلز كوبلانذ في كتابه "لعبة الأمم"، ويتمثل في إختيار شخصيات من المخابرات كل واحدة منها تلعب دور شخصية عالمية يتم التعامل معها، ولها نفس نفسيات وسمات تلك الشخصية العالمية كي يعرفوا ردود الفعل وغيرها، أي كأنه مسرح يجعل أمريكا تعرف مختلف ردود الفعل والسلوكات وغيرها.
فتصرفات ترامب العنجعية تجاه عدة دول في العالم، خاصة دول أوروبا جعلت هذه الأخيرة تعيد كل حساباتها في تحالفها مع أمريكا، وهو الذي سيضر كثيرا بما يسمى التحالف الأورو-أطلسي. ان سياسات ترامب جعلت أوروبا لا تثق في امريكا، خاصة حمايتها امنيا، وهو ما جعلها تفكر في إعادة النظر في نظامها الدفاعي والعمل على تشكيل نظامها الخاص ودعمه بمعزل عن أمريكا، وهي عودة الى تفكير دوغول، وبهذا الشكل يمكن أن يساهم ترامب في تفكيك هذا التحالف وعزل أمريكا أكثر. فقد جاء ذلك بعد ما نجح الرئيس أوباما قبله في ترميم تلك العلاقة التي تدهورت في عهد جورج بوش الإبن بسبب رفض كل من فرنسا وألمانيا ومعهما روسيا ودول أخرى غزوه للعراق عام 2003. وقد عدد هذه التأثيرات أحد كبار صناع سياسات أمريكا، وهو زبيغنيو بريجنسكي في كتابه "الفرصة الثانية" حيث اعتبرها كارثية عليها. فأوباما جيء به من المجمع العسكري الصناعي الأمريكي المؤثر في سياسات أمريكا لعدة أهداف، ومنها ترميم علاقات أمريكا مع كل من أوروبا والعالم الإسلامي بعد ما كان بوش بعنجهية القريبة نسبيا من عنجهية ترامب قد أضر كثيرا بهذه العلاقات، مما سيمس بالمصالح الأمريكية، لكن الفرق بين بوش الإبن وترامب هو أن الأخير له نفسية عنجهية، أما بوش فبسبب تأثير المحافظين الجدد عليه، ومنهم أيضا نائبه ديك تشيني الذي كان متطرفا ومتشددا نوعا ما.
فلنشر ان من العوامل المحددة للسياسة الأمريكية هو خوفها من محاصرتها مستقبلا من اي دولة تسيطر على أوروبا القارية، وبقول دقيق أوراسيا التي اعتبرها المفكر الاستراتيجي الأمريكي بريجنسكي الجائزة الكبرى في الصراع العالمي في كتابه "رقعة الشطرنج الكبري" منطلقا في ذلك من نظرية الجغرافي البريطاني هالفورد جورج ماكيندر التي وضعها في1904 في مقالة شهيرة بعنوان "المحور الجغرافي للتاريخ"، وتقول بأن من يسيطر على أوراسيا، خاصة قلبها شرق اوروبا، سيسطر على العالم. وتشبه سياسة أمريكا نسبيا نفس سياسة إنجلترا في الماضي بحكم انها جزيرة، وكانت انجلترا ترى بأن أي قوة تسيطر على اوروبا القارية معناها محاصرتها، مما جعلها تحرص دائما على التوازنات في اوروبا القارية، خاصة بين ألمانيا وفرنسا.
لكن مع ترامب أصبحت أوروبا اليوم تخشى تخلي أمريكا عن الدفاع عن أمنها، لأننا يجب ان نعلم أن أمريكا هي دائما التي كانت تنقذ أوروبا، خاصة فرنسا وبريطانيا، فلولا تدخلها إلى جانبهما في عام 1917، أي اثناء الحرب العالمية الأولى لما تمكنتا من الإنتصار على ألمانيا ثم تفكيكها وإنهاء حكم القيصر ثم كل الأمبرطوريات، ومنها العثمانية والألمانية والنمساوية-المجرية، وتكرر نفس الأمر اثناء الحرب العالمية الثانية بعد تدخلها بسبب خطأ إستراتيجي فادح أرتكبته اليابان بمهاجمتها بيرل هاربورالأمريكية. فأمريكا هي التي حررت أوروبا من النازية الهتلرية، لكن مباشرة بعد نهاية الحرب بدأ يظهر خطر آخر على أوروبا الغربية، وهو الإتحاد السوفياتي، خاصة بعد محاصرته برلين في 1948 ثم صنعه القنبلة الذرية، وكل هذا جعل أوروبا تعتمد كليا على أمريكا في الدفاع عن امنها امام هذا الخطر في إطار الحلف الأطلسي رغم إنتاج كل من بريطانيا ثم فرنسا للقنبلة الذرية كرادع، لكن يبدو إلى حد اليوم أنها ليست إمكانيات كبيرة مقارنة بالإمكانيات الروسية والأمريكية خاصة. فبعد تصرفات ترامب مع دول أوروبية وظهوره بإمكانية التخلي عن أوكرانيا في حربها ضد روسيا التي تشكل خط دفاعي اول عن أوروبا، جعلت أوروبا تفكر بشكل جدي في تشكيل دفاعها الخاص المستقل عن أمريكا مع الحفاظ على الحلف الأطلسي، لأنه في نظرها بإمكان في أي لحظة صعود رئيس امريكي يتخلى عنها نهائيا، فتشكيل هذه الدفاع الأوروبي الذين شرعوا فيه منذ فترة، إضافة إلى طلب ترامب بمساهمة مالية أوروبية كبيرة في الحلف الأطلسي سيؤثر حتما على إقتصاديات أوروبا دون أن نتجاهل سياساته حول الرسوم الجمركية التي ستضر بكثير من الدول، ومنها أوروبا، بل حتى أمريكا ذاتها، وبتعبير آخر سيضر بالإقتصاد العالمي.
لكن في هذا الوضع الجديد الذي يمكن أن ينتج عن سياسات ترامب ، فهل يمكن لدول المنطقة، ومنها الجزائر الاستفادة من التوترات بين أمريكا وأوروبا لتعزيز مصالحها الإقليمية والدولية؟
يجب مثلا على الجزائر أن تتبنى سياسة علاقات جيدة مع الجميع، ومنها أمريكا، وكذلك أوروبا وإمكانية ربط مصالح هذه القوى الكبرى بالجزائر التي تمتلك إمكانيات لذلك كالموقع الإستراتيجي، فهي ممر إلى أفريقيا، وكذلك سوقها الواسعة وثرواتها الطبيعية، خاصة المحروقات وتجربتها في محاربة الإرهاب، وهو ما يجعل سواء أوروبا او أمريكا في حاجة ماسة إلى الجزائر إذا عرفت كيف تستغل هذه الإمكانيات في إطار مبدأ رابح - رابح دون المساس طبعا بمصالحها. لكن فلنضع في الأذهان دائما سياسة الحياد الإيجابي، فكما كانت أداة لخدمة دولنا أثناء الحرب الباردة في إطار حركة عدم الإنحياز والإستناد على التناقضات بين الإتحاد السوفياتي وأمريكا آنذاك وحاجة كلاهما لنا، فبالإمكان اليوم ممارسة نفس السياسة في حالة ظهور تناقض مستقبلي بين أوروبا وأمريكا، وهو غير مستبعد، وسيكون في مصلحة دول العالم الثالث لأن الأحادية القطبية أضرت بها كثيرا، فيجب العمل من اجل إيجاد عالم متعدد الأقطاب.
فمثلا بشأن القضية الفلسطينية يمكن الإستفادة أكثر من أوروبا ومواقفها في مواجهة الغطرسة الأمريكية تجاهها. صحيح أن إسرائيل هو صناعة أوروبية، خاصة بريطانيا بوعد بلفور1917، لكن أوروبا كانت آنذاك، بل منذ القرن19 تعمل من أجل التخلص من المشكلة اليهودية التي أرقتها كثيرا، ولهذا تريد إرسال يهود أوروبا إلى أي مكان في العالم للتخلص من هذه المشكلة، ثم تطور الأمر لدى أوروبا عندما رأت إمكانية إقامة قاعدة إستعمارية لها في الشرق الأوسط تدافع عن مصالحها هناك، فأنشات إسرائيل. لكن اليوم تحولت هذه القاعدة المتمثلة في إسرائيل تخدم أمريكا، وليس أوروبا، بل بالعكس تؤثر سلبا على مصالح أوروبا القريبة من منطقة الشرق الأوسط، والتي ليس فقط لها مصالح فيه، بل عدم إستقراره، سيضر بأوروبا، إضافة إلى خلق بلبلة داخل الدول الأوروبية ذاتها التي تعيش فيها جاليات مسلمة كثيرة تحتاجها أوروبا لمعالجة عجزها الديمغرافي الذي يهدد وجودها، ولهذا تطور الموقف الأوروبي تدريجيا في إتجاه إيجاد حل عادل لهذا الصراع بشكل لا يمس لا بمصالح الكيان الصهيوني ولا بالفلسطينيين. فقد كان أول من وقف في وجه الكيان الصهيوني هو دوغول بعد حرب1967 لدرجة أنه يوصف ب"صديق العرب"، ثم تطور الموقف إلى دول أخرى، وفتحت ممثليات لمنظمة التحرير الفلسطينية في عدة دول، ونرى اليوم الإعتراف الأوروبي الكبير بدولة فلسطين تحت ضغط شعوبها بشكل كبير، وكذلك إدراك حكوماتها بأن من مصلحة أوروبا إيجاد حل عادل لهذه القضية، والمتمثل في حل الدولتين التي سيكون في صالح كل المنطقة كما صرح الكثير من قادة أوروبا مؤخرا، وكذلك لصالح أوروبا. أما الموقف الأمريكي، فذهب عكس الموقف الأوروبي، ولعل الكثير لايعلم أن أمريكا في عهد ترومان ترددت في الإعتراف بالكيان الصهيوني عند نشأته، ووقع إنقسام بين مخابراتها ووزاتها للخارجية، أي موقفها نابع من الدفاع عن مصالح أمريكا وفلسفتها البرغماتية، فهل هي مع العرب أم مع الكيان الصهيوني، خاصة ان الكثير في أمريكا كانوا يعتقدون بان هذا الكيان لن يصمد كثيرا أمام العرب، لكن تغير الموقف بعد هزيمة الجيوش العربية أمام الكيان الصهيوني في1948، لكن حاولت أمريكا دائما ان تجد حلا في المنطقة وجمع العرب والكيان الصهيوني لمواجهة الخطر الشيوعي السوفياتي، وكانت تقول للعرب بأن عدوكم هو الإتحاد السوفياتي، وليس الكيان الصهيوني، فحاولت إنشاء حلف بغداد في منتصف خمسينيات القرن20، لكن فشلت في سياساتها آنذاك، خاصة بعد سياسة ملأ الفراغ لإيزنهاور التي أغضبت الكثيرمن العرب، فأنحازوا للسوفيات، مما دفع أمريكا للإنحياز الفاضح للكيان الصهيوني، وهو الأمر الذي ازداد أكثر بحكم تأثير اللوبيات الصهيونية في أمريكا، خاصة في الإنتخابات، فمثلا منذ عهد بوش الإبن كانت أمريكا تؤمن بحل الدولتين، لكن اليوم مع ترامب ترفضها تماما، وهو ما يعني تراجع عكسي للتطور الأوروبي. فلنشر إلى مسألتين في هذا الخصوص، وهما إصرار أمريكا والكيان الصهيوني على إبعاد أوروبا من أي إقتراب من قضايا الشرق الأوسط،، خاصة الفلسطينية، اما الأمر الثاني، وهو لما عجز العرب والمسلمون على تكوين لوبيات ضاغطة لخدمة قضاياهم سواء في أمريكا أو أوروبا؟.
ففي هذا الصدد يجب تصحيح بعض الأفكار المروجة عن أوروبا التي هي ليست صحيحة، ومنها الترويج بأن دول أوروبية تعمل على زعزعة دول جنوب المتوسط، فهو ليس صحيح على الإطلاق، فهي مجرد شعارات للإستهلاك الداخلي، فليست في مصلحة أوروبا، خاصة دول شمال المتوسط في زعزعة إستقرار دول جنوبه لأن ذلك سيؤدي إلى تزايد الإرهاب بكل إنعكاساته الأمنية وتزايد الهجرات غير الشرعية، فمثلا ما وقع في ليبيا ندمت عليه الكثيرمن دول شمال المتوسط بعد إستفحال ظاهرة الهجرات غير الشرعية، خاصة إلى إيطاليا. فالعلاقات الدولية مثل العلاقات بين الأشخاص، فأوروبا هم جيراننا القريبين، وأي إضطرابات عندنا ستؤثر سلبا عليهم، فهل يوجد إنسان عاقل يريد ان يرى جيرانه في صراعات يومية تقلق حياته وأمنه. فإنعدام الاستقرار في المنطقة لا يخدم مصالح أي كان سواء نحن أو أوروبا، بل بالعكس سيضرنا كثيرا، فاليوم العالم يتحدث عن الأمن الجماعي لأن أي عدم إستقرار في منطقة ما سيؤثر على مناطق أخرى، خاصة إذا كانت قريبة منا.
وفي الأخير نقول أن عنجهية ترامب، ستؤثر على علاقات أمريكا مع كل دول العالم، خاصة أوروبا، فترامب بعنجهيته تخلى عن مبدأ أساسي في سياسة أمريكا الدولية، وهي توظيف القوة الناعمة التي نظر لها أكاديميا الأمريكي جوزيف ناي، بل أمريكا منذ خروجها من عزلتها في بدايات القرن20 تعتمد على صورتها والتسويق لها، لكن ترامب يضر بذلك كثيرا بمصالح أمريكا في طموحها لزعامة العالم بشكل ناعم.
فسياسات أمثال ترامب أو بوتين أو نتانياهو وغيرهم جعل عالم اليوم غير مؤتمن، فلم يكن أحد يتصور حروبا يمكن ان تندلع في أماكن يعتقد ان الحروب قد ولت فيها، فقد عادت سياسة القوة لحل الخلافات بين الدول مع ضعف هيئة الأمم المتحدة التي اصبحت تشبه اليوم في عجزها عجزعصبة الأمم التي فشلت في منع قيام الحرب العالمية الثانية، خاصة اننا اليوم نعيش عالم يشبه إلى حد ما عالم ثلاثينيات القرن الماضي بصعود اليمين المتطرف الذي لا يختلف كثيرا عن النازية والفاشية، وهو ما يهدد السلم العالمي. فلهذا على الجزائر أن تبني نفسها في كل المجالات، ومنها قوتها العسكرية لمواجهة أي إحتمالات غير محسوبة، وأيضا عليها العمل على إقامة علاقات متوازنة ومتنوعة مع الجميع مع الحرص على عدم الإصطدام بأي كان، فمبدا تصفير المشاكل وصفر أعداء في حدود الممكن يسمح لنا بعلاقات جيدة مع الجميع، مما ينمي إقتصادياتنا وجلب الإستثمارات لبناء ذاتنا.



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوب وودورد وحروب بايدن وترامب في أوكرانيا والشرق الأوسط
- قراءة في عمق الإضطرابات الأخيرة في فرنسا-أزمة إجتماعية أم مأ ...
- منطلقات من أجل تقدم منطقتنا وإحداث القطيعة مع العصر الخلدوني
- إتفاقيات سيداو وإعادة طرح مسألة الفتاوي الدينية
- لماذا فضلت قيادات الثورة الجزائرية فرانز فانون على مالك بن ن ...
- هل قرأ رشيد بوجدرة فعلا مالك بن نبي؟
- دور بريجنسكي في إنشاء مخربي دول منطقتنا
- ما الهدف من الترويج الإعلامي لكتاب قديم للروائي رشيد بوجدرة؟
- من وضع الجزائر في عين الإعصار؟
- الإستعمار النفسي أعلى مراحل الرأسمالية
- جذور وخلفيات دعوة ترامب إلى عمليات التهجير في الشرق الأوسط
- إتفاق إسرائيل-حماس الأخير بين الوهم والحقيقة
- ما حقيقة مشروع -الولايات المتحدة الإبراهيمية- في الشرق الأوس ...
- دور الإعلام والمجتمع المدني في النظام السياسي البديل
- السلطة التنفيذية والرقابة الشعبية لها في النظام السياسي البد ...
- مسألة الحريات وحقوق الإنسان في النظام السياسي البديل
- تطور تكنولوجيا الإتصالات ومستقبل الديمقراطية في الغرب ومنطقت ...
- تغييب مشكلة السلطة في التراث الفكري الإسلامي وإنعكاساته؟
- مستقبل منطقتنا بين سيطرة الكمبرادورية وسلطة العلم والمعرفة
- تنظيم بديل للمصارف وتمويل المشاريع الإقتصادية


المزيد.....




- إسرائيل تستأنف وقف إطلاق النار في غزة بعدما -انتهكته- حماس
- مقاومة و-برغماتية متأخرة-.. إيران على مفترق طرق
- إيطاليا: قتيلان وإنقاذ العشرات على متن مركب مهاجرين قبالة جز ...
- فايننشال تايمز: ترامب دعا زيلينسكي للقبول بشروط بوتين
- هل ينجح اتفاق الدوحة بإنهاء عقود من الصراع الحدودي بين أفغان ...
- هل تشير احتجاجات -لا ملوك- إلى أزمة شرعية في إدارة ترامب؟
- تحضيرات مصرية لاستضافة مؤتمر إعمار غزة
- عمر عبد المنان طبيب في بريطانيا يحمل على عاتقه قضية فلسطين
- ما فرص اتفاق الدوحة في وقف التصعيد العسكري بين كابل وإسلام آ ...
- هل ستنقل إسرائيل الحرب إلى سوريا؟


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - إلى أي مدى تؤثر شخصية ترامب على سياسات أمريكا ومستقبل العلاقات الدولية؟